التوصية :
- يجب على المانحين أن يمولوا لجنة حقوق الإنسان التي ينبغي أن تتعاون عن كثب مع اللجان المعنية بالمساواة، بصرف النظر عن الجنس أو المجموعة العرقية، كما هو مبين أدناه. وعليهم استخدام علامات قياس واضحة تكفل عمل لجنة حقوق الإنسان بصورة مستقلة وحيادية وتنفيذ توصياتها في السودان.
7. التشاور مع النساء وتمكينهن؛ دمج قضايا النوع الاجتماعي
ترحب منظمة العفو الدولية بجعل قضايا المرأة "جزءاً" من القضايا الرئيسية في كافة أجزاء إطار بعثة التقييم المشترك. وكما يقول التقرير، في معرض وصفه للنوع الاجتماعي بأنه "قضية جامعة" :
"فإن النساء يتحملن أعباء عمل هائلة ويعانين من التمييز في الشأنين الاقتصادي والعام. وتُدرج تدابير لتعزيز وضع المرأة، بما في ذلك في التعليم والقيادة والحصول على فرص كسب الدخل – ليس فقط لبلوغ أهداف القضاء على الفقر والتنمية البشرية بحذافيرها، بل أيضاً للوفاء بروح اتفاقية السلام الشاملة المتمثلة بإقامة بمجتمع عادل تتاح فيه الفرص للجميع."
ويبلغ عدد النساء في جنوب السودان ضعفي عدد الرجال، وهم بمعظمهم الأكثر حرماناً : "احتمال وفاة النساء في جنوب السودان أثناء الولادة أكبر بعدة مرات من احتمال إكمالهن ثماني سنوات في المدرسة".2
ولا يجوز قبول الدرس المستفاد بأن "حرمان النساء من التمكين يمثل قضية رئيسية" وحسب، بل يجب أن تعمل الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان على تطبيقه، علماً أن أياً منهما لم تضم كما يبدو أية امرأة إلى فرقها التي عملت بشأن إطار بعثة التقييم المشترك، رغم الدعوات التي أطلقتها النساء السودانيات في الجنوب للحصول على 25% من المقاعد في المؤسسات التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان.
التوصية :
يجب على المانحين تمويل تشكيل لجنة للمساواة بين الجنسين لمراقبة شكاوى التمييز التي تقدمها النساء وإعداد تدابير وقائية وتصحيحية ضد جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وينبغي أن تصدر تقريراً مرة واحدة على الأقل في السنة. وينبغي على المانحين أن يتأكدوا من قيام السلطات السودانية بتنفيذ توصيات اللجنة.
8. العمل على وضع حد للتمييز
السودان منقسم بفعل تمييز عرقي وقبلي مستشرٍ بشكل عميق. وقد سعت الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة إلى استخدام الاثنية لاستعداء الفئات بعضها على بعض، وغالباً ما جنَّدت عناصر قواتها على أسس عرقية. وقُتل العديد من المدنيين أو قُبض عليهم على أساس "إثنيتهم". ويجب التصدي للتمييز لتجنب مزيد من النـزاعات في السودان.
وبوصفه دولة طرفاً في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، يجب على السودان أن يحظر، بكافة الوسائل، بما فيها التشريعية، التمييز القائم على العنصر أو العرق أو الدين أو الأصل.
ويمكن للمجتمع المدني السوداني أن يضطلع بدور مهم في الترويج للقضاء على التمييز. وفي منتدى المجتمع المدني، انتخبت منظمات المجتمع المدني في الشمال، امرأة من أصل جنوبي كممثل لها لإلقاء كلمة أمام مؤتمر المانحين، وبالتالي كسرت القوالب الجامدة التقليدية التي تضع الشمال في مواجهة مع الجنوب.
التوصيات :
ينبغي على المانحين أن يمولوا تشكيل لجنة ضد التمييز يجب أن تروج لمبدأ مساواة الجميع أمام القانون، بصرف النظر عن العنصر والعرق والدين والأصل، عن طريق المعلومات والحملات وتسمح للأفراد بتقديم شكاوى حول التمييز.
يجب على المانحين أن يشجعوا مشاركة المجتمع المدني السوداني في التدريب على برامج مناهضة التمييز حول العالم والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات التي تحظر التمييز.
