السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أوسمة كوفئ عنان علي تومض بريقا صدر الانقاذ بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/28/2005 2:10 م


تشهد الساحة السياسية في السودان هذه الايام حدثين هامين ، احدهما الضوء الاخضر الذي نالته الحكومة السودانية من ممثل الامين العام للامم المتحدة السيد دانفورث عندما أعترف بأن للحكومة السودانية الحق في رسم سياسات اعادة التوطين وتخطيط المدن ، وهذا التصريح جعل النظام يتنفس الصعداء بعد أن خشي من تأزم الاوضاع وتطورها فيفتح الباب علي مصراعيه من جديد لحملة انتقادات دولية تصب في مجري سابقتها التي أدت الي ولادة القرار رقم 1593 ، ويمكن للنظام الان استخدام نفس العصا التي استخدمها ضد المهجرين في سوبا من أجل تطويع النازحين الاخرين الذين رفضوا في السابق سياسات التهجير والابعاد الجماعي ،ولقد تخلت الامم المتحدة عن أهم واجباتها وهي توفير الاستقرار والسلم وهي تمنح الان شهادات السير والسلوك لنظام بغيض يمشتق حسام البطش والشدة من أجل فرض سياساته القمعية ، ولقدرأينا كيف أحتفل النظام علي طريقته بعد تصريح المندوب الاممي فكانت ناقلات الجند المصفحة تحمل الجنود وهم في كامل عتادهم و يلوحون باشارات النصر .
هذه هي المعركة الشريفة التي خاضها كل من مولانا احمد هارون والوالي المتعافي ضد النازحين في مخيمات سوبا ، حيث قسمت مساحة الخرطوم وفقا لرغبة الاسد الذي لا يريد أن ينازعه أحد في أكل الطرائد ، الاطراف النائية للمهمشين وقلب المدينة لشركة المقاولون العرب والمكيرش ودان فوديو ، لا يتطلب تخطيط المدن ومد الخدمات الي ارسال سبعة الاف جندي مع كامل ألياتهم ولكن ما حدث هو تخطيط لوجود انسان محدد ، انسان فرضت عليه الحرب في الجنوب والشرق والغرب ودفعه سوء الاقدار أن يحل ضيفا غير مرغوب به في ديار جلاديه ، انها رسالة لأهل الهامش ، ان المركز لم يعد أمنا ، والامم المتحدة قد تخلت عنكم ، عودوا الي من حيث أتيتم ، والموت الذي تفرون منه في دار فور سيلقاكم به المتعافي وشرطته عند وصول أول فوج منكم أسوار الخرطوم ، ان تخطيط المدن الكبيرة في أوروبا لم يتم بقوة السلاح ولم يشرف عليه جنرالات الجيش كما حدث في سوبا ، وفي أوروبا وقفت الشعوب ضد سياسات الفصل العنصري التي قسمت حدود المدن بين السكان البيض والسود ، ولكن في الخرطوم النظام يعاني من قلق عميق اسمه ( الحزام الافريقي ) الذي يلتف حول خصرها كالمعصم ويجعلها تفقد أنوثة العروبة وهي محاطة بأرتال الزنج المتوحشين ، ، ويبدو أن المندوب الاممي غير ملم بثقافة النظام العنصرية أو أنه أستقي معلوماته من الاجهزة الامنية السودانية من غير اخضاعها للتمحيص والتدقيق ، وتمنيت لو أن السيد دانفورث هبط علي الارض وتنقل بين الاكواخ المدمرة في سوبا ليعرف أن ما حدث هو تدمير للانسان وليس تخطيطا للمدن كما يزعم المتعافي وقائد شرطته مولانا أحمد هارون .
والحدث الثاني والذي لا يقل أهمية عن سابقه هو وصول الامين للأمم المتحدة الي السودان ولقائه المسؤولين الحكوميين ، وهذه هي زيارته الثانية للسودان من أجل بحث أزمة دارفور ، ونظام البشير يعتبر أن عنان هو سبب المصائب علي حكومة الانقاذ ، فقد لعب السيد كوفئ عنان دورا كبيرا في نقل أزمة دارفور الي صدارة أوليات الامم المتحدة ، كما أنه حذر في تصريحاته عبر وسائل الاعلام الغربية من تحول دارفور الي رواندا أخري اذا لم يسارع المجتمع الدولي الي التدخل وتشكيل ضغط علي نظام البشير من أجل وقف المجازر ، وقد سبقت دعوات السيد عنان الي محاكمة المسؤولين عن تلك المجازر توصيات لجنة تقصي الحقائق التي رفعت تقريرها الي مجلس الامن وتسببت في اصدار القرار رقم 1593 ، ولذلك كان أعلام السلطة الحاكمة يستهجن كوفي أنان ويصفه بأنه أخضع الامم المتحدة لارادة الولايات المتحدة ، وفي زيارته الثانية حرص النظام أن يعد استقبالا يليق بمقام الضيف الكبير ، فكانت مسيرة النساء الهزيلة التي تندد بالقرار رقم 1593 ثم تلتها مسيرة الهيئة العليا للدفاع عن العقيدة والتي خرجت أيضا منددة بتدنيس المصحف الشريف في غوانتاموا ، وفي الحالتين أن الامين العام ليست له علاقة بما يطالب به أجراء هذه المظاهرات ، أنه لم يأمر مجلس الامن باصدار القرار 1593 والذين أصدروه هم من صوتوا لصالحه أو من علقوا التصويت عليه في مجلس الامن ، والامين العام لا يملك صوتا ترجيحيا يغلب قرار جهة ضد جهة أخري ، كما أنه غير مسؤول عن تدنيس المصحف الكريم في غوانتاموا ، وما حدث في ذلك السجن مصدره الاعلام الامريكي والذي تراجع اخيرا عن اثبات رواية التدنيس ولكن الرأي العام الاسلامي بحكم شكوكه السابقة في السياسات الامريكية لم يتراجع عن تصديق الرواية الاولي لمجلة النيوزويك الاسبوعية .
ولقد وصفت زيارة الامين العام للامم المتحدة هذه المرة بالحميمية والصافية الود ، حيث تخللتها ابتسامات وعناق طويل بين شخص الامين العام للأمم المتحدة والمسؤولين السودانيين وعلي رأسهم وزير الخارجية مصطفي عثمان ، ولقد قابل كوفئ عنان هذا الكرم بكرم مثله ومنح النظام وساما أخر وهو اشادته بتحسن الموقف الامني في دارفور ، كما أنه دعا الي زيادة الدعم والمساعدات من أجل احتواء الازمة الانسانية ، لم يعتمد كوفئ عنان هذه المرة علي التقارير التي ترفع اليه من لجان الاغاثة والعمل التطوعي كما كان يفعل في السابق ولكنه أعتمد علي تقارير الحكومة السودانية ، ولم يعلق كوفئ عنان علي الخطوات العدلية التي سوف تستخدمها حكومة الخرطوم والتي دعت الي تشكيل محاكم بديلة للمحكمة الجنائية الدولية التي دعت اليها الامم المتحدة ، ان نظام الخرطوم تحدي الارادة الدولية وعمل علي تأليب الرأي السوداني ضد الامم المتحدة ورغما عن ذلك يتفاءل الامين العام بالخطوات التي تقوم بها حكومة الخرطوم من أجل وضع حد لتزايد العنف بل أنه تبني موقفها عندما حمل حركات المقاومة فشل مفاوضات أبوجا برعاية نيجيريا ، ونسي الامين العام أن نظام الخرطوم يفاوض المقاومة بأكثر من منبر ليهرب من مظلة الامم المتحدة ، ويدخل في الازمة أطرافا منحازين لوجهة نظره الرسمية من أمثال العقيد القذافي والذي رفض تدخل الامم المتحدة من أجل حل النزاع ، وربما تكون الامم المتحدة تتبع الان سياسة أكثر دبلوماسية من أجل انجاح العملية السلمية في جنوب السودان ولكن النظام يعتبر أن تلك الاوسمة التي يقلدها له كوفئ عنان هي مباركة له علي الحلول الامنية التي سوف يتخذها في المستقبل ،وأن تحسن الاوضاع الامنية في دارفور سببه القرار الاممي الشجاع رقم 1593 والذي حرم المليشيات من الغطاء الجوي الذي كان يوفره لها نظام البشير في السابق ، ان الخوف من العدالة الدولية هو الذي جعل الامور في دارفور تتجه الي الاحسن وكل ما يتمناه نظام الخرطوم زوال يد العدالة الدولية ليعود لسيرة الحرب والتي يعتبرها واجب مقدس من أجل علو الدين ومحاربة اليهود .
وكل ما نخشاه هو الوقوع في الخطأ العراقي ، تعاملت الامم المتحدة مع نظام صدام حسين وأشترت منه النفط وباعت له الغذاء وكان الضحية هو الشعب العراقي الذي قبع تحت الحصار عشرة سنوات ، كان من الممكن اسقاط صدام حسين في شهر مارس 91 واختصار زمن معاناة الشعب العراقي ، فالزرقاوي وقتها لم يكن موجودا والقاعدة لم تبني شبكتها الارهابية ، ولكن الامم المتحدة تعاملت مع النظام العراقي علي أعتقاد أنه سوف يصلح حاله وحال الشعب العراقي ، ولكن كان هذا حلما وخيالا بعيدا عن أرض الحقيقة ، وفي السودان ايضا لن يتحقق هذا الحلم البعيد ولا النظرة الخيالية لأن نظام البشير لا يقل قسوة وعنادا عن نظام صدام حسين ، وسوف يدفع الشعب السوداني ثمن بقاء هذا النظام في شكل حروب وفقر ومجاعة لأن هذا هو كل ما يملكه هذا النظام من عطاء في الوقت الراهن وان رأت المنظمة الدولية غير ذلك .

ولنا عودة

سارة عيسي

[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved