مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

هل تتبخر آمال أوربا بالرفض الفرنسى للدستور؟ بقلم محمد يوسف حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/5/2005 9:53 ص

ما زال مشروع الدستور الأوربى الذى تسعى دول الاتحاد الأوربى منذ عرضه على رئاسة الاتحاد فى ايطاليا فى النصف الأول من العام الماضىلايجاد اجماع حوله يترنح بين تياري التأييد والرفض. وقد صوتت حتى الآن ستة دول لصالحه كانت آخرها اليونان التى صادق برلمانها على معاهدة الدستور. وتسعى الحكومة السويدية للمصادقة عليه بيد أن ست من سبع أحزاب تعمل على دفع الحكومة لتنظيم استفتاء حول الأمر بدلا من طرحه على البرلمان ماشرة. وانضمت مملكة هولندا للدول التى تتزايد فيها وتيرةالرفض للمشروع وهى تقبل على استفتاء عليه فى الأول من يونيو المقبل. وقد أظهر استطلاعين اجريا مؤخرا فى هولندا أن نسبة 52 الى 58% من شريحة الشعب الهولندى التى تم استطلاع رأيها قالت "لا" للدستور ولكن وزير الخارجية الهولندى بيرنارد بوت قال مطمئنا أنه ليس أكيدا فى الوقت الحالى أن هذه الاستطلاعات تعكس تعبيرا دقيقا للوضع وأن حكومته والحكومة الفرنسية يقومان فى الوقت الحالى باتاحة معلومات صحيحة حول الدستور وهذا ما يجعل الأغلبية تصوت لصالح الدستور لأن الناس ليسوا بلأغبياء فى هذه الامور المصيرية. أصعب ما يواجه الاتحاد الأوربى بشأن الدستور هو موقف الدول المترددة الكبرى فى الاتحاد وهى فرنسا وبريطانيا. فبريطانيا يقود فيها التيار الرافض للدستور معظم المؤسسات التجارية البريطانية الناجحة والاقتصاديين و105 من رجال الأعمال يمثلون 500 أعمال تجارية كبرى. وتجيء معارضة الشركات البريطانية الكبرى للدستور لأنها حسب قول مايكل سبنسر المدير التنفيذى لـ CAP أن الدستور يضر بالاقتصاد البريطانى وأن الاتحاد الأوربى يحتاج الى اصلاحات ليصبح أكثر منافسة، كما يبرر الرفض كذلك الى أن الدستور سيكون ضارا بالوظائف والازدهار وسيضعف الديمقراطية البريطانية. ويقول هؤلاء أن أوربا فى مفترق طرق ويقولون بأن الدستور سيجعل المشاكل الحالية أكثر سؤا ويجعلهم أقل استعدادا للمستقبل ولكنهم يؤيدون عضوية الاتحاد الأوربى . ويرى هؤلاء أن التصويت بـ"لا" سيخلق فرصة لأوربا للحوار حول اصلاح جذرى الذى تحتاجه للنجاح فى القرن الحادى والعشرين. والحكومة البريطانية نفسها منقسمة حول الدستور. ففى حين يرى وزير الخارجية جاك سترو أن الدستور انتصار لبريطانيا ولرؤية بريطانيا لأوربا وأن الدستور سيضع خطا تحت التكامل الأوربى وأن أى صاحب خبرة فى مفاوضات الدستور لا يرغب فى اجراء مفاوضات لاتفاقية أخرى، فى حين يرى رئيس الوزراء بلير عكس ذلك حيث صرح فى كارديف فى 28 نوفمبر 2002 بايقاف هذا العبث. ولكن السيد دينيس ماك شين وزير الشؤون الأوربية صرح فى 4 ديسمبر 2004 بأنه سيكون هناك عددا من الاتفاقيات الأخرى "ان أوربا مازالت بكرا ولن يكون الدستور هو الكلمة الأخيرة."
