هي:«سعي الإنسان للنفاذ من قيود الزمان والمكان، واختراق الحواجز الطبيعية والمصطنعة، المادي منها والمجرد بواسطة التكنولوجيا والاتصالات والمعلومات، لجعل العالم سوقا اقتصادية حرة ومفتوحة خلال الأربع وعشرين ساعة، ونزع الهوية عن المنتجات التكنولوجية وجعلها رخيصة الثمن، وتحقيق أكبر قدر ممكن من التجانس الثقافي والإنساني بين بني البشر كافة».
, العولمة كظاهرة لم تنشأ فجأة ، ولكنها نمت في أحضان النظام الرأسمالي وانبعثت منه ، وقد بدأت بذورها في منتصف الستينات ، ثم بدأت توجهاتها تتضح في السبعينات وتسارعت وتائرها في الثمانينات ، وأخذت تظهر ملامحهاالرئيسية: مع بداية التسعينات والتي من أبرزها.
1ـ انهيار نظام بريتون وودز بإعلان الولايات المتحدة عام 1971 وقف تحويل الدولار إلى ذهب.
2ـ عولمة النشاط الإنتاجي.
3ـ عولمة النشاط المالي واندماج أسواق المال.
4ـ تغير مراكز القوى العالمية.
5 - تغير هيكل الاقتصاد العالمي و سياسة التنمية
العولمة حولت العالم إلى قــرية صغيرة ، وساعــدت البشــر على التعـرف على العالم والمناطق القصية ، وأعطت شحنة قوية من التلاقح والتقارب الحضاري بين الشعوب في القارات والأقاليم المختلفـة وعـرفت الشعـوب ببعــضها البعض في العادات والتقاليد والقيـم والمعتـقدات ، وأعطت إمكانية في ســرعة الاتصال والتنــقل والتبادل التجاري والسـلعي والمعـلوماتي والمثاقفـة والتأثير والتأثر بثقافات وعادات وتقاليد الشعـوب الأخرى صوب مزيد من التشـابه والتقارب في العادات والقيم والمعارف والنفسيات ومستوى درجة الوعي .. فأصبح العالم بين متناول اليد فعبر الصورة والهوائيات والإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى يتجول الإنسان في العــالم وينـهل الكثيــر مـــن المعــلومات والـقـيــم ويكــون رأياً وثقــافـــة لمــا يــدور حــولــه مــن صراعــات وتغـــيــــرات وتبدلات ... فالحرية والديمقراطية والعقلانية وحقوق الإنسان والمرأة والمواطنة المتساوية تلقــى واجاً عالمياً لما تمثــله من قيم إنسانية محمــودة تساعد البشــرية بصــورة عقــلانية في تـقريــر مصيرهم بأنفسهم بعيداً عن السلطات القمعية والجائرة التي تتحكم بمصير الإنسان الصغيرة منها والكبيرة
ومن حسنات العولمة
إنتقــال عناصــر الإنتاج إلى الدول التـي يمكــن أن تستخــدمها بكفاءة .
- اتساع الســوق أمــام الســلع والخـدمات بما يســمح للاستفادة منهــا .
- توفــير الإستثمــارات اللازمــة للتنميــة في الدول الناميــة .
- وفــرة المعلومات اللازمــة لاتخاذ القرارات السـليمة لإدارة الدولة .
- المنافســة التي تؤدي إلى تحســين كفاءة إستخــدام الموارد على المستوى المحلــي .
- انتشار الوعــي السياســي والديمقراطـــــي .
- تقليــل المشـاكل السياســـة بين الـدول المتعاملة معــاً في ظـل العولمــة .
- الاستفادة مــن الثقافات الأجنبيــــة , وإحيـاء الثقافات الوطنيــة لحمايـة نفسها من مخاطـر
العــولمــة
المظاهر السلبية التي لحقت بالاسرة والمرأه
1- التراجــع التدريجي للعلاقات الأسرية والعاطفيــة الجياشــة وتلاشــي ما يســمى ب((الأمن العاطفــي)) , عند المرأة والرجــل وبطبيعة علاقاتهم مع الأطفال وبقية أفراد الأسرة والآخرين .
2- زيادة معـدلات حالات الطلاق وخصــوصاً في المواقــع الحضـرية ( المدن ) .
3- تراجــع أدوار الأســرة والمرأة خصــوصـاً في تربية الناشئـة ( خاصــة المرأة العاملة ) حيث
ينخفــض إهتمام الأطفال , وتعلقــهم بأمهاتهـم , والعكـس صحيــح , وهــذا يؤثر على مسألة العاطفة الأســرية والترابـط الـعائلي , حيث يتم الإرتكاز على الـمربيات أو وضــع الأطفال في
مؤسســات التــنشـــئة الاجتماعيــة ( الحضانة , الروضة , المدرسـة .. ) والتي لا يمكن أن تحل محـل الأسـرة أو محـل الأم في تنشئــة الأطفال ...
4- ضعــف درجة التماسك الأسري يؤدي لا محالة إلى تسـلل السلوكات المنحرفة في الأســــرة ومن ثم تهـدد هذه السلوكات الأمــن الإجتمـاعي .
5- تزايد معـدلات الطلاق وخاصــة في إطار الأسر المتعلمــة أو في صفــوف المرأة المتعلمــة , وسهــولة الزواج التلقائي بعيــداً عن المســئولية العائليـة والأخـلاقــية والقيميـــــــة .
6- زيادة حــدة الإستــهلاك غير العقـلاني في إطار الأســر المقـــتدرة , حيث يتم التبذير بالنقــود واللهـــث وراء المشتريات وإقتناء الجــديد في عالــم الموضــة والأدوات المنزليــة والترفيهيــــة وأدوات التجميــل , وخلق وعــي إستهلاكي زائف يلقـي بضـلاله على الأسرة والمجتمــع لمزيــد
من التميع والفوضــى والتبذير وبعيــداً عن الحصــافة والتدبيــر المنزلي الســليم .
7- خــلق وعــي إجتماعــي وثقافــي زائف لــدى الــمرأة عن الحــرية والتــقــدم والتحضــر إلى درجة من الإســفاف , فحرية المرأة لا تعني وضعهـا في موقــع غــير محتشــــم ولا تعنـي دوس كـل القيـم الاجتماعية التقليدية على إعتبار أنهـا رجعيــة . فليـس كل مــا هـو قـديم رجعــي وليس كل ما هـو جديد تقـدمي ومفيـــد ... فحــرية المرأة ومشاركتــها في التنميــة , وجعلها عنصــراً تنموياً حقيقيــاً , هـو أبعــد بكثير من اللهث وراء فسـاتين الموضـــة , وإستــخدام أدوات التجميــل , والتفنــن في طهــي الأطعمــــــة , وتحضيـر ألوان الأشـربة , هـي أبعــد من مسألة الخــروج من المنزل والذهاب إلى الجامعـة أو الأسواق أو إلى مؤسســــات الأشغـال والحـدائق وأنديــة التـــسلية والترفيــة ومجـالــس الــقات النســــائيــة ( 9 ) . إننــا مع حرية المرأة ومساواتها بالرجل , الحـرية التي تجعـل من المرأة كائناً إجتماعياً محترمـاً لـه وزنـه الاجتماعــي ومكانته الاجتماعية , الحـرية التي تبجــل المرأة كعقــل وفاعل إجتماعي مشـارك في صيــاغة نسيــج الحياة اليومية والحضارية للمجتـــمــع .
يـؤكــد علمــاء الاجتماع في دراساتهـــم للمجتمعات التقلـيــدية , أن من مــسببات عــدم تفكــك المجتمعات التقليدية , التي ظلـت متماســكة وقوية برغم مــحاولات تفكــيك بنـيـتها التـــقلـيديـة بكـافة السبـــل والوسائل , هـو تمسكــها بالدين والعادات والتقاليــد الضاربة أطنابهــا في عمــــق
ووجدان هــذه الشعــوب , وقـد حالت دون تلاشيهـا وتفككهــا على عكــس المجتمعات الهشــــــة
التي كان من الســـــهولة بمكـان تفكيكــها .
فالأمـــــة اليابانية والصينيـــة والكــورية , تعــد من الأمــم المتحضـــرة اليوم في مجال العلــوم والتكنولوجيا والمخترعات العلمية والتقـدم الإقتصـادي والعلمي والثقافي , حقـقت هذه المجتمعات
طفــرة نوعيـة في الثحديث إلا أن المجتمعات لازالت تقليــدية فــي عاداتها وتقــالــيدها وأخلاقهـا وسلوكياتها . فالمــرأة فـي هذه المجتمعات محافظة تميل للنزعــة التقليدية والأســـــرة متماســكة وقويـة تقــوم بأدوار ثقافيــة وتربوية وقيميــة وإجتماعية وإقتصادية مؤثرة . فهـم محافظون على قيمهــم وتقاليدهــم وعقائدهــم وعلى نواميســهم الاجتماعية وطقوســهم الدينيــة والعائـــــلية فــي أفراحهم وأتراحهــم ...
فالعادات والتقاليد الحميــدة التي تحـــافظ على بقــاء وتماسـك الأســرة والمجتمــع من الإنحلال والتفكــك تعــد قيمـة أخلاقيــة وحضـارية مفيـدة في حين أن التفكــك الأسـري , وإزدياد معدلات الطلاق وإهمـال تنشــئة الأطفال , وضــعف أواصــر المحبــة والتعــاضـد الأســري تعـد قيمـا غير مفيـدة . .
ولـــــست بحاجـة للقـول , أن الـدين الإســلامي والبنيــة التقليــدية والثقــافـة والعادات والتقاليــد والقيم, تعــد الخــط الدفاعي الأول للمجتمــع من الإندثار والتهلهــل في زمــن العولمــة التــــــــي نجحــــت فــي فرض قيمهـاً وإتجــاهاتها في الصعــــد الاقتصادية والثقافيــة والسياسية وتتجه الآن صـوب الثأثير على المجتمع من الناحية القيمية والوجــدانية والتذويقية والأخلاقيــة والتي تتصادم بعض قيمهــا مع عادات وتقاليد وأعراف المجتمـــع .
ثانياً:- المــــرأة كســــــــلعة للجنــــــــــس والإثــارة :-
انه: عصــر الكآبة والحرية الزائفة , عصــر إنحطـاط القيم والأخلاق والفسـاد بكـافة أشكاله وألوانه وصـوره في العالــم
ففي هذا العصــر :- يحاول الأفراد أن يتغلبــوا على الوحشــة الداخلية والتجـزؤ الفـردي وافتقاد الهــوية , والحــب والبحث عن اللـذائذ وعـن طريق الصــداقة والانتماء إلى عصـائب الرفاق . وأبناء المــدن يضــيفون إلى ذلك العـودة إلى الأطعمة الريفية أو البحث عــن أصــدقاء أوفيـاء يجـدونهــم لـدى الحيوانات الأليـفة والكـلاب , أو تزيين بيــوتهم بالنبات . أما الضــيق المبرح فكثيـراً ما يقاومونه عن طريق اللجــوء إلى الأدويـة المهـدئة أو إلى المنجمـات أو إلى رياضــة اليـوغـا وســواها , وكثيـراً ما يدفعهـم ضيقهــم إلى أن يلقــوا بأنفســـهم في أحضـان الكحــول والمخــدرات .. .
والعولمة تتجه صـوب تنميــط العالـم على غـرار الطراز الأوروبـي في الاقتصاد والاجتماع والســياســة والثقــافـة والقيــم , وتــقـوم في الضفــة الأخرى , بتكســـير الحواجــز بين الدول والشعــوب وتهــديم الدول القــومية والثقافات والعادات والقــيم بجــر هذه الشعــوب إلى دائرة التبعيـــة والتفكــك والانهيار , بما يخــــدم المصــالح الغــربيـــة . فمـا يصــدر إلينـا هــي ثقافــة الآخـر , قيــم اجتماعية وأخــلاق قــد تتــنافى أحيـاناً مـــع قيمنـا وأخـلاقنا : معلبات تتــضمن مـواد مــسلوقــة جــاهزة للاستهلاك وشركات إعـلاميــة تتنافــس لتقــديم سـلعتها للمستهلك في إخــراج مثيـر يضــعه تحت وطأة إغــراء لا يقاوم . لا وقت للتفكير والتمحيــص والتـردد, وسـائر ما يمكــن أن يحمي الوعــي من السقوط في إغراء الخداع .
ولا يمكــن الإحاطـة بالعولمة , إن لم نضــع في الاعتبار ثـلاث عمليات تكـشـف عن جــوهـرهـا العمليـــة الأولى : تتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصـبح متاحة لـدى جميـع الناس .
العمليـــة الثانـية: تتعلق بتـذويب الحــدود بين الــدول .
العمليـــة الثالثـة : هـي زيادة معـدلات التشـابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسســــات .
وكــل هذه العمليات قــد تؤدي إلى نتائج سلبيــة بالنسبــة لبعض المجتمعات , وإلى نتائج إيجابيـة لبعضــها الآخــــــــر
وياتري الي اين سوف تقودنا نهايتها..............
عزة حامد- السودان\الخرطوم
azza