9. مساندة المدافعين عن حقوق الإنسان
يشكل المجتمع المدني النشط والنابض بالحياة أحد مواطن القوة التقليدية للسودان. ويعمل المدافعون عن حقوق الإنسان في كافة أنحاء السودان إما بمفردهم أو بالتعاون مع الآخرين لحماية حقوق الإنسان أو الحريات الأساسية. ويتعرض العديد منهم للتهديد أو للمضايقة أو حتى للاعتقال، من جانب السلطات السودانية. وتُعرِّض ثقافة (ظاهرة) العنف والإفلات من العقاب وتوافر الأسلحة في الجنوب منظمات المجتمع المدني لتهديد يومي. وسيؤدي المدافعون السودانيون عن حقوق الإنسان والمنظمات السودانية لحقوق الإنسان دوراً حيوياً في المستقبل، ويؤسسون على ثقافة حقوق الإنسان في البلاد. وقد راقبوا انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في السودان قبل وصول مراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة (يوجد مراقبو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة في دارفور ويجب نشرهم في إطار بعثة الأمم المتحدة في السودان في سائر أنحاء السودان) وسيواصلون علمهم بعد رحيل الأمم المتحدة؛ لذا يجب دعمهم وحمايتهم.
التوصيات :
يمكن لشبكة اتصالات موثوق بها أن تشكل نوعاً من الحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلاً عن تقديمها وسيلة لنشر المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان. ويتعين على المانحين، بالتشاور مع المدافعين السودانيين عن حقوق الإنسان، تقديم تمويل لإقامة نظام اتصالات مناسب، يتضمن محطة إذاعية مستقلة والاستخدام الرخيص أو المجاني لشبكة الإنترنت.
يجب على المانحين أن يوضحوا للسلطات السودانية أنهم يتوقعون بأن تعمل منظمات حقوق الإنسان في بيئة مواتية وأنه لن يتم تحمل التخويف والمضايقة والاعتقالات والتهديدات الموجهة ضد نشطاء حقوق الإنسان.
10. ضمان الشفافية في توزيع الموارد
أسهم استخراج الموارد، وبخاصة النفط، في بيئات مضطربة في نشوب نزاعات وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في أجزاء عديدة من العالم. وكان النفط ولا يزال سبباً محورياً للنـزاع الذي دار بين شمال السودان وجنوبه. وقُتل عشرات الآلاف من المدنيين الذين يعيشون في المناطق الغنية بالنفط في النيل الأعلى بجنوب السودان بصورة غير قانونية وتعرضوا للتعذيب والتهجير القسري. ويجب توخي الحذر لضمان منح العقود إلى شركات النفط، سواء التي تصدرها السلطات السودانية، أو عقود إعادة البناء التي تدعمها أوساط المانحين، بصورة شفافة بحيث تُستخدم الموارد التي يتم جمعها من أجل السودان لما فيه مصلحة الشعب السوداني.
وأدى النـزاع الدائر في السودان إلى إغلاق الجنوب بمعظمه في وجه المصالح الاقتصادية الخارجية طوال سنوات. وقد يتغير هذا الوضع الآن، ويمكن للجهات الاقتصادية الأجنبية الفاعلة أن تضطلع بدور جبار في جنوب السودان – وهناك حاجة ملحة لضمان عدم تحولها إلى قوة تفاقم من انتهاكات حقوق الإنسان.
وتبين الأبحاث التي جرت مؤخراً في البنك الدولي وسواه وجود صلة قوية بين الموارد الطبيعية والنـزاعات. ووجدت دراسة البنك الدولي أن الدول التي لديها اقتصاديات تعتمد اعتماداً شديداً على صادرات السلع الأولية معرضة بدرجة أكبر لخطر الحرب من الدول التي لا تعتمد عليها. ويصح هذا الأمر بشكل خاص عندما تفتقر الدول إلى المؤسسات الشفافة والشرعية والقادرة على تنظيم تدفق مبالغ كبيرة من العائدات التي تتحقق في فترة قصيرة. وفي هذه الأوضاع، ينشأ لدى المسؤولين الرسميين والسياسيين والعسكريين حوافز وفرص قوية بشكل غير معتاد للسيطرة على العائدات لغرض الكسب الشخصي أو لترجمتها إلى مكاسب سياسية وعسكرية، وحوافز قليلة لاستخدام العائدات من أجل التنمية المستدامة والعادلة. ويقوض هذا النوع من الفساد سيادة القانون بصورة مباشرة. ويجب أن يكون لعملية إعادة البناء في جنوب السودان غرض مركزي هو احترام الحقوق الإنسانية للشعب السوداني وحمايتها وإعمالها.
التوصيات :
ينبغي على المانحين تمويل التعويضات المالية وسواها من التعويضات اللازمة للمدنيين الذين ارتُكبت بحقهم جرائم خطيرة منصوص عليها في القانون الدولي باسم النفط.
يحق للشعب السوداني المشاركة الكاملة في عملية إعادة البناء – ويجب التشاور معه بصورة حقيقية حول احتياجاته المشروعة. وستؤدي العقود التي يتم إرساؤها عن طريق إجراءات غير شفافة لتقديم العطاءات، وبالتالي لا تتقيد بأفضل الممارسات المتفق عليها دولياً، ستؤدي حتماً إلى نزاعات ستتفاقم أكثر جراء التوتر السياسي إذا مُنحت هذه العقود إلى أنصار جماعات أو فئات معينة.
ينبغي على المانحين التشاور مع المجتمع المدني السوداني في تصميم آلية فعالة لمحاربة الفساد وضمان تمكُّن لجنة محاربة الفساد التي ستُشكل بموجب اتفاقية السلام الشاملة من تنفيذ توصياتها.
11. إشراك السكان المحليين
إن حقيقة كون عملية السلام بين الشمال والجنوب قاصرة على فئة قليلة جداً تزيد من أهمية التأكد من وجوب إشراك المجتمع المدني وجميع الأحزاب السياسية في تنفيذ اتفاقية السلام الشاملة وإطار بعثة التقييم المشترك طوال السنوات التي يستغرقها تنفيذهما.
التوصية :
كما أوصى الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره حول سيادة القانون، ينبغي على المانحين أن يعملوا على إشراك السكان المحليين بصورة كاملة في تصميم وتنفيذ المشاريع، وبخاصة إشراك أعضاء الجماعات المهمشة والنساء في مناقشة كافة المشاريع. وقد أدى التقاعس عن القيام بذلك في الماضي والحاضر، إلى إصدار قرارات من دون التشاور أو الاتفاق المسبق المستنير مع جميع أصحاب المصلحة؛ وأسهم ذلك في ظهور جماعات تزعم أنها تحمل السلاح ضد الحكومة، لأنها تشعر بأنها تضررت من المشاريع الاقتصادية الحكومية (مثلاً فيما يتعلق بقناة جونغلي أو سد ميرو).
12. حرية التعبير
يعتبر إطار بعثة التقييم المشترك عن حق أن الالتزام بحرية التعبير أمر أساسي لمستقبل السودان، ويتعلق بوسائل الإعلام وبمجتمع مدني نشط، وبالمساءلة. ويعيق فرض الرقابة على وسائل الإعلام، بما في ذلك مصادرة الصحف أو إغلاقها كما يحصل في السودان، الجدوى المالية لهذه الوسائل. ويشجع على الرقابة الذاتية؟ فعلى سبيل المثال لا يسمح للصحف حالياً وصف الوضع في دارفور بصورة انتقادية أو الكتابة بشكل إيجابي عن قرار الأمم المتحدة حول إحالة قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكما شددت منظمة العفو الدولية مراراً، فإن حرية التعبير والمعلومات ليست مجرد حقوق إنسانية بحد ذاتها، بل إنها تسهم أيضاً في الدفاع عن الحقوق الأخرى وتسمح للناس بالمشاركة في عملية صنع القرار.
ويستلزم الالتزام بإشراك الجميع والتحول الديمقراطي السياسي في النصف الأول من الفترة المؤقتة التخفيف من صرامة الإطار التنظيمي لأنشطة الأحزاب السياسية وضمان حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات. وينطبق الشيء ذاته على وسائل الإعلام وغيرها من منظمات المجتمع المدني، مثل الجامعات والمجموعات الطلابية والمنظمات غير الحكومية للسكان الأصليين والمجموعات النسائية. وهناك دور حاسم لمجتمع مدني ينبض بالحياة في السودان، ليس فقط في تقديم الخدمات، بل أيضاً في الحفاظ على زخم التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وينبغي أن يتصرف المجتمع المدني كهيئة رقابية مستقلة، وكداعية للحريات الأساسية وحقوق الإنسان وإشراك الجماعات المحرومة. كما أن لدى الإدارات التقليدية دوراً تؤديه، وبخاصة في الترويج لمبادرات السلام والمصالحة على مستوى القاعدة، وكذلك من حيث المساءلة على المستوى المحلي.
التوصيات :
كخطوة أولى للسماح بحرية التعبير، ينبغي على الحكومة السودانية أن تلغي دون تأخير قوانين الطوارئ والصحافة التي تنتهك الحق في حرية المعلومات والتعبير.
ينبغي على المانحين تمويل المشاريع التي تدعم وسائل الإعلام المستقلة وتوسعها في جميع أرجاء السودان، ولكن في الجنوب بشكل خاص.
13. وجوب توفير الإمكانيات للاجئين والأشخاص المهجرين داخلياً للعودة بأمن وسلام إلى ديارهم
يعيش حوالي 600000 لاجئ في جنوب السودان بسبب النـزاع مع الشمال في مخيمات اللاجئين في الكونغو وأوغندا وكينيا وإثيوبيا وإريتريا ومصر وجمهورية أفريقيا الوسطى. وإضافة إلى ذلك هناك حوالي 2500000 لاجئ يعيشون حياة بؤس كمهجرين داخلياً في مخيمات مقامة بمعظمهما حول الخرطوم وكردوفان، ويُحرم العديد منهم من الاحتياجات الأساسية من الغذاء ويُحرم أطفالهم من إمكانية تحصيل العلم.
وغالباً ما أقدمت السلطات في الخرطوم على هدم المنازل في المستوطنات الخاصة بالمهجرين المقامة في الخرطوم، واصفةً العملية بأنها جزء من "تجديد المدينة". وكانت عمليات الهدم لا تزال مستمرة خلال الأسابيع الماضية. ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2004، هُدمت منازل ما لا يقل عن 11000 مهجر في شيكان، وهي مستوطنة مقامة شمال الخرطوم؛ وغالباً ما يضطر المهجرون إلى المغادرة من دون سابق إنذار ولا إتاحة الوقت الكافي لهم لنقل أمتعتهم؛ وغالباً ما يُرسلون إلى مناطق غير صالحة لسكن الإنسان بعد.
وفي دارفور لا يجرؤ الأشخاص المهجرون داخلياً البالغ عددهم 1,65 مليون نسمة واللاجئون البالغ عددهم 200000 نسمة في شرق تشاد على العودة إلى ديارهم، خوفاً من الهجمات وانتهاكات حقوق الإنسان وعمليات النهب والسلب التي ترتكبها الميليشيات. والذين يعيشون في دارفور خسروا منازلهم بصورة مؤقتة؛ أما الذين يعيشون في أجزاء عديدة من الجنوب، مثلاً في منطقة النيل الأعلى، فقد هُجروا قسراً في إطار سياسة ترمي إلى إخلاء المناطق النفطية من سكانها. وشهد البعض، مثل العديدين من أبناء النوبة الذين كانوا يعيشون في السهل، احتلال أراضيهم من قبل آخرين استقروا فيها، معظمهم مزارعون من جماعات أمطار الأنهار. ويتصور إطار بعثة التقييم المشترك تشكيل لجنة معنية بالأراضي تُزوَّد بالتمويل اللازم.
ورغم أن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ما فتئت تعمل منذ سنوات عدة بشأن الحاجة إلى ضمان عودة المهجرين داخلياً واللاجئين بسلام وأمن، بما في ذلك الحاجة إلى تأمين خدمات مثل المياه والصحة والتعليم، إلا أنه لم تصل إلى مناطق الجنوب التي يعود إليها اللاجئون والمهجرون تغييرات تذكر.
التوصيات :
ينبغي لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلاد أن تخلق الآن وبصورة ملحة بيئة آمنة تمكِّن اللاجئين والمهجرين داخلياً من العودة بأمان وكرامة.
ينبغي على بعثة الأمم المتحدة في السودان أن تتولى مهام النهوض والعودة والانخراط بطريقة منسقة يجب أن يستمر فيها مكتب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأداء دور مركزي، بالتعاون مع الهيئات والصناديق والبرامج الأخرى، في تسهيل العودة التطوعية ومراقبة سلامة اللاجئين والمهجرين داخلياً الذين يختارون العودة من تلقاء أنفسهم.
من الأهمية بمكان اتباع مقاربة مرحلية تشمل المعايير الدولية لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين والتمسك بها لضمان حماية اللاجئين والمهجرين السودانيين وعودتهم الآمنة والمشرِّفة إلى ديارهم الأصلية. والتقاعس عن احترام المعايير الدولية بدقة سيؤدي حتماً إلى تجدد دورات التهجير.
ينبغي على حكومات الدول المانحة ممارسة الضغط على الحكومتين السودانيتين لضمان عدم تشريد المهجرين داخلياً المعرضين للانتهاك جراء هدم منازلهم. ولا يجوز لمثل هذا التدمير أن يحدث أبداً إلا إذا تمت فعلاً إقامة مخيمات أخرى مزودة بمرافق وافية لمساعدة المهجرين وبالتشاور معهم.
14. إعادة هيكلة الآليات الخاصة بمنح المعونات الإنسانية وتسجيل المنظمات غير الحكومية
من الضروري تسجيل المنظمات الداخلية والخارجية ومراقبتها، لكن نظام تسجيل المنظمات السودانية والدولية وتسهيل عملها استُخدم بثبات كوسيلة لمراقبة وتقييد أية أنشطة يمكن أن تنطوي ضمنياً على انتقاد لأفعال الحكومة السودانية أو الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وتتولى لجنة المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السودانية مسؤولية تقديم المعونات وكذلك تسهيل وإدارة المساعدات الإنسانية الواردة من الخارج. وفي الأغلبية الساحقة من الأوقات يعمل موظفو لجنة المساعدات الإنسانية كشعبة إضافية لقوات الأمن مكلفة بمراقبة عمال الإغاثة وليس كمنظمة تهدف إلى تسهيل عملهم. وغالباً ما تعيق أنشطتهم المتعلقة بإشرافهم على جميع عمليات تسليم المساعدات الإنسانية، وصول المعونات الإنسانية إلى المناطق أو الأشخاص الذين يحتاجونها.
وفي أغلب الأحيان، تؤخر لجنة المساعدات الإنسانية تسجيل المنظمات الإنسانية. والمنظمات الإنسانية الدولية التي أثارت أسئلة علنية حول انتهاكات حقوق الإنسان أو طرحت مثلاً أسئلة تتعلق بالحقوق الإنسانية للمهجرين داخلياً أو سواهم تعرضت غالباً للمضايقات وألقي القبض على موظفيها أحياناً وطُردوا من البلاد.
كذلك استخدمت جمعية الإغاثة والتأهيل السودانية، وهي ذراع الإغاثة التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان، القسوة والعنف بصورة متكررة للسيطرة على المنظمات الدولية المسموح لها بالعمل أو تلك غير المسموح لها بالعمل في الجنوب. ولا يتاح أي مجال يُذكر لمنظمات المجتمع المدني في جنوب السودان للعمل بصورة مستقلة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان.
التوصيات :
لا يجوز تأخير عمل المنظمات الإنسانية بصورة غير معقولة أو وضع العراقيل في طريق الأنشطة الإنسانية المستقلة والحيادية.
ينبغي على المانحين أن يتأكدوا من أن الآليات المالية والتمويلية، مثل الاقتراح النرويجي القاضي بإنشاء صندوق ائتمان يموله مانحون متعددون من أجل الجنوب، لا يسمح للحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان بمواصلة السيطرة على أنشطة المنظمات غير الحكومية السودانية والدولية.
ينبغي على المانحين أن يظهروا دعمهم لتعزيز قدرات واستقلالية منظمات المجتمع المدني السوداني بتمويل المشاريع والدعوة إلى خلق بيئة لحقوق الإنسان مواتية لمزاولة هذه المنظمات لأنشطتها.
الخلاصة
منح التوقيع على اتفاقية السلام الشاملة بعض الأمل للشعب السوداني. وقد أعدت بعثة التقييم المشترك إطاراً مهماً من أجل ترجمة هذا الأمل إلى حقيقة واقعة. بيد أنه من دون توافر إرادة حقيقية للتغيير في اتجاه حقوق الإنسان، ستخيب آمال الشعب. وهناك تدابير فورية لا تحتاج إلى تمويل يمكن للحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان اتخاذها لتُثبتا بشكل محسوس التزامهما بتحقيق السلام الدائم. وينبغي على المانحين أن يساندوا تطلعات الشعب السوداني الذي يطالب بأن يكون السلام موازياً لاحترام حقوقه وحمايتها وإعلاء شأنها.
من موقع منظمة العفو الدولــــية(حقوق الانسان
عزه حامد-السودان \الخرطوم