مشاكل النظرية الاقتصاد:
ما يدرس في الكليات الغربية من علم اقتصاد، وفي دول العالم الثالث بالتقليد والمحاكاة، هو "أيديولوجية" وليس علم أو علمية. هذه "الأيديولوجية" منحوتة بذكاء بحيث يستفيد منها واضعوها أنفسهم. تهتم بالموارد أكثر مما تهتم بالبشر أنفسهم، وتهدف إلى تكثيف الثروة في أحد صورها وهو المال، وبحيث تقول: إذا لم تبع قوتك الذهنية أو العضلية في سوق العمل أو إذا لا تمتلك وسيلة إنتاج ليس من حقك أن تعيش.
قارن ذلك في السودان في الجنوب أو في الغرب أو الشمالية عندما تزرع العائلة أو تنتج ما يكفيها، أو تنتج تلك الحيوانات، أو في الشمال حيث لا يخلو بيت من فرن، دون حاجة لذلك السوق الرأسمالي، تكتشف أن الدول الغربية تلعب أيضا لعبة ثقافية عندما تدفع بوتائر عالية لتحطيم الأطر الاجتماعية-الإقتصادية التي هي جزء لا يتجزأ من الثقافة المحلية أو الوطنية في العالم الثالث. يرغبون أن تتحول مجتمعاتنا على غرار مجتمعاتهم حتى تكتمل الدورة الإقتصادية لصالحهم.
لو أغلقنا على السودان بالمفتاح:
تخيلوا معي السودان مغلق بالضبة والمفتاح، ولم تدخله الرياح الخارجية بالتغيير، مثل الاستعمار، أو هجرة السودانيين للخليج، أو للخارج عموما..لكان السودانيون في أحسن حال بقيمهم تلك البسيطة، وتقاليدهم المحببة، وتعودهم على الفقر والقشف، ولكن..بالرغم من أية شيء هؤلاء البسطاء يعلمون جيدا أن عليهم أن ينتجوا لأنفسهم، هذه بديهية ضرورية يدركونها بفطرتهم واكتسبوها بالغريزة بعلاقتهم بالطبيعة مباشرة.
ولكن مع دخول الرياح الخارجية مثل الاستعمار البريطاني، ودخول التعليم والمدارس بهذه الكيفية، وتمدد المدن وتضخمها، وزيادة عدد السكان، تشوه الوعي وأصبح هجينا. رجل المدينة أنقطع فيه ذلك الحس بأهمية الإنتاج، وفي الواقع لا يعرف ماذا ينتج، لأن حتى المدن الضخمة في السودان لا تختلف عن كونها قرية كبيرة تتميز بتلك الأضواء والضوضاء، ولا شيء آخر. حتى التعليم يساعد على هذه الوضعية يخلق أفندية..! فكيف يعول هذا الشخص في المدينة نفسه سوى عبر التكافل العائلي؟ وهنا، أصبح "للنقود" وضعية عليا إذ هي التي تحل مشاكله، وليس الكوريك أو المنجلة، فإذن كيف يتحصل على نقود – هذه مشكلة رجل المدينة! في سابق الزمان، قبل ثورة الإنقاذ، كانت الدولة كريمة، والطبيعة رخية، الكل يتوظف في دواوين الحكومة، حتى ولو لا يعملون أية شيء. ولكن مع ثورة الإنقاذ، وتحرير الاقتصاد، وخصخصته، ورفع الدولة يدها عن تلك "التذكرة" المجانية أختلف الأمر، لقد فطم الشعب السوداني مثل الرضيع، ولكن فطام بالصدمة!!
إستدراك:
سنلاحظ بعض النقاط فيما سبق ونلخصها في التالي: أن الدول الغربية تتدخل بشكل أو بآخر، وتعمل كل الحيل لكي تتدخل في شؤون حياتك رغما عن أنفك، عجلة التغيير تسير بسرعة لا يد لك فيها، وكذلك مؤسسة التعليم السودانية متخلفة، وهي إحدى مشاكل السودان الرئيسية. الخرطوم أصبحت بلاعة الدخل القومي، واكتفت بذاتها، فلها مزارعها، وإنتاجها الحيواني..الخ إلى درجة أن سكان شندي مثلا يستوردون البيض من الخرطوم، علما أنه في كل أنحاء العالم تمد الأرياف المدن بالمنتجات الزراعية والحيوانية إلا السودان، ومثالها الخرطوم!
هذه هي الصورة المبسطة للخريطة السودانية، ولقد فعلت ثورة الإنقاذ الكثير لتغيير هذه الصورة، ولقد ركزت على بناء البني التحتية، وبناء الفيدراليات، وتوزيع التنمية في الأقاليم، واستخراج البترول..الخ وفعلت مشكورة الكثير والكثير للسودان، ولكن تبقى هنالك هنات كثيرة يجب معالجتها، وهي ما ستحاول هذه المقالة معالجته.
الترابي وذبابته:
وحتى إلى الانقسام الإسلامي واعتقال الشيخ الترابي في 21 فبراير 2001م على أثر وثيقة التفاهم مع الحركة الشعبية لم يك للدول الخليجية استثمار واحد في السودان قط. إلى حتى هذا التاريخ لم يكن للخليج أية استثمارات في السودان. ربما فقط مشاركة دولة قطر ببعض الأسهم في شركات البترول بنصيب صغير، وبعدها خرجت من السودان بعد أن باعت أسهمها. ومعنى ذلك أن الهجمة الاستثمارية الخليجية التي اكتسحت السودان هي بالتمام في الأربعة سنوات الأخيرة 2001-2005م.
وهنا لدينا وقفة صغيرة، هل كان الشيخ الترابي هو العقبة؟ ولماذا؟ نعم الشيخ الترابي هو العقبة، بل هي أفكاره الإسلامية التي تهدد حكم العوائل في الخليج، وتهز من أركان المذهب السني ومدرسة الخلافة التاريخية ولكن معظم المسلمين التقليديين في السودان لا يفهمون هذه النقطة بسبب الأمية الإسلامية. فالغضب الخليجي على الشيخ الترابي وحركته لم يتأدب ولم يداري ولم يجامل، فإضافة للتكفير وصل بهم الحال من العدوان أن يسلح بندر بن سلطان الدكتور جون قرنق بسفينتين محملتين بالسلاح، فدول الخليج ليست فقط ترغب في قطع رأس الترابي بل أيضا تدمير حكومته الإنقاذية وتدمير حركته الإسلامية.
ولكن، بشكل موازي، أيضا في هذه الأعوام 2001-2005م نشاهد ظهور اليورو، وانحدار قيمة الدولار وانخفاض سعره 40% وقد ينخفض إلى أكثر من ذلك، وكذلك ارتفاع سعر برميل الزيت 60%. وبما أن دول الخليج لديها ما لا يقل عن 500 بليون دولار في صورة سندات الخزانة الأمريكية كاحتياطي دولاري، واليابان حوالي 750 بليون، والصين أيضا بما لا يقل عن هذا المبلغ، فهؤلاء يلهثون لهثا للتخلص من دولاراتهم المعتقلة في وزارة الخزانة الأمريكية في شكل سندات (مثل شهادة شهامة وشمم السودانية) لكي لا تتآكل أو تلغيها الولايات المتحدة by default لعدم القدرة على السداد. فهل لهذا السبب تهرول دول الخليج للاستثمار في السودان؟ نعم، هذا سبب حقيقي، وينطبق على الصين.
يمكن القول أن السببين لعبا دورا كبيرا وبنفس القدر، فذهاب الشيخ الترابي وتجميد حزبه وتعطيله سياسيا، وظهور عملة اليورو والرعب الذي تملك الأثرياء الخليجيين لعبا الدور الرئيسي في دخول دول الخليج مستثمرة في السودان. فمن شروط دخولهم، أو شرط رضائهم عن السودان إضافة للتنكيل بالشيخ الترابي وحركته هو فتح الباب للسلفيين الوهابيين وتنظيم الأخوان المسلمين الكلاسيكي. ففي مقابلة صغيرة لا تتعدى العشرة دقائق عملت قناة الجزيرة مقابلة سريعة مع الرئيس البشير، وسألته لماذا حل منظمة الفكر الشعبي العربي الإسلامي وأنتزع مبناها فقال الرئيس البشير أن دول الخليج غير راضية عن هذه المنظمة ولا عن الترابي.
اليوم ماذا نرى؟ يذبح الأمريكيون الفلسطينيين، والعراقيين، والأفغان، ويدنسون شرف العراقيين والعراقيات في سجن أبي غريب، ويستحلون المسلمين في غوانتيمالا ويقذفون بالمصحف في التوليت، ويلعبون في السودان، ويهددون سوريا وإيران، ولبنان..الخ وعليك أن تسأل أين المسلمون؟ ستفهم فورا لماذا ضغط الخليج لعزل الترابي وإنهاء منظمته "الإرهابية"! ستجدهم يصمتون مثل صمت القبور في دول الخليج العربية خوفا على دولاراتهم في وزارة الخزانة الأمريكية. وبعد أن حلوا منظمة الترابي التي تعبر عن الشارع الإسلامي يهرول الإسلاميون السودانيون من أمثال عصام البشير وشركاه نحو الخليج، وتنهال الدولارات الأمريكية..! ستكتشف أن غضبة الأخوان المسلمين الكلاسيكيين وأتباعهم السلفيين على الترابي وتنظيمه أنه يحرمهم من الدولارات الخليجية!
يقول عصام البشير: (أتصور أن الترابي لم يعد الرجل المناسب للممارسة السياسية في إطار وضعية تمكنه من تقديم برنامج …) (فأنا لست مع محاكمة الترابي - أنا مع إخراجه واعتزال العمل السياسي مع عدم المحاكمة - ولكن لا يمكن إن يخرج الترابي بدون ثمن…) - (ثمن حرية الترابي اعتزاله العمل السياسي) د. عصام احمد البشير وزير الأوقاف في حديث مع صحيفة الخليج نقلته الوفاق العدد : 1187 الأربعاء 7/ربيع أول /1422هـ - 30/5/2001م.
ويقول عصام البشير مرة أخر: (أن الاتفاق مؤسف لأن حركة التمرد عطشة للدماء ولا تستجيب لنداء السلام وإنها لم تخرج من اجندتها الحربية الاستئصالية وبالتالي فان الحوار من اجل إقناعها بالسلام فهذا أمر مقبول ولكن التفاوض من اجل تقويض النظام وأمن المجتمع فذلك مرفوض عن منطق الدين والشرع والأخلاق وعلى الترابي أن يقلع عن ذلك ويعود إلى رشده لأن ذلك الاتفاق يشكل وصمة في جبين الوطن…) دكتور عصام احمد البشير وزير الأوقاف والإرشاد صحيفة الأسبوع : العدد 1779 - 25/2/2001م.
أما الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد فيقول: (إن مذكرة التفاهم التي وقعت بين المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور الترابي وحركة التمرد بقيادة قرنق إنها في عمومها خارجة عن إرادة الشعبي بل ضد إرادته وأن هذه المذكرة بوصفها وبنودها تجر السودان إلى أن يحكم علمانياً، وبموافقة المؤتمر الشعبي). (وأضاف في تصريحات (للأنباء) أن المذكرة تعتبر خيانة لكل دماء الشهداء في القوات المسلحة والدفاع الشعبي، وأبان أن هذه المذكرة لا تبرأ من التدخل الأمريكي الإسرائيلي لأنها تتضمن بنوداً سرية ولم تتحدث عن السلام أو وحدة السودان.) الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد: زعيم الأخوان المسلمين الأنباء العدد 1321 - 24/2/2001م.
ويقول شيخهم: (وفي تقديري أن هذه المذكرة مذكرة خروج وتمرد على الوطن والشعب والدين..وهكذا يطرح الذي خفا زمناً طويلا من ممارسات الترابي والذي لا يحتاج إلى كثير إيضاح..) الصادق عبد الله عبد الماجد زعيم الأخوان المسلمين الصحافة العدد: 2830 - 24/2/2001م.
ويقول: (ليس من أحد دون آخر يمكنه إلا أن يقرر في شهادة له أمام الله بأن مذكرة التفاهم المشؤومة قد جرت على انكسار القائمين بها والمؤيدين في تثاقل غريب والمدافعين ولكن في انكسار جلبت عليهم أولا وعلى الثبات على الواقع الذي تمثل في ردود الفعل الثائرة على فداحة الموقف الذي طغت به القيادة المسؤولة في الوطني الشعبي الشعب السوداني كله وأرسلت من كنانتها سهاما مسمومة لم يجد معها الكثيرون من المنتمين إلا أن ينفضوا عنهم ثوب الانتماء إلى الحزب ويعذروا إلى الله بأنهم يوم تسربلوا بعضويته لم يكن ببالهم أو عقلهم ولو من بعيد أن موقفا كالذي حدث مع قرنق يمكن أن يكون يوما ولو خيالا جزءً من سياسة وبرنامج الحزب) ويضيف (ذلك هو الذي كان يعمر قلوبهم ويريهم الجنة أقرب إليه من حبل الوريد إن هم وجدوا في قيادتهم إذنا بالخروج، وكنت وما زلت آمل في أن يفتح الله بالحق وبين هذا الشباب وبين قيادتهم ليروا الحقيقة والحق حقاً يسألون الله بها أن يرزقهم اتباعها ويسدد على طريقها أقدامهم لا أن يكون فيما حدث من أمر مذكرة التفاهم مجالاً للدفاع عن حقيقة ما استطاعت هي إن تحجب نفسها وما علق بها من أو شاب أقرب للخيانة) (أيها الشباب في الوطني الشعبي إن تعاملكم مع الله هو طريق معرفة الحق. ومراجعة الحق خير في التمادي مع الباطل)…(فالحق أحق أن يتبع فهذه المذكرة باطل ينبغي أن يزهق وألا تمتد إليه يد بالتعليل والتبرير فان موقفاً من هذا لن يرفع بل يحط من قدر كل من يتصدى لذلك)…الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد (ما قل و دل) أخبار اليوم العدد 2279 - 28/2/2001م.
ولا ينسى الماضي: (ووصف حل الترابي للجبهة الإسلامية القومية بمفرده انه خيانة لله والرسول والإسلام) (مؤكداً دعم الأخوان المسلمين وتأييدهم لمسيرة التغيير التي قادها الفريق البشير منذ الرابع من رمضان وحتى الآن) (وقال انه لا فكاك للترابي من هذه المسئولية التاريخية مهما هاجم البشير مبيناً انه أول من ضرب العمل الإسلامي واعدم حركته بليل لم يسبق له مثيل..)..صادق عبد الله عبد الماجد، زعيم الأخوان المسلمين…بعد عودته من مؤتمر إسلامي في الكويت في تصريحات صحفية…الوفاق: العدد 843 - ص 2 الأحد 18/صفر/1421هـ - 21/مايو/2000م.
ولا تستغرب كون الشيخ الصادق كان في الكويت، فحتى عندما عمل الشيخ الترابي تلك المصالحة مع نظام النميري في 1979م كان الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد غائبا في الكويت. وأحتج الشيخ الصادق أنه لم يخطر بالمصالحة مسبقا فأخذ يشاغب..ففصله الشيخ الترابي وفصل معه عصام البشير ودكتور الحبر...وحقيقة، فصلهم لأنهم سلفيون يتمسحون بدول الخليج. وإلى اليوم وزير الأوقاف السوداني هو عضو بمكتب الإرشاد الدولي لتنظيم الأخوان المسلمين الكلاسيكي، وحتى عام 2001م كان يحوم في أوروبا والولايات المتحدة يحاضر أعضاء تنظيمه أن جناحي الإنقاذ يتهاويان، فكيف يسمح الشعب السوداني أن يوزر وزيرا له اجندته الخارجية؟ الذي يمول تنظيم الأخوان المسلمين الكلاسيكي هما الجمعية الخيرية وجمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتيتان.
وبعد أن أفرج عن الشيخ الترابي، أعتقل للمرة الثانية، وكان وفد وساطة إسلامي ضم علماء من اليمن والسعودية والأردن وباكستان يقودهم القرضاوي قد زار الخرطوم في أبريل 2002م، واجتمع مع البشير والترابي، ووضع الوفد أفكارا من أجل الإفراج عن الترابي، منها اعتزاله العمل السياسي، إلا أنه رفض هذه الفكرة. وتلاحظ أن فكرة اعتزال الشيخ الترابي هي فكرة تنظيم الأخوان المسلمين الكلاسيكيين، ليس فقط تبناها القرضاوي، بل أتى الشيخ حمد بن جاسم آل الثاني، وزير خارجية قطر للخرطوم بنفسه في رحلة ماكوكية جيئة وذهابا في نفس المساء، عرض على الشيخ الترابي أن تضع قطر في يده عدا ونقدا 750 مليون دولار يعمل بها ما يشاء في الدعوة الإسلامية في السودان على شرط أن يعتزل العمل السياسي..فرفض الشيخ!! فبالله من من هؤلاء المتأسلمين في الخرطوم لو عرض عليه هذا العرض يرفض؟ بل أسأل كم يكون ثمنه؟
التحليل:
لا شك أن تنظيم الأخوان المسلمين الكلاسيكي لعب دور العراب المالي ما بين جناح المؤتمر الوطني ما بعد الانقسام ودول الخليج. ودخلت في نفس هذا الخط أو نفس اللعبة المالية عصابة مايو، لأن نفس هذه العصابة لها أيضا علاقات قديمة مع دول الخليج. لقد جمع المايويون أنفسهم وشكلوا بشكل سري شبكة مثل الجمعية الماسونية تحت أسم حزب، هدفها هو تقوية مصالحهم المالية والوظيفية والاستفادة من الجميع، يميلون مع الريح. ولعبوا مع الأخوان المسلمين الكلاسيكيين الواجهة المالية financial interface ما بين المؤتمر الوطني ودول الخليج. فمنذ 2001م اصبح داخل الخدمة المدنية شيء واحد: الاستفادة من الموقع الوظيفي لعمل بزنز business بشكل خلفي مع دول الخليج، عن طريق أبنائهم، أو أصهارهم أو أقاربهم..الخ. كل ما تم من منشآت وخصخصة "وتنمية" (!) تم بهذه الطريقة إلا القليل النادر، مع كل التبريرات العقلانية لأنفسهم أنهم يعملون شيء جيد للبلد، وأن الشعب السوداني لا خير فيه، كسول، وحرامي، ويفشل أية مشروع!! وبالطبع من دون علم الرئيس البشير. الرئيس عمر حسن أحمد البشير رجل نظيف. السيد الرئيس يرى أشياء تتحقق ويعتقد إنها تنمية ولا يدري ماذا يدور في الخلف...!!
المخلصون في المؤتمر الوطني يدركون أن هنالك فساد، وكذلك يرون هنالك أشياء عمرانية تقوم، ويعتبرونها عزاء لهم في مواجهة خصمهم الشيخ الترابي، ولسان حالهم: مجبر أخاك لا بطل!
التحرير الاقتصادي:
التحرير الاقتصادي أدار دفته بشكل رئيسي الدكتور عبد الرحيم حمدي. ففي أكتوبر 1989م عقد مؤتمر اقتصادي أعد خطة تسمى البرنامج الثلاثي ويشمل تحرير الاقتصاد، مع التوصيات..الخ، وعندما وزر عبد الرحيم حمدي وزيرا للمالية، بعد أن كان يعمل ببنك البركة الدولي في لندن، أنتقد هذه التوصيات، وعلى حسب قوله قد وجد في التوصيات الكثير من التناقضات، فأخذ يبشر برؤيته الإقتصادية الخاصة لهدم تلك التوصيات في محافل الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات المؤتمر الوطني، والدوائر الحزبية..الخ، ورغم الموافقة المبدئية للتحرير من قبل الترابي والبشير، لكن التعقيدات التفصيلية وما قد تؤدي إلى نتائج هي في عنق الدكتور حمدي. ويعترف أنه هو المسؤول، وهو يتحمل نتائج التحرير، وفي فبراير 1992م انطلقت عملية التحرير!!
خلفية الدكتور حمدي:
الدكتور حمدي اقتصادي مصرفي، تخصص في الاقتصاد المالي، وما يشمله من نواحي فنية مثل الإقراض وتأمين الإقراض، ودراسات الجدوى الإقتصادية..الخ. ومن طبيعة هؤلاء "الماليين" أنهم يؤمنون بالأرقام، وبدراسات الجدوى، وانه إذا نقص مليم واحد من التمويل طبقا للدراسة..يتشاءمون بفشل المشروع!! لقد وضعنا رؤيتنا في صيغة المبالغة لنؤكد أن هؤلاء يعطون المشروع –أية مشروع- درجة من الأنسنة، بحيث يصبح لأية مشروع عقل وروح ورغبات..الخ طبقا لدراسة الجدوى، بينما "الإنسان" - موضوع المشروع أو موضوع التنمية يسحبون منه روحه وإنسانيته ويشيئونه. بهذه العقلية تمت تحرير الاقتصاد السوداني، بليبرالية متوحشة، فاقدة للرحمة ولأية بعد اجتماعي. حتى مآلات الوضع الاجتماعي الأخلاقية من منظور إسلامي لم تعطي الاعتبار. فليس في دراسات الجدوى مثل هذا البند. وهنا..وكما هو متوقع حدث التضخم الذي دفعت ثمنه القاعدة الشعبية العريضة غاليا على حساب القيم الاجتماعية وانحسارها، بل نفس رجال الإنقاذ أنفسهم في الدولة اكتووا بناره فتحولوا إلى رجال أعمال بشكل خلفي..كما قلنا سابقا!!
معنى ذلك أن خطة التحرير الاقتصادي لم تضع أية اعتبار للشعب، بل اهتمت فقط بالمؤسسات التجارية، أو المشروعات الخاصة الصغيرة أو الكبيرة الاستثمارية معظمها أجنبية، وما على الشعب سوى أن يبيع قوة عمله وإن لم يجد الفرصة فهي ليست قضية الدولة!!
وكادت خطة التحرير الاقتصادي أن تفشل، وأن يدخل السودان في كارثة، لولا خروج البترول. ويتبقى السؤال نفسه هل كان التحرير الاقتصادي عملية شعبية؟ هل أستشير فيها الشعب السوداني؟ هل شارك فيها؟ الجواب لا. لأنه لا توجد قنوات أو آليات للمحاورة مع الشعب، أضف إلى ذلك تلك الأمية الإقتصادية. الغريب، قبل إستخراج البترول، لم تجذب كتيبات الهيئة العامة للاستثمار أية مستثمر أجنبي، ولكن بعد إستخراج البترول تقدمت العديد من الشركات والدول، خاصة الخليجية، وكما قلنا لهذه الظاهرة أسبابها..أن معظم الدول الغنية ذات الإحتياطيات المالية العالية ترغب في التخلص من الدولار وتحويله إلى استثمار عيني. ويمكنك أن تسأل، بعد خروج البترول هل نحتاج إلى هؤلاء؟ خاصة الخلايجة.
التحرير الاقتصادي و"ثقافة العملة" والتمويل:
بغض النظر عن الدكتور حمدي توجد في السودان عادة غريبة، هي ثقافة التمويل. الكل يربع يده وينتظر التمويل. كيف؟ لا تعرف، هكذا. من أين أتت هذه الثقافة؟ من المؤكد من المؤسسات التعليمية التي تحشي في ذهن هؤلاء الخريجين هذه الخرافة. فتنتقل بدورها للقابضين على مفاصل الدولة. ويصبح الكل في انتظار التمويل. هذه الغلوطية أسميها "ثقافة العملة". ولأضرب لكم مثالا حقيقيا: في حلفا الجديدة تم تحويل معهد ديني إلى مدرسة زراعية في فترة النميري. وكان ناظر المدرسة الثانوية حلفاوي به درجة من العبقرية التي أرغب أن تصيب كل السودانيين. ماذا فعل؟ مع المعلمين الزراعيين، ومعهم أيضا معلمون مصريون، إضافة لقطعة الأرض التي يعملون عليها تجاربهم التعليمية، أخذوا 15 فدان لزراعتها قمحا بهدف الربحية..! وهذا القرار قرار الناظر!! ففعلا حرث الطلبة هذه الفدادين، وطبقوا ما تعلموه وزرعوا القمح، وهم من حصده، وعتله، وسوقه، وأصبح للمدرسة دخل إضافي كبير. حسنوا الداخليات، اشتروا 15 ثلاجة إضافية، وكذا بقرة، وأصبح غذائهم بدل الفول، كبدة، وبيض ولحوم، ولبن..الخ! وبعد كل هذا تبقى في حصالة المدرسة مبلغ محترم. تخيلوا..تخيلوا طالبت به وزارة التعليم!! فرفض الناظر وقال هذه فلوس الطلبة!! وقامت الشكلة..قال الناظر الحلفاوي: هريقة في الوزارة! وماتت التجربة..!! كان بالإمكان تعميمها في كل السودان.
عندما تفكر في هذا المثال..أسأل نفسك..أين مشكلة التمويل!! هل ثمن التقاوي؟ ألا تعتقد أنهم أستأجروا تراكتور وربما سددوا ثمن الإيجارة لاحقا..الخ ما أعنيه أنه يمكن عمل شيء بدون تلك الدراسات، وبدون رطانة الجدوى الإقتصادية والتمويل. خذ مثالا آخر: زراعة اضخم مشروع للبرسيم بولاية نهر النيل! يرغبون في زراعة ما بين 10 إلى 20 ألف فدان برسيم بكلفة 40 مليون دولار! دخلت شركات الإماراتية في الموضوع..!! في السابق كنت السعودية تزرع البرسيم وتصدره ونكرر تصدره للإمارات..! الآن تأتي الإمارات لتزرعه على أراضينا..أين السودانيون؟ هل أصبحوا عمال ضيوف في بلادهم؟ ولماذا يزرعه الإماراتيون لماذا ليس السودانيون؟ هل زراعة البرسيم تحتاج إلى تكنولوجيا؟ ألا تعتقد أن المبلغ خرافي ..وملعوب فيه!!
إن هنالك شيء ثمة خطأ في حياتنا، ويرجع إلى التعليم والتربية، وانعدام التخطيط، وخيانة النخبة المتعلمة الشعب السوداني..الخ. إذا رغبنا أن نعمل تنمية شعبية حقيقية يجب أن نقتدي بمثال الناظر الحلفاوي! أما "ثقافة التمويل" فهي ثقافة النخبة المحظوظة التي تمتد علاقاتها بالبنوك والمصارف داخل السودان وفي دول الخليج. تزيف وعينا..وتحتقر البعد الجماهيري للتنمية!
أمثلة أخرى للتنمية الشعبية:
قلنا أن المؤسسة التعليمية لدينا أهملت التعليم الفني والمهني. وتجده يشمل كل من التالي: البيطرة، الزراعة، الصناعة، والتجارة والاقتصاد، والتربية الحيوانية، والبناء والتشييد، والطرق...الخ نكتفي بذلك. من الأنسب تقليص التعليم الأكاديمي الثانوي تدريجيا بنسبة حدها الأقصى 60% وتحويله إلى فني ومهني. ومن الأفضل أن تكون كل نوع من هذه المهنيات تابعة للوزارة التي تخصها، مثل الثانويات الزراعية لوزارة الزراعة، والصناعية لوزارة الصناعة...الخ. وربط هذه الأكاديميات بمتطلبات التنمية، ويسهل ذلك بربطها بالوزارة ذات الاختصاص، لأنه مستحيل على وزارة التعليم التقليدية أن تغطى كل هذه الأنشطة. فخذ مثلا الزراعية كم يمكن أن تشتق من مواد تعليمية وبحوث وتجريب في هذا المجال فخذ التربة، والمناخ، تحسين السلالة، المكننة الزراعية، تقنية الري، التسميد، الحصاد وتقنياته، حفظ المنتوجات، الآفات، التسويق..الخ.
وإذا أخذت المهنيات الصناعية، ستجدها ستلعب دورا رئيسيا للتنمية التحتية، فالطالب بالإضافة لإتقانه مهارات مثل الخراطة والدقة في التصميم والرسم الهندسي والقطع واللحام..الخ، مطالب أن يقلد بعض الصناعات المطلوبة. فخذ مثلا نفس هؤلاء الطلبة يصممون نموذجا لفقاسات البيض للقطاع الزراعي، تقنية التبريد..الخ. أو مهنيات البناء والتشييد، فخذ بالله كيف شكل شباكنا يدخل منه الضب، أو خذ كيف الطوبة بليدة مصمتة جيدة التوصيل للحرارة..بينما المفروض أن يكون بها تجاويف..تخيلوا المهنيين الشباب يصممون ماكينة طوب شبه آلية سريعة، ويتم تصنيع آلاف منها، كم يصير ثمن الطوبة في السودان؟
وهلماجرا..! نفس هذه الأكاديميات لو بدأت بالبسيط وتراكمت الخبرات ستجدونها بعد عقد من الزمان قفزت لقضايا الأوتوميشن..وصدقوني هو بسيط في الميكانيزم الذي يتعلق به. من المؤكد ترون في التلفزيون بعض الشبيبة اليابانية أو الأمريكية يعملون تلك الروبوتات الإلكترونية بالمعالج الحاسوبي والبرمجة. نحن لا نطالب بهذا التعقيد، بل نبدأ بالبسيط..!! الأوتوميشن أسهل منه، به أجزاء ميكانيكية، وأجزاء تعمل بالهواء –نيوماتيك.
أما أن يقول لي الدكتور حمدي ..تمويل! تمويل!! وأن يجلب تلك البنوك والشركات والتوكيلات لكي تعمل كل شيء لنا في السودان بأسلوب الخليج بتسليم المفتاح..!! نقول له آسفين. فخذ مثلا العمران الذي في السعودية، وربما الدكتور حمدي لا يدرك، هو نتيجة لتسليم الملك فيصل كل المداخيل البترولية لوزارة الخزانة الأمريكية وهذه الوزارة هي التي اختارت الشركات الأمريكية لعمل الطفرة العمرانية السعودية بدءا من عام 1974م..وكانت صفقة العمر للأمريكان! ضخموا فواتيرهم..وأستنتج الباقي بنفسك..!!
التحرير الذي هو أقرب للفوضى:
الحرية هي فهمك للضروري. إذا وضعت على أنفك قنينة أكسجين يمكن الغوص تحت الماء بحرية. وإذا فهمت قوانين الجاذبية يمكنك الخروج من المدار الأرضي بحرية..! إذن لا توجد حرية كما يعتقد الكثيرون مطلقة، وبالدارجي...أم فكو! كذلك في الاقتصاد لا توجد حرية بدون قوانين ضابطة، حتى يدور الاقتصاد بدقة كالساعة. كلنا رأينا يوما ما بداخل الساعة من تروس صغيرة وكبيرة ومضبوطة بدقة، وكل منها يساهم لكي تدور العقارب لا تتقدم ثانية ولا تتأخر. ولكن ما رأيناه في السودان شيء عجيب في التسعينيات، لا يمت للفهم الاقتصادي، إلا إذا اعتبرنا الشعب السوداني ليس من البشر. ماذا لو لم يتم إستخراج البترول؟ ماذا لو لم يظهر اليورو ولم تهرول الصين ودول الخليج لوضع دولاراتها في السودان؟! هل هنالك سبب آخر للاستثمار الصيني في السودان سوى أنها ترغب في التخلص من الدولار؟ كذلك دول الخليج! لن تسمع هذا القول في السودان، بالعكس، حتى لو لم يفعل السودانيون شيء ستجد من يلهث خلفهم للتنمية في السودان..ونقصد بالتحديد الدول الخليجية والآسيوية التي لها احتياطيات دولارية ضخمة! حتى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المتربصين ضاقا بتلك الحرب كلاهما يتشوق أن يسحب السودان لمنطقته، إما منطقة الدولار أو منطقة اليورو.
نسأل هذه الأسئلة لأن الدكتور حمدي يفتخر بتحريره الاقتصادي ويعزى التحسن في الاقتصاد لسياسة التحرير، ولكنه لا يذكر تلك الإحتياطيات الضخمة الصينية والخليجية، ولا يذكر الشعب الذي تحمل كل تلك المعاناة، بعكس النخبة التي لم تتأثر بلسعات التضخم. ولكن السؤال ما زال قائما..هل يحتاج الاقتصاد السوداني لمزيد من التقويم؟ نعم، يحتاج إلى الكثير من التصحيح، حتى لا يأتي اليوم الذي يصبح فيه الشعب السوداني لا يملك قراراته السياسية في يده عندما يتملك الأجانب كل شيء في السودان.
اتحاد المصارف العربية:
بدءا من عام 1972م قرر الملك فيصل ترويض وتحنيط الدول العربية وإخراسها نتيجة للتحريض الثوري الناصري، فبدءا بشركة التسويق للإعلان التي تفرعت منها تسعة شركات للبحوث والتسويق، ومنها صحيفة الشرق الأوسط وغيرها، كذلك فكر الملك فيصل في قيام هذا الاتحاد عام 1974م. ويعتبر إلى اليوم لبنان هو نقطة الاختراق السعودي، فإضافة للمصاهرة المباشرة مع اللبنانيين، أسس الملك فيصل بنك الأنترا في بيروت ولكنه أفلس في عام 1961م، أو بالأحرى نهبوه اللبنانيون. كذلك ما تسمى "مؤسسة الفكر العربي" قامت عبر لبنان والحريري، وأخذت طابعا إقليميا وتعامل مثلها مثل الهيئات الدبلوماسية، ويتكون مجلس أمانتها من 32 شخصية منهم 29 شيخا وأميرا سعوديا، وقيمة العضوية مليون دولار. هذا المؤسسة قصد منها السيطرة على الأنتليجينسيا العربية وشرائهم.
"اتحاد المصارف العربية" لا يختلف عن هذه الخلفية التاريخية أسسه اللبنانيون 1974م بإيعاز من المملكة العربية السعودية. وظيفته سياسية أكثر منها اقتصادية، ويعتبر مثل النادي الاقتصادي، يجيدون فيه الثرثرة عن المال والتمويل، وتبادل الخبرات، وتلعب الفنتازيا الذهنية في عقول رجال بنوك الدول العربية الفقيرة الكثير، ويكتفون بجلوسهم بسعادة مع رجال البنوك الأكثر ثراء ويرضي ذلك غرورهم.
اتحاد المصارف العربية يضم في عضويته فقط البنوك التجارية، ونكرر البنوك التجارية الخاصة فقط، وليس له أية علاقة بسياسات الدول العربية أو بنوكها المركزية. تكتفي البنوك المركزية العربية في هذا الاتحاد بعضوية المراقب.
وتعزي لهذا الاتحاد ثقافة المال الإيديولوجية، ليس كون المال آلية ووسيلة للتنمية، بل آلية للمزيد من الأرباح حتى ولو في السياق النظري، فكل الأدبيات التي تخرج من عباءته هي في صالح تمجيد رأس المال وتمجيد النخبة والاقتصاد الحر بالمفهوم الغربي والأمريكي. وليس أفضل من رجال البنوك في بلدانهم لكي يلعبوا ذلك البوق الأيديولوجي لأهمية ثقافة التمويل وثقافة العملة. ويكفي هذا الاتحاد منذ 1974م الفخر أنه قد يحارب أية أنواع من الاشتراكية بشكل غير مباشر. وكان يمكن لهذا الاتحاد أن يظل بوقا نظريا، ونادي للثرثرة إلى يوم يبعثون، لو لا ظهور عملة اليورو 1999-2002م واقتراب نهاية الدولار وتآكله.
التوسع المصرفي عبر الحدود في خدمة الاستثمار:
ففي بيروت 12-13/10/2004 نظم اتحاد المصارف العربية، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء (المرحوم) رفيق الحريري، مؤتمره العربي السنوي للمصارف والاستثمار لعام 2004م تحت عنوان "التوسع المصرفي عبر الحدود في خدمة الاستثمار"، وذلك بالتعاون مع مصرف لبنان واللجنة الإقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا-إسكوا. وقد حضر المؤتمر مجموعة من وزراء المال والاستثمار والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية ونوابهم وقيادات المؤسسات المصرفية والمالية والاستثمارية ورؤساء المنظمات والاتحادات الإقتصادية من الدول العربية المختلفة، وعدد من السفراء العرب وأعضاء السلك الدبلوماسي من لبنان، وخبراء دوليين وعرب. وقد زاد عدد المشاركين في هذا المؤتمر عن خمسمائة شخصية بارزة عربية ودولية.
فتح أعمال المؤتمر الأستاذ فؤاد السنيورة وزير المالية في لبنان وكانت كلمات افتتاحية للدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، والأستاذ رياض سلامة حاكم مصرف لبنان، والدكتورة مرفت تلاوي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للإسكوا. كما قدّم الدكتور محمود عبد الخالق النوري وزير المالية الكويتي، والدكتور محمد أبو حمور وزير المالية الأردني خطابات رئيسية في أعمال المؤتمر.
وقد بحث المؤتمر على مدار يومين كاملين في مجموعة من الموضوعات المحورية ذات الصلة بقضايا التوسع المصرفي عبر الحدود في المنطقة العربية، وتجارب ومعوقات تمويل المشاريع الاستثمارية عبر الحدود، والسياسات والممارسات المطلوبة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي وتحسين الاستثمار الإقليمي، وعمليات الدمج والتملك في القطاع المصرفي العربي ومتطلبات تعزيز وتيرتها، ودور المصارف العربية في ترويج وتمويل المشاريع الاستثمارية الإقليمية، ومتطلبات تعميق أسواق المال العربية، والتوسع في العمل المصرفي الإسلامي ودوره في تنشيط الاستثمار، والاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعمل المصرفي الإلكتروني.
وأكد المشاركون على أن تحفيز التقارب المصرفي العربي يتطلب قيام السلطات العربية المختصة بسن التشريعات التي تكفل تشجيع المصارف في دولها على التوسع إقليمياً، وأيضاً تشجيعها على الاندماج والتملك عبر الحدود وتكوين تحالفات إستراتيجية بينها، وهذا أمر له فائدته الأساسية بالنسبة للاقتصاديات العربية والمشاريع الاستثمارية الضخمة القائمة والمحتملة في عدد من الأسواق العربية، وتالياً لعملية التنمية الإقتصادية في الوطن العربي.
ورأى المشاركون أن عمليات الدمج والتملك المصرفية عبر الحدود ضمن المنطقة العربية تساهم في تنشيط التبادل الاستثماري بين الدول العربية (أثر ماكرو-اقتصادي)، وأيضاً زيادة الاستثمار في المصارف الجديدة الناشئة عن هذه العمليات (أثر ماكرو-مصرفي).
وركز المشاركون على أن التقارب المصرفي العربي الذي بدأت بوادره الحقيقية مع توسع المصارف العربية في أسواق المنطقة، يجب أن يكون خطوة مؤثرة وفعالة على طريق توسيع دائرة العمل المشترك بين هذه المصارف بالنسبة لتمويل المشاريع في المنطقة العربية، بحيث تشهد هذه المنطقة ولادة مشاريع استثمارية متعددة الجنسيات العربية تعمل في قطاعات اقتصادية حيوية لعملية النمو والتنمية الإقتصادية في وطننا العربي.
ورأى المشاركون أن الاستثمار الأجنبي لا يشكل وحده الوصفة المثالية لحل أزمات دول العالم النامي التي يشهد بعضها تباطؤاً في نموها، بل أن الاستثمار البيني ضمن الأقاليم المنتشرة في العالم يمثل عنصراً مكملاً للاستثمار الأجنبي لدفع عملية التنمية على أسس مستدامة. وشدد المشاركون على أن تعزيز حركة الاستثمار البيني واستقطاب الاستثمار الأجنبي في الدول العربية، يتطلب بالضرورة ما يلي:
• العمل على تحقيق الاستقرار في القوانين والتشريعات الحاكمة للاستثمار المحلي والأجنبي، من أجل زيادة الطمأنينة والثقة لدى المستثمرين.
• العمل على توحيد المؤسسات والجهات المعنية بقضايا الاستثمار تحت مظلة واحدة، لتبسيط إجراءات الحصول على الموافقات والترخيص وتسجيل المشاريع الاستثمارية والحدّ من تكاليف هذه الإجراءات.
• تعزيز استقلالية النظام القضائي وإضفاء ثقة أكبر على عمله.
• تطوير وتنظيم الأجهزة الحكومية، في الاتجاه الذي يكفل وضع حدّ لمظاهر البيروقراطية والفساد الإداري.
• الاستمرار في تنفيذ برامج الإصلاح المالي والإداري، في الاتجاه الذي يعزز الانفتاح والتحرر الاستثماري والاقتصادي.
وأكد المشاركون على أن تحسين الواقع الاستثماري العربي يتطلب في المقام الأول تعزيز دور القطاع المصرفي بشكل يتيح له أن يلعب دوراً أكبر في عملية التنمية الإقتصادية وتمويل المشاريع الإنتاجية والخدمية، بحيث لا يقتصر على المساهمة بتوفير القروض، بل يمتد أيضاً إلى المساهمة بالملكية في المشاريع ذات الجدوى الإقتصادية. وإن تحقيق ذلك يتطلب بالضرورة قيام السلطات المختصة في الدول العربية بتأمين الأرضية المناسبة لزيادة التقارب بين الأسواق المصرفية المحلية، وهذا يكون من خلال زيادة انفتاح هذه الأسواق على بعضها البعض، وبما يتيح للمصارف العربية التوسع في الأسواق الإقليمية المجاورة.
ودعا المشاركون المصارف العربية إلى توسيع قاعدة مساهميها على المستوى العربي وكذلك العمل على تطوير وتوسيع وتعميق مجالات عملها وخدماتها وتعزيز التزامها بالمعايير الدولية، وتطوير دورها لكي تكون الجاذب الأساسي للتدفقات المالية لدى القطاع الخاص العربي وتحريك عملية التمويل والاستثمار وتعزيز التواصل والتعاون الإقتصادية والاستثماري بين الدول العربية.
وأعلن المشاركون أن تحرير الاستثمار بحد ذاته لا يشكل عاملاً كافياً لتنمية وتطوير أسواق المال العربية وأسواق الأوراق المالية، إذ لا بد لهذا التحرير أن يتضمن تغيير جوهري في قوانين الاستثمار الأجنبي وقوانين الشركات التجارية، وتوفر الجهات الرقابية الفاعلة، وتوفير الحماية للمستثمرين، وتطبيق المعايير الدولية، وتطوير تركيبة أسواق الأوراق المالية العربية، وأيضاً ضرورة الاهتمام بفصل السلطة الرقابية عن السلطة التنفيذية في إدارة البورصات العربية.
وأوضح المشاركون أنه من الأهمية بمكان، إلى جانب تحرير الاستثمار في الأسواق المالية العربية وتطوير هذه الأسواق، ضرورة الربط بين الأسواق المالية العربية القطرية، بغية الوصول إلى سوق مالية عربية موحدة، الأمر الذي له مردوده المناسب والفعال خاصة في ظل توجهات منظمة التجارة العالمية لتحرير التجارة في السلع والخدمات ومن بينها الخدمات المالية، وفي ظل قوى العولمة وتفكك القيود المتنامية في الأسواق المالية الدولية.
وشدد المشاركون على أن الجهاز المصرفي العربي يمكنه أن يلعب دوراً أساسياً على صعيد توفير التمويل لأغراض الاستثمار في القطاعات الإقتصادية المختلفة في الوطن العربي بالنظر إلى إمكاناته المالية الكبيرة والأساليب الإدارية المتطورة المتاحة لديه، بحيث لا يقتصر دوره على وضع الوسيط بين المدخرين والمستثمرين أو تمويل النشاط التجاري، وإنما عليه أن يستفيد من عملية التغير الهيكلي في الاقتصاديات العربية وتوسيع السوق العربية وأن يمارس نشاطاً اقتصاديا يؤثر على طرفي معادلة النشاط المصرفي وهما، الادخار والاستثمار، بحيث يغير من نمط الادخار لصالح الاستثمار، ويغيّر نمط الاستثمار لصالح الادخار.
ورأى المشاركون أن المصارف التجارية لها دور كبير في تطوير أسواق الأوراق المالية العربية وذلك من خلال قيامها بدور الوسيط بالوكالة مثل تقديم المشورة حول بيع وشراء الأوراق المالية أو توزيع الأوراق المالية المصدرة في الأسواق الأولية أو بيع وشراء الأوراق المالية في الأسواق الثانوية لصالح الآخرين أو إدارة الاستثمارات لصالح الآخرين، إضافة إلى خدمات أخرى هامة مثل الوصاية على إدارة استثمارات الآخرين وإنشاء صناديق الاستثمار وتسوية المعاملات.
وشدد المشاركون على أهمية تأسيس المصارف العربية صناديق استثمارية عربية مشتركة ومتخصصة للاستثمار في الفرص الضخمة التي توفرها برامج الخصخصة وخاصة في قطاعات البنية التحتية والخدماتية العامة.
وركز المشاركون على أهمية وضرورة تنظيم وإدارة المصارف بشكل جيدGood Corporate Governance واعتبار هذا الأمر من الأولويات التي على إدارات هذه المصارف التنبه لها والاستفادة من التجارب الدولية والمحلية في هذا السياق للوصول إلى مرحلة متقدمة من أساليب التعامل التنظيمي والإداري في المصارف العربية، كحماية المساهمين، وعدم التمييز بينهم، وحماية كافة الأطراف الأخرى المتعلقة بالمؤسسات، وتطوير قواعد الإفصاح والشفافية، وتعزيز دور ومسؤوليات مجالس الإدارة.
ورأى المشاركون أن تعزيز نجاح الصناعة المصرفية الإسلامية في التعامل مع التحديات الجديدة يتطلب تحقيق التكامل بين وحدات الصناعة المصرفية الإسلامية، ووضع الآليات المناسبة التي يمكن من خلالها تحقيق التعاون المثمر بين النظامين الإسلامي والتقليدي سواء كان ذلك على مستوى المؤسسات المعنية بالرقابة وسن القوانين أو على مستوى الوحدات المصرفية لكلا النظامين، وضرورة تجميع وحشد الجهود لتكثيف الحملات الإعلامية لنشر المفاهيم الصحيحة لأساليب الصيرفة الإسلامية، ورد الهجمات الغربية على البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، مع ضرورة الاهتمام بتطوير النظم الداخلية وآليات التعامل داخل تلك المصارف الإسلامية.
وشدد المشاركون على أهمية مواصلة الحكومات العربية السياسات والممارسات الإصلاحية الجارية على المستوى الاقتصادي ومتابعتها بجدية وجذرية، لأنها تشكل إعداداً سليماً للبيئة الاستثمارية، وتضمن للقطاع المصرفي العربي توسعاً أفضل في الأسواق العربية.
وشدد المشاركون على أن تقنية المعلومات وخاصة ثورة الاتصالات غيرت طبيعة العمليات في المصارف، وأن العمليات المصرفية عبر الهاتف والإنترنت والدفع الإلكتروني قد أزالت حواجز التواجد الشخصي بصورة فعالة. كما أن المركزية في المعاملات وعملية الاعتماد على المصادر الأخرى (Outsourcing) لإنجاز الأعمال قد حسّنت من الفعالية والربحية بصورة ملحوظة ومكنت المصارف من التوسع في نشاطها عبر الحدود بتكاليف أقل للمعاملات.
وفي ختام أعمال المؤتمر توجه المشاركون بالشكر والتقدير لدولة رئيس مجلس الوزراء السيد رفيق الحريري على رعايته الكريمة للمؤتمر، ولمعالي الأستاذ فؤاد السنيورة على افتتاحه المؤتمر ممثلاً للرئيس الحريري. كما توجه المشاركون بالشكر إلى اتحاد المصارف العربية على حُسن تنظيم المؤتمر وانتقائه السليم لمحوره وموضوعاته، وأيضاً حرصه الشديد على تعزيز التواصل المصرفي العربي وتطوير الصناعة المصرفية والمالية العربية. أ.هـ.
لقد نقلنا لك بالضبط فحوى "البيان الختامي" لمؤتمر "اتحاد المصارف العربية" 2004م بحذافيره..دون زيادة أو نقص، ويجب أن تقرأ هذا البيان جيدا مرات ومرات وجيدا لكي تفهم ما يدور في السودان هذه الأيام.
ستكتشف أشياء مزهلة ومزهلة جدا. فالإختراق الخليجي القادم للدول العربية الفقيرة سيتم عبر البنوك التجارية الخليجية الخاصة وليس عبر النشاط الفردي العادي للشركات التي قد تتعرض لمخاطر. وبتعبير آخر، ستضرب الدول الخليجية أربعة عصافير بحجر واحد. 1) تقليل كتلتها الاحتياطية الدولارية التي في صورة سندات الحكومة الأمريكية نسبة للمخاطر التي ذكرنا وكررناها عن الدولار، 2) دخول رأس المال الخليجي في صورة بنك يؤهله لعمل أرباح دون مخاطر تذكر، 3) ستعمد هذه البنوك الخليجية أو المشتركة في الدول العربية الفقيرة لشراء أصول عينية ثابتة (مثل بنك السلام الجديد سيضع رأسماله في مصانع للأسمنت) للتخلص من الدولار، 4) صنع نخبة مرتبطة بمصالح الخليج داخل الدولة المضيفة، وربما تقوية الخط السلفي الخليجي في هذه الدول، وربما أيضا بشكل غير مباشر تصنع من هذه الدول منطقة للدولار منافسة لليورو.
وبهذه الطريقة تستفيد دول الخليج ليس باختراق الدول العربية عبر الحدود، بل بالقفز فوق الحدود، فكما ترون يطالب اتحاد المصارف العربية، الذي يعبر عن مصالح شركات مالية خاصة بتغيرات تشريعية في الدول العربية الفقيرة لصالح هذه البنوك ودولها. وبما أن الميزان مائل لدول الخليج، ستهرول الدول الفقيرة بالتغيير، بينما لن تفعل الدول الخليجية بالتعلل بقوانين مجلس التعاون الخليجي! هذه التشريعات المطلوب تغييرها تشير أيضا للتملك عبر الحدود!! وبما أن الأراضي في جميع السودان هي رخيصة في الأرياف وفي المدن يمكن لهذه البنوك الخليجية شراء أراضي السودان بالكامل!!
وعند هذه النقطة يجب أن تفهموا الحث الذي يدفع به الدكتور عبد الرحيم حمدي وشركته الرواد للخدمات المالية، أو بنك الاستثمار المالي، لتغيير القوانين والتشريعات لصالح الاختراقات الخليجية التي تتخفى خلف اتحاد المصارف العربية. كذلك تلك الصفقات التي تدور حول بنك الخرطوم وبيعه، أو ورثة بنك الاستثمار المالي علي أرثه. علما أن هاتين الشركتين تعمل كوسيط بالعمولة أو وكيل للشركات لبيع أو شراء أسهمها في السوق المحلي أو الخليجي.
اتحاد المصارف العربي واليورو:
لقد شرحنا لكم في كذا مقالة وفي هذه المقالة أزمة الدولار الأمريكي، وأزمة الدول التي تراكم الدولار في الخزانة الأمريكية مثل اليابان، والصين ودول الخليج، وكوريا، وهونج كونج، وتايوان..الخ وخطورة أن تقرر دول الأوبيك أن تبيع زيتها باليورو فقط. إذا فعلت ذلك ينهار الدولار في السوق الدولية فورا!! وهنا سترون كيف الاتحاد الأوروبي عبر اتحاد البنوك الدولي يغازل اتحاد المصارف العربية بعمل ورشة مشتركة، ولربما لأول مرة في التاريخ، في فرانكفورت في يوم 23-24 يونيو بفندق ماريوت. والسؤال هو..هل يقوم اتحاد المصارف العربية (قطاع خاص) بهذه الخطوة نيابة عن نفسه أو نيابة عن الدول الخليجية المنتجة للزيت؟ نحن نعتقد للدول الخليجية، لأنها ترغب في التوسع في تمديد أموالها في الدول العربية الفقيرة والتخلص من الدولارات.
الدول الخليجية وحق التملك في الدول العربية:
هنا يمكننا الوقوف للحظة محاسبة، فعندما يكون اتحاد المصارف العربية مثل زهرة الحائط منذ 31 سنة، ولا تهتم دول الخليج بأية تنمية مشتركة مع الدول العربية الفقيرة، بل تعطل كل قرارات الجامعة الدول العربية، خاصة تلك القرارات الاقتصادية التكاملية، وفجأة عندما يهتز الدولار الأخضر وتشعر أنها على وشك خسارة كبيرة لإحتياطياتها الدولارية فتتخفي خلف هذه المصارف التجارية الخاصة لكي تحدث تشريعات في الدول العربية الفقيرة مثل حق الملكية بقوة المال الاستثماري..فهذه نكتة سخيفة!! فرأس المال المستثمر الأجنبي له حق التشغيل والأرباح ولكن ليس له حق ملكية الأراضي..!! وكذلك لا يتجاوز 49%!! ويحمد الله الخلايجة أن في السودان لا يوجد ما يسمى الكفيل..!! وهنا ننبه..إن الانفتاح أم فكو هذا ليس لصالح السودان..!! بل من حق الشعب السوداني أن يطالب الدولة ألا يكون للرأسمال الأجنبي حق الدخول في قطاع البنوك والمصارف!! بل علينا أن نحدد أين يمكنهم استثمار أموالهم في السودان، أي في القطاعات التي لا نقدر عليها..وليس في قطاع البرسيم!! فإذا كان السودانيون لا يستطيعون زراعة البرسيم..ويحتاجون لخبرة ورأسمال أجنبي في هذا القطاع..يحق أن نسأل أنفسنا إذا ما كنا من فصيلة آكلي البرسيم!!
وهنا نسأل أنفسنا، إذا كان الفرد السوداني لا يجد معاملة بالمثل في دول الخليج، وحتى أبناؤه لا يسمح لهم بالدراسة في الجامعات الخليجية، فعلى أية أساس نفتح كل السودان لهم؟ ولقد صار للسودان بترول..فما الحاجة لهذه الترذل؟ وكذلك ما الحاجة أن ندمج بنوكنا ببنوكهم، أو جامعاتنا بجامعاتهم..الخ. أليس هم من يستغل الجميع عرب وآسيويون؟
الضربة الأخيرة في ابوظبى:
في النص القادم يلعب اتحاد المصارف العربية بعقولنا عندما يشقشق بقضايا التنمية وعندما لا يشير للهرولة الخليجية التي تسعى للتخلص من الدولار بكل الوسائل بسبب المأزق الأمريكي لظهور عملة اليورو للوجود، والعجز الأمريكي، وحرب العراق والأفغانستان التي ستدمر الاقتصاد الأمريكي لا محالة. هذا الانهيار مسألة وقت. ماذا فعل هذا الاتحاد؟ عمل مؤتمر في أبو ظبي تحت عنوان خادع: "الشراكة بين العمل المصرفي والاستثمار من أجل التنمية".
فهذا النص لا يشير إلى أن "العمل المصرفي" هذه قطاع تجاري خاص هو أجبن من أن يدخل في تنمية شعبية حقيقية، وكذلك كلمة "الإستثمار" يعنون بها القطاع الخاص ورجال الأعمال. فالدول الخليجية تختبئ خلف القطاع الخاص – بالأحرى الأمراء والشيوخ الذين في يدهم الثروة الخليجية. وفي نفس العبارة يستخدمون كلمة التنمية، فما هي هذه التنمية؟ هل تنمية شعبية أم تنمية للنخبة والقطاع الفاخر والسفيه؟ نحن لا نرمى بكلمات لا معنى لها: فمثلا بنك السلام الذي يدعى بنك السودان الإمارات، الذي تم تدشينه قبل أسبوعين بشرنا أن سيضع رأسماله في مصانع للأسمنت. وإليك هذا الخبر المحزن المضحك وعمره ثلاثة أيام:
(كشفت مجموعة دبي القابضة المملوكة لحكومة دبي أمس عن مشروع عقاري ضخم في المملكة المغربية بتكلفة تتجاوز ملياري دولار أميركي. وقال مصطفى الباكوري، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير المغربي، إن إنجاز المشروع تطلب القيام بدراسة معمقة ومدققة شملت المستويات المالية والقانونية والمؤسساتية، مضيفا أن آخر موعد في هذا المسلسل كان في الأسبوع الماضي، حيث تم إنشاء وكالة خاصة للإشراف عليه. وأكد الباكوري أن المدة الزمنية التي سيتطلبها إنجاز هذا المشروع هي سنتان ابتداء من تاريخ وضع الحجر الأساس. من جانبه قال محمد القرقاوي الرئيس التنفيذي للشركة أن مشروع «أمواج» ستنفذه شركة دبي الدولية للعقارات التابعة للمجموعة في العاصمة الرباط بمشاركة «صندوق الإيداع والتدبير و«شركة صبر» المغربيتين. وهذا المشروع هو الثالث للمجموعة في أقل من 5 شهور بعد مشروع (دبي تاورز ـ الدوحة) في قطر بتكلفة إجمالية تتجاوز 300 مليون دولار أميركي ومنتجع سياحي بالقرب من العاصمة العمانية مسقط بتكلفة 820 مليون دولار. وتابع القرقاوي في بيان هذا المشروع الذي يجسد ثقتنا بالاقتصاد المغربي وآفاق النمو الكبيرة التي يتمتع بها). وحول أهداف المشروع وأهميته الاستراتيجية قال القرقاوي (سيشكل مشروع أمواج أحد المحاور الرئيسية ضمن خطة تطوير نهر «أبي رقراق» التي ترمي إلى تعزيز مكانة العاصمة المغربية ضمن أبرز مدن منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث سيساهم المشروع في إعطاء دفعة قوية لقطاعات التجارة والسياحة والتسوق في المدينة).
وحول تفاصيل المشروع، قال القرقاوي («سيقام مشروع» أمواج على مساحة 100 هكتار على ضفتي النهر، وسيشمل مجموعة متنوعة من العناصر الحيوية التي تتكامل فيما بينها لتجعل منطقة «أبي رقراق» التي سيقام عليها المشروع منطقة جذب فريدة، حيث سيضم المشروع مرفأ لليخوت وسلسلة من الفنادق والمنتجعات السياحية من فئة 5 نجوم، بالإضافة إلى بناء مركز لاستضافة الندوات والمؤتمرات الدولية).
كما يحتوي المشروع على آلاف الوحدات السكنية المختلفة في بنيانها وأشكالها، وسيتم بناء 200 ألف متر مربع من المكاتب المجهزة بأحدث التقنيات الخدماتية والتقنية. كما سيتضمن مئات المحال التجارية تمتد على مساحة تقدر بـ 100 ألف متر مربع، فضلاً عن مراكز للتسوق وحدائق متنوعة ومسارح وساحات ومدرجات مفتوحة. وأوضح القرقاوي بقوله (سيكون مشروع أمواج أول المشاريع التي سيتم تنفيذها في إطار خطة تطوير منطقة نهر (أبي رقراق) التي وجه بتنفيذها الملك محمد السادس، بهدف الارتقاء بعاصمة المملكة إلى المكانة الجديرة بها بين كبرى حواضر منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتحويل ضفتي النهر الذي يخترق العاصمة، إلى مركز التقاء اجتماعي رفيع المستوى، وتوفير أنشطة تحفز على إيجاد المزيد من فرص العمل وتعزز النمو الاقتصادي للعاصمة والمنطقة ككل». وتغطي خطة تطوير منطقة نهر أبي رقراق مساحة كبيرة تقدر بنحو خمسة آلاف هكتار، انطلاقاً من مصب النهر ووصولاً إلى سد «سيدي محمد بن عبد الله». وقد روعي في تخطيط هذه المنطقة من وادي نهر أبي رقراق، الجمع بين أعلى مستويات الإبداع والتفرد والتطور التقني مع الحفاظ على الطبيعة النادرة والمتميزة لهذا الموقع التاريخي العريق.
وستتيح خطة تنمية نهر أبي رقراق إحياء وإعادة تأهيل التقاليد البحرية للمنطقة من خلال بناء ميناءين وتهيئة الأرصفة، بالإضافة إلى تجريف قعر النهر وحفر قناة ملاحية، وبناء مراسي ومواقع إنزال وممرات للمشاة على ضفتي النهر واستحداث بحيرة اصطناعية). أ.هـ.
تعليق مني: لا حاجة لي للقول لكم بالمكشوف أن حكومة دبي ترغب بهذه المشاريع الفاخرة في المغرب أن تصطاد نقود الخلايجة السياح الذين يحجون بالملايين للمغرب لقضايا جنسية معروفة للطفل! إذن بنك السلام الجديد سيضع نقوده في مصانع للأسمنت في السودان لتوفير مادة الأسمنت لهذه المشاريع السياحية في المغرب وغيرها في قطر وعمان..فما رأي الدكتور عبد الرحيم حمدي، أية تنمية هذه، ولمن! ولنرجع لاتحاد المصارف العربي مرة أخرى ومؤتمره الأخير في أبو ظبي!
"الشراكة بين العمل المصرفي والاستثمار من أجل التنمية".
في 4-5 من أبريل 2005م عقد اتحاد المصارف العربية، تحت رعاية سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس دائرة التخطيط والاقتصاد في إمارة أبو ظبي، وبالتعاون مع الدائرة المذكورة ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، المؤتمر المصرفي العربي "الشراكة بين العمل المصرفي والاستثمار من أجل التنمية" في إمارة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد افتتح أعمال المؤتمر الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الاتحاد، وشارك في حفل الافتتاح معالي الشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد والتخطيط، والسيد محمد مهنا القبيسي مدير إدارة التخطيط والاقتصاد في أبو ظبي نيابة عن سمو راعي المؤتمر، ومعالي الأستاذ سلطان بن ناصر السويدي محافظ مصرف الإمارات المركزي، والسيد عبد الرحمن السحيباني الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إلى جانب أكثر من (300) شخصية قيادية رسمية وخاصة من مختلف الدول العربية، من وزراء ورؤساء مجالس إدارة ورؤساء تنفيذيين ومدراء عامين لمصارف ومؤسسات مالية واستثمارية ورؤساء اتحادات ومنظمات اقتصادية ومالية وخبراء اقتصاديين وماليين عرب ودوليين.
وقد أكد المشاركون على أن المصارف والاستثمار صنوان متلازمان لدفع عملية النمو والتنمية في الدول العربية على أساس مستدام، هذا خصوصا وأن القطاع المصرفي يشكل المنصة التمويلية الأولى والرئيسة للأنشطة الاستثمارية في هذه الدول. كما أن المنطقة العربية تزخر اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالكثير من المشاريع الاستثمارية والفرص الاقتصادية المجدية سواء على المستوى الوطني أو على المستوى القومي، والتي تتطلب تمويلات بأشكال تقليدية وأخرى بأشكال عصرية وفق تطورات صناعة التمويل العالمية.
ورأى المشاركون أن النهضة الاستثمارية البينية العربية تتطلب بالمقام الأول تسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي، وتنشيط التمويل المصرفي البيني، وتطبيق أنظمة استثمارية متماثلة أو منسجمة فيما بين الدول العربية، وتحسين بيئة المعلوماتية حول فرص الاستثمار في هذه الدول، إلى جانب زيادة مستوى الحوكمة السليمة للشركات، وتأمين اكتمال الأطر القضائية والقانونية المتخصصة للبت في المنازعات المرتبطة بالأعمال بسرعة، هذا إلى جانب إزالة الحواجز التنظيمية المتصلة بأمور الشحن والنقل والقيود الإدارية والجمركية أيضا.
وركز المشاركون على ضرورة تفعيل المصارف العربية دورها في دعم الاستثمار البيني العربي من خلال المشاركة بشكل أكبر في برامج الخصخصة، وتمويل مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاستثمارية المشتركة في الوطن العربي، وتوفير التمويل المباشر للمشاريع العربية بشكل إفرادي أو باستخدام صيغ القروض المصرفية المجمّعة، أو من خلال مساهمتها بالملكية في المشاريع العربية ذات الجدوى الاقتصادية.
ورأى المشاركون أن تفعيل دور المصارف العربية في تنشيط حركة الاستثمار بين الدول العربية يتطلب إجراء المزيد من التطوير والتحديث في الأجهزة المصرفية المحلية، سواء في مجالات التشريعات أو السياسات أو الأدوات، ومواكبة التطورات المؤسسية والمستجدات التقنية العالمية في هذا الشأن، الأمر الذي من شأنه التصدي لتحدي عدم كفاية التمويل المصرفي العربي لتلبية الاحتياجات المطلوبة في المنطقة العربية، سواء من حيث حجمه أو شكله.
وشدد المشاركون على أهمية وضرورة زيادة التعاون بين المصارف العربية وأن يأخذ هذا التعاون أشكالا متعددة بدءا بالاندماج، ومرورا بالائتلافات المصرفية، وعقد اتفاقات للتعاون في مجال توفير الائتمان والمعلومات وتبادل الخبرات في مجالات محددة.
وأشار المشاركون إلى أهمية استقلالية السياسة النقدية وضرورة تنسيقها مع السياسة المالية والسياسات الاقتصادية الأخرى من أجل تأمين الاستقرار في الاقتصاد الكلي الذي يشكل أحد المتطلبات الأساسية لإغناء مناخ الاستثمار العام وتاليا تعبئة الاستثمار المحلي واستقطاب الاستثمار الأجنبي.
وأعلن المشاركون عن أهمية وضرورة متابعة الدول العربية برامج الخصخصة في قطاعات الخدمات العامة مثل الاتصالات والنقل والكهرباء ومعالجة المياه والطاقة والصحة وغيرها من قطاعات البنية التحتية، لأن عمليات الخصخصة تشجع الاستثمار المحلي والدولي في الاقتصاديات العربية.
وشدد المشاركون على ضرورة الإسراع في تعزيز مستوى التعاون والتنسيق بين المصارف المركزية والصناديق العربية المشتركة وصناديق الإنماء القطرية التي تقدم التمويل للمشاريع التنموية والاستثمارية في الدول العربية. ويمكن في هذا المجال قيام صناديق الإنماء العربية بإصدار سندات دين لتمويل مشروعات استثمارية كبرى في الدول العربية تساهم فيها المصارف العربية من خلال الاكتتاب في هذه الإصدارات وترويجها على المستثمرين المحليين والخارجيين.
وأمن المشاركون على أهمية تعميق أسواق المال العربية، وذلك بحشد الموارد المالية العربية طويلة الأجل، وجذب رؤوس الأموال العربية المهاجرة التي تبحث حاليا عن بيئة استثمارية جذابة واكثر أمنا، علاوة على تشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى المنطقة العربية. هذا إلى جانب ضرورة إسهام هذه الأسواق بتوجيه مجمل هذه الموارد المحلية والعربية والأجنبية نحو أكثر الاستثمارات إنتاجية وكفاءة، وكذلك تمويل فرص جديدة للابتكار والتطور التقني. كما لا بد من زيادة وتسريع خطوات التنسيق بين البورصات العربية، وتبني التشريعات والأنظمة التي تحفز الاستثمار البيني للمستثمرين العرب في سائر البورصات العربية دون ما قيود أو معوقات.
وأكد المشاركون على أهمية تحرير العمل المصرفي والاستثماري والتجاري عبر الحدود ضمن المنطقة العربية، كمقدمة أساسية لبناء اتحاد جمركي عربي ثم البناء عليه لإقامة السوق العربية المشتركة التي أكدت القمة العربية الأخيرة في الجزائر على إقامتها في العام 2010 بحيث يتم معها فتح الحدود العربية – العربية أمام عناصر الإنتاج الثلاثة: الأموال والعمالة والموارد، وكذلك أمام المنتجات والخدمات ذاتها.
وركز المشاركون على ضرورة اهتمام الدول العربية بصناعة صناديق الاستثمار سواء الوطنية أو الإقليمية، وذلك لأنها تمثل أحد الأوعية الادخارية المهمة في المجتمع، وتعتبر فرصا استثمارية مناسبة للمستثمرين العرب، وتمثل أداة غير معقدة استثماريا مقارنة ببقية أدوات سوق رأس المال، وتشكل موارد مستقرة تلائم الاحتياجات التمويلية المختلفة للمشروعات الاستثمارية.
وشدد المشاركون على أهمية الحوكمة السليمة والفعالة على الصعيد الاقتصادي العام كما على صعيد قطاع الشركات المالية وغير المالية، كعامل أساسي وحيوي لزيادة الثقة المحلية والدولية بالمناخ الاستثماري في المنطقة العربية وزيادة دائرة اهتمام المجتمع المالي والاقتصادي الدولي بالعمل مع مثيله العربي.
وركز المشاركون على أهمية مواصلة القطاع المصرفي العربي التزامه بمعايير العمل المالي الدولي لا سيما على أصعدة كفاية رأس المال والمحاسبة والإفصاح المالي ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، كضرورة أساسية لتعزيز ثقة المجتمع المالي الدولي بالجهاز المصرفي العربي وزيادة نطاق اندماجه في الاقتصاد العالمي وصناعته المالية.
وقد لاحظ المشاركون أن الصيرفة الإسلامية باتت قطاعا أساسيا ضمن منظومة العمل المالي الإسلامي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وان دورها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية هو في تزايد مستمر، خصوصا مع تنامي إعداد وأحجام المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية واتساع وتنوع قاعدة خدماتها ومنتجاتها وصيغها التمويلية. وشددوا على أهمية دور هذه المصارف والمؤسسات المالية في تنشيط وتطوير الاستثمار والتعامل التجاري بين الدول العربية.
وقد هنأ المشاركون الأستاذ فاضل الدرمكي بمناسبة تكريمه من قبل الاتحاد بعد انتهاء ولايته كنائب سابق لرئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، حيث حضر حفل التكريم سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، ومجموعة كبيرة من كبار الشخصيات الرسمية والاقتصادية والمصرفية من دولة الإمارات العربية المتحدة والدول العربية الأخرى.
وفي ختام أعمال المؤتمر توجه المشاركون بالشكر والتقدير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيسا وحكومة وشعبا، إلى سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس دائرة الاقتصاد والتخطيط في أبو ظبي، وإلى معالي الأستاذ سلطان بن ناصر السويدي محافظ مصرف الإمارات المركزي، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة والوفادة الذي لقوه خلال إقامتهم في دولة الإمارات، وتمنوا للدولة دوام التقدم والتطور والازدهار.
كما شكر المشاركون اتحاد المصارف العربية على حسن تنظيمه وإدارته لأعمال المؤتمر، وتمنوا له كامل التوفيق في مسؤولياته وأعماله التي تستهدف تنمية وتطوير الصناعة المصرفية العربية والتعاون المصرفي العربي.
خلفية عامة:
إذا كانت الفترة السابقة لعقد الثمانينات عرفت بفترة اعتماد عملية التنمية في الدول النامية، والدول العربية في عدادها، على المساعدات الرسمية المقدمة، فإن الفترة اللاحقة لهذا العقد وحتى تاريخه تعرف بفترة اعتماد الدول النامية (والدول العربية من بينها) على الاستثمار كمحرك محوري لعملية النمو والتنمية في اقتصادياتها الوطنية.
وتبعاً لذلك، ازداد دور القطاع المصرفي كممول أساسي للأنشطة الاستثمارية في دول العالم عموماً، والدول العربية على وجه الخصوص سيّما وأن هذا القطاع يشكل الممول الأول والرئيس للاقتصاديات العربية وعملية التنمية فيها.
واليوم، تزداد أهمية العمل المصرفي والاستثمار بوصفهما صنوان متلازمان لدفع عملية النمو والتنمية في الدول العربية على أساس مستدام، خصوصاً وأن العالم العربي يزخر اليوم بالكثير من المشاريع الاستثمارية التي انطلقت أو هي على وشك الانطلاق، سواء المشاريع على المستوى الوطني أو على المستوى القومي، والتي تتطلب تمويلات بأشكال تقليدية وأخرى متطورة وفق تطورات صناعة التمويل العالمية.
والمصارف هي أفضل مرشح لتوفير التمويل بكل أشكاله إلى تلك المشاريع ذات الطابع الاقتصادي والإنمائي، وذلك بالنظر إلى إمكاناتها المالية الكبيرة أولاً، ولقدرتها على استقطاب الاستثمار الأجنبي وتعبئة المدخرات المحلية والمغتربة ثانياً، ولطاقاتها في توطيد وتنمية التبادل الاستثماري والمالي والتجاري بين الدول العربية ثالثاً. أضف إلى ذلك كله أن المصارف العربية قد اتجهت خلال السنوات الأخيرة إلى لعب دور أكبر في عملية التنمية الإقتصادية والنهضة الاستثمارية في المنطقة بفضل مساهمتها بالملكية في المشاريع ذات الجدوى الإقتصادية.
من هنا فإن المرحلة المقبلة تتطلب تلازم وحدة المسار بين العمل المصرفي والاستثمار كمحركين متكاملين وفعالين في تحقيق النهضة الاستثمارية وعملية التنمية الإقتصادية على النحو الذي يكفل مستقبل أفضل لدول المنطقة وشعوبها، سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد القومي.
أهداف المؤتمر:
أن المؤتمر المصرفي العربي "الشراكة بين العمل المصرفي والاستثمار من أجل التنمية" يشكل منصة عربية راسخة ومتطورة لتبادل ممثلي القطاعين العام والخاص، وخصوصاً قيادات الجهاز المصرفي والمالي من مختلف الدول العربية، إلى جانب شركاء هذه الدول العالميين الإستراتيجيين، وجهات النظر والأفكار والاطروحات الفكرية والعملية التي تخدم مصلحة تفعيل الاستثمار والتنمية المالية والاقتصادية في الوطن العربي على أسس سليمة ومستدامة.
سيركز المؤتمر على تحقيق الأهداف الرئيسة التالية:
• تقييم النتائج الحقيقية لبرامج الإصلاح الاقتصادي والمصرفي في الدول العربية بالنسبة للبعد الاستثماري وآفاق اتجاهاتها المستقبلية.
• تصوّر أهمية التفاعل بين العمل المصرفي والاستثمار في دفع عملية النمو والتنمية في اقتصاديات دول المنطقة.
• تحديد موقع المنطقة على خارطة الإستثمار العالمية ومتطلبات تعزيز إمكانات الدول العربية في استقطاب الإستثمار الأجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر وأيضاً إعادة تدوير الأموال المغتربة.
• متابعة تطورات الإستثمار البيني على مستوى المنطقة العربية ودور المصارف العربية في تنشيطها وتطويرها وآفاق هذا الدور.
• تقييم التطورات الحاصلة على صعيد الأطر التشريعية والقانونية الحاكمة للاستثمار في دول المنطقة، ومتطلبات زيادة نطاق الإستثمار الأجنبي والإقليمي في العالم العربي.
• التعرف على الدور المنشود للقطاع المصرفي في تمويل المشاريع الاستثمارية في المنطقة العربية، خصوصاً لجهة أشكال التمويل غير التقليدي.
• تبيان أهمية التوسع المصرفي عبر الحدود ضمن المنطقة العربية في تسريع وتيرة التبادل الاستثماري والتعامل الاقتصادي بين الدول العربية.
• تحديد دور المصارف العربية في إعادة تدوير الرساميل العربية المغتربة في الخارج باتجاه المشاريع الاستثمارية في المنطقة.
الموضوعات المطروحة:
أ- جلسات البحث والنقاش المفتوح:
• أبعاد برامج الإصلاح الاقتصادي بالنسبة لتشجيع الإستثمار الأجنبي والوطني في الدول العربية.
• اتجاهات التفاعل بين الحركة الاستثمارية والعمل المصرفي ودوره في دفع عملية النمو والتنمية في الدول العربية.
• متطلبات جذب الإستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول العربية في ظل عمليات الخصخصة الإقتصادية وعمليات الدمج والتملك المصرفية.
• شروط تحسين المكانة الاستثمارية لدول المنطقة على الخارطة الإقتصادية الإقليمية والعالمية.
• الإستثمار البيني العربي: اتجاهاته ودور المصارف العربية في تحريكه.
• أشكال التمويل غير التقليدي للمشاريع الاستثمارية في المنطقة وإمكانات المصارف العربية.
• دور المصارف العربية في تعبئة أموال شركات الإستثمار المؤسسي (شركات التأمين، صناديق الإستثمار، وصناديق التقاعد والمعاشات) وتوجيهها باتجاه المشاريع الاستثمارية في المنطقة.
• أهمية أسواق الأوراق المالية بالنسبة لتمويل المشاريع الاستثمارية في المنطقة وحدود دور المصارف العربية.
• مساهمة الجهاز المالي العربي في إعادة تدوير الأموال العربية المغتربة وآفاقه المستقبلية.
• التعاون المصرفي العربي ودوره في النهضة الاستثمارية البينية في المنطقة.
• التطورات الإقتصادية والاستثمارية والمصرفية الحاصلة في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً واتجاهاتها المستقبلية.
ب- ورش العمل:
• تجارب رائدة في مجال الإستثمار العربي .
• تجارب رائدة في مجال التوسع المصرفي عبر الحدود.
المشاركون المستهدفون:
• وزراء الاقتصاد والتجارة والمال.
• محافظو المصارف المركزية.
• قيادات المؤسسات المصرفية والمالية.
• رؤساء المنظمات والاتحادات الإقتصادية والمالية.
• رجال الأعمال والمستثمرون.
• الاقتصاديون والخبراء في الشؤون الإقتصادية والمصرفية.
• ممثلو المؤسسات المالية الدولية.
• رؤساء ومدراء شركات الدفع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام.
المؤسسات الراعية:
• المصارف والمؤسسات المالية.
• صناديق وشركات الإستثمار.
• شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام.
• شركات بطاقات الدفع والائتمان.
• المؤسسات الإعلامية.
• شركات الطيران.
لماذا أبو ظبي لاستضافة المؤتمر؟
إمارة أبو ظبي هي أكبر إمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وأبو ظبي العاصمة، عاصمة الإمارة والدولة، هي واحدة من أكثر مدن العالم جمالاً وسرعةً في التطور والتحديث، ومركز الحكومة والحياة الإقتصادية في الدولة. وتتميز أبو ظبي بمكانتها التجارية والنفطية والسياحية وأيضاً على صعيد حركة المشاريع الاستثمارية الكبرى والاتصالات والنقل.
وقد حققت إمارة ابوظبى، كما كافة الإمارات الدولة، تطورات اقتصادية ومالية هامة خلال السنوات الأخيرة، وثمة فرص استثمارية هامة وإستراتيجية متاحة اليوم ضمن القطاع الاقتصادي عموماً والقطاع المصرفي على وجه الخصوص، أضف إلى ذلك مكانة الإمارة والدولة المتقدمة على صعيد التعاون الاقتصادي على المستوى الخليجي والمستوى العربي عموماً.
ختام المقالة:
لقد رأيتم كيف تهرول دبي لكي تضع مليارات الدولارات في المغرب..وقطر وعمان!! لأن دول الخليج ترغب في التخلص من دولاراتها وتضعها في أصول ثابتة. وهذه قطرة من محيط!! ولكن دبي تضع الفتافيت في دولة مثل السودان فقط من أجل توفير مادة الأسمنت لتلك المشاريع الفاخرة، بل ما ستبنيه دبي في المغرب هو لاصطياد جيوب سياح الخليج بتوفير القرى السياحية من أجل المتعة الجنسية!! فأي نوع من التنمية الشعبية يحب أن يخبرنا اتحاد المصارف العربية؟ ومن متى تتحكم مصارف خاصة تجارية أو اتحادها في سياسات الدول؟
أكاد أجزم أن في السودان هنالك بعض القليل المطلعين على خفايا "تحرير الاقتصاد" السوداني..ولكن معظم السودانيين لا يدركون بما فيهم الشعب السوداني..!! لأن الإعلام أو بعض الصحف تطمع أيضا في "تمويل" دول الخليج..أو دبي تحديدا!! ولكن لماذا لا يفسر لنا محافظ بنك السودان لماذا سحب ترخيص مزاولة العمل المصرفي للبنك السوداني للنقل والمواصلات والسياحة المحدود؟ وهو قطاع خاص سوداني 100%؟ ولقد بلغ رأسمال البنك المدفوع 800 مليون جنيه سوداني بينما بلغ رأسمال بنك الاستثمار المالي 250 مليون جنيه سوداني وبالرغم من ذلك لم يشفع لهم ذلك عندما طلبوا بمعاملة متساوية مع هذا البنك الأخير؟ ولماذا تساهم الشركة العربية للاستثمار ونصيب السودان الحكومي فيها يعادل 12 مليون دولار تساهم الشركة العربية ب 17% من قيمة رأسمال بنك الاستثمار المالي، فلماذا هذه الأفضلية لهذا البنك بالذات؟ وكيف بعد ذلك نقول حررنا الاقتصاد؟ هل يفسر لنا المحافظ هذه النقاط؟
طلب الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي كشف محاسبة وطني، ولقد أعترض على هذه الأطروحة الكاتب والصحفي المخضرم عثمان ميرغني طمعا في استقرار الساحة السياسية. نقول له حسنا، ليحاسب كل من هذين الحزبين بعضهما البعض ولنتابع ومن يرغب في المحاسبة لتبرئة ذمته ليدخل معهما ومن لا يرغب لا يدخل..فالجماهير لديها ذكائها، أما أن نعترض بالكلية على أية محاسبة..هذه لا تجوز!! لنقل أن هذه المحاسبة طوعية..ونرجو ألا يلاحق حزب حزبا آخرا! فما رأي الأستاذ عثمان ميرغني؟
شوقي إبراهيم عثمان
ميونيخ – ألمانيا
[email protected]
.