تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رسائل مدينة الطيور و الاساطير (3)بقلم:أ . احمد يوسف حمد النيل - الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
11/1/2005 12:53 م

رسائل مدينة الطيور و الاساطير (3)
الرســــــــــــــــالة الثالثة .
عزيزتي بنت الدر(بائعة البخور)

منذ ان حلق اول طائر على الفضاء لفت انتباه الانسان فأعطاه مفاتيح بعض الاشياء
لتصير رموز ثابتة في الحياة . عندما كان الانسان لامحالة عدو لأخيه الانسان و
قاتله كانت الطيور مغردة تطير في اسرابها المهيبة و تغدو الى وكناتها . و عندما
قتل الانسان اخيه جاء طائر فعلمه قيمة كيف يواري سوءة اخيه الانسان . و عندما
فاض الكون كان الانسان في حيرة من امره لا يدري الى اين يسير و لا يدري له
يابسة , فجاء طير يحمل غصن الزيتون ثم اهتدى الانسان الي اليابسة فاصبحت الطيور
هي حليف الانسان منذ تلك التواريخ . و لكن الانسان يذبحها في كل مرة ,و عندما
وعى الانسان و انتصر انتصارا كبيرا في تاريخه ابتكر بعض الاشياء التي تدل على
حضارته ثم بعدها بحث عن قوانين يروي بها حيرته و نفسه الظامئة للنظام ويدرأ
بها جفاف اوصاله ويحيك بها اعطافه المتقطعة فانجلت صورة بهية و بعدما ان كان
الانسان عاريا تماماً اصبح يبحث عنما يواري سوءته من ملابس و قبل ذلك كله عن
قيم و اخلاق تقيه شر نفسه. فراي الطير يطير فعكف في مخبره البسيط يحاكي الطير
وبعدها بدا يميز ما بين الانثى و الذكر على حسب ذاكرته البديهية . فدخل الصراع
الى نفسه و اصبحت الطبقية و التمييز تدب في اوصاله . وهكذا اول انسان راقي
دعائم اول تفرقة عرفها الكون و ككائن ذو صفات عليا و سامية . فحذق جيدا في
طبيعة الجنس الآخر فكانت حقب التاريخ ما حكى بعد ذلك عن اسوأ لحظات عرفها
الانسان فطافت به الظنون و عرف مجاهل النفس و عمق ما يريد فيها من احاسيس فجرد
المراة من ثوب الانسانية وجعلها ابخس ما يكون و تارة يراها انها سبب البلاء و
الشر. هكذا كان رده للجميل . و بمرور الزمن تغيرت و تقلبت الموازين فاخذت
المراة تاخذ مكانها الطبيعي بعدما ان طال بها سوء الظن . و بعد مراحل التنور و
العلم نشأت مفاهيم ترضي الانسانية جمعاء . فاعطت هذه المفاهيم المراة حقها بعد
ان انزاح عن محياها الستار القاتم و عن تاريخها الغابر. فحالما طارت الطيور من
جديد في صبح جديد سطعت فيه الشمس . و غدت كل التحولات التي شهدها مسرح الانسان
حقائق ثابتة معلقة على عواتق الازمنة. و اصبحت خلفية راسخة رسوخ نجمة الافق
البهية في ظلام العقل الغميء . معلقة تعلق الهواء بالافق , مندفقة تدفق الروح
في الجسد . فاضافت له نور جديد و اهبت في دواخله قيمة جديدة فعرف الانسان الادب
و الشعر و ربطها بوجه المراة و انجذابه لها . و لم يغدو التاريخ الا ادب اليم
منهم من يتلذذ به و منهم من يندم عليه . فتلذذ به الكتاب و احترمه المجاذيب و
لاذ به الهائمون. و هنا انبثقت مدارات حقيقية انبعث منها كل الادب و اضيفت لها
البراهين و الفلسفات و المبررات حتى غدت مدارس في فضاء الكون الانساني لها
الوانها و ضروبها . و لكن مرة اخرى ارتد الانسان على عقبيه و اصبح عاريا كهيئته
الاولى من الاخلاق لا من الهندام لانه يلبس اجمل الثياب و ياكل اشهى الاطعمة و
لكنه رغم ذلك وقف امام اخيه ينال منه و يشتهيه . فانفلت عن مساره و ظهر الصراع
من جديد . و الطيور كما هي حتى الان تحلق و هي تلق الصبر مما يفعله الانسان
باخيه الانسان . فمهر الانسان الدم و احتقر المراة مرة اخرى . و اخذ ينظر في
الافق من جديد فلم يجد طائرا يعلمه هذه المرة . و لا يرى الا النجيع و صوت
البارود و دخان المصانع و ازيز اطارات السيارات فوقف مذهولا مغشي عليه . و هكذا
حتى الطيور تبدو واهمة و كل شيء يبدو مذهلا .لنقرأ نحن استفهامات على المدى
الطويل ثم نندثر في وتر داخلي و نغني اغنية حزينة.

