هاشم كرار
هل هو «مرتد»‚ أم هو ضحية تصفية حسابات سياسية‚ أم هو ضحية منهجه في صحافة الاثارة؟
اتحدث عن الصحفي السوداني‚ محمد طه محمد احمد‚ الرجل الذي يصدر (لوحده) صحيفة «الوفاق»‚ التي تثير الآن الشقاق في السودان !
أعرفه‚ ويعرفه غيري: «اسلامي لا يخلو من تشدد» و«محب لآل البيت»‚‚ «ود بلد» كما يطلق السودانيون على الرجل الاصيل‚‚ له فلسفته الخاصة في الحياة‚ وفي البيت مع الزوجة والعيال‚‚ اعرفه: رجل «متقشف» حتى في رنة صوته‚‚ مظهره «حافي» من نعيم الدنيا‚ برغم ملايين الملايين !
يعرفه السودانيون: هو «مشاكس»: مرة مع الترابي‚ واخرى مع تلميذه علي عثمان‚‚ ومرة مع الاثنين‚ وضدهما معا في المرة الثالثة‚
يعرفونه: «الزول دا‚‚ شيعي»‚والاسباب علاقته بايران‚ وحبه للخميني‚ الى الدرجة التي سمّى عليه قطعة من كبده !
كل ذلك ليس مهما‚‚ وقد يكون‚‚ لكن ما هو أهم انه الآن متهم بالردة‚ لأنه نشر في صحيفته في يوم «المولد» مقالا لكاتب مجهول الهوية‚ يعرف نفسه بـ «المقريزي» أساء للنبي الكريم‚ وطعن في نسبه‚
«ناقل الكفر‚ ليس بكافر»‚
ذلك صحيح‚وقد يكون واحدا من دفوعات محامي محمد طه امام المحكمة‚ لكن لأن ينقل طه هذا «الكفر» في صحيفته‚ دون ان يرد عليه‚ الا بعد ايام‚ فان هذا يكشف عن تباطؤ غيرته الدينية‚ويطعن في ذات الوقت في «قصده من النشر» ويطعن للمرة الثالثة في مهنيته الصحفية!
مقال المقريزي «تافه»
ومقرف‚
وهو ما كان لينشر في اي صحيفة غير «الوفاق» تلك التي منهجها صاحبها ورئيس تحريرها منذ أول يوم على «الاثارة»‚ ولو لم تكن «الوفاق»‚ غير تلك الصحيفة «الفالتة»‚‚ غير المنضبطة‚ والمتنكرة باستمرار لأبسط أخلاقيات وأدبيات المهنة !
«الوفاق»‚‚ الصحيفة التي بنشرها للمقال «التافة» وقعت في شر اعمالها‚ تعتبر أنموذجا لصحافة الاسلام السياسي في العدوان‚ تلك الصحافة التي مهدت للانقلاب بتدنيس رموز الديمقراطية الثالثة‚ بمن فيهم رأس الدولة احمد الميرغني‚ ذلك الذي كانت تطلق عليه «ألوان» الصحيفة القريبة جدا من الاسلاميين اسم «حمادة» تصغيرا وتسفيها‚ والتي لم يمنعها ضميرها الاخلاقي‚ ولا المهني‚ ولا الوطني ان تكتب عنه ببذاءة: «ما تقول حمادة‚‚ قول ذبابة !»‚
احد مشاكل الصحافة في السودان‚ هو في فهم البعض المغلوط لماهية الصحافة‚ وفهم هذا البعض لمفهوم الحرية‚ وحدود النشر‚ ومفهوم الاخلاق‚‚ هذا الفهم المغلوط‚ هو احد الاسباب التي أوقعت طه هذه «الوقعة» التي حاول الوقوف بعدها ببيان اعتذر فيه و«أعلن توبته»‚‚ وهو أحد الأسباب التي ستوقع غيره‚‚ وما أكثرهم في السودان !
القضية‚ بالطبع‚ ما تزال امام المحكمة ولا اعرف ما اذا كان طه سيحاكم بالردة‚ أم بغيرها‚ولا اعرف ما اذا كان الادعاء سيقبل ببيان «التوبة»‚ أم سيطالب بتعزير المتهم‚
لا اعرف كل ذلك‚‚
لكنني اعرف‚ ان محمد طه‚ قبل ان يكون ضحية حسابات سياسية‚ و«مذهبية» ايضا‚ هو ضحية منهج الاثارة في الصحافة‚‚ الاثارة حتى بالبذاءة‚ وفاحش «المانشيت» !
هاشم كرار _ الدوحة 5447921