انتشرت في الخرطوم خلال الأسابيع الماضية أغنية شبابية مجهولة الشاعر تتضمن ذكرا غير لا ئق للدكتور الراحل عوض دكام. و اشك كثيرا إن مغنى هزة الأغنية، صغير السن، يعرف شئيا عن الدكتور دكام أو حتى سمع بة. كما إن الكبار لا يعرفون عن د. دكام سوي أنة (صديق الفنانين) ا و نجم اجتماعي لا يشق لة غبار ا و بعض الطرائف المنسوبة لة حقيقة أو زورا . .
يعتبر الدكتور دكام احد أباء طب الأسنان في السودان’ حيث تلقى دراستة الجامعية على مستوى البكالوريوس و الدراسات العليا في دولة يوغوسلافيا السابقة، بل ربما كان أول سوداني يهاجر لدراسة طب الأسنان. و قد أنجز الكثير في مجال طب الأسنان خلال حياتة القصيرة, حيث أسس الكثير من الأقسام و العيادات الحكومية’ وتولى لفترات طويلة منصب كبير أطباء الأسنان على نطاق السودان ووصل لمنصب مدير المستشفى المركزي للأسنان, و تتلمذ على بدية مئات الأطباء. إما في مجال الممارسة الطبية فقد كان طبيبا ماهرا ومحبوبا عند مرضاة و زملائة. أنا لست متخصصا في طب الأسنان و يقيني إن أطباء الأسنان يمكنهم إضافة الكثير في سيرة دكام الناصعة. إن رجلا بهذا السجل المهني المتميز من الظلم الفاحش أن يكون هدفا لهزة الأغنية فاحشة الهبوط. إن ذنب د. دكام الوحيد أنة كان رجلا يحب الناس، متواضعا، و هزة الأغنية ترسل رسالة لعلمائنا أن ظلوا في أبراجكم العاجية و لاتقتربوا من العامة. و ظني أن الدكتور دكام لو كان يدرى أن (أخرتها) سوف تكون هزة المهزلة لما ابتسم (مجرد ابتسامة) لأحد في حياتة
إن المرء ليألم اشد الألم لتقاعس عارفي فضل د. دكام عن الدفاع عنة. الأجهزة الرسمية لا يهمها ما يحدث في كثير أو قليل، بل ربما وجدت في الأمر فرقعة تلهى الناس عن واقعهم البائس. و نرجو أن يكون هزا الحدث المؤلم دافعا للدعوة لإنشاء متحف علمي في بلادنا يعنى ضمن مهام أخرى بتوثيق و نشر السير الذاتية لعلمائنا حتى لا يطلع علينا يوما من يتخذون من التجانى الماحي أو عبداللة الطيب، على سبيل المثال، موضوعا لاغاني هابطة .