التـــــــــــــــــــــــــــوقيع : ود محريب ( عراف
المدينة)


الــــــــــــــــــــــــــــرد (3)
عزيزي ود محريب

بعدما ان فاقت بنا الظنون و مشت بنا الى حيث نريد . ننزل شيئا ما من
المساحات الفضفاضة الى مساحات اقل حجما من حيث الكونية و لكنها بنفس الاتساع
الانساني و القيمي تحمل ما تحمله الظنون الاولى و ترسل ما ترسله القيم و
الاخلاق الانسانية . فالطير و البشر و المكان و الزمان و التاريخ و الجغرافيا
و الطبيعة و التكوينات المحلية هي محابسها و مجالاتها فدعني امارس عادتي في حرق
البخور و دع الدخان يتطاير من على متكئي و دع كل فكرة و مفهوم ان يجد حريته .
دعني احدثك عما جادت به تلك المراة و دعني ان ابحث لك في دواخلها العريضة و
احدثك عن سر العلاقة بينها و بين شقها الاخر من البشر و دعني اريك التحليق بلا
ريش و الطيران بلا قوانين طبيعة . لم تكن تشعر او تحس بذاتيتها لو لم تختط
وشما (شلخا) على صفحتي خديها الاسيلين . و لم تكن هي ان لم تدق شفاهها بآلة
ثاقبة مثل الابرة . و لم تكن هي ان لم تختن كما ختن الفراعنة . وبعد ذلك فلتدع
كل شيء يسير فلترقص و تغني و لتهزج حتى ياتي زمن ما يحمل جديداً في جوفه . فكل
ما علمته من ديمقرافية جغرافية بعينها انها هنا تنتصر لذاتها و لا محالة
منتصرة . لذا استميحك عذرا ان تدعني ان ارقد على وسادة افكاري الخاصة و
سينفونية عشقي المعسول و شهده و نداه و دعني اكتب الشعر بطرقه المبعثره و اسلك
الدروب انى شئت و أطرق الطبل الاجوف حتى يصدر صوت النفس التائهة . دعني ان
ارسل نغما ما من داخل اوباغي المزركشة و حاشيتي الحصينة و دعني ان احلم
بحاشيتي كاميرة ابتعدت عن بلاط اميرها و هي ترقد على شواطيء الانتظار تلحظ
بعين حذرة وقلب متوجس و صوت متهدج .
كل اسفاري و مخطوطاتي عفا عنها التاريخ ولكنني ما ازال احكي لصغاري و اعلمهم و
اعطيهم نقودا و عملة عفا عنها الزمان و عندما يدخلون الاسواق تبور تجارتهم و
لكنهم يرزقون . و اعلمهم ان يصبروا على الرزق البسيط وقد يعطي الانسان الدافع
للحياة و فيه بركة . فأُغدغهم بالاحاجي و اغاني السلاطين و اعطيهم مناديل
العذراوات اللائي متن بلا ان يطمثن احد . و الفتيان يبحثون عنهن في مدافن
الموتى يضعون لهن الورود و يقاتلون عنهن باسياف خشبية متسوسة و اخرى حديدة صدئة
. و عندما سقطت الراية و كف الناس عن الصراع فخبا لهيب المعركة و كف الناس عن
الصياح جاء باعث جديد يدير عجلة التاريخ فاخذ يقص عليهم قصص كليوباترا و
ديدمونا (دسدمونا) و ليلى و تقص الجدة كل ليلة قصة جديدة فيناموا على رضاء
تام فلا يجدون قطرة لبن او قطعة رغيف ولا غطاء غير انها تخدرهم بهذه الاحاجي
ثم ينامون وعندما يسفر الليل عن الصبح البهيج يصحون على انغام احلامهم الجميلة
و عالم الفرسان و احاجي الجدة
فتعطيهم الجدة الجرعة الصباحية فيسيحون في الطرق المفرقة ثم ياتون عند لقاء
الوجبة عند الجدة . هكذا تكون شواغل الاطفال و الام و الاب في شغلهم الشاغل
لقمة العيش العصية . و عندما يسمع الاطفال صوت الدفوف و زغاريد النساء تزجهم
جدتهم ليذهبوا بعيدا عنها بعدما ان ملت منهم . فيذهبون حيث الصوت و لا يجدون
الا الناس في " بيت الزار" (الدستور) فيلبثون طول اليوم هنالك و عندما ياتي زمن
نومهم ترسل الجدة لهم لكي ياتون للنوم . و هكذا تشبع غرائزهم الطبيعية و
الفطرية فاليوم يعكفون علي حياة الطفولة و غدا يرسلون الاخيلة في عالم الساحرات
و ستتات البخور وستتات الودع . ولكن الاطفال شيئا فشيئا تعلما اشياء كثيرة من
الجدة و من انماط الكتب المختلفة . و لكنهم يعون لاشياء خطيرة هو ان كلام
الجدات ليس الا هراء و اساطير الاولين . و عرفوا ان الجدة لم تكن الا فقرة
تسلية جيدة و الاب و الام لم يكونا الا عائلين بالمال ان وجد . و عندما يرجعون
الى الوراء يجدون ان كلام الجدة ما هو الا اساطير و تخاريف فقتلوا ذاكرتهم و
اصبح مستقبلهم واقف وقوف بيوتهم العتيقة . وعندما يطول بهم السوح في ساحات
القتال الفارغة الا من المهزومين و الذين ضاعت شخصياتهم في خضم المعركة
فتمزقت ثيابهم و ابدانهم و لكنهم رجعوا نادمين الى جدتهم فوجدوها قد قد ماتت
,,,,,,.


التوقيع ,,,,,,,,,
بنت الدر (بائعة البخور)

بقلم : أ . احمد يوسف حمد النيل - الرياض
للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved