تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ثقافة السلام - قراءة فى مفهوم اليونسكو بفلم د. أبو القاسم قور

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/11/2005 1:33 م

ثقافة السلام

قراءة فى مفهوم اليونسكو

د. أبو القاسم قور

[email protected]

يعتبر السلام أحد الأهداف الأساسية لليونسكو منذ إنشائها في نهاية الحرب العالمية الثانية، بل قد آلت اليونسكو على نفسها مهمة "بناء السلام في عقول البشر" منذ نهاية القرن العشرين، وهى مهمة بالغة التعقيد نظرا لما يكتنف العالم اليوم من حروب وتحولات اقتصادية وإستراتيجية كبيرة. كما شهد نهاية القرن العشرين تحولات استرانيجية واجتماعية كبيرة، وتطورات ملحوظة في مجالات الاتصال والنقل والطب والزراعة، وهى كلها تطورات تدل على ازدهار الحضارة الانسانية على كوكب الأرض. كما ظهر مصطلح (ثقافة السلام) فى نهاية القرن العشرين فى أدبيات الأمم المتحدة (United Nations) والمنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو UNESCO . ولقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين إهتماما كبيراً من قبل اليونسكو، والأمم المتحدة بأمر ثقافة السلام (Peace Culture) وصناعة السلام (Peace Making) وحراسة السلام (Peace Keeping) لذلك ساقوم فى هذا المقال - وهو جزأ من مبحث- على التعريف الذي أوردته منظمة اليونسكو (UNESCO) لمصطلح (ثقافة السلام). تشير العديد من الدراسات إن الحروب هي الأخرى تطورت تطوراً كبيراُ من حيث آلة الحرب، والتقانة والأساليب والأسباب مما يشكل خطراً على الحضارات الإنسانية فىكافة بقاع الأرض ولما كنا بصدد فهم وتحليل مفهوم (ثقافة السلام) كمصطلح ذو أبعاد فلسفية (قيمية وأيديولوجية) لابد من الرجوع إلى أصول هذا المفهوم كما هو موضح فى أدبيات ومنشورات اليونسكو وينص أول تعريفات اليونسكو لثقافة السلام بالآتى:" تتكون ثقافة السلام من القيم والمواقف ، وطبيعية السلوك الإنسانى التى ترتكز على عناصر عدم العنف وتحترم الحقوق الأساسية للإنسان وحريات الآخرين. ولقد تم تحديد هذه الحقوق فى ميثاق حقوق الانسان(1).

يدل التعبير (تتكون من …) الذي ورد في صدر هذا التعريف على وجود عدد من العناصر والتي بتوفرها يمكن توفير ثقافة السلام. وبالتالي يبدو جلياً، وواضحاً إن التعبير ثقافة السلام هو مصطلح يحتاج للبحث، والتدقيق بغية الوقوف على المعنى الحقيقى له. كما أوردت اليونسكو التعريف التالي لثقافة السلام " ثقافة السلام " كيان مكون من قيم، مواقف وسلوكيات مشتركة ترتكز على عدم العنف (Non-involence)، واحترام الحقوق الأساسية للإنسان بالتفاهم والتسامح والتماسك كل ذلك في إطار التعاون المشترك والمساهمة الكاملة للمرأة، واقتسام تدفق المعلومات).

وتمس هذا المصطلحات عدداً كبيراً من جوانب الحياة الإنسانية وثقافات الشعوب وسلوكها وقيمها التي اكتسبتها عبر التاريخ الطويل وممارستها الإنسانية العديدة. وتذهب اليونسكو في تحديدها لمصطلح (ثقافة السلام) إلى القول " إن المفتاح إلى ثقافة السلام هو تحويل التنافس العنيف إلى تعاون في مجال تحقيق الأهداف"(2). وتري اليونسكو "تستدعى ثقافة السلام أن تعمل كل المجموعات المتنافسة والمتصارعة في إطار التعاون لتطوير نفسها إلى الأحسن(3) وترى اليونسكو إمكانية تحقق مصطلح (ثقافة السلام) وازدهاره على أرض الواقع في حالات تقليص بيئة الحرب وإحلال بدائل إيجابية في محلها .

