مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

مصالح ومزالق فى التعاون الصينى الأوربى بقلم محمد يوسف حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/7/2005 5:18 م

منذ أن بدأت الصين سياسة الباب المفتوح فى العام 1978 فان التعاون التجارى بينها وبين الاتحاد الاوربى شهد تطورا ملحوظا. ولكن حجم الفائض التجارى الصغير للاتحاد الأوربى فى العام 1980 انقلب الى عجز فى أعوام التسعينات من القرن الماضى. وبحلول الألفية الجديدة أصبح الاتحاد الأوربى المستثمر الأجنبى المباشر الأول فى الصين وذلك بتدفق استثمارى بلغ أكثر من 8,8 مليار دولار فى الصين و4,5 مليار دولار فى هونق كونق.
لقد أصبح التبادل بين الصين وأوربا أكثر يسرا فى وقتنا الحاضر وهذا يفسر أن تجار الصين القديمة الشجعان الذين عرفوا أن يجعلوا من الصين مركزا للتجارة العالمية فى قديم الزمان قد أورثوا أحفادهم سر المحافظة على هذا التواصل التجارى مع العالم المعاصر. ولكن الصين ليست دائما بالشريك السهل بالنسبة للاتحاد الأوربى لأن نظامها السياسى يختلف عن دولا عديدة من دول العالم الثالث ذات الثقل التى لها علاقات كبيرة ومتنامية مع دول الاتحاد الأوربى، وللاهتمام الأوربى بقضايا أخرى مثل قضايا حقوق الانسان التى تلقى بظلالها وتكبح العلاقات بين الطرفين وكذلك قضايا العولمة والتى دولة بحجم الصين تصبح جزءا من المشكلة والحل فى آن واحد لكل المسائل الجوهرية ذات الاهتمام الدولى والاقليمى. وقد شهد الاتحاد الأوربى تطورات خلال العقدين الماضيين والتى تأثر باضطراد فى العلاقات مع الصين منها: المصادقة وانفاذ معاهدة أمستردام الخاصة ببعض التعديلات على اتفاقية قيام الاتحاد الأوربى والتوقيع على معاهدة نيس فى مارس 2001 بالاتفاق على وضع دستور أوربى والاتفاق على سياسة الامن والدفاع الأوربى، والموافقة على ميثاق الاتحاد الأوربى حول الحقوق الأساسية فى عام 2000 والتى أدت الى تعزيز السياسة الخارجية وسياسة الأمن المشتركة وسياسة الأمن والدفاع الأوربى بالاضافة الى السياسات فى الشؤون القضائية والشؤون الداخلية. ومن ناحية أخرى لعبت الصين دورا دوليا متزايدا وشهدت وزنا سياسيا واقتصاديا متناميا. والصين هى الدولة السابعة دوليا من حيث حجم التبادل التجارى والثانية فى الترتيب من حيث الدول المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما تمثل اللاعب الأساسى فى بعض القطاعات الاقتصادية مثل قطاع الاتصالات والطاقة ومجتمع المعلومات (Information Society). كما أنها تواصل فى عملية الاصلاح والتى تؤثر على أجزاء كبيرة من المجتمع الصينى. ولكن الاتحاد الأوربى يرى فى الفساد وعدم التناسب فى التنمية والدخل اهتمامات أساسية.
لقد أصبح الدور الصينى فى التجارة الدولية ملحوظا خاصة بعد أن أكملت انضمامها الى منظمة التجارة العالمية فى العام 2001 والذى كان له كبير الأثر على بقية أجزاء العالم. وأصبحت الصين لاعبا أساسيا فى الاقتصاد الدولى؛ ليس فقط فى جانب التصدير ولكن أيضا فى جانب الاستيراد. ففى الفترة بين 1990-2003 ارتفع حجم الواردات فى منطقة اليورو من الصين الى ثمانية أضعاف وارتفعت صادرات أوربا للصين الى سبعة أضعاف. واستطاعت الصين أن تحقق خلال العشرين عام الماضية منافعا وأرباحا من شراكتها التجارية مع أوربا وذلك على حساب التبادل التجارى اليابانى الذى بدأ يتدنى حجمه بصورة ملحوظة حيث تقلص حجم التبادل التجارى لليابان مع أوربا من 11,5% فى عام 1985 الى 7,9% فى عام 2003 كما تمدد حجم التبادل التجارى للصين مع أوربا على حساب بعض دول النمور الآسيوية. وقد أشار تقرير أصدره مركز بحوث ومعلومات تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أشرنا اليه فى مقال سابق تحت عنوان "عام 2020 آسيا فى مقدمة الركب وللاسلام شأن" وقد جاء فى التقرير أن آسيا ستحتل المركز الأول فى العام 2020 فى النمو الاقتصادى والناتج القومى وتترك أوربا فى المؤخرة. وحسب ترجيح المراقبين فان الصين والهند ستحتلان المرتبة الأولى بين الدول الآسيوية، وقد تنبأت ادارة العلاقات الخارجية بالمفوضية الأوربية فى كلمتها التى ألقتها فى 19 أبريل 2005 فى الاجتماع الأوربى الصينى أن يتقدم الاقتصاد الصينى على الاقتصاد الامريكى بحلول العام 2040.
وحدد الاتحاد الأوربى أهدافا بعيدة المدى فى علاقات التعاون بينه وبين الصين وبدأ ذلك فى العام 1998 حيث وضع استراتيجية سماها "بناء شراكة شاملة مع الصين". وقد هدفت الاستراتيجية الأوربية نحو الصين فى العام 2001 الى ادخال الصين أكثر فى المجتمع الدولى عبر تعزيز الحوار السياسى كما تهدف الى مساعدة الصين فى مرحلتها الانتقالية للتحول الى مجتمع منفتح عبر التركيز على نتائج الحوارات حول قضايا حقوق الانسان وتقديم المساعدات عبر برنامج حقوق الانسان وللمساعدة على ارساء حكم القانون والاصلاح القانونى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى والحقوق المدنية والسياسية والحكم الديمقراطى. ظلت مؤتمرات القمة الصينية الأوربية تنعقد سنويا حيث انعقدت القمة السنوية الأولى فى لندن أبريل 1998 والثانية فى بكين فى ديسمبر 1999 والثالثة فى بكين أيضا فى أكتوبر 2000 والقمة الرابعة فى بروكسل فى سبتمبر 2001. ولأن هذه القمم لا تقتصر فقط على التعاون الاقتصادى وانما تتناول قضايا واهتمامات فى مجالات عدة. وقد جاء فى البيان المشترك لقمة 2001 أن الأحوال المعيشية لمعظم سكان الصين شهدت تحسنا خلال العقدين الأخيرين كما أن الاصلاح الاقتصادى وسياسة التحرير قد أتاحت درجة متنامية من الحريات وتقرير المصير للافراد فى الحقل الاقتصادى والاجتماعى. كما أن المؤشرات تقول بأن نظاما قانونيا أكثر انفتاحا فى طريقه الى الظهور. وأشار البيان الى أهمية حكم القانون فى عملية تحديث الصين وفى اطار اندماج الصين فى النظام الاقتصاد الدولى الذى وجد اعترافا من السلطات الصينية. واتفق الطرفان على اجراء مشاورات وتبادل وجهات النظر بعمق على كل المستويات ولعقد الاجتماعات الدورية لكبار المسؤولين والخبراء فى العلاقات الثنائية ومسائل الأمن الدولى والأقليمى خاصة قضايا الاهتمام المشترك لمنع انتشار السلاح وضبطه ونزع التسلح وقضايا حقوق الانسان. وفى عام 2000 اتفقت الصين والاتحاد الأوربى على اتخاذ خطوات لمحاربة الهجرة غير المشروعة على الرغم من صغر حجم هذه الهجرة من الصين ولكنها فى تنام، والتجارة فى البشر. وبعد انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية تهدف اجتماعات القمة بين الصين وأوربا الى مناقشة التعاون المستقبلى فى اطار المنظمة ولتعزيز المنافع المتبادلة من التعاون عبر اتفاقيات ثنائية أو تعزيز الحوار حول عدد من القطاعات الهامة. وفى مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والأوربيين الذى انعقد بلاهاى فى ديسمبر 2004 ثمن رئيس الوزراء الصينى ون جياباو التعاون بين بلاده والاتحاد الأوربى ووصفه بأنه وعلى الرغم من الاختلافات فى وجهات النظر الا أن الطرفين لم يشهدا نزاعا حول المصالح الجوهرية وقال أن التعاون بينهما واسع فى منظوره وجيدا فى محتواه. وأكد أن الاتحاد الأوربى أصبح الشريك التجارى الأكبر للصين وأن الصين احتلت المركز الثانى فى الشراكة التجارية مع أوربا الموحدة. ومن ناحيته دعا مفوض التجارة بالمفوضية الأوربية للعمل فى مجالات تعاون جديدة مثل اتفاقيات حول الطاقة والنقل والعلوم والتكنلوجيا وطالب الصين بالاستمرار فى الاصلاحات الاقتصادية حتى يصبح اقتصادها بالكامل اقتصاد السوق الحر كما طالب الصين بالسيطرة على صادرات النسيج والتنبه الى حجم صادراتها من المنسوجات فى فترات معقولة. وفى رده طالب رئيس الوزراء الصينى الاتحاد الأوربى بالاحترام المتبادل والثقة والحاجة لمضاعفة الحوار بين الأطراف وطالب كذلك بفتح الاسواق الأوربية تماما أمام الصادرات الصينية ودعا الى رفع القيود عليها. وفى تقريره حول البعد اللاحق فى العلاقات الأوربية الصينية قال السيد غيرترود تومبل عضو مجلس ادارة البنك المركزى الأوربى فى 19 أبريل 2005:"يجب أن يفهم بالدرجة الأولى أن الصين أصبحت تحد للاقتصاد الأوربى وستعتمد التطورات المستقبلية بصورة كبيرة على السلوك الحالى لكل الأطراف الأوربية المعنية وهى الأفراد والشركات والاتحادات النقابية وصانعى السياسة، حيث لم يعد السلوك الحمائى الوسيلة المناسبة ولا المفيدة." وقد تم فى نهاية العام 2004 توقيع اتفاقيات بين الصين والاتحاد الأوربى حول الاستخدام السلمى للابحاث الذرية والعلوم والتكنلوجيا والتعاون الجمركى. وهناك اتفاقيات تتضمن التزامات سياسية مشتركة حول قضايا مهمة مثل حقوق الانسان وسلاح الدمار الشامل ومحاربة الارهاب والهجرة غير المشروعة. وتقود محصلة هذه الاتفاقيات الى تناسق عملى وتقييم للعلاقات على المستويات السياسية العليا. ولكن الصين ما زالت تواجه الحظر المفروض عليها من أوربا بشأن استيراد السلاح ذلك على خلفية الأحداث الدامية التى شهدتها تيانانمن ببكين فى العام 1989 بين الحركة الطلابية التى تنادى بالحريات وتحرير النظام السياسى وبالتغيير الجذرى للبروقراطية الصينية والمناداة بمحاربة الفساد والتضخم الحاد الذى ضرب البلاد وبين السلطات الصينية التى اغتالت الناشط هو ياوبانق. ووجدت هذه الحركة الطلابية المنادية بالديمقراطية التشجيع القوى من الأصدقاء فى