ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
رمز التحرر والوعي التحية للأزهري في ذهبية باندونق «1-2» بقلم عادل ابراهيم حمد
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 5/8/2005 6:50 ص
رمز التحرر والوعي التحية للأزهري في ذهبية باندونق «1-2» كتب عادل ابراهيم حمد ازدانت قمة جاكرتا الآفروآسيوية بحواشي احتفالية اذ صادف موعدها الذكرى الخمسين لمؤتمر باندونق، وعقدت في اندونيسيا سوكارنو التي شهدت ذلك الملتقى الاشهر.. ولعل هذا العبق التاريخي الخاص قد دفع الزعماء المشاركين في القمة الأخيرة لمد بصرهم بعيداً يخترقون حجب الزمان لرؤية ملامح ذلك المؤتمر وموقع اممهم في ذاك الزمان البعيد، فيجد جلهم اممهم تناضل من اجل الاستقلال وتتطلع لمقررات ذلك المؤتمر تستمد منه دوافع معنوية هائلة ويجد بعضهم امته حاضرة في المؤتمر التاريخي.. ولعل من دواعي الفخر لشعب السودان حضوره الفاعل في باندونق الفتية ممثلاً في ابنه وزعيمه الخالد اسماعيل الازهري عملاقاً مع العمالقة سونارنو ونهرو وعبد الناصر وشواين لاى. لقد كان لمشاركة الازهري وضع خاص فبينما جاء نهرو وناصر وسوكارنو وآخرون يمثلون دولاً مستقلة كان السودان في مرحلة الحكم الذاتي وكان للقيادة المصرية رأي بأن يكون وفد السودان في معية الوفد المصري ولكن الزعيم دالاتحاديش لم يتلجلج ولم يتردد في رفض هذه الرؤية المصرية وسارع في بديهة حاضرة وتصرف حصيف بوضع راية بيضاء امام الوفد السوداني تعبيراً عن استقلاليته وقد هز تصرف الزعيم القومي ومشهد وفد السودان الحر المشاعر الشعبية الاتحادية والاستقلالية حتى قال قائلهم: الراية البيضاء نصبغها دماء ان ازهري يوم اللقاء دعانا وقد كان من دواعي اعجاب الكثيرين بموقف الازهري ان الزعيم تصرف بالسرعة المطلوبة ليرد في حسم على مفاجأة مصرية غير محسوبة.. ولكن هذا الرأي ليس دقيقاً فقد كان للزعيم السوداني دالاتحاديش رؤية واضحة للاتحاد مع مصر ولم يسع قط لاذابة الكيان السوداني في مصر فقد جاء في مذكرة الازهري زعيم الاشقاء رئيس مؤتمر الخريجين التي بعث بها الى الحاكم العام في اغسطس 1945م لتحقيق احتياجات السودان الاقتصادية والثقافية والاجتماعية نرى ان يرتبط السودان بمصر في اتحاد تحت التاج المصري في الوقت الذي تتولى ادارته الداخلية حكومته السودانية -لحماً ودماً- بهذا وحده يستطيع السودان ان يستفيد مادياً وادبياً ويكمل نقصه في التعليم والمالية واللذين يمكنانه من استثمار موارده لاقصى حد لكي ينهض وادي النيل بشقيه شماله وجنوبه وشرقه وغربه.. وجاء في هذه المذكرة ايضاً اشارات واضحة لفهم متقدم لفكرة الاتحاد دان اتجاهنا نحو فكرة الاتحاد اولاً ثم تخصيص مصر لتكون الطرف الآخر في هذا الاتحاد.. ثانياً: ليبدو لنا طبيعياً تنمية للارتباطات الحيوية الوثيقة التي تستمد قوتها من تاريخنا المشترك واتحاد المصالحش.. وترتفع المذكرة الى اعلى درجات الفهم الراقي للاتحاد حين تقول في عام 1945م دوفوق هذا وذا فاننا نحس بأن عصر الدويلات الصغيرة قد زال وانها لتعجز عن الصمود في الخضم العالمي وحده منفردة فلابد ان تتكتل الامم الضعيفة في جماعات واتحادات لتواجه دنظام العالم الجديدش لتكون عاملاً اخطر في هيئة الدنيا التي ولدت يوم النصرش. إن ماء جاء في المذكرة عن حكومة السودان -لحماً ودماً- واولوية مبدأ فكرة الاتحاد ثم مصر بحكم الموقع من السودان ونهاية عصر الامم الصغيرة المتفرقة هي مفاهيم اتحادية سودانية راقية لا ينتقص من علوها ان تقابلها عقلية مصرية تحصر فهمها للاتحاد في ان ديلحقش السودان نفسه بمصر تابعاً لا شريكاً. مثلت ايضاً مشاركة الازهري في باندونق دخول السودان عصر الدولة الوطنية الحديثة فقد برز مؤتمر الخريجين مؤطراً لافكار سياسية متقدمة تجاوزت الاطارين القبلي والطائفي وعرف المجتمع السوداني فكرة الحزب ورجل الدولة ومفردات الاغلبية والرأي العام والنصاب القانوني وصوت الثقة وكان لابد ان يتجسد كل ذلك في شريحة اجتماعية جديدة فكان الازهري وحكومة الازهري تعبيراً وتجسيداً لهذا التطور دالنوعيش ومؤهلاً للسودان للظهور في ذلك المحفل العالمي يتحدث زعيمه عن التحرر الوطني ونبذ الاحلاف فهذه مفاهيم لا يعبر عنها زعيم قبيلة يرعى المؤتمر بأبوته ولا شيخ طريقة يبارك قرارات المؤتمر. ولابد ونحن نتحدث عن ازهري باندونق ان نتحدث عن الازهري الديمقراطي. لقد ارتبط كثير من قادة التحرر بانظمة متسلطة بعد تحقيق الاستقلال واورثوا بلادهم المعتقلات وعدداً هائلاً من التماثيل وقائمة طويلة من الالقاب الفخيمة، اما الازهري فقد رفع علم الحرية وسقطت حكومته بعد ستة اشهر فذهب للمعارضة تأكيداً لقيمة التحرر وتلك قامة يتقاصر دونها كثير من قادة التحرر الوطني في العالم الثالث الذين كادوا ان يستبدلوا استعماراً وطنياً باستعمار اجنبي تحرسه الجيوش الوطنية واجهزة القمع. ومثلما كان الازهري بعيد النظر يتحدث عام 1945م عن التكتلات الاقليمية التي اصبحت اليوم ضرورة سياسية فقد كان سباقاً رائداً ينحاز في خمسينات الشعارات الثورية للديمقراطية التعددية التي كادت ان تصبح اليوم ديناً سياسياً. في ختام هذه الحلقة نقف عند حقيقة مهمة هي عدم جواز النظر الى قامة الازهري المديدة بمعزل عن الحركة الوطنية السياسية التي برز منها قائداً.. لا يمكن ان يشارك الازهري في باندونق الا اذا كان رمزاً لمجتمع يمور بالحراك السياسي ولا يمكن ان يجسد الازهري رجل الدولة الوطنية الحديثة الا اذا كان فرداً في مجتمع سياسي ظهرت فيه ملامح الحداثة والمدنية ولا يمكن ان يكون الازهري ديمقراطياً لميوله الشخصية فحسب بل لوجود قوى سياسية متوازنة لا تسمح اي منها بهيمنة واحدة او انفراد مجموعة دون الأخريات.
للمزيد من االمقالات
