رفع قيمة العملة السودانية على حساب البقرة الحلوب
أين هم أهل الخبرة وحملة الشهادات الرفيعة في هذا المجال ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى ( ربنا أكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ) صدق الله العظيم .

ما مات ابن آدم وانقطع من هذه الفانية إلا من ثلاث علم ينتفع به أو ابن صالح يدعو له أو صدقة جارية ، أستاذي وأبى المرحوم والمغفور له بمشيئة الله الأستاذ د./ صديق محمد إمام تحديدا من الحلاويين ومن مواطني حي برى الشهير ، مساعده الأستاذ/ خلف الله عبدالرحمن إدريس أمد الله في عمره من قرية الحديب ، والغريبة في الأمر كلاهما من النيل الأبيض ، قلوبهم كاللبن مثل نيلهم الذي يلمع في الظلام ، حيث تمتع الكثيرون من خيرهم أيام ما كان المشروع مشروع يبر أهله ويغدق على بقية أبناء الوطن بالخير الوفير ، فهم ليس مثل هؤلاء الجوعى فصدورهم مليئة بالخير ورؤاهم ثرة ، عرفناه ضليعا في العلوم المالية والمحاسبية وما أن تذهب إلى منزله آنذاك في الإسكان الكويتي بالمعذر في الرياض إلا وجدته مكتظا بطلبة العلم من مختلف الجامعات خريجي هذا المجال فهو أول من ساهم في نهج الدراسة بالمراسلة والتعليم عن بعد ، لذلك فقد تخرج على يديه الكثيرون منهم فنالوا شهادات مهنية عالمية عريقة مثل ( ACCA-CPA-CFM) لا بل ساهم في تأهيل الكثير من المحاسبين الثانويين على يديه ، بذلك مكنهم وساهم في أن تطول غربتهم حتى لا تتأثر الدولة بما يدروه عليها بمساهمات من وزكاة واستقطاعات كثيرة في واجب وطني كبير ليتني كنت المسؤول لأكرمه تشريفا لما كان يقوم به من عمل جليل ومقدر .

حضرت معه محاضرة واحدة فرغبني في هذا المجال بل شجعني أن أقتحمه رغم تخصصي التقني والفنى في مجال الاتصالات ، حيث أنني قد انبهرت كثيرا بتلك الشهادات التي نالها من جامعات مختلفة وكانت تزين جدران ديوانه العامر وقد كان ، وكان يشرف على شخصيا فتعلمنا منه الكثير ولكن قدرة الله فوق كل إعجاز وإنجاز فتوفاه الله إثر علة لم تمهله قليلا ، وما تعلمناه منه صار لبنة وأساس مكنني لاحقا وبإشراف تلميذه النجيب ومساعده من بعده وأستاذي الجليل خلف الله عبدالرحمن إدريس من أن التحق بإحدى الجامعات السودانية العريقة وأنال شهادة البكالوريوس في هذا المجال ، فقد افتقدته كثيرا وبخاصة في ما أريد أن أخوض فيه وبالقليل مما تعلمناه منه ، اللهم أرحمه رحمة واسعة ووسع له في مدخله وتقبله مع الصديقين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقا .

وذلك فيما يسمى بالسياسات المالية( fiscal policies) في السودان رفع قيمة العملة أو إعادة التقييم ( revaluation ) وبخاصة أن المتضرر الأكبر من هذا الإجراء العشوائي الذي يتم في السودان اليوم مقارنة بكل النظريات هو المغترب السوداني وأنا واحدا منهم ، فالمغترب السوداني ساهم في تكاليف حرب الجنوب غصبا أيام المقاطعة والمحاربة الاقتصادية الدولية على السودان في توفير العملة الحرة لحركة التنمية والتعمير في البنيات الأساسية ترعتي كنانة والرهد المغمورتين ومبنى جهاز المغتربين والقناة الفضائية وبعضا من الطرق والجسور كل ذلك من هذه المساهمات والزكاة وما يستقطع بما يسمى استقطاعات أخرى لا ندرى ماهيتها كل ذلك هين في سبيل الوطن فالحمد لله توقفت الحرب وصار يحتفظ بقيمة تكلفتها في خزينة الدولة لكن ما هو المقابل ؟ بكل تأكيد جزاء سنمار وكسر جناح ، فقد ساهم المغترب في بناء هذه المدارس والجامعات الخاصة ليدفع لابنه بالدولار كي يتعلم ، وبسياسة من دقنه وأفتل له يريدون منه أن يدفع ليشيد لهم جامعة المغتربين حتى يستوظف فيها الخواص المقربون ويديرها المريدون ، واليوم إعادة تقييم سعر صرف الجنيه السوداني لرفع قيمته تأتى على حساب هذا المغترب المسكين ، وإلا كيف تفسر بالعامية كدا أن المليون جنيه كان قبل ثلاثة أشهر يساوى 1470 ريال سعودي واليوم المليون يساوى 1640ريال سعودي يعنى هنالك فرق 170 ريال بين المليونين أين تذهب وحتى نعرف أين تذهب لنرى ماذا تقول النظرية بالضبط علما بأنني لست من حملة (PhD) ولست ضليعا في هذا المجال ، ولكن أساهم فيه بما اعرف عسى ولعل الله يهديهم إلى الصراط المستقيم .

قال لنا أستاذنا طيب الله ثراه إذا أرادت دولة من الدول أن ترفع من قيمة عملتها المحلية لابد لها وأن تتحصل على ما يسمى key currency) ) وهو عبارة عن العملات القيادية العالمية ( الدولارالامريكى ، الإسترليني الإنجليزي ، المارك الألماني ، الفرنك السويسري والين الياباني ) حيث أن هذه العملات مقيمة بقيمة الذهب الذي يعتبر أغلي معدن في العالم ، ولكي تتحصل على هذه العملات لابد وأن تنتج كثيرا ويكون هنالك مقابل أو يمتعك الله بإحدى اللوزتين ذهبا خالصا أو بترول ، وعلى حسب المنظور أن يكون مدى ذلك التقييم على أسوأ الفروض ستة أشهر حتى ينعكس ذلك على مواطنيها إيجابا ، لكن للأسف الشديد لنا سنتين ضوئيتين ولا زلنا لم نبرح مكاننا رغم أننا استخرجنا بترولا وأنتجنا ذهبا ، نتعجب مما نسمع وننتج ولا نشبع ، الله يكفينا شر الهمه في بطنه ، إذا أين تذهب ال170 ريال ؟ قال لي أحد زملائي وصل لتوه من السودان أنه بصدد تشيد منزله عندما كان سعر المليون 1470 ريال كان طن السمنت ب 760 والان بعد ما صارت قيمته 1640لا زال سعر طن السمنت بنفس تلك القيمة يعنى كل أجهزة الدولة ومعهم تجارهم مرتاحين وليس للبقرة الحلوب إلا الخوار والبعر .

حيث عرفت عملية رفع قيمة العملة بأنها تشير إلى زيادة المستوى الذهبي المحدد للوحدة النقدية ، وبالتالي زيادة عدد الوحدات من العملات الأجنبية (القيادية ) مقابل الوحدة النقدية الوطنية الواحدة .
ومن الأسباب التي تدعو السلطات إلى رفع القيمة الخارجية لعملتها المحلية :
وجود فائض في ميزان المدفوعات .
لمعادلة الارتفاع الحاصل في الأسعار العالمية لسلعة إستراتيجية .
لتدعيم العملات الأجنبية الأخرى .
ولانجاح سياسة تقييم سعر الجنيه السوداني لابد للبنك المركزي من زيادة ضخ العملات الأجنبية إلى المصارف التجارية إما من أرصدتها المحتفظ بها أو بالبيع مع مرونة في عمليات البيع من خلال :
تخفيض تكاليف سحب العملات الأجنبية بصورة سائلة .
توفير العملات الأجنبية المشتراة من البنك المركزي بصورة سائلة وبأسعار رمزية أو بنفس الأسعار حتى يكون هنالك تقارب بين الأسعار الرسمية والموازية .

حيث يقاس نجاح سياسات النقد الأجنبي بحركة النشاط في السوق الموازى .
السوق الموازى يعكس القيمة الحقيقة للعملة الوطنية في كثير من الأحيان لذلك يستهدى به عند تعديل سياسات النقد الأجنبي ، حيث أن السوق الموازى يستوعب التغيرات حسب مقتضى الحال على ضوء ذلك يتم التقييم سلبا أم إيجابا .
حيث أن نجاح سياسات النقد الأجنبي في انخفاض الفوارق ما بين الأسعار الرسمية والموازية ، ولكي تحقق السياسات المطبقة قدرا كبيرا من النجاح لابد من دراسة دواعي وأسباب قيام السوق الموازى مع الأخذ في الاعتبار العرض والطلب لكيلا تبرز اعتراضات بأن سعر الصرف المحدد بمثابة سعر إداري .. وهذا هو الذي يحصل الان ولا زال السؤال قائما أين تذهب ال 170 ريال ؟

ما يحزنني حقا أن الكثير من الدكاترة وحملة هذه الشهادات وأصحاب الخبرة في هذا المجال وما أكثرهم يرون مثل هذه المهازل ولا يقارعون من أجل هذا السودان العظيم الذي قدم لهم الكثير بحجة أنهم معارضون في مسرح السودان السياسي معارضة ( شارلى شابلن) يعنى نتخبط في الظلام وكل حي منهم دخل البيت ونام ليفسحوا لهؤلاء المجال حتى نعيش في وبال ، هذا للأسف تراجع مقيت وانحسار فكرى دون مبرر ،، ويا للهول .