Mohamedfasher@hotmail .com
ان دعوة سلفاكير المجتمع الدولى بعدم ربط تقديم الدعم لسلطة الشراكة بقضية دارفورلم تكن سوى قراءة خاطئة للموقف الدولى .ان اعتقاد كير بان رضا الجنوبيين او رضاه يكفي ان يكون نهاية المطاف , للموقف السلبي اتجاه السلطة في السودان ، فهم غارق في ثيوقراطية. لان العقوبات المفروضة علي السودان كعقوبة علي مجمل سلوك السلطة في البلاد، ومحيطها الاقليمى والدولى, وليس الغرض منها معالجة قضية جنوب البلاد . والدليل علي ذلك ان بعضا من هذه الدول التى تشارك في فرض العقوبات علي السودان ,ظلت تقدم الدعم اللازم لسلطة الانقاذ ، في حربها ضد الحركة في جنوب البلاد في شكل المسح الطبوغرافي او التسليح المباشر وحتى الولايات المتحدة نفسها لم تكن صديقة للحركة في كل الاحوال.
وما زال البعض يعتقد ان الجهود المبذولة من المجتمع الدولي ودعم الشعب السودانى لاتفاقية السلام هدفها صناعة الشراكة في السلطة بين الحكومة والحركة . هو فهم لا يصلح الا لوضع اساس جيد لحرب شاملة غير المتوقعة ونتائج سياسية بالغة التعقيد. قطعا ان الشراكة وديمومتها لم تكن الهدف في حد ذاتها كما تريدها الحكومة وبعض عناصر الحركة بل الهدف الحقيقي تفكيك سلطة الانقاذ وانقاذ الجميع من شرور الفهم القبلى الذى يحكم البلاد ليحل محلها سلطة تعبر عن القوميات المختلفة والثقافات والاديان المتنوعة وبناء مؤسسات ديموقراطية تعبر بعدالة عن مكونات الدولة السودانية.
بالرغم من تحفظ بعض الدول الداعمة للاتفاقية واكثر الشعب السودانى في الشراكة من اساسها الا ان اشارات الرضا جاءت كنتيجة لفلسفة مهندسها الراحل قرنق، عندما قال انه لم يسمح للسلطة التى هو جزء منها ان تحارب مواطنيها. واكد للجميع ان الهدف من الشراكة وضع سلطة الانقاذ امام الخيار الديموقراطى تفاديا حدوث فراغ سياسي وان الشراكة لا تمنعه من التعاون مع المحكمة الدولية. لمحاكمة الذين ارتكبوا جرائم ضد الانسانية في دارفور في لاهاى وبالضرورة ان يكون من بينهم رئيس النظام ولكنه لم يقوم بدور شاعر البلاط الخليفة الراشد يكيل مدحا لشخص غارق فى الشر والاخفاق والبلاهه حتى اذنيه وجاء وصفه في تجمع الرؤساء في امريكا الجنوبية بانه اسوأ مخلوق ما زال علي قيد الحياة.
وقد نكتفي بالحيرة والاسى في معايير التى استخدمها سلفاكيير ليصل الي درجة اعجاب بعمر البشير ويصفه بالتأهيل والكفاءة لحكم البلاد. وهذا شأنه ولكن بالقطع هذه المعايير كانت السبب وراء ظهور الانتهازيين الجنوبيين علي حساب الثوريين الذين تحملو عبء النضال منذ نعومة اظافرهم الي ان جعلوها الخيار الافضل للشعب السودانى.
فان الشهادة الطوعية التى تقدمها سافاكير لعمر البشير ، تضع الحركة امام تقييم جديد بل انها في حاجة الي جهد كبير لتبرير حربها الطويلة، وسنين التفاوض العسير، والحاجة الي توثيق من مجلس الامن الدولى في الموقع في سابقة غير مسبوقة وكل ذلك ضد رجل لا يوجد ما يعيبه كقائدا للبلاد وصاحب الحكم الراشد، كما يراه زعيم الحركة
فان الزعيم الجديد للحركة ووقوفه ضد قرار المجتمع الدولى حول محاكمة مجرمي الحرب وجرائم ضد الانسانية
في محكمة الجزاء الدولية ودعوته لمحاكمتهم امام المحاكم السودانية التى تأكدت للمجتمع الدولي والمحلي استحالة تقديم المتهم الاول الذى هو الرئيس النظام. الي محكمة يصدر هو قرار تكوينها، ويختار قضاتها . وليس من المحتمل من يمدح عمر البشير ان يقوم بدور محكمة الجزاء الدولية وبالتالي ان الوضع كله في حاجة الي تقييم جديد من جانب المجتمع الدولى في حالة انحسار دور الحركة الى تنظيم جهوى ،او تقوم بدعم مسيرةالانقاذ بدلا من تفكيكه هو ما يفسر استمرار العقوبات ضدهما معا .
وللحقيقة اننا ما زلنا نجهل الكثير عن الزعيم الجديد للحركة وموقفه من فلسفة الحركة في الشراكة فيما يخص الحروب التى تخوضها سلطة الانقاذ في البلاد سواء في الشرق او دارفور ولكن امام الحركة خياران في غاية الوضوح اما ان تكون طرفا مشاركا في الحرب باعتبارها جزءا من السلطة ومصلحتها تكمن في التعاون مع الجلابة، او ان ترفضها صراحة باعتبارها ليست موجهه لسلطة الدولة بل للانقاذ . وان تمنع مؤسسات الدولة الضلوع في حرب الانقاذ ( الجعليين والشايقية والدناقلة) ضد الزغاوة والمساليت والفور وتتم معالجة الدولة علي هذا الاساس ولا يحق لتنظيم قبلى او الجهوى ، ان يحاور باسم الدولة، او ان تستخدم المؤسسات القومية لاجندة اثنية او حتى الدينية ،
ان المجتمع الدولى يعلم تماما استحالة الشراكة في السلطة، وبل الشىء الوحيد لا يصلح فيه المشاركة ، وخاصة بين تنظيمين متناقضة في كل شىء. وبل كان الهدف من هذه الفلسفة وقف الحرب والتعاون بين التنظيمين لوضع اساس غير المنحاز لدولة ديموقراطية عادلة، تشارك جميع القطاعات والاثنيات في تحديد مصير الدولة ومعالجة معضلة السلطة. وليس هناك ابلغ دليل علي ذلك اكثر من الصراع المرير حول المؤسسات الاقتصادية والاجتماعات التى تنهار في مرحلة الاجندة واليأس الذى اصاب بعض فئات الحركة الشعبية وبدأت تنظر الي تقليص فترة الاستفتاء. وتحطم امال المؤتمر الوطنى من موقف الشعب السودانى وجعله يجأ الي مصر بحثا عن الحماية الي درجة الاحتماء بالشخص الذى يريدون قتله بالامس في اديس اببا ولله في خلقه شئون.
وفي اطار الاداء كان مفاجأة النائب الاول التى صادفها في الولايات المتحدة الاميريكيية وتوقيت اعلان تجديد العقوبات. حيث كان بالامكان تفادى هذا الحرج لان لدى الحكومة السودانية، واعنى سلطة الانقاذ المعلومات الكافية بان الادارة الامريكية ليس لديها اية نية في رفع العقوبات وبل اخطرت السفارة السودانية بشأن تجديد العقوبات في نوفمبر الحالى قبل وقت كافي حتى لا تتفاجأ الحكومة السودانية . بالرغم من ان السفارة السودانية اخطرت الحكومة الا ان النائب الاول ووزير الخارجية، هما وحدهما يجهلان هذا الموقف والا ما كان لهما ان يبدأن اول جولة خاسرة.
فأن تعامل السفارة السودانية مع الوزير عبر المؤتمر الوطنى لم يكن سوى احدى الادلة بان انسجام السلطة لم يكن سوى حلم الحالمين.
البيت الابيض كانت واضحة عندما قالت بان الاتفاقية لم يتم تنفيذها ولانها هى التى صنعت بمالها، ووضعت اهدافها، ومراميها بجهد رجالها ، فان تقييمها للنجاح او الفشل لا يحتاج الي شهادة كيير و ما يؤسف له ان الحركة الشعبية هى التى تريد تقديم شهادة طواعية بان الاتفاقية قد تم تنفيذها او على الاقل انها راضية بما تم تنفيذها حتى الان بينما ينظر المجتمع الدولي ان ما تم تنفيذها لم يختلف من الاتفاقية السلام من الداخل ولديها من الادلة ما تكفي بان السلطة في الخرطوم لا تريد ذهاب ابعد من هذا الى الامام سوى خطوات جادة للانفصال وخاصة عندما تحاول الربط المساعدات الدولية بتنفيذ الاتفاقية.
فان السلطة بجناحيها لا تحتاج الى جهد دولى لتكوين برلمان مؤقت يمثل كل الشعب السودانى لتصدر قوانين تحقق الحقوق المتساوية للمواطنة والحريات العامة وتكوين جهاز قضائى مستقل يعمل علي التحقيق في جرائم الابادة والفساد ومؤسسات القطاع العام التى تمت بيعها الاهل الانقاذ بثمن بخس ومصير الاسرى لدى حكومات الشمال منذ ان بدأ الحرب في جنوب السودان والمجازر التى تمت بحق المواطنين في علونا والضعين وجبل مرة والشعيرية وواو وكسلا وبورتسودان والاهداف من تعديل الحدود الادارية واستخدام الحكومات المواطنين كدروع بشرية والاتفاقيات الشبوهه مع دول الجوار فهو الجهد المطلوب لاقناع الشعب السودانى قبل المجتمع الدولي بان عهد جديدا قد بدأ يستحق الدعم والصبر
ليس المطلوب من سلطة الشراكة الوقوف في كل هذه المحطات فقط بل العمل بالصدق لبناء دولة وبشفافية وهو الشئ الوحيد يحقق النجاح للشركاء في السلطة مهما تعددت .بسبب عدم وجود ما يختلفون حولها اما الاجندة
الجهوية والعرقية والدينية تجلب سخط المراقبين قبل الشعب السودانى والمحصلة النهائية الاخفاق والفشل وصناعة حروب جديدة بدوافع قديمة
اما الاخوة الجنوبين الذين ما زالوا يعتقدون بان الشراكة مع سلطة الانقاذ التى تلقت ضربات قاسية من الغرب والشرق وبدات تترنح. افضل بكثير من التفاهم مع الحكومات المستقرة. سواء ديموقراطية او ديكتاتورية. لان الاعتقاد بان الجلابة في سبيل انقاذ زوال سلطتهم يمكن ان يقبلوا كل الاملاءات مهما كانت قاسية، علي الشمال وهذه حقيقة. ولكنها كانت فلسفة انتهازية ذهبت عليها الحركة لاختصار الطريق علي مطالب الجنوب بدلا من السير الى الامام وقضاء علي بؤرة الشر من اساسها . عندما بدأت تحتضر وقتها كان من الممكن ان يشاركوا فعليا في الاخذ والعطاء دون الحاجة الى تمكين احد ومنحه حق الرفض والقبول .
بالرغم من اعتقاد اهل دارفور بان موقف الحركة منها لم يكن سوى محاولة الجمع بين شئ ونقيضه. وهذا لايغير وفي الواقع شيئا من اصرار اهل دارفور علي قضيتهم وان اجتمعا معا ولكن علي الجنوبين ان يدركوا حقيقة ان نضالهم الطويل قد سقطت ثمارها ولم يحصدوها و ان الرهان علي الانفصال لوضع نهاية علي مأساتهم في السودان قد يكون احدى الخيارات الموضوعية، ولكن قطعا لم تكن هي الافضل. وبالرغم من تفاؤل كثير من الجنوبين بصدده الا ان الطريق التى سلكتها الحركة ما زالت شاقة وطويلة لان الدعم الدولى كان لمشروع السودان الجديد وليس لمشروع اقامة دولتين وخاصة ان الوضع السياسى للحركة الشعبية في ظل سلطة الشراكة لم تكن سوى حمولة علي شاحنة الانقاذ. مهما ثقلت وزنها فانها لا تستطيع تغيير الاتجاه او تحديد المصير. وبالتالي ان المحطة الاستراحة التى من المتوقع ان تصلها في السنوات الست او قبلها كما يريدها البعض الذين هم علي عجلة من امرهم من الجنوبين ومن اهل الانقاذ. لسبب واحد ان مصير السودان لم يكن متروك للحركة والانقاذ وعلي الاخرين بالضرورة ان يكون لهم الرأى علي الاقل في كيفية انشاء دولتين. ان ما بين الانقاذ والحركة صالحة فيما يملكونها ويستطيعان ولكن ليس لابن مروى الذى جاء طفليا الحق او حتى القدرة في وضع الفواصل بين القبائل عجز عنه من سبقوه بمن فيهم المستعمر و مخطئ من يعتقد بان الحدود القبلية التى تمتد اكثر من الفي ميل دون حواجز جغرافية تصلح رسما لحدود دولية دون الحرب عبر اتفاق مصحوبة بكرنافالات ترفع خلالها الريات الخضراء في حفل بهيج تقام في الخرطوم، وكل الحضور من منسوبيها . خاصة اذا تمت في ظل الانقاذ الذى بدأ يخطط لحرب لا يعرف منّ ضد منّ الا ان من المؤكد الحركة احدى اطرافها. ووقتها تظهر حقائق قديمة جديدة لا النوبة ولا جنوب الفونج ولا التجمع ولا الملايين التى استقبلت قائدها ولربما الايقاد ان يكون معينا لها . هذا اذا حدث اجماع اهل الجنوب حول طموحات الحركة التى صارت محدودة لان الجنوبين من حقهم ان يحكموا السودان عبر صناديق الاقتراع تلك حقيقة ادركها قرنق قبل ايام محدودة من قتله .و من الممكن ايضا استيلاء علي السلطة بالقوة وظلم الاخرين ان شاؤا لانهم ليسوا اقل عددا واضعف ناصرا.