توفيق الحاج
قبل أيام قدم لي أحد طلابي ورقة صفراء كالحة مكتوبة بالعربية وموجهة من سيء
السمعة جيش الدفاع الاسرائيلي الى ابناء الشعب الفلسطيني .
منشور أحمق من آلاف المناشير التي تلقيها الطائرات القاصفة مع قنابل الموت
وتطلب بوقاحة مع الرسائل الصوتية من الشعب الأعزل أن يكون عميلا ويبادر
بالاتصال برقم معين.. .. .. .. للإرشاد عن ابنائه المقاومين.
نفس الموضة أعلنت عنها وكالة الاستخبارات الامريكية قبل شهور عندما عرضت على
الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل وظائف بدرجة عميل وتحت مسميات مغرية وخادعة
القادة الذين صاغوا هكذا منشورات وألقوها من عل ليسو أغبياء كما يتبادر الى
الذهن للوهلة الاولى وانما هم يعملون ضمن منظومة عولمةعسكرية وسياسية واقتصادية
مدروسة جيدا تعمل وتهدف الى حشر الشعب الفلسطيني بين خيارين.. الجوع والرعب من
جهة و خيانة الحقوق المشروعةمن جهة ثانية..!!
فالقصف الوهمي سيتواصل مع إطلاق أي صاروخ فلسطيني ردا على قنص هذا المقاوم أم
ذاك وسيكون القصف في ابشع حالاته مع قدوم الشتاء والنوافذ مفتوحة حيث تتم
المفاضلة بين الترحيب بالبرد كضيف ثقيل أو تحطيم الزجاج..!!
والضغط الاقتصادي كذلك سيزداد وطأة على شعب يعيش معظمه على الكوبونه وأغورات
البطالة التي تصرف بعد عناء شديد واذلال يقترب الى اذلال المجحوم "حاجز ابو
هولي " ومن لايصدق فلينظر الى حموع المواطنين وارامل الشهداء وهم يتزاحمون امام
البنوك ومكاتب البريد ساعات طويلة وخاصة على مدي الأيام الثلاثة الأخيرة من
شهر رمضان .
من هذا الجو الخانق القاتم قد يخرج من بيننا من يبحث عن وظيفة عميل لجيش الدفاع
الاسرائيلي ويدفعه اليأس والاغراء الى الوشايه بأخيه وامه وابيه وجاره وبنيه
خاصة اذا كان متعاطيا للمخدرات أوعاشقا للحسناوات أو لاهثا وراء الشيكلات
أمام هذا المأزق يجب الا تساعد السلطة بجمودها وسلبيتها على تفاقم الوضع والضغط
على كسارة البندق مع الاسرائيليين دون ان تدري..!!
ولابد من اعادة توزيع امكانياتها على هذا الشعب بالعدل فلا زال هناك أناس
منسبين الى مؤسسات لايعرفون عنها شيئا يقبضون رواتبا ضخمة وهم في بيوتهم و
لازال الفساد موجودا ويلبس احيانا ثوبا وطنيا أو دينيا براقا فمثلا وكما
قرأت أخيرا يتم تعيين أحد الاطباء مديرا ادرايا على زملائه رغم انه أجهلهم
لكونه فقط مسنود تنظيميا وطبعا سلطويا..!!
وأعرف أسرة واحدة كل افرادها يعملون في وظائف مرموقة في السلطة وأعرف كذلك
عديدا من الاسر تلهث وراء وظيفة للستر في السلطة دون جدوى
وأعرف أيضا أن مشروع اعادة تشغيل الدفيئات التى خلفها المستوطنون يتعثر
وينوءتحت وطأة البطالة المقنعة وسوء التصرف..فالمهندس فلان يختار أقاربه وأهل
حارته للعمل دون سابق خبرة والمسئول علان يدير مؤسسة ما دون رقابة كأنها بيارة
خاله..!!
ليس كرها في السلطة أسوق كل هذا وانما صدقا ورغبة في الخروج من واقع محبط الى
واقع أفضل
واتمنى الا نجد يوما من بيننا من يتسول كبونة أو يتجه لوظائف العار في جيش
الاحتلال ..!!
والسلطة بكوادرها العلمية والفنية وبقليل من الشفافية ومزيد من المشاريع
الوطنية الناجحة قادرة على الوصول بنا الى ضفاف هذه الأمنية..