تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

السودانيون‚‚ ونهج بلاغة إنقاذهم من أنفسهم ! بقلم هاشم كرار- الدوحة جريدة الوطن القطرية

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
21/11/2005 8:23 م

تضيق العبارة جدا‚ حين تلتقي عزيزا‚ بعد طول اشتياق ــ في هذه الدنيا ــ وبعد طويل المسافة‚
في ذلك الى (حين) الحميم جدا‚ تبقى للمشاعر لغتها‚‚ ولغة المشاعر ــ بين أي اثنين ــ لا تحتاج لترجمان‚
انقطع الكلام‚
وكانت الألسنة شتى‚ في استقبال فندق «سيرينا» في نيروبي الجميلة‚
وكنا معا ــ أنا وهو ــ في ذلك الـ (حين) نقطة التقاء العيون الغريبة‚‚ والألسنة الشتى سكوت !
كنت احتضنه بقوة‚‚ وكان‚
و‚‚ طال الاحتضان‚ لكأنما كان أيّ منا‚ يريد ان يحتضن في تلك اللحظة‚ أي لحظة من لحظات السنين الـ (13) التي كانت مفعمة بالاشتياق‚‚ وكان طريق اللقيا‚ أصعب !
في ذلك الـ (حين) لعنت في سري (الجبهة) في السودان‚‚ وكنت اعرف انه كان يلعنها‚‚ وكنت اعرف‚ اننا الاثنان معا كنا نلعن الحرب الاهلية البشعة‚
هو‚‚‚ صديقي الشاعر عبدالمنعم رحمة‚ كان قد خرج من سودان (الجبهة) تحت جنح ليل الى اريتريا‚ ثم منها الى اثيوبيا‚ حيث انضم الى حركة قرنق‚
نظرت إليه من فوق الى تحت: كان ما يزال هو‚‚ هو‚‚ ولم يكن هو‚ إلا قليلا !
كانت السنين الوعرة‚ والمخيفة جدا‚ قد رسمت وعورتها ومخاوفها في ملامح وجهه‚ غير انها لم تستطع ان ترسم وعورتها ومخاوفها في ملامح روحه: كان هو ما يزال هو‚ بذلك الوميض الجميل في عينيه المشاغبتين‚‚ وبتلك الضحكة‚‚ ضحكته الشهيرة‚ التي لا تفارقها موهبته المليحة في فن التعاطي مع القفشة الحلوة‚ والنكتة‚ والدعابة‚
وأنا‚‚ كنت ما أزال احتضنه تذكرت جملة للدكتور منصور خالد‚ السياحي والمفكر السوداني الشهير‚ فاحتضنته اكثر:
سأل صحفي «شمالي» دكتور منصور‚ لماذا انضممت لحركة قرنق؟
السؤال كان يحمل اتهاما ضمنيا‚ وكان وقته هو تمام الوقت الذي كانت فيه الجبهة الاسلامية الحاكمة في السودان‚ تجيش «الشمال» كله ضد (الكافر‚ والخائن والعميل) جون قرنق‚ وضد حركته‚ وضد الشماليين (العملاء) الذين انضموا إليه‚ وفيهم دكتور منصور:
- انضممت لأنقذكم من أنفسكم !
الصحفي (الهُمام)‚ ما كان يمكن ان يسأل دكتور منصور هذا السؤال‚ إذا ما كان قد انضم لأي حركة شمالية مقاتلة‚‚ لكن لئن ينضم منصور الى حركة جنوبية تقاتل الحكومة (الشمالية)‚ فهذا هو السؤال‚ وهذا هو مربط فرس الاستغراب الذي لا يخلو من الاتهام‚ عند ذلك الصحفي‚‚ وهو مربط فرس (تمييزي) عرقي وديني‚‚ ومربط فرس (فصلي) وانفصالي !
صدق منصور: السودان الشمالي‚ في حاجة لمن ينقذه من نفسه‚
أذكر أنني قلت بذلك‚ وأنا اتمعن في جملته في ذلك الحوار‚ مستذكرا في الوقت ذاته كل تاريخ «الشمال» مع «الاستعلاء» ونقض العهود مع «الجنوب»‚‚ وأذكر انني اقولها الآن ــ بيني وبين نفسي ــ وكنت ما أزال احتضن صديقي‚‚ و‚‚ حين «فككنا الارتباط»‚ كانت أول جملة قلتها له: «شكرا يا منعم‚‚ لقد أنقذتنا انت ايضا‚ من أنفسنا !»‚
التقط المعنى‚ بفطنة اعرفها فيه‚
وفي جملة سريعة‚ وهو يحاول ما استطاع ان ينزع منها رسم أي نبرة‚ يمكن ان تحمل احساسا بالبطولة: «انضمامي لقرنق‚ كان ضروريا للشمال والسودان‚ حتى نؤسس لمفاهيم جديدة»‚
انتهت بنا الوقفة التي ضاقت فيها العبارة بيننا‚ وأسكتت الألسنة الشتى‚ الى ركن هادئ: حدثني عن الحرب التي كانت ابشع بكثير (مما تتخيل‚‚ برغم انني اعرف منك سعة في الخيال) وحدثني عن السلام‚ ومستقبل الوحدة‚ الذي ما يزال رهينا بإنقاذ الشماليين من أنفسهم !
تُرى متى ينقذ الشماليون في السودان أنفسهم من شرورها‚‚ الشرور التي يمكن ان تشطر وطنا الى شطرين بعد سنوات «شراكة نيفاشا» التي ستنتهي باستفتاء تقرير المصير؟


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved