![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
تبلورت فكرة مسرحية "بوابة حمد النيل" من كتاب الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان تأليف الشيخ محمد النور بن ضيف الله عن دخول الطريقة القادرية إلى السودان على يد الشيخ تاج الدين البهاري، وتناثرت التفاصيل في تناول سيرة عدة شخصيات منها الشيخ تاج الدين البهاري والشيخ محمد عبد الصادق (جد الصادقاب) والشيخ بان النقا الضرير (جد اليعقوباب) والشيخ عبد الله العركي "من أعمدة البيت العركي".... ولاستكمال مراسيم (البيعة) تبادلت رسائل مع الشيخ الطيب علي المرين ـ رحمه الله ـ أحد أعمدة بيت الصادقاب العريق....
وكما أشرت آنفا إلى "مسرحية بوابة حمد النيل" فقد كانت "البيعة" جزءا من عدة لوحات منها لوحة (يد البدري) للشيخ فرح ود تكتوك وقد شكا البدري، تلميذ الشيخ فرح من دمل في يده ويسمى بالعامية السودانية (نشرة) فأمسك الشيخ فرح بيده وخاطبها قائلا:
يا إيد البدري قومي بدري
اتوضي بدري صلي بدري
ازرعي بدري حُشي بدري
أحصدي بدري شوفي تاني كان تنقدري
ورافقتها أنشودة عذبة صاغها الشاعر المبدع إسماعيل حسن "يا با شيخي يا ود تكتوك"، لحنها الموسيقار ناجي القدسي وأداها الفنان الكبير أبو عركي البخيت.
وكانت اللوحة الثالثة في سياق المسرحية طقوس "دفن الجنازة" جسده الفنان الدكتور عثمان جمال الدين مع خلفية موسيقية للموسيقار ناجي القدسي تتناغم مع أنشودة للختمية تأليف السيد محمد سر الختم بن السيد محمد عثمان الميرغني "الختم" تقول:
عليك اعتمادي كل لحظة بدنياي في الرضا وفي كل شدة
وعند حتوفي ارتجيك لموتتي لتحضرني تختم لي بالحسن ختمة
تقر بها عيني إذ الروح تؤخذ
وكانت اللوحة الختامية تجسيدا لأنشودة "عزة في هواك" للخليل...
شكلت اللوحات الأربع أساس مسرحية "بوابة حمد النيل" وأخرجها الأستاذ الريح عبد القادر في مهرجان المسرح القومي في أواخر السبعينيات إلا أن المسرحية أوقفت بقرار من الأمن بعد عرضها الأول فقد صنفت بأنها معادية للنظام وبسببها واجه مخرجها مضايقات في عمله واضطر إلى الهجرة إلى دولة الإمارات..
لقد تدخل الدكتور اسماعيل الحاج موسى وزير الدولة للإعلام آنذاك لإعادة عرض المسرحية وكذلك الأستاذ بدر الدين هاشم مدير المسرح القومي رحمه الله إلا أن المحاولات لم تثمر، وأحسب أن الأستاذة سعدية عبد الرحيم التي كانت تعمل في وزارة الإعلام ذلك الوقت تعرف المزيد من التفاصيل..
ونتيجة لتلك الأجواء المتوترة وهجرتي إلى أبو ظبي عام 1979م فقدت أصول المسرحية وأناشد عبر منبركم الأساتذة المهتمين بالمسرح والأصدقاء الأعزاء الذين شاركوا في المسرحية التكرم بتزويدي نسخة منها..
والشكر للأستاذ عبد المنعم عجب الفيا اهتمامه بلوحة بوابة حمد النيل التي أعدت صياغتها ونشرت بمجلة الدوحة ومن سياق مقاله أحسب أنه يحتفظ بمجموعة المجلة، لقد فقدت أيضا نصا لقصة بعنوان "وقفة العدل النهائية" نشرت في العدد التالي لمجلة الدوحة.. أتمنى لو كانت في مجموعته..
لقد أدمن جيلنا الترحال يحمل "بقجته" على عجل، يغادر مع "البيان الأول".. وضاع منا الكثير من العمر والورق!
يحيى العوض