بنفس مقدار الظروف
و كل مقياس الطموح
و بنفس آلاء الزمن
أودّع الآن الوطن
لصدرك ..للزمان .. وللمكان
لجوقة الصخب
أنا لك الذي تمزقت أحشاه
أنا لك الذي قد ذاب في وتر الزمن
أنا لك مفردة بعيدة الأجل
لكل طائر يعج في الهواء ثم ينطلق
أطلقتْ صراحه هذه الصيحات
لك الذي قد ذاب تحت الخوذ يرفض الجراح
يمازج الآفاق و التأريخ
تعددتْ خرائط الزمان
و مداخل الكتابة فيك
ثم أنا لك الطفل جاحظ العيون
راعه التخلف المريع و الشجن
أنا لك الأب الذي قد ذاب في مداخل جديدة
يقاتل السلطان في كرسيه الجديد
أنا لك الدموع في غياهب الزمن
ظلام أمهاتنا .. عصارة الملوك
قرأتُ في مدائن كثيرة عنك يا وطن
سرحتُ في فضائل المدينة الرذيلة
تقاطرت مدامع الوطن
لترتوي الصحراء بنار هذه الدموع
تُخلّف الصحراء أشواك الغضب
تعطلتْ أحاجي الفراسة التي مضت
تعطلت في كل نبرة من البراءة
تعطلت عن المطر السماء
تعطلت طرائق الأطفال
نحو أمهاتنا البكور
و المعول ..و الأشجار.. والمساء ..و القلم
تكوّنت منابر جديدة
تبادل ..تغاذل ..تفاهة .. سفور
تعدد الأطفال في الشوارع المحتارة
تفتحتْ جُدر المحار
و مات كلما قواقع
تخلّعتْ سلاحف الصحراء كلما قدح
وقفتُ خلف كل شيء
حتى خلف الشمس
نظرتُ نحو الشمس من بعيد
نظرت كل ما يدور خلف ما ورائي
يا حبنا القديم يا وطن
يا عشقنا الحبيب يا زمن
أكل هذه الأدوار من أمامنا و خلفنا ؟
و نحن نعلم أنك تقتات من سنام أمهاتنا
عجافنا القبائل
السم يا وطن
السم ها هنا علي القلم
الموت ليس يعني حفائر القبور
و النهاية لا تعي هذى الوتيرة
و القبر ليس يعني النهاية
و النهاية قد تساقطتْ تفتش البداية
ثمة أعين جديدة
ثمة بكاء
لك يا وطن أغنية مهداة
أنا لك الربيبة المسلوبة
من صلبك من امرأة
أقتت ُ من هواك كل سنبلة
كل رائحة من عبق الطين
تحت روعة الرعود
ها أنا عرفتُ ما قد كان
الأطيان والسنابل
عصارة لنطفة
فكيف يا وطن تمارس الطلاق
تمارس التشدد في الأفكار
شربتُ روعة الماء الطمي
آه يا وطن
لا تعنيك هاتيك الحروف
تعني التشدد في صراعي
تعني الشرايين الفقيرة
تعني أن أمسح ذاكرة الخريطة
مخطوطي المحفوظ .. الأقلام و الورق ..
تغيّرتْ
لأنني رسمت عبر هذه الخطوط
خريطة جديدة
صحيفة من الحروف
سبورة من ألوان الطيف
و سائل من خيالنا الخصيب
رسمتُ عبر كل هذه الأشياء
خريطة من النقود
حدودها مع البلاد الأجنبية
جوازها تتابع الهوية
أريد أن أُولد في خريطة حديثة
لن أنسي أهلي
لن أنسي كل مساء
سوف أرسل الرسائل الوردية
و كتلة من النقود الأجنبية
فليبعثوا لي بعض الغذاء المقدّس
من الريف الحبيب
الآن أدرس في مدارسي الجديدة
لن أنسي أهلي
أهديهم فاكهة البلاد الأجنبية
و قطعة من عملات هذه البلاد
لعلها تكون باقية
سوف أعبر البحار
و أُقاوم الأمواج ..
و الشطئان
لأنني إذا وجدتُ جدتي هناك
سوف أشرب المياه الطامية
أمارس البساطة و أنخر الأطيان
أُشكِّل فتاة حسبما عواطفي
أو حديقة غنّاء
أو كتلة لقُلة
و لحظة من الزمان أزرع الفروع
علها تحرِّك الهواء .