غيبونة
الدخول في غيبوبة بسبب الغبينة محمد عبدالله الريح
نعي أليم
OBITUARY
اليوم أنعي للأمة السودانية شارعاً من أعظم شوارعها وقد سمي على أعظم
المناضلين والشهداء من أجل الوطن – شارع علي عبداللطيف. ومنذ زمن بعيد كنا نحن
أحباب ومريدو ذلك الشارع مفتونين به ونحن نقطعه في طريقنا الى سينما الخرطوم
غرب أو دار الرياضة. وقد كان آخر الشوارع المسفلتة التي تقع خلف شارع الحرية.
وكان تؤاماً وسنداً لشارع الحرية. ولا غرو فالبطل على عبداللطيف قائد ثورة 24
دفع حياته ثمناً للحرية وشارعه يضع شارع الحرية أمامه ويمتد من خلفه في تآزر
بديع. وكان الشارع يضع رأسه على حافة شارع النيل ثم يتمدد الى شارع السكة
الحديد وهو يؤدي مهمته في صبر وسعة صدر وهو يجعل الحركة تنساب في داخله جنوباً
وشمالاً ولم يرتكب في حياته أية مخالفة مرورية وخاصة وهو يحتضن صينية (الحركة)
في صدره. وقامت على جوانبه بنايات تاريخية عريقة كمبني جريدة الصحافة ودار
المعلمين واليوم يقف مبنى الفيحاء شامخاً على شقه الغربي وغيره من المباني
الحديثة. ولكن لكل شئ إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان. فواحسرتاه وقد
أصاب الشارع فيروس خطير يعرف علمياً بفيروس مرض البلوكات الأمريكي أو بلوكايتس
أمريكانا BLOCKITIS AMERICANA وقد أصابه ذلك الفيروس في أمعائه فسبب له
إنسداداً وإلتواءً فأصبح (لا يودي ولا يجيب) ودخل في غيبوبة بسبب الغبينة فهو
الآن يرقد في (غيبونة مميتة) لم يفق منها بالرغم من محاولة علاج ذلك الإلتواء
بفتح شوارع جانبية لم تسمن ولم تغن من حركة.
وقد إفتقده طلاب جامعة السودان (سليلة معهد الكليات التكنولوجية سابقاً)
وطلاب جامعة النيلين (القاهرة فرع الخرطوم سابقاً) والمدرسة الإنجيلية. فهؤلاء
كان شارع علي عبداللطيف يحتضنهم في عطف وحنو عندما كانت المظاهرات الطلابية
تندلع في تلك الأرجاء على أيام ثورة اكتوبر وغيرها فكان الطلاب يهرعون إليه
وكان يأويهم من مطارديهم وهو يفتح لهم قلبه الكبير. واليوم فقد أصابه فيروس مرض
البلوكايتس أمريكانا فأوقف ذلك الإنسياب من (الشمال) الى (الجنوب) ومن (الجنوب)
الى (الشمال). وبفقده فقدت الأمة السودانية إبناً باراً من أبناء تخطيطها
العمراني كما فقدت من قبل والده الشهيد المناضل علي عبداللطيف وهي في أشد
الحاجة إليه. فإن لله وإنا إليه راجعون.
نسأل الله أن يصيب هذا المرض شارع برودواي في نيويورك وعندئذٍ سيكون إسمه
بلوكايتس سوداننسيس BLOCKITIS SUDANENSIS والمعاملة بالمثل.
آخر الكلام:
ــــــ
دلل على وعيك البيئي فلا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تهد ولا تشتر أية هدية مصنوعة
من جلد التمساح أو الورل أو الأصلة أو جلد النمر أو سن الفيل ولا تقتل ضباً
فالضب غير سام ويأكل الحشرات ولا يبصق. وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا.