![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الشؤم والنحس صفتان في غاية القبح لمن اتصف بإحداهما أو كلاهما سواء كان بشراً أو حيواناً أو فصولاً في سنة أو أياماً فهناك رجل شؤم وأحداث نحسة وأعوام نحسات وربما يكون المرء منحوساً أي يلازمه سوء الحظ كظله ويلازمه الفشل في كل عمل يأتيه , وقد حفظ لنا تاريخ العرب مأثورات ومن هذه الأمثال يقال
(( أشأم من طويس )) وطويس هذا هو رجل وُلد يوم مات الرسول , وفطمته أمه يوم مات أبو بكر , وبلغ الحلم يوم قتل عمر بن الخطاب , وتزوج يوم قتل عثمان , وولد له يوم قتل على بن أبي طالب . و نالت الحيوانات نصيبها من النحس , فهناك مثل يقول : (( أشأم من داحس )) وكان داحس فرساً لقيس بن زهير جرى به المثل في الشؤم لأن الحرب من أجله دامت بين ذبيان وعبس أربعين سنة , فما أسخف السبب وما أسفه العقول !
وهناك حيوان آخر وهو هذه المرة كلبة تدعى براقش فقد نبحت جيشاً كانوا قصدوا قومها وخفى عليهم مكانه فلما نبحتهم عرفوه ومالوا عليه واجتاحوهم , فقالت العرب ( أشأم من براقش ) .
أما السودانيون فلهم أمثالهم المعبرة عن النحس والشؤم , فهناك مثل يقول (( شقي الحال يلقي العضم في الكرشة ))
, و ( شقي الحال يعتَّر ليه بيضه ) . ويقصد بشقي الحال الذي يجد الفشل والخيبة وسوء الحظ في كل ما يقدم عليه من عمل . وغالباً ما يكون شقي الحال ليس شؤماً ولكن يلازمه سوء الحظ كالنار التي تجذب إليها الفراشات مثل قصة ذلك الرجل الذي ذهب إلى النهر ليستحم فهاجمه تمساح وخرج من الماء جارياً فداس على ثعبان فطارده الثعبان , فتسلق شجرة , وكان بالشجرة بيت للنحل , فهاجمه النحل لدغاً وكمثال للنحس والشؤم ما عشناه من حكم المشير جعفر نميري الذي أذاقنا الويل وقضى على الأخضر واليابس ولم يتفوق عليه إلا حكم المشير البشير في السوء والخراب في الأخلاق والاقتصاد والعسف والإرهاب , وتحكي القصة أن المشير المخلوع ذهب لزيارة أحد الشيوخ كعادته في التوسل بالشيوخ والفقرا والدجالين , وكان الشيخ في بلدة كركوج , واعتذر الشيخ عن مقابلته بأنه دخل في خلوة للتعبد وكان قد فعل ذلك بالفعل حتى يتفادى مقابلته وقال الشيخ لحوارييه أن يحضروا أطباقاً ويضعون طبقاً عند كل موضع قدم من أقدامه عندما يقفل راجعاً من حيث أتى , وبعد أن يذهب يرفعون الأطباق , وغضب المشير لأن الشيخ لم يقابله وقفل راجعاً . وبعد ذهابه عمل الحيران بكلام الشيخ ولما رفعوا الأطباق وجدوا أن الأرض مكان أقدامه قد احترقت وصارت سوداء !
وأما المواطن صابر عبد الجابر فقد لازمه النحس منذ ميلاده , فقد ولد عند انقلاب عبود , ولاقى أبواه وأخته وأخوه الوحيدان حتفهم في حادث عربة انقلبت بهم عند قيام انقلاب نميري , وفُصل من عمله للصالح العام عند انقلاب عمر البشير .
أما السنوات النحسات للجبهة الإسلامية القومية فقد فاقت التصور مما لاقيناه فيها من فساد واستبداد مما سيسجله التاريخ , وسيشيع هذا العهد الأسود باللعنات مثل عهد المشير المخلوع جعفر نميري .
هلال زاهر الساداتي