تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ميته وخراب ديار و ذبح أخلاقيات مهنة الطب فى وضح النهار . بقلم: د.سيد عبد القادر قنات

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
26/11/2005 4:38 ص

بسم الله الرحمن الرحيم
د.سيد عبد القادر قنات [email protected]
ميته وخراب ديار و ذبح أخلاقيات مهنة الطب فى وضح النهار
حملت صحافتنا أنباء محزنة ومؤلمة بل ومخجلة والجميع بين مصدق ومندهش ،هل يُعقل هذا فى السودان بلد القيم والمثل ، بلد التكافل والنفير ويا أبو مْرُوّه ، بلد الأسرة الممتدة والتراحم ،بلد العفو والتسامح ، نعم كان الوطن والشعب السودانى هكذا ألى وقت قريب ، وكان المواطن السوداني أين ما حَلّ عنوان للشهامة والمروءة والكرم والعفة والتسامح ، بما فى ذلك حًقّهُ يقول خليتو لله ، ولكن ما بالنا اليوم تبدل الحال ألى الأسوأ ، حتى وصلنا إلى قاع الدرك الأسفل ، بل فى مؤسسة يفترض أن تكون عنوان للقيم وأخلاقيات أقدس مهنة (الطب) ، هل يعقل أن تذبح تلك الأخلاقيات من أجل حفنة من الدينارات ؟ وهل يمكن أن تطالب تلك المؤسسة العلاجية الخاصة بباقى الحساب لمريض توفى بغرفها الخمسة نجوم وهى فارغة من الأخلاق والمثل والقيم والضمير والوازع ؟ نتمنى أن لا يكون لقبيلة الأطباء يد في ذلك ، مجرد حلم لأن الواقع مرير .
نعم استاذنا د. الشيخ كنيش ، لم تمر أيام على موضوعك (الحقيقة والطب) بصحيفة الأيام ، وظهرت الحقيقة المرة والموءلمة والفضيحة ، كنتم أنتم وجيلكم وأجيال قبلكم وبعدكم ، القدوة والمثل والقيم، وكنتم الشعلة والسراج ، وقبيلة الأطباء تضم فطاحلة فى الطب ، وفى نفس الوقت يحملون بين جوانحهم هموم الوطن والمهنة ، وسلوكهم تجاه المرضى تحكمه أخلاقيات المهنة وقسم أبقراط والذى يحفظونه عن ظهر قلب قولا وفعلا ، ولكن مابال الجشع صار عقيدة ودين لبعض ضعاف النفوس ، وصارت المادة هي الشغل الشاغل ، وصار المريض بقرة حلوب ، وصارت المستوصفات الخاصة ذات النجوم المتعددة كأنها حوض رملة لا تشبع من دينارات المرضى ، وإن كان هنالك استثناء لبعض المستوصفات لتعاملها الإنساني دون المادة .
مابين فكى الدامر والفكى أبنافورة والكريمت تش وصولا للخصخصة والسوق الحر وسياسة التمكين وسيطرة أهل الولاء علىكل شىء بما فى ذلك الطب والتطبيب ، صارت البلد طاردة للكفاءات من جميع التخصصات الطبية وباقى المهن ولهذا وصلنا الي قاع الهاوية ، وعندها صار الطبيب بدون نقابة تدافع عنه وعن المهنة والمريض والوطن ، وصار الطبيب ملطشة( مع الأعتذار لقبيلة الأطباء )، ليس من الدولة وهيمنة أهل الولاء ، ولكن حتى من زملاء المهنة بما في ذلك حديثي التخرج والذين أوصلهم ولائهم لمفاصل إدارة الخدمات الطبية ، وأسوق بالدليل :-
1.أ ستشاري أمراض نساء وتوليد أجريت له عملية بمستوصف خاص ودفع الفاتورة كاملة
2.أستشاري تخدير عمل صورة مقطعية للظهر بمؤسسة علاجية حكومية ولكن بعد أن دفع التكلفة مقدما .
3.أستشاري تخدير عمل صورة enhanced myelogramوفى المستشفى التى عمل فيها لحوالى 20عام ودفع قيمة الصبغة مقدما ولم تُسلّم له صور الأشعة ألا بعد دفع القيمة كاملة .
