بقلم / أ . احمد يوسف حمد النيل – الرياض
الكل اضحى ينظر للعالم من وراء ستار فاذا ما راى السنة اللهب فانه يتوارى وهو
يقول يا نفسي ناسيا عائلته و نفسه . لان قلبه مليء بالخوف . و لان عيناه
اكحتلت بالنظر الى كل معنى قاتم اسود كسواد الليل ضامرا في طياته عذاب السنين و
شقاء الليالي . هكذا العالم من حولنا . الفضيلة هي يوما ما الرذيلة و الحب هو
يوما ما الحقد و الحسد . و الدم الادمي ليس الا كوب ماء مهراق. انصب على ظاهر
الارض و جففته اشعة الشمس . فاتى الانسان و مشى عليه غير آبه . هكذا تبدلت
الشموس باضادها الظلامات و تبدد الامن من بين العيون الساهرات . و انطرح على
فراشه مكدود من ويلات الحروب و النيران . لان الطمع قد اعمى اعين الناس و جعلهم
ينظرون الى ما في ايدي الناس . و قد حملنا المعاني و القيم لكي تصبح هاماتنا و
قاماتنا مرفوعة و لكننا طمرناها و غوضناها و طمثناها بدم رذيلتنا . هذه الارض
التي خلقت للبشر و خلق البشر من تكويناتها هي اطيب البقاع و اصلحها و هي اطهر
البقاع للبشر على الاطلاق . و الذي بيننا و بينها اي الارض هو ذراتها السهلة .
لكن ماردا ما قد استطاع ان يبخس هذه الذرات و سقاها بالدماء بدلا من الماء
فاصبح الحق مهموس و الفكر مهووس و الشكل مطموث . ثم علت من بعد ذلك الموشحات
و الاناشيد الضئيلة و المعاني الرذيلة و اغنيات المجد المضاع . و اصبح العالم
موسيقى و وتريات مزعجة و ابواق مرعبة ونماذج خليعة من الفتيات بائعات الهوى و
الاجساد. و لم توجد امراة الا و هي تبكي على ابنتها او ابنها . و الملل لا
يغادر قلب الفتى الفنان لان الضجر و الخوف قد ملا عليه دنياه التي كانت في
السابق يستنشق منها هواءه من غير وسائط . فاختلط السياف منفذ القصاص بالقاتل
المجرم وغدا الكون كقطعة مطاطية اشتعل جوارها عود ثقاب ان هو اطفاها بقدمه
تحرقه و ان تركها تعفن الكون . و لكن دعوا الامطار تنزل حتى تغسل دم الجريمة
لتصبح الارض نقية بهية فتنبت فيها فرحة النقاء و الطهر . فيضرب النقاء اطنابه
ارجاء المعمورة . و يعلو صفيق الاشجار و هفيفها و زقزقة الطيور و هديلها و علو
الانسان هو المطلوب آنذاك . فالانسان الذي يرى قويا و هو يرعب بني جلدته هو ليس
قوي بل ضعيف لانه غيب دور العقل بل ضعيف و هذيل و منخور و غيره القوي لانه
يحفظ توازن الكون من الاختلال و رضاء النفس كي لا تعي الدمار و الاخلال .