ولتحقيق هذا الهدف الإنساني النبيل تنظر منظمة اليونسكو إلى (ثقافة السلام) كمشروع شاسع متعدد الجوانب، عوالمي الفضاء، لابد له من أن يرتبط بالنواحي التالية :

التنمية والأمن الاقتصادي .

الديمقراطية والأمن السياسي 0

نزع السلاح والأمن العسكري .

الكفاءة والحوار الاقتصادي .

تطوير التماسك الدولي .

وكما هو واضح من اللحظة الأولى، إن هذا التعريف فضفاض خاصة إذا ما قارناه بشمولية طرح اليونسكو في عالم متنوع الثقافات والقيم والمواقف والسلوكيات فضلاً عن ما يمكن أن نطلق علية فردية الدافعية فى السلوك البشرى. هنالك تعريف آخر يؤكد لنا إلى إي مدى يمكن النظر إلى ثقافة السلام بوصفها مفهوم معقد ويحتاج إلى كثير تدقيق " إن ثقافة السلام مفهوم معقد ينمو ويتطور من خلال الممارسة "(1) والمفردة ممارسة هذه تعنى ممارسة السلام (Peace Practice) وهى ممارسة لتحل محل ممارسة أخرى مثل ممارسة الحرب. واليوم ينظر العالم كله إلى أي مدى يمكن لليونسكو اكتشاف آليات فاعلة لإحلال ثقافة السلام العالمي كممارسة فعلية محل ثقافة الحرب.

ومن التعريفات التي أوردتها اليونسكو هذا التعريف ذو الملح السياسى " مفهوم ثقافة السلام، يعبر عن رغبة العالم في نهاية القرن العشرين في الابتعاد عن العنف والحرب والعمل على زرع التحمل والإيمان في عقول الرجال والنساء (2). لجأت اليونسكو للبحث عن آليات لتنفيذ هذا المشروع العالمي ، وأهم تلك الآليات ما أطلقت عليه برنامج ثقافة السلام (Culture of Peace Program CPP) . وفى يوينو1989 خطت اليونسكو خطوة أساسية في طريق ثقافة السلام تتمثل فى مؤتمر (السلام فى عقول الرجال) (Peace in the minds of Men ) بياموسوكرو (Yamoussoukro) و ارتكز ذلك المؤتمر على أطروحة أساسية وهى " تطوير ثقافة السلام كمسألة ترتكز على قيم عالمية ، احترام الحياة الفردية، الحرية، العدالة، التماسك، التسامح وحقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة"(3) . ومن أهم توصيات المؤتمر: تطوير التعليم وبحوث السلام . لكن هذا أمر يواجه معضلة حقيقية فالتعبير (قيم عالمية) تعبير فضفاض لأن حياة الناس، وحرياتهم، ومفهوم العدالة والتماسك والتسامح وحقوق الإنسان كلها مفاهيم متنوعة ، تختلف بين أمة وأمة، بين شعب وشعب آخر، بل بين قبيلة وأخرى فالتعبير (قيم عالمية) لا يمكن لليونسكو تمكينه إلا في (ظل نظام عالمي جديد واحد) وهذا ما يجعل بعض المراغبين ينظرون إلى منظومة ثقافة السلام بوصفها أحد موضوعات (العولمة) وتنظر اليونسكو لآلية (CPP) على أساس أنها وثيقة من أجل المشاركة العالمية في السلام والأمن من خلال تطوير التعاون بين الأمم ومن خلال التعليم والعلوم والثقافة. ويرى الأمين العام السابق لليونسكو فردرريكو مايور (Federico Mayor) في كتابة صفحة جديدة (The new page) الذي صدر في عام 1995 "ان التحول من الحرب إلى السلام يعنى الانتقال من مجتمعات سيادة الدولة والأمن ومن مخاطر هذا العالم إلى مجتمع مدني في كل مناحيه . ولابد من التطور بتطوير مشـاركة المواطنين في القضايا الدولية والعالمية. لابد من بناء السلام في عقول الرجال والنساء بربط الفرد بالقضايا والمصالح المشتركة عالمياً وربط المجتمعات المحلية بالعالمية " والى هنا تتضح الأصول والمرتكزات الفكرية لثقافة السلام الذي يصب في خانة العولمة (Globalization) فى مشروع ثقافة السلام لدى اليونسكو.

