"يا شعب لبنان العظيم"، في 7/5/2005 كلام قاله الهارب العائد من وجه العدالة العماد ميشال عون لجمهوره من المستقبلين لغيابه القسري بعد 15 عاما من النفي.. وللحقيقة المسطحة نقول: إن هذا الشعب العظيم كان أسيرا قبل عودته بيوم واحد فقط، ومع عودته الميمونة صار الوطن حرا وسيدا ومستقلا. وبعد كل ما تقدم، إن أكثر ما يثيرك استغرابا، هو خلع العباءات الشامية التي ألبسها مصطفى طلاس لأباطرة لبنان، والتغيير الذي طرأ، وتراه جليا، في بوصلة جمهور الحجاج السياسيين الذين استهوتهم طريق بيروت - الشام سابقا، ليبدلوا الشام بقصر "الرابية" المتعالي، وخطاب "الوصاية السورية" بخطاب الولاء للسلطان العائد من هروبه.. إن أكبر صفقة سياسية في تاريخ لبنان قد حصلت بالفعل، والمساومة المقابلة قد تكون فعلا غض النظر عن التجاوزات السورية في لبنان، ولملمة حشد جديد لعدم تطبيق ما تبقى من القرار1559، ولوقف ما تبقى من قانون تحرير لبنان ومحاسبة سوريا، الذي يعتبر المحررون الجدد أنهم قد حققوه فعلا في كرنفال "إنتفاضة الإستقلال"، وهنا الكلام يطول، والغزل تحت شمس "الرابية" لن ينقطع حبله السري قبل نهاية الإنتخابات ليتبين من بعد ذلك الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وليستل من بعدها العماد سيف الحلاج العراقي، الذي ربما ورثه من المسروقات التاريخية لمتحف العراق بعد إسقاط نظامها البعثي.. إن لحظة فك صيام الحلاج المستحيل متكلما في جوهريات الأمور وليس في قشورها الخارجية هي أساس الصراع المستجد مع كل من تبقى من الحرس اللبناني القديم على قيد الحياة العامة، وفي الصراع سيكون الحلاج فاضحا لكل من عاهدوه وهادنوه وحالفوه، مصنفا نفسه في خانة الوطنية، معترضا على كل شيء بما فيه الياسمين الدمشقي الذي سيتأخر هبوبه هذا العام لأسباب تتعلق بالوضع الداخلي في الشام والضغط الخارجي عليها.
إن العماد، هذا الرجل الغامض، المتعجرف، الميال إلى عسكرة الخطاب وتقديسه، لا يختلف في طبعه وطباعه عن العماد إميل لحود الذي كثر فيه الكلام والغزل والإطراء والمديح عند مجيئه إلى سدة التحكم بمصائر العباد في لبنان وتفاصيل زوجاتهم وخادمات بيوتهم، كما ويذكرني خطاب وصول العماد الهارب- المنفي من بيروت بفخامة القديس إميل لحود عند قسم الولاء للشعب عند بدء ولايته.. اليوم، إنك لتخال نفسك بأنك على هامش التاريخ العربي إذا لم تبادر للترحيب بالعائد، وأخذ البركة الجديدة، وإذا فاتك الواجب فلا تبحث عن الكمال بين الثريا والنجوم!!! طبعا.. للتعويض عن ذلك، فإن أبياتا من مديح سيف الدولة لكافور قد تكون كافية للتعبير عن مدى حبك للسلطان، وولائك لمشاريعه الإصلاحية التى لن يصلح عطرها الفرنسي ما أفسدته دهور التدخلات في سراديب النظام منذ تسلق بشارة الخوري ورياض الصلح رأس الحكم في لبنان بميثاق الإستقلال الأول، وأيضا لن يصلح الدهر ما أنتجه العهر السياسي الذي لم يفتقده كل العائدين على صهوة الفرس الغريبة الهجينة.. لا يسعني قولا في إصلاح ما قد أفسده الدهر – حتى ولو كان الدهر سوريا – أن فاقد الشيء لا يعطيه، وفاقد العقل لا تغنيه عقول الأخرين، والتسليم بأن العودة إلى زمان الشعر وسيف الدولة ستظل القافية الوحيدة التي تقود البلاد والعباد إلى ترتيلة: " البلد ماشي.. والشغل ماشي.. ولا يهمك"!!! أيها القراء، أرجوكم لا تناقشوا المقالة ما تزعلوني منكم:"زي ما هيي".
في يوم إستقباله، أصدر الجنرال العائد أمر اليوم ولكن هذه المرة إلى الصحافيين ردا على سؤال مفاده:"يقال أن استشهاد الحريري هو الذي حرر لبنان؟ فكان الجواب: مسار تحرير لبنان بدأ من عام 2003 واليوم يكفي أسئلة والآن مناسبة ابتهاج ولقاء الشعب اللبناني اليوم يوم فرح اليوم تشرق شمس الحرية.. لقد توجه الى حشوده شاكرا جهود الجميع واعتبر أن من له فضلا على الحرية الجديدة التي ينعم فيها لبنان شهداء القوات المسلحة "في الماضي" والطلاب الجامعين الذين يحملون الشعلة ويبقونها مضاءة، ووعد الجميع بانتخابات يستطيع من خلالها الشعب أن يعبر وينتخب ويحاسب على أساس البرامج الانتخابية ورأى أن صوت اللبنانيين المغتربين في الخارج سارع الى "تحرير لبنان" ووعد المغتربين بأنهم سينتخبون في المستقبل أسوة بالدول المتطورة. كلام جميل!! ألم تحرر جبهة القاومة الوطنية اللبنانية الأراضي اللبنانية من إحتلال إسرائيلي قاتلتة المقاومة طيلة 22 عاما، ولم يكن للجنرال كما لكل القوى المتمركزة في "قرنة شهوان" شرف الإنتماء لها..أوليس جديرا بأن يذكر من حافظ على لبنان وترك له مرقد عنزة في "الرابية" ليستقبل فيه زواره متشدقا على هواه في نظريات الإصلاح والفساد وقوانين الإنتخاب؟! وهل أن ما يزعموه بمسمى "إنتفاضة الإستقلال"، فعلا هو الإستقلال الحقيقي الذي يجمع عليه كل اللبنانيون؟! أيها الجنرال: أطالبك بإستعادة العدائية ضد رموز الحقبة السورية في لبنان، وليس فقط ضد غير المرغوب بهم ولا الضالين، هذا كله للحقيقة حتى لا تختلط شعارات إصلاحاتك بيافطات إنتخاباتهم فيقع ناخبوك في التضليل المبرمح، وعلينا أن نعيد النظر بتسفيرهم، لأن شاحنات الجيش السوري لا تتسع لهم جميعا، فهيا نفكر معا بالإبادة الفردية لهم كما تفعل بالحزب السوري القومي الإجتماعي عن سابق ولاحق تصور وتصميم .. ولذلك نحيطك علما من أجل الإصلاح المنشود بأن المير طلال "العلماني" برجله اليمنى وبالأخرى التي نسيها عند مشايخ البياضة، وأبو إلياس المر صاحب إنجازات 7 أب القمعية ومانع التظاهرات العونية، وسليمان فرنجية الذي ألبسه مصطفى طلاس عباءة صلاح الدين، ووليد بيك الذي لم يفارق الحكم منذ الطائف، و بوطة "الوصاية السورية" كما تسميها يجب أن تصبح مشاركة في تحرير لبنان وإستعادة السيادة من الأن فصاعدا.. عليك أيها الجنرال إستدراك أحوالك لأن خوة السلطان التي طلبتها من شعبك العظيم لن تلقى إلا جيوبه الفارغة، وإن الذين طلبوا رحيل السوريين، من القواتيين والأحرار والكتائب الإصلاحيون و جماعة "أبو شهوان" ما زالوا على قيد الحياة أحياء عند ربهم يرزقون، فلماذا عند الجنرال ينبذون؟! وأيضا، إن الذين تاجر السوريون بهم ويتاجر العماد بهم لا زالوا أحياء يفتشون عن تجارة تنقذ من جوع بها يتاجرون، وقد لا يصدق "الشعب العظيم" الذي إليه في الأنتخاب لراجعوان.
قبل النفي المشؤوم، لقد ترك الجنرال عون قصر بعبدا وتوجه في ملالة الى السفارة الفرنسية، لقد بادره السفير الفرنسي بالقول إن الاميركيين يريدون تصفيتك إذا بقيت في قصر بعبدا، وطلب منه البقاء في مبنى السفارة، وأذاع بعدها الجنرال البيان الذي سلم خلاله قيادة الجيش الى العماد إميل لحود.. وبعدها بقليل أسفر إلى فرنسا في29 آب 1991 وأبقي حتى 7/5/2005 وهو يعود اليوم ليلعب دورًا تغييرًا في الحياة السياسية اللبنانية، متعاليا في الكلام:"لا أطلب شيئا لنفسي، وإذا تكلمت بالطائفية، أنبذوني..". حقا، التاريخ يعيد القديس إميل لحود إلى حظيرة المرتدين الجاهلين ليخطب فيهم بالعفاف.. وعفيف هذا الزمان، عماد أخر إسمه ميشال عون: صهره جبران باسيل (لا يختلف عن إلياس المر صهر فخامة القديس)، وقد دفع بالعائلة الإقطاعية الجديدة: أل عون (ميشال عون، ألان عون، سليم عون، شانتال عون) إلى السياسة من بابها العريض طالبا كل شيء لنفسه بما فيها حلم أن يصبح رئيسا في دولة المجانين إذا توافق عليه المجانين. من يدري؟! وهل من فرق عند من يتشدقون بالمحاسبة والإصلاح ما بين المحاصصة والإقطاع والعهر والسياسة والطائفية والعشيرة وجنون العظمة الأتي من الخرف والحقد ومزاجية تخلط الزيت بالماء وتسكر على نبيذ الأخرين؟!!
تحية لكم من قاموس الجنون: العظمة للأمة، ولشعب لبنان العظيم، ولدين السلطان، ولكل العبيد في هيكل يصارع طواحين الهواء ليبني مجده المبين.