4. امثلة كثيرة جدا جدا ، وعلي سبيل المثال ، د.هاشم جدو مات فى المرور بالعنبر لأنه عجز عن دفع تكاليف قسطرة القلب ، وطبيب أجريت له عملية غضروف بمستشفي حكومي ، ولكن بعد أن أصر الخبير الأجنبى السودانى على دفع التكلفة مقدماً ، وأطباء كثر جدا يعجزون عن علاج أنفسهم وأسرهم لضيق ذات اليد ، وهم بالأمس خدموا فى صقع الجمل وكسلا ودنقلا والفاشر وجوبا ومريدى وياي ، بل كادقلى فى 1970 كان بها أخصائي جراحة وباطنية وأطفال ونساء وتوليد ، ولكن اليوم؟؟؟؟ ، . ولايات بأكملها لا توجد بها خدمات أختصاصيين !!!!، وأخصائيي التخدير كانوا بالأمس البعيد فى عطبرة ومدنى وبورتسودان والأبيض ، واليوم هم 104 ولكن ؟؟؟؟ ونسبة الأسرة واحد لكل مائة ألف مواطن ،. ولايات بأكملها لا توجد بها خدمات أختصاصيين !!!!، السودان صار طاردا للكوادر بسبب سيطرة أهل الولاء والتمكين لهم ، ولهذا من بقى هنا لأسباب خاصة ، وهم كثر وقابضين على الجمر ينظرون فى التدهور ولكن العين بصيرة والليد قصيرة ، ومع ذلك فعلمهم وأخلاقياتهم وقيمهم وسلوكهم فوق الشبهات وهم كما عهدناهم لم تًبدْلَهُمْ المادة ولا الفقر ، هم تبر خالص على مر الزمن غير مخلوط أو مغشوش ، ولكن أهل الولاء أزاحوهم عن الطريق وعن مفاصل الخدمات الطبية ، ولهذا تدهورت أخلاقيات مهنة الطب ، حتى بين الزملاء بعضهم البعض ، ولا يخلو مجتمع من الاستثناء ، والاستثناء لا حكم له ، وأن كانوا أشانوا سمعة الطب والطبيب والمهنة .
المريض السوداني ليس له خيار فى أختيار مكان العلاج ، بل يُجبر على ذلك ، وحتى التأمين الصحى صار ميدان لمعركة وتقاطع مصالح بين أهل الولاء والخاسر الوحيد هو المريض ،وفوق ذلك فأن أكثر من 95%من الشعب السودانى صار تحت خط الفقر، والدولة حسب التقرير الأحصائى الصحى السنوى لعام2002تصرف 2دولارونصف لصحة المواطن فى العام ، ولهذا يبيع المواطن ممتلكاته وأن كانت ضرورية من أجل العلاج ، والذى ربما أدى للميته وخراب الديار عندما ينعدم الضمير وأخلاقيات مهنة الطب .
الدولة اليوم صارت غير مسئولة عن صحة المواطن وسلامته وتعليمه ، ولكن بالأمس كان الوضع يختلف أختلافا جذريا ، لأن الأنسان أنسان ، ولأن الطبيب طبيب ، والمستشفى مستشفى تعليمي بحق وحقيقة ويقدم خدماته للجميع ومجان زماناً ومكاناً ، والدولة دولة مؤسسات ونظام ، وكلية الطب كلية طب ، ولا كبير على الحساب أو فوق القانون ، وفوق ذلك كان السودان سوداناً عظيماً أرضا وشعبا وقيما وتقاليد وموروثات ، ولكن اليوم وبعد المشروع الحضارى ونفوق العالم أجمع ومن لا يملك قوته لا يملك قراره ونأكل من ما نزرع ونلبس من مانصنع ، وقاصمة الظهر سياسة الخصخصة والتمكين لأهل الولاء فى جميع مناحى الحياة بما فى ذلك مهنة الطب والتطبيب ، ولهذا انحدرت قداسة وشرف تلك المهنة ألى قاع الهاوية حيث صارت قلة من الأطباء ينظرون للمريض كأنه بقرة جاموس ،وهنا لا بد من ذكر نقابة أطباء السودان والتى وأدتها الأنقاذ ،لأن الأطباء هم ضالة الثورة وسراجها المنير، والأطباء كانوا على مر العصور شعلة من أجل القيم والمثل ، ولكن ذبحت النقابة الشرعية وأتى اتحاد بليل حالك السواد سيطر على أرث وتاريخ النقابة ،بل مسح ما سطره التاريخ بأحرف من نور خالدات ، مسح أرث العمل النقابي للأطباء فى مجال مهنتهم وهموم الوطن وريادتهم وتقدمهم الصفوف ونضالهم وقولهم للحق في أحلك الظروف من أجل الوطن والمواطن والمهنة وكرامة الإنسان .
أن ماحدث من تلك المؤسسة العلاجية الخاصة ، ومطالبتها بتسديد ما تبقى من الفاتورة قبل تسليم الجثمان ، فأن صحت هذه الواقعة فعلى الدنيا السلام ، وعلى ماتبقى من أخلاقيات مهنة الطب أن تجد بلدا آخر ، غير بلد الدولة الرسالية والدولة ذات التوجه الحضارى والتى صارت عاصمتها ، عاصمة للثقافة العربية، ولكن ألا تَدّخُل الأخلاق ضمن الثقافة وبالأخص أخلاقيات مهنة الطب ؟ أنما الأمم الأخلاق مابقيت فأن ذهبت أخلاقهم ذهبوا ، ولكن بعد ذهاب الأخلاق فأن الضمير يموت ، وعندما يموت الضمير تتعفن الجته وتصير نهشا لمن شاء .
أتحاد الأطباء على الرغم من أنه مُعَيّن وفُرِضَ بليلٍ على قبيلة الأطباء ، ولكن يحدونا أمل أن يبادر بروف كبلو بتوضيح كل الحقائق وهو مسئول عن حماية الأطباء وكفاءتهم وأخلاقيات المهنة وسلامة المريض ، وصولا للحقيقة مجردة وبكل شفافية .
أما المجلس الطبى ، وأن كان أيضا قد أتى عن طريق التعيين ، ألا أن دوره متعاظم فى الفترة الأخيرة بسبب كثرة الشكاوى وتدهور أخلاقيات المهنة ، ولهذا وجب عليه أجلاء الحقائق بشفافية مطلقة ، حماية للمريض والمهنة والطبيب وأخلاقيات الممارسة الطبية وفق قواعد السلوك السوى وسلامة المريض .
أما وزارة الصحة وهى المُخَدّمْ لجميع الكوادر الطبية فى مستشفياتها ، والتى تقوم بالتصديق بفتح المستشفيات الخاصة ، وجب عليها اليوم قبل الغد مراجعة كل القوانين لممارسة العمل الطبى الخاص وكيفية التصديق ، حتى يتماشى واخلاقيات مهنة الطب ، أما ترك الباب مفتوحا على مصراعيه ، فعواقبه معروفة سلفا ، ولا كبير فوق القانون ولا كبير على المحاسبة ، وألا.!!!!!!!!! وبدون كشف أسم المستشفى ومن شارك فى هذه الجريمة النكراء والتى لا يعرفها الشعب السودانى الفضل ، فعلي اتحاد الأطباء والمجلس الطبي ووزارة الصحة أن يقيموا سرادقا لتلقى العزاء في موت أخلاقيات مهنة الطب ، رافعين أكف الضراعة لأزالة من كان السبب
قطعا سيصدر بيان من وزارة الصجة حول الحادثة ، ولكن كيف يمكن معالجة هذا الخلل ، نحن لن نقترح الحلول ، ولكن العودة للجذور والقيم والمثل وأخلاقيات مهنة الطب ، سيكون صمام أمان ، ولكن بعد أن ينال من أرتكب تلك الجريمة النكراء العقاب المماثل ، حتي يكون عظة وعبرة لمن تسول له نفسه ، وفى المستقبل أن يعاد النظر في كيفية الترخيص عندما يراد فتح مؤسسة علاجية خاصة ، وأن تكون قيمة الترخيص هى آخر ما تفكر فيه الوزارة
إن تدهور أخلاقيات المهنة ليس وليد لحظة أو أتت من المجهول ، فكيف بطبيب وهو مسئول عن صحة الملايين يشتري سرائر طبية عادية علي أنها سرائر ccu بمبلغ 6.000.000 للسرير الواحد علماً بأن سعر السرير مائة دولار فقط وربما أقل ، وطبيب آخر يشتري عشرات الشفاطات الطبية لمستشفي واحد علماً بأن نصفها غير مطابق للمواصفات والباقي لا يعمل أصلاً ، واطباء آخرون يشترون المعدات والماكينات والآلات ربما حديثة جداً ولكن دون مشورة اهل الاختصاص والعلم وتقبع في المخازن لتأكل الفئران أسلاكها ، وآخرون يشترون معدات لا تتماشى وأولويات الحوجة وبأسعار باهظة ، وحتى العمل في الظروف الاستثنائية دون وجود معينات السلامة للمريض يعتبر فساداً .
وصورة أخرى للفساد وتدهور أخلاقيات المهنة من وجهة نظرنا الشخصية ، تتمثل فى أحتكار أطباء بعينهم لعلاج منسوبى بعض المؤسسات ، ومؤسسات علاجية خاصة تحتكر علاج منسوبى بعض المؤسسات ، وشركات بعينها تحتكر أستيراد المعدات الطبية ، بعد أن تم أغفال وأهمال دور الأمدادات الطبية والمشتروات المركزية ، وفى الصيانة تم أغفال وزارة الأشغال ،أن الأحتكار هو نوع من الفساد ، ولكن التعامل بشفافية مطلقة سيزيل الشكوك ، والمنافسة الحرة والنزيهة والشريفة ستقود ألى تطور الخدمات الطبية وأزدهار المهنة ، ولكن بلغة السوق ، قفل السوق لأطباء ومؤسسات علاجية خاصة دون غيرهم ، قد خلق نوعا من الفساد المقنن ..
وبالأمس حملت الصحف الأنباء عن انه سيتم دفن 170.000 طن من مخلفات الإنسان بالسودان ، ألا يدل هذا علي الاستخفاف بالمواطن السوداني ؟ أليست هذه قمة الفساد والإفساد وموات الضمير والقيم والمثل ؟ حتى الآن لا نعرف أسباب انتشار مرض السرطان ، هل هو بفعل دفن نفايات في بعض المناطق ؟ أم لأسباب أخرى ؟ .
نوع أخر من الفساد ، يتمثل في أن طبيباً واحد يشغل 9 مناصب ، لأن حواء وزارة الصحة لم تلد مثله ، وكيف بعميد كلية طب أن يكون مديرا عاما لمستشفى ، وريحة الفساد تزكم الإنوف وتشمئز منها الضمائر بعد تعريتها وكشفها بواسطة الصحافة وتوثيقها بواسطة المراجعة ، ولكن خلوها مستورة ، خلقت من الفساد شيئاً مباحاً وحلالاً لأهل الولاء ، ولكن أن يفسد الطبيب وتحوم حوله الشبهات فهذا ما لا يقبل عقلاً ومنطقاً ، فكيف يؤتمن مثل ذلك الطبيب علي أرواح البشر ؟ وخير له أن يتجه للسوق والتجارة فأبوابها واسعة .
لن ننادي بالمستحيل لإصلاح الحال وتدهور أخلاقيات المهنة ، ولكن توطين الضمير والرجوع إلي قيم ومثل واخلاقيات مهنة الطب هي الحل وهذا دور المجلس الطبي واتحاد أطباء السودان وإن كانا غير منتخبين ، وإلي ذلك الحين دعونا نحلم بالرجوع الي الحق واخلاقيات مهنة الطب .
خاتمة ... ربما للأسف فإن كثير من الأطباء في وطني لا يقرأون الصحف ، لأنهم لا يملكون حقها ، لأن المرتبات ملاليم فقط لا تكفي لضروريات أسبوع واحد ، فصحيفة واحدة يومياً تكلف حوالي عشر المرتب ، وآخرون يملكون الكل ، مصنع مصنعين ، وواحدين بالأيجار مالاقين جحر ، وناس مجرورة وتجر ، ولكن ستشرق الشمس غدا بأذن الله والتغيير نحو الأمثل والأفضل سيأتي بعد الحرية والديمقراطية عندما تأتي نقابة من صلب الأطباء تكون هي السند للمهنة والطبيب والوطن من بعد الله .
نترحم على المتوفى والصبر والسلوان لأهله ( أنك ميت وأنهم ميتون )( أن أجل الله أذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون) صدق سالله العظيم.

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved