استطيع تعريف التخلف الادارى بأنه عدم القدرة على وضع القرار المناسب فى الوقت المناسب فى المقام المناسب او عدم القدرة على تمييز الحل المناسب من عدمه عند اتخاذ قرار محدد , والتخلف الادارى صفة تلازم الشخص الذى لايلتزم بالقوانين واللوائح المختلفة الموضوعة لتنظيم العمل وانسيابه بالطرق السليمة , حيث يظن كثير من الناس انه باستلامه لاعباء جهة عامة معينة كأنه صار يمتلك تلك الجهة لذلك تجده يتعامل وكانه فى العصر الاقطاعى القديم وان هذه المؤسسة او الادارة المعينة قد صارت مزرعته الخاصة لذلك عمت الفوضى فى كثير من المصالح والمرافق والشركات الحكومية واصبح الشخص المسئول يامر وينهى ولا يرجع للقوانين واللوائح الموضوعة مما ادى الى اختلال دولاب العمل العام مما نتج عنه تدهور فى كافة جوانب الخدمة .
هل كان سيحدث هذا التدهور اذا التزم كل شخص بتطبيق اللوائح والقوانين الموضوعة سواء كانت ادارية او مالية ؟ للاسف الشديد انتشر امثال هؤلاء " المتخلفين ادارياً " فى جميع المرافق والشركات والوكالات والهيئات وحتى المؤسسات غير الحكومية والاحزاب والهيئات الاجتماعية والرياضية لم تسلم منهم واصبح الوطن ضيعة فى ايادى اولئك واصبح المواطن رهين لسياساتهم التى لاتلتزم باللوائح و القوانين .
لقد تدهورت جميع النظم فى الدولة سواء كانت سياسية او اقتصادية او امنية وللاسف الشديد بدأ التدهور يضع يده على النظام الاجتماعى والذى بتدهوره تتغير ملامح شخصيتنا ويصعب معرفة انتماءنا للشرق ام الغرب , للعرب ام للافارقة , للمسلمين ام لغيرهم .
ان دولاب العمل العام لايمكن ان يستقيم طالما ان هناك جهات ( متخلفة ادارياً ) تقبع على عرش المؤسسات والادارات والجهات الحكومية المختلفة , هذه الجهات تعمل على قتل روح المبادرة والابداع والتطور والابتكار فى اوساط الاجيال المتعاقبة .
لقد ارتبط تقدم الدول ورقيها بانظمتها المختلفة سواءكانت انظمة الحكم او انظمة الادارة او انظمة التعليم او النظام الاجتماعى فكلما كانت هذه الانظمة مستقيمة ورشيدة وقويمة ويشرف عليها اشخاص يطبقون اللوائح والقوانين كلما تقدمت الدولة ونهضت والعكس كلما كانت هذه الانظمة غير مستقيمة وغير منضبطة وغير سليمة وعلى رأسها اشخاص يديرونها بأهواءهم ولا يرجعون للوائح والقوانين كلما تخلفت الدولة وانهدم بنيانها وتراجت الى الوراء الى ان تمحى من الوجود .
اذا اردنا ان نحصر عدد المؤتمرات والندوات والاجتماعات واللجان التى اقمناها والدساتير والقوانين واللوائح والاستراتيجيات التى وضعناها , بغرض الاصلاح الاقتصادى والسياسى والامنى والاجتماعى , فلن نستطيع ذلك لكثرتها , لكن اذا اردنا معرفة التوصيات التى طبقناها من التى لم نطبقها فان الاجابة سهلة وتتكون من كلمتين ( لا يوجد ) .
ان السبب الاساسى فى كل ماحدث ويحدث هو عدم التزامنا بتطبيق النظم واللوائح والقوانين التى وضعناها وقد يدعو شخص الى وضع دستور خاص يلزم الناس بتطبيق بنود الدساتير التى وضعناها وتكوين لجنة خاصة لتخرج بتوصيات تلزم الناس بتطبيق توصيات اللجان المختلفة التى كوناها واقامة مؤتمر خاص يلزم الناس بتنفيذ توصيات المؤتمرات المختلفة التى اقمناها , فاقامة المؤتمرات والندوات والسمنارات و تكوين اللجان هو الشئ الوحيد الذى نجحنا فيه حتى ان شخصاً من دولة اخرى حكى لى ان مجموعة من السودانيين كانوا يجلسون فى ظل شجرة فراوا اسداً قادماً نحوهم فقال احدهم يجب علينا تكوين لجنة لهذا الاسد وقال آخر لا بل يجب تكوين ثلاثة لجان الاولى لمعرفة من اين اتى هذا الاسد لحل المشكلة من جذورها , واللجنة الثانية لمعرفة كيف اتى هذا الاسد ؟ و اما اللجنة الثالثة لمعرفة كيفية القضاء على هذا الاسد , ومازالوا يتناقشون فى امر اللجان و التى أنبثقت منها لجان حتى وصل الاسد وقضى عليهم جميعا ً .
صلاح الدين حمزة الحسن
لاهاى - هولندا