وفى إطار البحث عن أصول ومرتكزات وقيم عالمية لثقافة السلام عقدت اليونسكو من خلال آلية (CPP) أول مؤتمر في باريس في فبراير عام 1994 بعنوان : المؤتمر الأول لثقافة السلام وفيه تم تحديد مفهوم ثقافة السلام بالآتي :

تؤكد ثقافة السلام أن الصراعات المتوارثة بين الناس يمكن حلها بعيداً عن العنف .

السلام وحقوق الإنسان مسألة فردية مكفولة لكل فرد .

بناء ثقافة السلام مهمة تعددية تطلب تضافر جهود كل الناس في كافة القطاعات .

ثقافة السلام امتداد للعملية الديمقراطية .

تطبيق السلام مشروع يتم من خلال كل أنواع التعليم الرسمي وغير الرسمي وكذلك الاتصالات .

تحتاج ثقافة السلام إلى التعليم وتوظيف وسائل جديدة وكذلك الحفاظ على السلام وفض النزاعات .

يمكن لثقافة السلام التطور والنمو من خلال تطور الإنسان المرتكز على الاستقرار والأصالة والعدالة ولا يمكن فرض السلام من الخارج .

وفي إطار تحقيق هذه المرتكزات والأصول الفكرية لثقافة السلام اضطرت اليونسكو إلى إصدار أجنده أخرى تشمل مفهوم فض الحرب ومحاولة شطب ثقافة الحرب وحددت الأجندة التالية بوصفها غير صحيحة علمياً (Scientifically Incorrect) ويجب أن لا يردد الناس التعابير التالية:

1. إننا كبشر ورثنا الاستعداد للحرب عن أسلافنا الحيوانات.

2. إن سلوك الحرب وسلوك العنف سلوك (وراثي) في الطبيعة البشرية.

3. إن السلوك الإنساني ذا محتوى عدائي أكثر من أي استعدادات أخرى.

4. يتمتع الإنسان بعقل عنيف والطريقة التي نمارس بها أفعالنا متأثرة بالطريقة والكيفية التي جبلنا عليها ولا يوجد في جهازنا العصبي والوظيفي ما يحد من انفعالاتنا العنيفة.

5. تتم الحرب بطرق غريزية أو عاطفية.

كانت هذه أجندة المحرمات التى تسعى الى شطبها اليونسكو من عقول البشر، ونخلص من كل ذلك ومن مجمل التعريفات التي أوردتها اليونسكو إلى النقاط التالية :

إن التعبير ثقافة السلام (Peace Culture) لدي اليونسكوهو مصطلح شامل يقوم على مرتكزات فكرية واستراتيجية عالمية نجملها في الآتي :

1. التاريخ الثقافي والاقتصادي والإستراتيجي للعالم .

2. الأصول الفلسفية ذات المعاني الأخلاقية والقيمية والمعرفية والجغرافية والتاريخية للشعوب .

3. تطوير الوعي البشري عامة في اتجاه التعايش السلمي المبني على احترام الآخر وقبول ثقافته ومزاجه .

4. التعاون والتماسك الدولي .

ولما كانت اليونسكو تنظر إلى السلم من زاوية ثقافية تربوية لقد أولت الحوار الثقافي اهتماما كبيراً في برنامجها الرامي إلى توفير ثقافة سلام عالمية، وهو برنامج طموح شمل عدد من المجالات التربوية الهامة و هنا أورد استعراضا لهذا البرنامج.

منذ تأسيسها سعت اليونسكو أن يكون الحوار الثقافى " إحدى الوسائل لتقريب الشعوب ببعضها البعض وخلق فهم مشترك، ولتطبيق منظومة الحوار الثقافى سعت اليونسكو إلى تكوين المشاريع التالية:

أ- مشاريع عالمية للمدارس بغية نشر التداخل الثقافي والفهم المشترك .

ب- توسيع إطار التلاقح الثقافي .

جـ- تطوير القيم التي من شأنها إحداث التداخل والحوار الثقافي من أجل السلام والذي يضمن مشاركة النساء والشباب .

د- مشاريع عالمية للحوار والتبادل الثقافي بين المناطق المختلفة .

ويعتبر مشروع رابطة المدارس (Association of Schools Project) من أهم تلك المشاريع فى إطار الحوار الثقافي من أجل ثقافة السلام. وتستغل اليونسكو فى ذلك عدد من الوسائل مثل الكتيبات والملصقات والسمنارات وورش العمل والدراما والموسيقى.

ومن هنا يمكن النظر إلى (منظومة الحوار الثقافي) من أجل (ثقافة السلام) بوصفها أكثر الآليات شيوعاً، لأنها تعتمد على وسائل عديدة يمكن توفرها وسط قطاعات المجتمع المختلفة رأسياً وأفقياً وعلى مستوى القواعد الشعبية. وهكذا يتضح لنا – وفقاً لرؤية اليونسكو – إن التعبير ثقافة السلام (Peace Culture) هو مصطلح، وهو مفهوم يحتوى على عدد من العناصر التي يمكن بتوفرها يتم توفير قدر من ثقافة السلام، وتنحسر ثقافة السلام في حالة انعدام وانحسار تلك العناصر .


1-4 بيان اليونسكو (2000 سنة دولية لثقافة السلام)

في عام 1997م أعلنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على أن يكون عام 2000م العام العالمي لثقافة السلام (2000 The International Year for Peace Culture) ولقد قام عدد من الشخصيات العالمية التي نالت جائزة نوبل للسلام بصياغة مسودة (بيان 2000 سنة دولية للسلام) أنظر الوثيقة (1 ،2 ) على أن يبدأ هذا المشروع في 4 يناير 2000م وينتهى فى سبتمبر 2000 م إبان انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وترغب اليونسكو بنشرها للاستبيان كما هو فى الوثيقة (1، 2) الحصول على 100 مليون صوت ولقد شمل الاستبيان التوقيع على العناصر التالية والتي أرست عليها المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO) بوصفها عناصر لثقافة السلام دولياً:

1. احترام الحياة بكل أنواعها.

2. نبذ العنف .

3. التشاطر والعطاء .

4. الإصغاء سبيل التفاهم .

5. تضامن متجدد .

6. صون كوكبنا

وعملت اليونسكو على نشر هذه العناصر على صفحات الإنترنت التي تم تصميمها كمواقع (Sites) خاصة بثقافة السلام وذلك في إطار برنامج (2000 سنة دولية للسلام)(1) فيها تحدد اليونسكو عناصر ثقافة السلام مع شرحها بالآتي انظر الوثيقة (2،1) :

1. احترام الحياة بكل أنواعها : أن أحترم حياة وكرامة كل كائن بشرى بلا تمييز.

2. نبذ العنف : أن أمارس العنف الإيجابي رافضا العنف بكل أشكاله: العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي، لا سيما تجاه اضعف الناس وأشدهم حرمانا، كالأطفال والمراهقين .

3. التشاطر والعطاء : أن ابذل والسخاء لوضع حد للنبذ والطغيان السياسي والاقتصادي .

4. الإصغاء سبيل التفاهم : أن أدافع عن حرية التعبير والتنوع الثقافي موثر الإصغاء والحوار دائما ولا انساق أبدا إلى التعصب والنميمة.

5. صون كوكبنا : أن أدعو إلى سلوك استهلاكي مسؤول وإلى نمط إنمائي يراعيان أهمية الحياة بكل أنواعها ويصونان توازن الموارد الطبيعية للكوكب .

6. تضامن متجدد : أن اسهم في تنمية مجتمعي، بمشاركة النساء الكاملة في ظل احترام المبادئ

الديمقراطية، لكي نبتكر معاً أشكالاً جديدة للتضامن

)(انتهى المقال ) .



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved