ان سيطرة المفاهيم القديمة على ازهان كثير من الناس تجعلهم يفكرون فى السيطرة على مجريات الامور بمفاهيمهم القديمة فى العصر الحالى فى كافة الامور مما يؤثر على كل ما من شانه ان يحدث تغييراً فى حياة المجتمع تتولد معه افكاراً جديدة تقود الى التطور ومحاربة الافات والامراض والسلوك والعادات غير الحميدة المنتشرة فى المجتمع .

لم يقتصر تعصب بعض القدماء بمفاهيمهم القديمة على الجوانب السياسية او الاجتماعية فحسب اذ ان عصبية الانتماء للقديم لم تقف عند حد كراسى الحكم او ردهات التنظيمات السياسية او الحزبية او الاجتماعية بل امتدت لتنال من كافة انظمة الحياة حتى نظم سبل العيش ونظم التقنيات الحديثة لم تسلم منها . هذه العصبية صارت كالسرطان ما ان يظهر على السطح أى تطور فى أى مجال الا واقبلت عليه لتنال منه وتقتله عند ولادته , انها العصبية العمياء التى لاتريد الجديد اياً كان نوعه والمحزن فى الامر ان اصحابها يدافعون عنها باستدراج عطف الناس وتحريك مشاعرهم لمحاربة كل ما هو جديد او حديث والايحاء الى الكيانات المختلفة من المجتمع بان هذه التغييرات الحديثة ستغتال حضارتنا وثقاقتنا القديمة ويريدون بذلك محاربة كل جديد حتى ولو كان من الامور الحسنة والمفيدة وذلك اما حسداً على ما يقدمه الجديد من تطور و نماء او خوفاً على زوال قديمهم .

نعم ان حضارتنا وقيمنا تواجه تحديات جبارة واعداء يكيدون لها ويريدون محوها من الوجود بما يقومون بدسه من سموم وآفات مما يستدعى الحذر , لكن يجب ان لايمنعنا هذا من مسايرة العالم فى الابتكارات الحديثة المفيدة التى نستفيد منها فى حياتنا حتى فى بعض السلوك والعادات يمكننا الاستفادة من الامم الاخرى التى تتميز ببعض العادات والسلوك والتقاليد التى تدعو الى العمل والخير والتقدم , واضعين فى الاعتبار ان التحديات التى تواجه حضارتنا مستمرة معنا منذ الازل ولن تتوقف الى الابد .

بظهور عصر ثورة المعلومات لابد لامتنا ان تلحق بالركب عبر الالمام بالتقنيات الحديثة والا سنكون فى عداد المفقودين , فقد بدات هذه الثورة بظهور هذا الجهاز السحرى الذى يسمى الحاسوب وبدأ ينتشر فى كل اصقاع الدنيا ونحن بالطبع لسنا بمعزل عن العالم , لذلك علينا عدم الالتقات الى الذين يتعصبون الى الماضى لمحاربة التقنيات الحديثة وهم يفعلون ذلك تارة باحجامهم عن القرب من أى ادا ة تحاول ان تحدث تغييراً فى حركة الحياة ثم بالتخويف تارة اخرى من هذه التقنيات , او بالقول اننا لم نصل الى مرحلة استخدام مثل هذه التقنيات او انها لا يمكن ان تكون بديلاً للانظمة القديمة ولا يمكن ان تلبى رغباتنا وهو ما اعتبره نوعاً من انواع التخذيل والتحبيط ونشر الاشاعات المقرضة التى تحارب كل جديد .

لقد قامت كل الحضارات بثورات جبارة لاحداث التغيير ونشر الآراء والافكار الجديدة لمصلحة مجتمعاتها وقد واجهت معارضات قوية من القدماء لأنها ستؤدى اما الى زوالهم او زوبانهم فى الانظمة الجديدة , لكنها استطاعت الثبات وتمكنت من فرض انظمة وافكار ورؤى جديدة ولنا اسوة حسنة فى رسالتنا الخالدة التى وجدت ما وجدت من الانظمة القديمة البالية المتمثلة فى قريش مكة ويهود المدينة فى ذلك الحين واستطاعت بقوة منهجها ومواكبة طرحها وملاءمته لكل الازمنة والامكنة من الصمود عبر السنين الى يومنا هذا والى ان تقوم الساعة باذن الله . ان محاربة المفاهيم القديمة يتم بنشر الوعى بين المجتمعات وبيان فوائد الانظمة الجديدة وتوضيح ايجابياتها وما يمكن ان نجنيه منها وبذلك نستطيع القضاء على الافكار البالية قبل ان تقضى علينا جميعاً

صلاح الدين حمزة الحسن - لاهاى - هولندا