هونق كونق وفى تايوان وفى العالم الغربى. وقد كان لانتشار استخدام الانترنت فى الصين انعكاساته الواضحة فى العلاقة بين المواطنين والدولة. وعلى الرغم من قلة نسبة المستخدمين للانترنت من جملة عدد السكان الكلى الا أن التزايد المتسارع واستخدام بعض المناهضين للنظام هذه الوسيلة بدلا من المنشورات والصحف الحائطية التى تنشر فى حائط الديمقراطية الذى أقيم فى عام 1978 فى جامعة بكين واتخذه سكان بكين الذين يدعون لاصلاح سياسى، سبب استخدام الانترنت تهديدا للدولة الصينية التى قامت بمراقبة وتنظيم خدمات الانترنت وأغلقت مئات المواقع على الانترنت ولكن الناشطين التفوا حول الاجراء واستخدموا مواقع عبر البحار للولوج للمواقع الحكومية . واستخدمت الحكومة بعض المواقع لمهاجمة الجماعة الدينية المسماة "فالون قونق" التى ظلت تنشر تعاليمها عبر الانترنت وتجمع المعارضة. وفى هذا الجو المشحون بالصراع حول انتهاكات حقوق الانسان ظلت أوربا توعد وتتردد فى رفع الحظر عن مبيعات السلاح للصين نتيجة للضغوط الأمريكية التى تمارس على الاتحاد الأوربى. واحتجت الصين على تأخير رفع الحظر ولكن أوربا لا تعوزها الذرائع. فالقانون الذى أصدرته الصين فى شهر مارس الماضى والذى يمنع أى توجه انفصالى شكل تهديدا مباشرا لجزيرة تايوان التى ظلت تسعى للاستقلال عن الصين الأم ولكن القانون يمنح الصين استخدام القوى العسكرية فى مواجهة تايوان ان هى أقدمت على اعلان الاستقلال. وأوربا تأخذ على الصين انتهاكاتها لحقوق الانسان فى اقليم التبت وتقمع الحركات الاستقلالية المتمثلة فى الحركة البوذية التى يقودها الداى لاما. واستمرار الصين فى قمع الأقلية المسلمة المسماة بالايغور وهى أقلية ناطقة بالتركية يبلغ تعدادها ثمانية ملايين نسمة تسكن فى اقليم كيسينجيانغ فى شمال غرب الصين الغنى بالنفط. ويقول تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش وفرعها فى الصين نشر فى نيويورك فى أبريل الماضى ان الحكومة الصينية تقود حملة قمع شاملة ضد المسلمين الايغور الصينيين تحت زريعة محاربة النزعة الانفصالية والارهاب. ويكشف التقرير القانون والنظام والسياسات المعقدة التى تحرم الايغور من الحرية الدينية وبالتالى حرية التنظيم والتجمع والتعبير والنشر ويطال التدخل القسرى حتى ممارسة النشاطات الدينية والمدرسية والمؤسسات الثقافية والمظهر والسلوك الشخصى..حيث تقول احدى الوثائق الرسمية الصينية "لايجوز للاهل والأوصياء الشرعيين السماح للصغار بالمشاركة فى النشاطات الدينية." ويقول المدير التنفيذى لمنظمة هيومان رايتس فى آسيا أنه فى حين يتمتع الأفراد بمجال أكبر من حرية العبادة فى أجزاء أخرى من الصين الا أن الايغور المسلمين يواجهون تمييزا وقمعا موجها من قبل الدولة. وتنظر بكين الى الايغور على أنهم تهديد عرقى قومى على الدولة الصينية، وترى فى الاسلام دعامة للهوية العرقية الايغورية. وأوربا من جهتها احتجت أيضا على تنامى حجم الصادرات الصينية من المنسوجات الى أوربا الذى أغرق السوق وحرم دولا أخرى مثل بنغلاديش وموريشيوس وأثرعلى دخل المنتجين. ولكن الصين ظلت تعالج الأمر بصبر وحكمة صينيتين حتى لا تعيق مشروعها النهضوى.. وحينما تنهض الصين يهتز العالم،،،

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved