ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
رائحة الخبث تقتل انثى النيل بقلم أ.احمد يوسف حمد النيل – الرياض
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 18/11/2005 11:46 ص
مسرى النيل له وجهان اعتادا الهمس في فراشهما . مسيره الوئيد وجه امراة انثى لا تسام من ان تحبل . و وجه الجسد رجل تدفعه هضبة افريقية لا يسام الجماع . اولادهم سمرا , و سودا , و بيضا عشقوا النيل بلا ادنى ظنون . و لكن النيل رجل افريقي طويل القامة عشق المزامير بعدما ان ماتت انثاه و تركت اولادها ايتام و مرة اخرى غردت الطيور و انهال صوت الطبول مجلجلا و انعقدت عيون الاطفال على الدهشة . الارض خضراء , خصبة سوداء , سمراء , حمراء تحبل في غض سنيها . و الاطفال مندهشون من فرط الشبه بين وجه انثاهم التي يتمتهم و وجه انثى اكثر صبرا من وجه النيل الانثى البالية , و هي الارض امراة جديدة و لكنها صبورة حتى في ممارسة العشق لأنها لا تفقده بسهولة . النيل نهر يجري في الجنة . لماذا تموت الانثى الخضراء دون هذا الشرف و لا يُلمس لها طرف او كيان . فليتمنى النيل ما يريد دون شروط فلتخضر هذه الارض دون ان تموت . و على الاطفال ان يعيشون في حجريهما دون بلاء . الارض هنا قاسية قساوة الام التي تخاف على ولدها من الضياع . لكنها حنونة , رؤوفة , معطاءة . لكن الاطفال يلهثون من اجل ام , يلهثون من اجل قتل الظنون و تعقب الاخيلة المتعبة من سرمدية الخواطر . لا هم لا يريدون ام هم لا يعرفونها . يعيشون فقط مع بعضهم مع ابيهم نساءاً و رجالاً . و عندما يطول بهم المسير تسمع لهم انات و وجوههم تبلى كما وجه النيل الذي يشيخ و يبلي و هم يرون فيه وجه امهم . فينكفون على ارواحهم و يوغظون كياناتهم ثم يشدون المئزر و يربطون بطونهم فيمكثون في الارض مع المعاول . ولكنهم لا تجذبهم امومة الارض البكرة قليلة التجربة الحانية عليهم . و لكن بكبريائهم يعودون مرة اخرى و العرق يتصبب و الانفاس تتسارع و الاخيلة تسري في العقل مسرى الماء . الارض اعظم امراة و اشجع انثى بيد انها تحبل كل هنيهة في خاطرها . تقلقنا و تعطينا دفء الحنان . و لكن كبر الاطفال و ذادت ملاحتهم و كانوا اربعة هم اجمل ما يكون البشر سحنة سمراء بسمة ساحرة قلب ابيض السريرة عيون بريئة ملامح طفولية ينطوون على اجمل الاحلام . تزاوج الاخوان الاربعة و لكنهما لم يتقاتلا كما فعل قابيل و هابيل حتى انجبا فتفرقوا يجنون الرزق و لكن كان احد الاخوين رزقه اوفر من الاخر فعقد الاخير العزم على قتل اخيه ليستولي على ما ورثه من رزق وكان يظن ان امه قد تركت لهما كنز في شواطيء النيل . فقتل اخيه فاصبح ابناء اخيه ايتاما فقدوا الاب في هذه المرة . لم يجد كنزا و لا رزقا اذ سولت له نفسه حسدا ان يقتل اخيه . فعاد الليل عنده بكاءا و عويل تاتلف فيه الارواح الشريرة تتنزل عليه بلا ملائكة فتعكف في داخله النفوس الشريرة حيثما ما نام واينما نام و في النهار يثور عليه النيل فلا يعرف الصيد فيه و لا استزراع الشوطيء. و لكن لكي يزرع في امان ويحصد فكر في ان يقدم فتاة من فتياته كل عام لتصبح عروس النيل هي المهر الذي يدفعه لكي يعيش . و هكذا غدا الناس كل عام يقدمون فتاة من اجمل فتياتهم ظننا منهم ان اله الحصاد سيرضى عنهم . و لكن الابناء كبروا و الحسرة تملاهم من تلك الضحايا التي قدمها اهلوهم . هؤلاء اجيال رأت الموت و الضحايا تقدم في مائدة رخيصة . و لكنهم امتلأوا حنينا و خوفا من الزمن الاتي بذاكرتهم المرتعشة . اصابعهم تمتد الى المستقبل و هي مرتجفة افكارهم ما بين التردد و الموت احلامهم ابخرة تخرج من مداخن المصانع البعيدة و المراحيض لذلك هم يبتعدون . الفقر سلمهم للانزواء بينما غيرهم سلمه الغنى للوقاحة . و لو على حساب رئة كل فرد يحلم بالهواء الطلق . حتى اتى عهد قريب منا فاصبح الناس يقدمون الصبيان للنيل بدلاً عن الصبيات هم يموتون لا لشيء سوى ان الحصاد اصبح فاشلا , او لان الناس اصبحت لا تزرع من فرط التعب . النيل الذي ابتلع الاناث انّ انينه و ماتت فيه انوثته من جراء رائحة الخبث و الخبائث . و من ثم اتى الرجال في اخر المسيرة تشتعل اجسادهم تعبا و تنصب ارواحهم وتموت كياناتهم. ذاكرة الارض البكرة اصابتهم بالعجز فلا حبلت الارض لا اشتعلت الرغبة . عادوا مكدودين هذه المرة يرمون معاولهم بين ضلوع الارض ليس لشيء الا فداء ابنائهم . فعرف الناس الله , و عرفوا ايضا ان الخطيئة هي ما جر الناس لذلك . اشتعل الفقر و التهب الغنى الفاحش. و اصيب النيل في مفاصله و شح السائل المتدفق سلسبيلا من الجنة . منهم من بكى يشتم رائحة الطين الغالي و هو يجف ومنهم من دهش و جلس على ظهر الارض فحس بنفس الارض و طيب الطين . ماتت الحيوانات فغرست على ظهر تبعد عنهم مصائب الطير الجائع . و لكن الارض ربت و نمت كي لا يغرس فيها اشلاء الحيوانات . عشق الناس الارض اذ هم لا يعرفون الحب الا من بعد الحرمان لان حيواتهم كانت مخدرة بالمال و ظنوا فيه الظنون و لكن عندما ضاعت الاموال حسوا بالفرق . فعاد الناس يزرعون " بالسلوكة" و يعزقون "بالملود" يسافرون في اخيلتهم مع خشخشة التربة السهلة يقف الواحد منهم في "سرابته" و هو يطير بعيدا عن عالم الوجود و لكن يرجع الى الحقيقة عندما يحس باصوات الكادحين يرتاحون لبعضهم البعض في الحكاوي . و هنا يسردون ما تبقى من حكاوي المطر و " الرشاش" وهم يتفحصون قبة السماء يحللون انواء المطر و نجمات الخريف . و لكن الله يعوضهم بانثى حانية تزرع نفسها و تحصد نكاية بمقتل الانثى التي كانت و صناع الخبث .
