( مواصلة لما ورد في المقال السابق: الحقوق الاجتماعية, نواصل عرض قضايا أساسية " في حدود ثلاث حلقات أو أربع" تتعلق بالحقوق التي يجب أن يكفلها الدستور, صحيح أن الغالبية العظمى من أهل السودان, ماضية في مقاطعة عمل اللجنة, بيد أن الطرف الثاني في اللجنة: جهة حملت السلاح من أجل كفالةحقوق, وإقامة مؤسسة عدل, ومن بينهم زملاء من جامعة جوبا, من حقهم علينا أن نبلغهم, وان نواصل عهد ذلك الزمن النضيربحواره الجاد, باسم المرحومين: د. كمال جلال ود. داماتو دت)
لم نطلق على بلدنا اسم: السودان بمحض اختيارنا, ولم نجلس لنفكر ونطيل التفكير ونتفق علىتسمية أنفسنا: سودانيين, ومفردها لفظ : سوداني. الذي ينطقه بعض الظرفاء, على أساس أنه مكون من كلمتين: سوء(سين وواو وهمزة على السطر) وداني بمعنى : قريب! وإنما أطلق غيرنا هذا الاسم علينا,وهو اسم محمل بدلالات وظلال اجتماعية وإشارات عنصرية مهينة عند قوم, لا حصر لهم, علىالأقل يضحك علينا من يعرف معنى هذا الاسم في مظانه!,
أرغمونا عليه, أو تورطنا, ومن استعصموا, ورفضوا إطلاق هذا الاسم عليهم, معهم ألف حق, وإني لعلى يقين تام من أن الجنوب إذا ما انفصل ( وفرز عيشه) فإنه لن يطلق على شعبه ورقعته التاريخية: اسم السودان ( السوء--- داني)
تاريخيا, الاسم عام, ولكن دلالته الخاصة, أعلق بمالي وشمال نيجريا في المدونات العربية!
صحيح أن هناك كثيرا من الشعوب, أسماؤها وافدة عليها من خارج حدودها, الآخرون هم الذين أطلقوا عليها ما أطلقوا من مسميات,مثل: أثيوبيا, التي كانت تطلق على الأفارقة أي السود ابتداء من جنوب مصر, من قبل الرومان,وأطلق عليهم العبرانيون: الكوشيين, ومثل كلمة: الأندلس التي أطلقها المسلمون على شبه الجزيرة الإيبرية, و تقابل كلمة : وندال التي ما تزال حية مستخدمة في اللغة الإنجليزية, بمعنى القوم المتوحشين والمخربين واللصوص (ولعل منها كلمة: أنذال) : وندلس, هي أندلس, تحولت الواو المفتوحة إلى همزة, مثلما تقول: أكد في : وكد,وأرخ, في: ورخ, والسين هي علامة الجمع, وقد آثر أهل تلك البلاد بعد تحررهم, تسمية أنفسهم : الأسبان, وانحصرت الكلمة في إقليم بعينه!( على استحياء)
قبل غزو السفاح محمد علي باشا المملوك الألباني (الذي كان أميا لا يعرف القراءة ولا الكتابة ( ولم يكن يعرف اللغة العربية, ولا حتى العامية) عام1820, كانت دولة سنار قائمة في جزيرة سنار, وكان يطلق على أهلها لفظ: السناريين في الحجاز, والسناريين في مصر أيضا, ولهم (داخلية)خاصة بطلابهم في الأزهر, تسمى رواق السنارية, وهناك دولة: دار فور ورواقها في الأزهر, ومحملها إلى البيت الحرام في أوان الحج, وكذلك دولة تقلي في الجبال الشرقية, بكردفان.
على أننا الآن نجد البلد من حيث الأقاليم المكونة له, يحتفظ بهذه الأسماء التاريخية الثابتة مثل: كردفان ودار فور, وللأسف توارت كلمة: سنار وانحجبت, وبقيت كلمة: الجزيرة, مثل الصدفة التي طارت منها اللؤلؤة (عفوا بشرى الفاضل)
أما ما أطلق على بقية المناطق, فغالبه كلمات ذات دلالات لا علاقة لها بالتكوين الداخلي لتلك المناطق, ولم يكن أهل تلك الديار يطلقونها على أنفسهم, وتبدو أحيانا مضحكة لا تخلو من سخف!
مثل إطلاق كلمة الاستوائية وأعالي النيل والشمالية, فلو فتشت الشمالية شبرا شيرا, عن مكان يسمى الشمالية, لما وجدته! وهذا لا ينطبق على كردفان مثلا!
من المهم الآن استعادة تلك الأسماء العريقة, أو على الأقل اختيار أسماء مرضية, يتفق عليها أهل الشأن في مناطقهم, فيمكن أن تسمى الشمالية: مروي, فيقول المرء : أنا مروي ونحن: مرويون, بدلا من:الشمالية, فمروي, على الأقل: مروي, شيء ملموس موجود في المنطقة, وقدس عريق راسخ في وجدان الناس, وجار في دمهم . ويعود الشرق إلى اسمه التاريخي: البجة!
ويطلق على مديرية الخرطوم: علوة,( نحن علويون,) ( الله أكبر, نحن أهل البيت حقا, استجيبت دعوة الشاعرالعظيم:علي نور صاحب نشيد المؤتمر:للعلا للعلا!) على أن ننسى الادعاء الأحمق, من أن الخرطوم من خرطوم الفيل, فالنيل الأبيض من أقصاه عند الدنكا, يسمى: كير, فلما وصل الخرطوم. صار (كيرتم): ملتفى النهريين, ملتقى قرون البقرة, النهرين!( كير في دار فور: بحر العرب)0 ياعيني)!
علينا أن ننفض غبار هذا الاسم عن أنفسنا, دعونا نسم أنفسنا: السناريين, ونسم (!) بلدنا: سنار, التي كان أربعة من مشايخ المناطق يختارون ملكها: مانجل العرب: العبدلاب في قري, ومانجل الشلك في فاشودة, ومانجل الفونج في فازوغلي, ومانجل الغديات: ملوك كردفان.
أو أن تسمى: النيل, وهذا اسم مشرق ومشرف و(أبهة) تقول: أنا نيلي: بلدي النيل, من نهر النيل,
( أوه ريفر نايل) بدلا من ( من السودان) ( السودان في آسيا يازول)!( السودان في... يازلمي)!
وليس أكرم في الدلالة على الوعي والأصالة من الاستشهاد بموقف نبيل اتخذه, كوامي نكروما, الذي كانت بلده تسمى:" ساحل الذهب" فقال: هذا اسم اختاره الاستعمار لنا, عليكم أن تختاروا لنا اسما دالا على مجد أفريقيا قبل الاستعمار, فجاء العارفون, بكلمة : غانا الدالة على أول دولة إسلامية في غرب أفريقيا, بين مالي والسنغال, فأطلق على بلده: غانا, ولم يكن نكروما مسلما, ولم تكن تلك الدولة ذات صلة مباشرة ببلده: ساحل الذهب, ولم تقم على أرضها! ولكنه استشراف الربيئة, والاصطلاء بنار الانتماء, وفروسية الفكر.
لكم في غانا أسوة حسنة!
أما كلمة: جمهورية, فكلمة اعتباطية, أريد بها الحيلولة دون قيام ملكية, وليت أيام الدكتاتورية كانت
في ظل الملكية, فربما كان جحيمها خير من نعيم غيرها من المهازل, وعلينا أن نضمن الحقوق وقيم المساواة في الدستور, وأن نتخلى عن كلمة: جمهورية, ونسميها: دولة. دولة سنار, دولة النيل!
من المواطن السناري, النيلي, إلى المقال القادم عن رفع الضيم! يا معشر النيليين اتحدوا, يا معشر السناريين, غيروا الاسم, أثبتوا لأنفسكم أنكم لستم بركة راكدة في مستنقع ( برجوب)