أما الموقف الفرنسى، فانه على خلاف الموقف البريطانى، رسميا يقف مع الدستور وشعبيا يتزايد رفضه للدستور مما سبب قلقا وارباكا للمسؤولين فى الدول الاعضاء الأخرى وفى مؤسسات الاتحاد الأوربى التى تسعى جميعها الى حث الناخب الفرنسى ليقول" نعم" للدستور. ونشر الرئيس الفرنسى جاك شيراك فى صفحته على موقع الانترنت أن الدستور الأوربى"تتويج لما يمكن تسميته بالرؤية الفرنسية لأوربا فى مواجهة الرؤية الأنجلوساكسونية لأوربا وتهدف الرؤية الفرنسية بصورة خاصة الى التجارة الحرة والعلاقات بين الحكومات والى السيادة. هذا الدستور طالبت به فرنسا وتم استلهامه بدرجة كبيرة بواسطة فرنسا وليس هناك من دولة أخرى لعبت دورا أكثر أهمية فى كتابة مسودته والتداول حوله مثلما فعلت فرنسا." وقال نيكولا ساركوزى زعيم الحزب الفرنسى الحاكم لوكالة فرانس برس فى يوم 27 يناير الماضى:"اذا صوت الفرنسيون بـ"لا" فى الاستفتاء سيكون البريطانيون الذين يودون سوقا للمنافسة الشرسة هم الرابحون"
ويرى رئيس الوزراء الفرنسى جان بيير رافاران أنه لا يزال من الممكن أن يصوت الفرنسيون بـ"نعم" فى الاستفتاء على الدستور الأوربى، على الرغم من استطلاع للرأى أشار الى أن معسكر الناخبين الرافضين للدستور المقترح عزز مكانته بتقدم بفارق عشر نقاط مئوية عن المؤيدين. ولكن رافاران يؤكد أن غالبية الشعب الفرنسى لم يدل برأيه ولم يحسم أمره بعد ولذلك يرى بأن النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات وأن الانتخابات والمناظرات الديمقراطية تحسم فى الاسابيع أو الأيام القليلة الأخيرة. وكرر ميشيل بارنيه وزير الخارجية الفرنسى تأكيده لأجهزة الاعلام بلكسمبورغ فى يوم 25 أبريل ان انفاذ الدستور الأوربى يتطلب مصادقة كل دولة من دول الاتحاد وعليهم استكمال عملية المصادقة فى كل هذه الدول مهما كانت اختياراتها. كما أكد قناعته بأنه ستكون هناك مفاوضات جديدة حالا فى حالة عدم مصادقة دولة على الدستور، ولا يتوقع اجراء أى اتفاق مع دولة لوحدها. كما أضاف أن هذا الدستور هو عبارة عن نتاج ثمانية عشر شهرا من المفاوضات ولا يتصور أن مفاوضات جديدة ستجرى بطلب دولة واحدة لأن ذلك ليس واقعيا. واستباقا لما يمكن أن يتمخض عنه الاستفتاء الفرنسى من رفض ناشد رؤساء أربعة دول أوربية هم مستشار النمسا ورئيس كل من فنلندا والبرتغال ولاتفيا فى اجتماعهم غير الرسمى فى يوم 25 أبريل بهلسنكى العاصمة الفنلندية الشعب الفرنسى للتصويت لصالح الدستور. وقال الرئيس البرتغالى يورخيه سامبايو يجب لأن تمضى عملية المصادقة على اتفاقية الدستور حتى ولو رجحت "لا" فى فرنسا. وأبدت قيادات عدد من الأحزاب الأوربية للسفر لفرنسا والمشاركة فى تعبئة الجمهور للتصويت لصالح الدستور. وفى فرنسا برر البعض رفضهم للدستور بحجة زعمهم أن الدستور يجعل من عملية الاجهاض عملا غير قانونى وأنه سيضعف العلمانية فى فرنسا ويرون أن الدستور سيفرض جبة ليبرالية ضيقة يلبسها أوربا. ويدعى البعض أن الدستور سيقود الى تفكيك الخدمات العامة ويدعو الى خوض الحرب فى حالة تعرض دولة من دول الاتحاد لاى هجوم.
واعتبر رئيس الاتحاد الأوربى جان كلود يانكر أن الولايات المتحدة سترحب برفض فرنسا الدستور الأوربى فى الاستفتاء المقرر نهاية شهر مايو المقبل وقال:"لا أعتقد أنهم فى الولايات المتحدة سيكونون غير سعيدين اذا رفضت فرنسا الدستور الأوربى." وأضاف يانكر الذى يشغل منصب رئيس وزراء لكسمبورغ، والذى عقد محادثات مع الرئيس الأمريكى فى واشنطون مؤخرا:"سيتماشى هذا مع فكرتهم حول أوربا الضعيفة لأنه سيحقق أكبر آمالهم للمستقبل" وأشار الى أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأنجلوساكسونية "لا تحبذ فكرة الدستور الأوربى وتقوية أوربا ورؤية أوربا تنمو لتصير قوة مسؤولة وقادرة." والمفوضية الأوربية التى تعمل جاهدة على اقناع الناخب الفرنسى بالتصويت الايجابى لصالح الدستور نفت فى 20 أبريل الجارى أنها تعمل على رشوة الناخبين الفرنسيين بتحمل تكلفة نفقات بطاقات السفر الجوى عبر الأطلسى لتمكين الفرنسيين الذين يقيمون فى أراضى فرنسية عبر البحار فى مستعمراتها فى جزر الكاريبى التى تعتبر جزءا من الاراضى الفرنسية للادلاء بأصواتهم ولكنها اعترفت بموافقتها على طلب فرنسى بمنح مساعدة للحكومة لتذليل مصاعب تواجه سكان مستعمراتها هذه للوصول الى أراضى الاتحاد الأوربى.
ولكن ماذا سيفعل الاتحاد الأوربى اذا وجد نفسه أما "لا" الفرنسية واقعا حقيقيا تمشى على رجلين فى شوارع بروكسل عاصمة الاتحاد وليست فقط كابوسا ليليا؟ ان أوربا تبدو عاجزة فى مواجهة الموقف السلبى الفرنسى. وظلت الأوساط الأوربية داخل المفوضية والبرلمان والمجلس الأوربى يرددون أنه لا توجد خطة بديلة للاتحاد الأوربى يمكنه اعتمادها فى حال رفض فرنسا للدستور. وصرحت السيدة مارغو وولستورم نائبة رئيس المفوضية الأوربية ان الاتحاد الأوربى لن يعيد صياغة الدستور فى حالة تصويت الفرنسيين عليه بالرفض. ويجتهد الخبراء الأوربيون فى تصور ما يعرف بالخطة (ب) أى الخطة البديلة التى تمكن العمل الأوربى من تجنب شلل شبه أكيد. وتتوقع الأوساط الاتحادية حدوث صدمة عنيفة على الصعيد الأوربى لأنه وللمرة الأولى لن تكون المؤسسات البيروقراطية فى بروكسل هى صاحبة القرار فى توجيه العمل الأوربى وأن المواطنين هم الذين سيكون لهم خيار الفصل فى نهاية المطاف فى هذه الحالة. وأوردت صحيفة ديمورغن البلجيكية أن عوامل لا علاقة لها بالأداء الأوربى وتعود للسياسة الداخلية لكل دولة هى التى توجه الناخبين. ولكن اشكالية تعامل أوربا مع القضايا الخارجية مثل التجارة مع الصين والسياسة الخارجية مع الولايات المتحدة وهو تعامل يتصف بالضعف يؤثر كثيرا على قرار الناخبين الأوربيين. ومن ناحية أخرى قال رئيس الوزراء البريطانى الاسبوع الماضى أن بريطانيا ربما تتخلى عن خططها لاجراء استفتاء على الدستور الأوربى اذا رفضته فرنسا الشهر المقبل. وتبقى الأيام حبلى بالجديد،،،



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved