السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

من يكشف غموض مذبحة سوبا بقلم ساره عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/31/2005 4:54 م

عندما وقعت مجزرة بورتسودان تسْاْْءل الناس لماذا لا تسبق الحكومة حملتها العسكرية باجراءات قضائية مثل أن يبلغ وكيل النيابة المواطنين المحتجين بضرورة انصياعهم لحكم القانون والا سوف يواجهون ردة الفعل العنيفة الممثلة باستخدام القوة من أجل حفظ القانون والابقاء علي هيبة الدولة ، ولا يعني استخدام القوة اطلاق النار فقط بل يمكن استخدام خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع واقامة الحواجز من أجل تقليل الخسائر بين المدنيين ، ولكن هذا لم يحدث في مذبحة بورتسودان ، فقد طلب والي البحر الاحمر من قوات الشرطة اطلاق النار علي الجموع الثائرة فوقعت المجزرة الاليمة ، فالولاة في عهد الانقاذ ينفذون قانون العدالة السريعة علي طريقة افلام الكاوبوي من غير أن يرجعوا لدوائر القضاء ولذلك كثر حدوث هذه المجازر في الاونة الاخيرة ، والطرف الخاسر من هذه النزوات هو المواطن أولا وأخيرا ، وذلك لأنه فقد الثقة تماما في جهاز الشرطة وفقد قضيته التي كان يطالب بها قبل وقوع الاحداث ، ففي احداث بورتسودان خرجت الجموع من أجل المطالبة بتحسين أوضاعهم المتردية ، ولم يطالبوا بتقليص الاسعار أو بزيادة المرتبات كما كان يحدث سابقا ، فقد أعفيت الانقاذ من هذه المطالب منذ مدة طويلة ، وطالب الاهالي في بورتسودان بتوفير فرص عمل عادلة في الميناء ، و زاد حنق الناس عندما جلبت الدولة العمالة الاسيوية الرخيصة لتحل مكان أبناء المنطقة المعنية بهذا النشاط ، فأحفاد عثمان دقنة لن يصعب عليهم العمل في البناء ورصف الطرق ومد الجسور ، ولكن النظام لا يثق في أبناء المنطقة ولذلك عمل علي اقصائهم ، وكلنا نعلم أن مناطق الشرق الواقعة علي الساحل تعاني من التهميش والفقر المدقع علي الرغم أن ميناء السودان البحري الوحيد يقع في منطقتهم ، وكل نعلم المبالغ الخيالية التي يدرها هذا الميناء في ميزانية الدولة ، فالدولة تفرض جمارك باهظة علي الواردات تصل أحيانا الي خمسة أضعاف القيمة وتتقاضي أيضا اجور رسو السفن الاجنبية وذلك غير حركة الصادرات والتي زادت بعد مد خطوط تصدير النفط ، وهناك ايراد اخر سري اخري يدخل في الخفاء في جيوب رموز النظام ولا أحد يعلم عنه شيئا وهو تأجير ميناء بورتسودان للسلطات الاثيوبية ، فبعد خسارة اثيوبيا لميناء مصوع نتيجة لحربها مع ارتيريا أتجهت أثيوبيا الي استقبال وارداتها وارسال صادراتها عن طريق ميناء بورتسودان ، ولا بد أن يكون هناك ثمن مجزئ مقابل هذه الخدمة فالانقاذ لم تألف منح الهبة أو اعطاء الصدقات ، فهي كيان اقتصادي مبني علي الاخذ و جمع الثروات دون الالتفات الي أخلاقية الوسيلة التي يتم بها ذلك ، ولكن ما حدث أن أهلنا في الشرق نالوا حظهم من الرصاص من غير أن تتحقق مطالبهم ، واصبح الهم الان هو معرفة الجاني الذي مارس القتل علي الجميع فأهملنا المطالبة بضرورة تحسين الاحوال ، فبدلا من المطالبة بتوفير فرص العمل أصبحنا نتحسس رؤوسنا وأرجلنا لنري اين أصابتنا الطلقات ،فقد غير الحل الامني مجري الامور وخفض سقف المطالب وابقاها علي ما كانت عليه قبل حدوث المجزرة ، وأتجهت الامور الي الاسوأ بعد أن أستقدمت الولاية المزيد من العناصر الامنية من أجل حماية بورتسودان من اهلها ،
وفي احداث سوبا الاخيرة قاد الوالي المتعافي الجميع الي قعر الهاوية ، فحدثت المواجهة الاليمة وسقط عدد من المواطنين ورجال الشرطة قتلي في معركة لا تعنيهم من قريب ولا من بعيد ، ولم يحدث في تاريخ السودان أن فقدت الشرطة السودانية هذا العدد الكبير من الضحايا وهي تؤدي واجبها ، ولكن هناك من يستخدم الشرطة في أعمال القمع والقتل كما يحدث الان في العراق ، في ايام صدام حسين لم تتورط الشرطة في أعمال التعذيب والقتل الجماعي وتركت تلك المهام القذرة لفدائي صدام والحرس الجمهوري ، ولذلك كانت الشرطة مهابة ويحترم الشعب سلطتها ، وما حدث بعد سقوط نظام صدام هو اقدام قوات الاحتلال والحكومة الانتقالية علي استخدام الشرطة في اعمال المداهمة والحرب ، فدفع رجال الشرطة حياتهم ثمنا لأخطاء الساسة ، ولا يمر يوم في العراق والا وقتل فيه شرطي أو اثنان نتيجة للمواجهات الدامية التي زجوا فيها بلا سبب .
وفي احداث سوبا طالب الناس أيضا بممارسة القضاء لدوره في هذه الازمة ، وعند الاجتياح الاول للمعسكر لم تكن السلطات القضائية موجودة وبذلك أعتبر أن أمر اخلاء المنطقة تم بناء علي رغبة الوالي وليس بناء علي حكم قضائي صادر من المحاكم ، وقد تداركت الدولة هذا الخطأ في حملة ( البرق ) الثانية فأصطحبت معها في هذه الحملة عشرون وكيل نيابة و خمسة عشر قاضيا من أجل أطفاء الشرعية علي عمل قوات الشرطة ، ولكن ما حدث كان اسوأ من السابق ، حيث كانت الاعتقالات عشوائية وحملات الدهم والتفتيش تجري من كوخ الي اخر من غير استئذان السكان ، وحوصرت المنطقة وسدت المنافذ وتم استخدام الكلاب البوليسية في المداهمات وهذا أمر حتي الدولة العبرية لم تقم به ، وأصبح المواطن كالمستجير من الرمضاء بالنار ، فبدلا أن يساعد القضاء علي تأكيد العدالة أصبح مجرد شاهد زور يشرع لانتهاك قيمة العدالة ، فقد زعم مولانا أحمد هارون أن الشرطة في تعاونها مع الاجهزة القضائية نجحت في مهامها الامنية وتمكنت استرداد جميع الغنائم التي سلبها المواطنون ، وأستعادت حتي قلم ( المتحري ) الذي كان يكتب به ، ولكن نحن نسأل مولانا أحمد هارون لماذا لم تتمكن هذه التشكيلة الثنائية المكونة من القضاء والشرطة من تقديم أفراد الشرطة الذين قتلوا ثمانية عشر مواطنا في بورتسودان ، فلنترك قضية دارفور جانبا لأن عدد الضحايا الذين سقطوا هناك يمثلون أكثر من نصف سكان دولة البحرين ولم تتمكن الشرطة ولا القضاء الانقاذي من تقديم الجناة الي المحاكم ، وذلك لسبب بسيط أنهم كانوا شركاء في هذه الجريمة ، تحركت الشرطة في سوبا وأستعادت مسروقاتها واستلم المتحري قلمه الثمين ولكن كان الغرض من الحمله هو اعادة الهيبة للشرطة وتأكيد سطوتها ومقدرتها علي الانتقام لمقتل افرادها ، أما اذا كان الضحية هو المواطن فلن تحدث هذه الضجة ولن يتحرك أحد من أجل الثأر لكرامة المواطن واعادة حقوقه المسلوبة حتي ولو كان المفقود هو حياته الغالية ، أن هيبة رجل الامن لا تكمن في السلاح الذي يستخدمه ولكنها تكمن في كيفية استخدامه لهذا السلاح من أجل حماية القانون ، ففي العراق لا ينقص الشرطة السلاح والذخيرة والدروع ولكن ذلك لم يمنع المهاجمين من الوصول اليها واحداث الخسائر بين صفوفها ، ولقد شكر مولانا أحمد هارون أجهزة الاعلام السودانية لأنها وقفت مع الشرطة في هذه المعركة ، وما فات علي أحمد هارون أن الاعلام السوداني منذ ايام ( ساحات الفداء ) لم يتخلف عن معركة واحدة من معارك الانقاذ ، ولكنه أعلام لا يعكس الحقيقة بقدر ما هو يعكس رؤية الدولة للأمور ، فقبل أيام شكا الصحفي الانقاذي عثمان ميرغني من الرقابة الامنية علي الصحف، ووصل الامر الي منع الصحف من نشر أي تقارير تتعلق بالارتفاع الجنوني لاسعار الاسمنت ؟؟ في السابق كانت الرقابة تمنع نشر الاخبار التي تتناول الامن الوطني وأسرار الدولة العليا ، ولكن يبدو ان تجار الجبهة قد سيطروا ايضا علي جهاز الامن وحولوه الي شرطة من اجل المحافظة علي الاسعار التي فرضوها علي الناس في الاسواق ، ودولة تخاف من صحافتها الداجنة والمستأنسة في الداخل يروعها أن تكتب ( منظمة أطباء بلا حدود ) عن الاغتصاب الممنهج في دارفور ولذلك أقدمت علي اعتقال أحد موظفي هذه المنظمة وأتهمته بفبركة تقارير الاغتصاب ، ولماذا لم تكن التقارير التي نشرتها مجلة النيوزويك بخصوص تدنيس المصحف الشريف في غوانتاموا مفبركة ؟؟ ولماذا نصدق تقارير منظمات حقوق الانسان العالمية عندما تطرقت الي التجاوزات التي حدتث في سجن أبو غريب ؟؟ أنه نفس اللسان ؟؟ فلماذا يصبح صادقا ومقبولا اذا أنتقد الولايات المتحدة وكاذبا ومرفوضا اذا أنتقد نظام الخرطوم ؟؟ ان معايير منظمات حقوق الانسان ثابتة لا تتغير حتي ولو كانت الدولة المتهمة قوية ومهابة مثل الولايات المتحدة وذلك لأنها لا تعبر عن راي الدول والحكومات .
في برنامج الواجهة والذي أعده البلال كشف حقائق كبيرة لم تكن مطروحة في السابق مثل دور شركة سندس في هذه الصفقة ، فلقد أتضح أنها هي الجهة التي قامت ببناء المخطط الجديد للنازحين وليس وزارة الاسكان كما أشيع في السابق ، وهذه الشركة باعت للحكومة المخطط السكني الجديد بسعر ان لم تخني أذناي يصل الي 6 مليار جنيه ، وكشفت تفاصيل هذه الصفقة في المداخلة الهاتفية التي قام بها مسؤول وزارة الاسكان بالانابة موسي محمد ، وكان هناك تناقض في سرد الاحداث ، فمدير شرطة ولاية الخرطوم اللواء طارق عثمان يري أن سكان المخيم هم من النازحين من شرق وجنوب وغرب السودان والذين جاءوا الي المنطقة فرارا من الحروب ، وزعم أن هولاء الناس حديثي عهد بالقانون والنظام وكانوا في السابق يتحاكمون الي نظام العشائر والادارة الاهلية ولذلك قاموا بمواجهة الشرطة ، ولكن هذه النظرية دحضها مسؤول الاسكان وقال أن هلاء الناس ليسوا بنازحين بل هم مواطنيين عاديين تعدوا علي أملاك جامعة الخرطوم ، وهذا التناقض في الروايات أيضا يقودنا الي طرح أسئلة مهمة وهي أين موقع جامعة الخرطوم من هذه الازمة وهي الجهة التي سلبت أرضها ؟؟ فهل قامت الجامعة برفع مذكرة قضائية ضد هولاء المواطنين وطلبت منهم اخلاء المنطقة ؟؟
وهناك بعض الغموض التي يكتنف ملابسات هذا الحادث والمغزي الامني من عملية الاجتياح الثانية ، فقد أعترفت السلطات باعتقال 89 مواطنا شاركوا في قتل رجال الشرطة ، وقد صنف اللواء طارق عثمان المعتقلين كما يلي :
معتقلين شاركوا في النهب وهولاء هم الغالبية ( وسوف نفترض أن عددهم 40)
معتقلين كانت لهم مخالفات قانونية أخري لا علاقة لها بحادثة الاعتداء ( وسوف نفترض ان عددهم 10)
معتقلين شاركوا في الاعتداء بصورة عامة مثل قذف نقاط الشرطة بالحجارة من بعيد ولكنهم لم يشاركوا في القتل ( وسوف نفترض ان عدد هولاء ايضا 10)
معتقلين شاركوا في الاعتداء بصورة مباشرة وقاموا بقتل رجال الشرطة وهولاء سوف نفترض أن عددهم 29 مواطنا وهو رغم أكبر من الذي أذاعته السلطات والذي يتراوح بين 5 الي 15 مهاجم .
فاذا أفترضنا أن قوات الشرطة الموزعة علي المراكز الثلاثة داخل المخيم كان عددها 15 فردا ، اي أن كل خمسة افراد يحرسون مركزا واحدا ، وحسب ما شاهدت في برنامج الواجهة أن كل مركز كان يحتفظ بسيارتين وجهاز ردايو وذخيرة حية ، فالمعضلة كيف تمكن هولاء المهاجمين والذين لا يزيدون عن 15 فردا وهم يستخدمون الاسلحة البيضاء من الاستيلاء علي المراكز الثلاثة في وقت واحد وقتل جميع الذين كانوا متواجدين بداخلها ، هناك الكثير من الغموض الذي يحيط بهذه القضية ولم يفلح الاعلام حتي هذه اللحظة من ربط خيوط القضية بشكل يجعلها قابلة للتصديق ، وفي كل يوم نكتشف أمرا جديد وكل ما نريد أن نعرفه الان هو كيف قتل افراد الشرطة وبأي طريقة ؟؟ ولماذا لم تتدخل الوحدات المرابطة قرب المخيم في الوقت المناسب من أجل انقاذ رفقائهم المحاصرين داخل المخيم ؟؟ لماذا انتظروا هذا المسلسل ليختم حلقته بسقوط هذا العدد الكبير الضحايا ؟؟ فرجال الشرطة داخل المخيم كانوا يملكون جهاز راديو يمكنهم من الاتصال بقيادتهم مع شرح طبيعة الظرف الذي كانوا فيه ،
ولكن من خطط لهذه الازمة كانت لا تهمه النفوس التي قتلت و كان همه الحصول علي الارض بأي ثمن ، يا تري بعد انتهاء هذه الازمة لمن ستؤول ملكية هذه الارض ، هل ستعطي للعقيد الليبي ليبني فيها احد أبراجه الشاهقة ، أم انها سوف تعطي لشركة المكيرش لبناء فلل سكنية جديدة ، وربما تمنح لمنظمة الشهيد لتشيد فيها مستوصفا طبيا يدر المال الوفير للشهداء الاحياء ، ولكن يجب أن تستحق أرض هذا المخيم ثمنها لان الدم الذي أريق فيها لم نسكبه حتي في تحرير القدس ، فليهنأ المتعافي بأراضي الدنيا الجديدة والتي خضبتها الدماء وليعلم أن ما يحتاجه الانسان من كل أرض الدنيا هو ما ما حدده الاديب تولستوي عندما قال :
(only one Meter , that what the man needs from the whole land )

ولنا عودة


[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved