مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

توصيات إلى الجهات المانحة التي تمول السودان بقلم عزه حامد-السودان \الخرطوم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/21/2005 3:19 م

توصيات إلى الجهات المانحة التي تمول السودان
مقدمة
تعقد الجهات المانحة التي تمول السودان اجتماعاً يومي 11 و12 إبريل/نيسان في أوسلو في مؤتمر تستضيفه النرويج، وهي أحد الوسطاء الدوليين في اتفاقية السلام الشاملة التي وُقعت في 9 يناير/كانون الثاني 2005 لوضع حد لعقدين من النـزاع الذي دار بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. ويظل السودان مكاناً غير آمن بدرجة كبيرة للشعب السوداني الذي تظل حقوقه الإنسانية تُنتهك بصورة يومية. وإذا أراد المانحون ضمان حصول الشعب السوداني على "ثمرة السلام"، عليهم أن يستثمروا في حماية الحقوق الإنسانية لجميع السودانيين. ويجب أن يراقبوا الأموال المرسلة إلى السودان، استناداً إلى مقاييس وتقييم وإشراف واضح للتأكد من أن الشعب السوداني هو الذي يستفيد وليس أولئك الذين ينتهكون حقوقه الإنسانية.
وتتضمن العملية الجامعة لبعثة التقييم المشترك المسماة إطار من أجل السلام والتنمية المستدامين والقضاء على الفقر (والتي يشار إليها فيما يلي بإطار بعثة التقييم المشترك) والتي أجراها البنك الدولي والأمم المتحدة مع الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان والتي أطلقت في 10 إبريل/نيسان 2005، تتضمن لمحة عامة عن أولويات التنمية حتى نهاية العام 2007.
ويجب أن تحقق البرامج التي تمولها الجهات المانحة تغييراً حقيقياً في حياة الشعب السوداني. ومع هذا الهدف تقدم منظمة العفو الدولية إلى الجهات المانحة التوصيات المهمة التالية فيما يتعلق بعدد من بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في إطار بعثة التقييم المشترك. وهي ليست شاملة. كذلك تشير المنظمة إلى بعض النواحي التي أغفلها الإطار والتي ينبغي على المانحين أن ينظروا في تمويلها.
إطار بعثة التقييم المشترك
ترحب منظمة العفو الدولية بإطار بعثة التقييم المشترك الذي يشدد على دمج حماية حقوق الإنسان وقضايا النوع الاجتماعي على جميع المستويات في كل من شمال السودان وجنوبه. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن التشديد على القيادة (الحوكمة) الجيدة وتمكين الشعب وإصلاح القضاء والنظام القانوني وسيادة القانون وحرية التعبير ودور وسائل الإعلام الحرة، سيكون إيجابياً بالنسبة لحقوق الإنسان إذا عُمل به. ويقر إطار بعثة التقييم المشترك بأن برامج المراقبة والتقييم ستكون حاسمة ويشدد على أنه يجب ألا تتولاها هيئات المراقبة والتقييم فقط ومن خلال بجمع الإحصاءات والمعطيات الجيدة، بل أيضاً من خلال ضمان حرية التعبير ورفع القيود الحالية المفروضة على وسائل الإعلام في السودان.
وتُشكل حقوق الإنسان والمساواة بين الجميع، بصرف النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم، أمام القانون أمراً أساسياً يجب أن ينظر فيه المانحون لأن العديد من المشاكل التي يواجهها السودان ناجمة عن انعدام الاحترام لحقوق الإنسان. وأدى التهميش الذي تشتكي منه معظم المناطق، إلى ممارسة التمييز في الحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتبين مأساة دارفور، التي تفاقمت خلال العام 2003، بينما كانت القوى الدولية تركز على عملية السلام بين الشمال والجنوب، المخاطر التي تنطوي عليها التضحية ببواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان من أجل متابعة عملية السلام. والمقايضة بين حقوق الإنسان من أجل إحلال السلام أو تحقيق التنمية الاقتصادية نصيبها الفشل وهي مكلفة جداً من الناحية المالية وكذلك على صعيد الأرواح والأرزاق.
وبالنسبة للحكومة الوطنية (التي ستُشكل مع الحكومة السودانية الحالية وأعضاء الحركة الشعبية لتحرير السودان – ولتشمل الولايات الشمالية و"المناطق الثلاث" – جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وأبيي التي ستتمتع بوضع إقليمي خاص)، فإن المبلغ الإجمالي المطلوب من المانحين هو 1,2 مليار دولار. وبالنسبة لحكومة جنوب السودان، فإن مجموع المبلغ التقديري المطلوب من المانحين هو 1,4 مليار دولار. أما المتبقي من مبلغ الـ 7,9 مليار دولار تقريباً واللازم لتمويل الأولويات التي حددتها بعثة التقييم المشترك – 3,1 مليار دولار للحكومة الوطنية و2,1 مليار دولار لحكومة جنوب السودان – فيجب وفقاً لإطار بعثة التقييم المشترك، تغطيته بالتمويل المحلي.
ويشدد إطار بعثة التقييم المشترك على الحاجة إلى الشفافية والمساءلة. والهدف الثاني من استراتيجية النقاط العشر للقضاء على الفقر، والذي اتفق عليه الطرفان (الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان) يلزمهما بـ :
"إقامة هيكل قيادة لا مركزي متعدد الطبقات يشمل الحكومة الوطنية وحكومة جنوب السودان والولايات والمستويات المحلية المناسبة، ويتميز بالشفافية والمساءلة والتوزيع العادل للموارد"؛
ويشدد هدف آخر على :
"تمكين المجتمعات المحلية والجماعات المعرضة للانتهاك ومنظمات الشبيبة والمرأة والمجتمع المدني".
حقوق الإنسان في إطار بعثة التقييم المشترك
يُفترض بإطار بعثة التقييم المشترك أن يحوِّل حكومة وحركة تحرير وطني تصرفتا حتى الآن كما لو أنهما لا تخضعان للمساءلة عن أفعالهما ولم تبديا درجة تذكر من الحرص على حماية حقوق الإنسان وعلى جعل النوع الاجتماعي من ضمن الاهتمامات الرئيسية وعلى حرية التعبير والشفافية والعدالة إلى حكومتين تحترمان حقوق الإنسان وترسيان سيادة القانون وتصغيان إلى أصوات المجتمع المدني. وقد حدثت تأخيرات خطيرة حتى في تنفيذ أهداف التسعين يوماً الأولى من اتفاقية السلام الشاملة الموقعة في 9 إبريل/نيسان، وستكون مشكلة المساءلة خلال السنوات المقبلة أساسية.
وتقاعست الحكومة السودانية حتى الآن في الوفاء بواجباتها الخاصة بحقوق الإنسان بموجب المعاهدات الدولية الإنسانية والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي تشكل دولة طرفاً فيها : اتفاقيات جنيف للعام 1949 التي صادق عليها السودان في العام 1957؛ والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذان صادق عليهما في العام 1986 واتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها في العام 1990. وتشكل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبتها الحكومة السودانية والميليشيات المدعومة من الحكومة في دارفور منذ العام 2003 تكراراً للجرائم التي ارتُكبت ضد شعب النيل الأعلى في خط الاستواء وبحر الغزال وجبال النوبة وغيرها من المناطق الواقعة في جنوب السودان على مدى أكثر من 20 عاماً من النـزاع. وتظل الحكومة تنكر انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها المسؤولون الحكوميون والميليشيات المتحالفة معهم. وطالما استمر قتل المدنيين بصورة غير قانونية في السودان، سيظل السلام مجرداً من أي معنى بالنسبة للسودانيين.
وفي بعض مناطق شمال السودان، غالباً ما وسَّع المجتمع المدني النشط والمنظمات غير الحكومية حدود التحرك المسموح بها لهم إلى أقصى مدى لها، مع دفع ثمن شخصي في أغلب الأحيان. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان، بعد سنوات عديدة جداً من الصراعات ومن تدمير المجتمعات والبنى الأساسية المدنية، يعمل المجتمع المدني بصعوبة بالغة ضمن إطار العنف وانتشار الأسلحة الصغيرة والغياب شبه التام لوسائل الإعلام والإمكانيات. وقد استُبعد المجتمع المدني السوداني بالكامل من عملية السلام التي أدت إلى التوقيع على اتفاقية السلام الشاملة. وفي منتدى المجتمع المدني السوداني الذي عُقد من 7 إلى 9 إبريل/نيسان 2005، قبل انعقاد مؤتمر المانحين الخاص بالسودان، اشتكت المنظمات السودانية أيضاً من تقصير بعثة التقييم المشترك في إشراكها بصورة وافية في المباحثات المتعلقة بمستقبل السودان.
وفيما يتعلق بالمنظمات الدولية، حاولت الحكومة السودانية، غالباً من خلال لجنة المساعدات الإنسانية التابعة لها، السيطرة على المنظمات الإنسانية الدولية في الشمال؛ ونجحت الحركة الشعبية لتحرير السودان، عن طريق ذراع الإغاثة التابعة لها، وهي الجمعية السودانية للإغاثة والتأهيل، في ضمان دخول منظمات المساعدة الإنسانية التي تقبل بها فقط إلى الجنوب.
لقد كانت عملية إنفاق الميزانية السودانية في الماضي تفتقر إلى الشفافية، وعززت بعض البرامج الرسمية للإنفاق في الماضي من التمييز لمصلحة بعض المناطق على حساب مناطق أخرى، ما أدى إلى توزيع الأموال بشكل غير متوازن وقائم على التمييز بسبب انعدام المساءلة.
لذا يساور منظمة العفو الدولية القلق إزاء الاقتراح الذي قدمته وزيرة التنمية النرويجية، في افتتاح منتدى المجتمع المدني السوداني في 7 إبريل/نيسان 2005 والقاضي بإقامة علاقة تعاقدية بين وزراء حكومة جنوب السودان والمنظمات غير الحكومية لتأدية الخدمات. وقد جادلت الوزيرة بالقول إن جميع أموال المانحين يجب أن تودع في صندوق ائتمان يديره ويراقبه البنك الدولي، لتفادي غياب التنسيق وتعزيز قدرات جنوب السودان في المستقبل. وهناك خطورة في أن يؤدي السماح لحكومة جنوب السودان بالتعاقد مع جميع المنظمات غير الحكومية إلى استبعاد منظمات المجتمع المدني التي لا تُعتبر متعاطفة مع حكومة جنوب السودان. وكما قالت الوزير نفسها، فينبغي أن يكون المجتمع المدني بمثابة هيئة رقابية، ويتعين على المانحين التأكد من منح الأموال لتمويل مشروعات المنظمات غير الحكومية. ومساندة استقلال المجتمع المدني وطاقاته وتوفير بيئة مواتية له يشكلان الاستثمار الأفضل في السلام الدائم.
وما لم تُتخذ تدابير فعالة لضمان وصول المساعدات إلى المستهدفين المرجوين والوفاء بالأهداف المحددة في التقييم المشترك، سيظل هناك خطر شديد في عدم الاستفادة الكافية من الموارد التي التزمت الجهات المانحة بتقديمها في المؤتمر الذي يُعقد في أوسلو أو في إساءة استخدامها أو حتى استخدامها لارتكاب مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان، عوضاً عن أن يستفيد منها الشعب السوداني الذي انتظر طويلاً، وبصبر وأناة، تحقيق السلام والتنمية.
توصيات إلى الجهات المانحة التي تمول السودان
1. الوفاء بالواجبات المتعلقة بحقوق الإنسان بموجب اتفاقية السلام الشاملة
لقد تقاعست الحكومة السودانية حتى الآن عن الوفاء بالواجبات المترتبة عليها تجاه حقوق الإنسان، وينبغي على الجهات المانحة أن تصر على وجوب اتخاذ بعض الإجراءات قبل انتهاء مؤتمر المانحين.
إن اتفاقية المشاركة في السلطة، التي اتُفق عليها في مايو/أيار 2004 ووُقعت في يونيو/حزيران 2004، تحدد بشيء من التفصيل معايير حقوق الإنسان المجسدة في المعايير الدولية التي صادقت عليها الحكومة السودانية ووعدت الحركة الشعبية لتحرير السودان بالتمسك بها. وإن عدداً من حقوق الإنسان الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مدرج بصورة محددة في اتفاقية المشاركة في السلطة ويشمل : الحق في الحياة؛ والحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي؛ والحق في عدم الاستعباد؛ والحق في عدم التعرض للتعذيب؛ والحق في محاكمة عادلة، والحق في التعليم والحق في حياة خاصة (الخصوصيات)؛ والحق في حرية الفكر أو الوجدان أو الدين؛ والحق في حرية التعبير؛ والحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والاجتماع؛ والحق في تكوين أسرة والزواج؛ والحق في التصويت؛ والحق في المساواة أمام القانون؛ والحق في عدم التعرض للتمييز؛ والحق في حرية التنقل؛ والحق في إنجاب الأطفال؛ والحقوق المتساوية بين الرجال والنساء.
ويجري تقييد العديد من هذه الحقوق وانتهاكها في السودان اليوم. وخلال الأسبوع المنصرم، جرت اعتقالات جديدة لأعضاء حزب الأمة الذين نظموا احتفالات لإحياء الذكرى العاشرة للمظاهرات التي أطاحت بحكومة الرئيس النميري في العام 1985. وفي هذه الأثناء مُنع عضو برلمان ولاية جنوب دارفور علي حسين دوسا الذي قبض عليه في العام 2004 وتعرض للتعذيب، من السفر والمشاركة في اجتماع لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي عُقدت في جنيف في إبريل/نيسان 2004.
وهناك خطوات فورية يمكن للسلطات السودانية اتخاذها ولا تحتاج إلى تمويل، بل إلى الإرادة السياسية، ويمكن أن تجعل حياة السودانيين أفضل بصورة سريعة وملحوظة.
أ) فيما يتعلق بالحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي، هناك العديد من المعتقلين السياسيين الذين أُلقي القبض عليهم وظلوا رهن الاعتقال طوال شهور بدون تهمة أو محاكمة، أحياناً بدون إعطائهم أية أسباب لاعتقالهم وبدون أي اتصال بالعالم الخارجي. فعلى سبيل المثال، زُج بمأمون عيسى عبد القادر، وهو زعيم محلي في دارفور، من نيَرتيتي، في السجن منذ فبراير/شباط 2004 بدون تهمة أو محاكمة ولم تزره عائلته إلا مرتين. ويتضمن ملحق مرفق بهذه الورقة قائمة بأسماء الذين تحتجزهم الحكومة السودانية الآن بدون تهمة أو محاكمة. وهناك تطور جديد مقلق طرأ منذ سبتمبر/أيلول وهو عودة ظهور "بيوت الأشباح" – وهي شقق سرية يحتجز فيها المعتقلون بمعزل عن العالم الخارجي وغالباً ما يتعرضون للتعذيب.
التوصية :
ينبغي على الحكومة السودانية إثبات التزامها باحترام وعود حقوق الإنسان التي قدمتها مرات عديدة، بالسماح لجميع المعتقلين السياسيين بمقابلة محاميهم وعائلاتهم بصورة فورية ومنتظمة. ويجب إطلاق سراح المعتقلين لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير من دون استخدام العنف أو الدعوة إليه، على الفور ودون قيد أو شرط؛ ويجب إطلاق سراح الآخرين إلا إذا قُدَِّموا دون إبطاء إلى محاكمة عادلة تتوافق مع المعايير الدولية المتعلقة بالتهم الجنائية المعروفة.
ب) وفيما يتعلق بالحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب، قامت الحكومة بدور فاضح في إرسال الجنود ودعم الميليشيات لارتكاب أعمال القتل في دارفور أو بحر الغزال أو النيل الأعلى. وفشلت لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة السودانية في إجراء تحقيقات جدية أو إصدار تقارير علنية. ولم تنشر على الملأ قط الخلاصات التي توصلت إليها لجان التحقيق التي شُكِّلت في مقتل أكثر من 20 شخصاً، معظمهم من بيجا، خلال وبعد المظاهرات التي جرت في بور سودان في 29 يناير/كانون الثاني 2005. وإضافة إلى ذلك، ما فتئت منظمة العفو الدولية تتلقى أنباء بصورة متكررة حول تعذيب المعتقلين في الحجز. وفي دارفور يتفشى التعذيب وغالباً ما يكون منهجياً. وفي سبتمبر/أيلول 2004، عند إلقاء القبض على عشرات الأشخاص الذين يشتبه في انتمائهم إلى عضوية المؤتمر الشعبي، توفي في الحجز طالبان هما شمس الدين إدريس، وهو طالب نوبي، وعبد الرحمن سليمان آدم من دارفور، بعد تعرضهما كما يبدو للضرب على أيدي أفراد في قوات الأمن الوطني. وقد وعدت الحكومة بإجراء تحقيق في وفاتهما، لكن لم يتم قط نشر نتائج هذا التحقيق على الملأ.
التوصيات :
لإثبات التزام الحكومة السودانية باحترام الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب، يجب عليها إعلان النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق هذه قبل انتهاء مؤتمر المانحين.
يجب أن يدعو المانحون الحكومة إلى تقديم الأشخاص الذين يشتبه في أنهم مرتكبو عمليات القتل في بور سودان في سبتمبر/أيلول 2004 إلى العدالة.
ج) فيما يتعلق بالحق في محاكمة عادلة، ما زالت المحاكم الجنائية الخاصة في دارفور تصدر أحكاماً على أشخاص في محاكمات تجيز قبول استخدام أقوال انتُزعت تحت وطأة التعذيب كأدلة وتقيد حق المتهم في تقديم استئناف. وفي جميع المحاكم، تصدر على المتهمين أحكام، بما فيها أحكام بالإعدام، غالباً بدون وجود محام للدفاع عنهم. فعلى سبيل المثال، حُكم على نجم الدين عبد الله بالإعدام من دون وجود محامٍ للدفاع عنه في قضية نظرت فيها المحكمة الجنائية العامة في دمازين العام 2003. وكان نجم الدين في الخامسة عشرة من عمره عند ارتكاب الجرم المزعوم. وتشير اتفاقية حقوق الطفل التي يشكل السودان دولة طرفاً فيها إلى أنه "لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام ولا السجن المؤبد بدون إمكانية لإطلاق السراح بالنسبة للجرائم التي يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً".
ولا يستفيد مئات الأشخاص الذين تحكم عليهم محاكم النظام العام بالجلد من وجود محام أو أي حق جدي في الدفاع قبل فرض أحكام الجلد التي تُنفَّذ فوراً.
التوصيات :
لإثبات التزام الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بالمحاكمات العادلة، عليهما إصدار إعلان فوري بأنه يحق لجميع المتهمين بارتكاب جرم جنائي الحصول على مساعدة قانونية مجانية.
يتعين على المانحين المساعدة على تمويل وتدريب شبكة من المحامين السودانيين المستقلين الذين يمكنهم أن يقدموا مساعدة قانونية مجانية إلى جميع المعتقلين.
ينبغي على المانحين أن يصروا على أن يفي الوفد السوداني قبل انتهاء مؤتمر المانحين بجميع الالتزامات المدرجة أعلاه.
2. ضمان التمويل الكافي للمحكمة الجنائية الدولية
أعطت الحصانة من العقاب التي مُنحت لأولئك الذين ارتكبوا جرائم خطيرة منصوص عليها في القانون الدولي ضد المدنيين في جنوب السودان الجناة رسالة مفادها أنه يمكن ارتكاب هذه الجرائم مرة أخرى في دارفور والإفلات من العقاب. وقد جادلت منظمة العفو الدولية بأن جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في السودان، أكان في جنوب السودان أو دارفور أو في شمال السودان، يجب أن تحال إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية. وقد أحال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 الوضع في دارفور، لكن ليس في السودان بأكمله، إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية. ويجب النظر إلى هذا القرار كخطوة أولى لوضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب في السودان وكرسالة قوية مفادها أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في السودان لن تمر دون عقاب.
ولم يقدم قرار مجلس الأمن الدولي 1593 أي تمويل من جانب الأمم المتحدة إلى المحكمة؛ بل ينص القرار صراحة على أنه لا يجوز أن يأتي التمويل من ميزانية الأمم المتحدة. بيد أنه يشجع جميع الدول على الإسهام في صندوق ائتمان خاص بالضحايا.
التوصيات :
يجب على الدول المانحة أن تحذو حذو كندا التي قدمت مؤخراً تبرعاً بقيمة 200000 دولار إلى المحكمة الجنائية الدولية وأن تكفل تقديم أموال كافية إلى المحكمة المذكورة وصندوق الائتمان الخاص بها. ولا يجوز أن تتضمن هذه التبرعات أية قيود.
يجب على الدول المانحة أن تكفل وفاء الحكومة الوطنية وحكومة جنوب السودان بواجبهما المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن 1593 في التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية.
ينبغي على الدول المانحة، شأنها شأن جميع الدول، عقد اتفاقيات تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، توافق بموجبها على اعتقال وتسليم أي شخص موجود في أراضيها أو خاضع لولايتها تصدر بحقه مذكرة اعتقال عادية أو مؤقتة عن المحكمة، والتعاون التام مع المحكمة في عمليات الاستجواب والتحقيق والمقاضاة الأولية.
3. آليات السلام والمصالحة بجب أن تكفل عدم الإفلات من العقاب وتوفير سبل الانتصاف لضحايا الجرائم الماضية
شدد إطار بعثة التقييم المشترك عدة مرات على الحاجة لوضع آليات للسلام والمصالحة؛ أما الحاجة لمعارضة ظاهرة الإفلات من العقاب وضمان دفع تعويضات عن الجرائم الماضية المنصوص عليها في القانون الدولي فلا ذكر لها على الإطلاق. بيد أن ضمان إقامة العدل يشكل عنصراً ضرورياً لضمان عدم تكرار الجرائم، وتحقيق المصالحة والمساعدة على إنهاء القضية بالنسبة للضحايا. وقد أُصيب الشعب السوداني، وبخاصة في الجنوب، بصدمات أليمة جراء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تعرضت لها مجتمعاته المحلية.
ولا يجوز للمانحين أن يتغاضوا عن الدعوات الموجهة لوضع آليات للعدالة والمصالحة للتصدي للجرائم التي ارتُكبت في إطار النـزاع بين الشمال والجنوب؛ ولن تساعد هذه الآليات ملايين الضحايا وحسب، وفي الحقيقة السودانيين ككل، على التغلب على آلامهم؛ بل إنها ضرورية أيضاً لتفادي الانتقام والعودة إلى الحرب.
التوصيات :
ينبغي على المانحين، إضافة إلى تمويل المحكمة الجنائية الدولية، أن يتعهدوا أيضاً بتمويل الخطة الوطنية الشاملة وطويلة الأجل لوضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب المذكورة في قرار مجلس الأمن 1590. وعليهم أن يصروا، وفقاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول سيادة القانون، على وجوب إعداد هذه الخطة بالتشاور الوثيق مع المجتمع المدني السوداني.
لم يتم بعد تشكيل اللجنة الدولية للتعويضات، التي اقترحتها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بدارفور؛ كذلك يجب تشكيل لجنة تعويض على ضحايا الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في النـزاع بين الشمال والجنوب.
ينبغي على المانحين أن يمولوا صندوق ائتمان يقدم تعويضات كاملة، تشمل رد الحقوق والتعويض المادي والتأهيل والرضاء والضمانات بعدم التكرار إلى الضحايا وعائلاتهم. ويجب أن تتضمن لجان التعويض في الجنوب والمناطق الثلاث ودارفور شُعباً خاصة للتعويض على ضحايا الاغتصاب والتأكد من انخراط الأطفال الذين وُلدوا نتيجة الاغتصاب في المجتمع. وبالتشاور مع المجتمع المدني السوداني، ينبغي على المانحين تمويل برامج تأهيل ضحايا الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.
4. مراجعة القانون وسيادة القانون والقضاء
تظل حالة الطوارئ قائمة. وتجيز قوانين الطوارئ للسلطات السودانية اعتقال الأشخاص إلى أجل غير مسمى، وبدون تهمة أو محاكمة وتفريق المظاهرات السلمية وانتهاك حقوق الإنسان تحت ذريعة محاربة التمرد.
ولن تُشكل سيادة القانون ضمانة أساسية للشعب السوداني إلا عندما تتماشى القوانين مع المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان. ولهذا السبب، يجب إجراء مراجعة للقوانين الآن وليس بعد سنة، بناء على توصيات إطار بعثة التقييم المشترك.
وتظل القوانين الجيدة عديمة الفائدة إلا إذا طُبِّقت. وبالتالي ترتبط مراجعة القوانين ارتباطاً وثيقاً بأولئك الذين ينفذونها – أي القضاء والنيابة العامة والشرطة. ولا يمكن إرساء سيادة القانون إلا إذا تم إنفاذ القوانين واحترامها.
و يجب أن يشكل القضاء في الدولة القلعة الأخيرة لحماية حقوق الفرد. وفي الحقيقة، نقضت المحكمة العليا في الخرطوم، أحياناً، القرارات الصادرة عن المحاكم الدنيا التي أصدرت أحكاماً على المتهمين بدون وجود محامين وبناءً على اعترافات انتـُزعت بالإكراه. وأحياناً أوقف أعضاء النيابة الإجراءات القانونية في الحالات التي مارست فيها قوات الأمن التعذيب ضد المعتقلين للحصول على اعترافات زائفة. لكن عدداً كبيراً من أعضاء النيابة قَبِلَ ارتكاب قوات الأمن لانتهاكات حقوق الإنسان، وفرض قضاة عديدون عقوبات قاسية ولاإنسانية ومهينة في محاكمات جائرة من دون أن يستفيد المتهمين من وجود محامين ومن تقديم استئناف.
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان، يجب تعزيز نظام القضاء وسيادة القانون بشكل أساسي. وفي الوقت الراهن لا يملك القضاة سلطة إنفاذ القرارات ضد قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، وبحسب ما ورد يتم إلغاء قراراتهم بصورة متكررة. ويحتاج السودانيون في الجنوب بإلحاح إلى شبكة من المحامين المستقلين الذين يمكنهم تقديم مساعدة قانونية إلى جميع المعتقلين أو المتهمين.
وتشكل السلطة القضائية المستقلة والحيادية حجر الزاوية للحق في محاكمة عادلة في القانون الدولي. وتكفل خدمة مصالح العدالة ومستلزمات الإنصاف وسيادة القانون بالمعنى الواسع، بما في ذلك منع إساءة استخدام السلطة من جانب السلطة التنفيذية على كافة المستويات والمؤثرات السياسية الأخرى على إنفاذ القانون والعدالة.
التوصيات :
كخطوة أولى لإظهار جديته إزاء سيادة القانون، ينبغي على رئيس السودان أن يلغي قوانين الطوارئ فوراً قبل انتهاء مؤتمر المانحين.
في إطار مراجعة القوانين التي يتصورها إطار بعثة التقييم المشترك، يجب المبادرة دون تأخير إلى إلغاء المادة 31 من قانون قوات الأمن الوطني (التي تجيز الاعتقال المطول بدون تهمة) والمادة 33 (التي تمنح أفراد قوات الأمن الوطني حصانة من المقاضاة) أو المادة 10(ط) من قانون الأدلة للعام 1993 (الذي يجيز قبول الأدلة التي تم الحصول عليها بواسطة التعذيب)؛
يجب صياغة الإصلاحات القانونية بالتشاور الوثيق مع المجتمع المدني السوداني، بمن فيه المجموعات التي تعمل نيابة عن حقوق المرأة.
يجب أن يتلقى أعضاء السلطة القضائية والنيابة في الشمال والجنوب تدريباً على معايير حقوق الإنسان وبخاصة فيما يتعلق بالاعتقال والمحاكمة.
5. إعادة هيكلة الشرطة وإعادة تدريب الجيش ومراقبة مراكز الاعتقال
استخدمت الحكومة السودانية جهازاً أمنياً سرياً غير خاضع للمساءلة لانتهاك حقوق الإنسان مع الإفلات من العقاب. وقد عملت قوات الأمن الوطني السودانية بثبات كأداة قمعية وليس كقوة توفر الحماية للناس. وإن حقيقة استمرار قوات الأمن حتى الآن، بعد مضي ثلاثة أشهر على توقيع اتفاقية السلام الشاملة، في إجراء الاعتقالات التعسفية، وحجز المتهمين بالمعارضة السياسية في الاعتقال المطول بمعزل عن العالم الخارجي من دون تهمة أو محاكمة، واستمرار تلقي المحامين ونشطاء حقوق الإنسان أنباءً عديدة حول التعذيب، كل ذلك لا يعطي أملاً بالتغيير.
ويشدد إطار بعثة التقييم المشترك على إعادة تدريب الشرطة والذي :
"يجب أن يشمل من جملة أمور التعرف على الممارسة الدولية الجيدة؛ ونشر الوعي بحقوق الإنسان والقوانين الملزمة، ومنع الجريمة؛ والتحقيق وأساليب الاستجواب؛ والعلاقات مع القطاعات الأمنية الأخرى. وثمة حاجة لآليات المراقبة والمساءلة في النظام الإصلاحي لاجتثاث الانتهاكات وتعزيز حصول الجماعات المعرضة للانتهاكات، بمن فيهم النساء والأحداث المهجرون على العدل."
ويقول قرار مجلس الأمن الدولي 1590 أيضاً إنه ينبغي على بعثة الأمم المتحدة في السودان (بعثة مساندة السلام التابعة للأمم المتحدة التي سيتم نشرها بموجب اتفاقية السلام) أن تساعد في "إعادة هيكلة قوات الشرطة في السودان، بما يتماشى مع الحفاظ على الأمن بصورة ديمقراطية وأن تعد برامج تدريب وتقييم للشرطة، وأن تساعد على نحو آخر في تدريب الشرطة المدنية" (الفقرة 4(أ) (7)).
التوصيات :
ينبغي على المانحين تمويل عملية إعادة الهيكلة الكاملة لجهاز الأمن الوطني وللجيش في جميع أنحاء السودان. ويجب وضع آليات لتشجيع أعضاء جماعات الأقليات والنساء على الانضمام إلى الهيئات المكلفة بإنفاذ القانون وضمان اندماجهم. ولا يجوز استيعاب المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في القوة التي أُعيدت هيكلتها. ويجب إعادة تدريب جميع قوات الأمن بالكامل. ويجب أن تشمل إعادة التدريب، إضافة إلى النواحي التي أُثيرت في إطار بعثة التقييم المشترك أعلاه، قانون ومعايير دولية مثل معايير الأمم المتحدة الخاصة بالموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين واستخدام القوة والأسلحة النارية. وينبغي مراقبة فعالية التدريب بصورة منتظمة. ويجب أن تتعاون قوات الأمن التي أُعيدت هيكلتها حديثاً تعاوناً وثيقاً مع المجتمعات المحلية، وأن تتسم عملياتها بالشفافية وتخضع للمساءلة.
يتعين على المانحين أن يساعدوا على تمويل نظام تفتيش واضح ومستقل لمراقبة السجون ومراكز الاعتقال، وضمان إنفاذ القانون والمعايير الدولية مثل القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، فيما يتعلق بالأوضاع المعيشية في الاعتقال وضمان مقابلة كل معتقل بصورة منتظمة وعلى انفراد لأفراد عائلته والمحامين.
6. لجنة حقوق الإنسان
يجب إنشاء لجنة حقوق الإنسان الوارد ذكرها في اتفاقية المشاركة في السلطة وتمويلها بصورة صحيحة. ويجب أن تتمكن من العمل باستقلالية تامة وأن تستطيع مقابلة الجميع. ويجب أن يكون أعضاؤها من المشهود لهم بأعلى درجات الاستقلال والاستقامة، وألا تختارهم الحكومة بمفردها، ويجب أن يمثلوا المجتمع بشكل واسع، بما في ذلك ممثلو الجماعات المعرضة للانتهاكات. ويجب أن تتشاور مع المجتمع المدني فيما يتعلق بنوع المساعدة التي تحتاجها لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وبخاصة فيما يتعلق بالجماعات المهمشة والمعرضة للانتهاك. ويجب أن تكون أبوابها مفتوحة للجميع وألا تكون قريبة من مراكز الشرطة أو غيرها من الأماكن التي يمكن أن تُشعر مقدمي الشكاوى بالخوف. ولا يجوز للتقارير الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان أن تتضمن معلومات مختصرة بل تتناول التفاصيل والأسباب الجذرية للقضايا التي تحقق فيها. ويجب حماية الأدلة والشهود. وينبغي أن تكون نتائج تحقيقاتها متاحة للتدقيق أمام المجتمع المدني. وإضافة إلى ذلك، يجب نشر تقارير سنوية لا يجوز أن تنتظر التدقيق فيها من جانب أية هيئة خارجية قبل إطلاع الرأي العام عليها. وينبغي أن تُصدر لجنة حقوق الإنسان توصيات إلى الحكومة والقضاء وغيرهما من الهيئات مع توقع تنفيذها.1

التوصية :
- يجب على المانحين أن يمولوا لجنة حقوق الإنسان التي ينبغي أن تتعاون عن كثب مع اللجان المعنية بالمساواة، بصرف النظر عن الجنس أو المجموعة العرقية، كما هو مبين أدناه. وعليهم استخدام علامات قياس واضحة تكفل عمل لجنة حقوق الإنسان بصورة مستقلة وحيادية وتنفيذ توصياتها في السودان.
7. التشاور مع النساء وتمكينهن؛ دمج قضايا النوع الاجتماعي
ترحب منظمة العفو الدولية بجعل قضايا المرأة "جزءاً" من القضايا الرئيسية في كافة أجزاء إطار بعثة التقييم المشترك. وكما يقول التقرير، في معرض وصفه للنوع الاجتماعي بأنه "قضية جامعة" :
"فإن النساء يتحملن أعباء عمل هائلة ويعانين من التمييز في الشأنين الاقتصادي والعام. وتُدرج تدابير لتعزيز وضع المرأة، بما في ذلك في التعليم والقيادة والحصول على فرص كسب الدخل – ليس فقط لبلوغ أهداف القضاء على الفقر والتنمية البشرية بحذافيرها، بل أيضاً للوفاء بروح اتفاقية السلام الشاملة المتمثلة بإقامة بمجتمع عادل تتاح فيه الفرص للجميع."
ويبلغ عدد النساء في جنوب السودان ضعفي عدد الرجال، وهم بمعظمهم الأكثر حرماناً : "احتمال وفاة النساء في جنوب السودان أثناء الولادة أكبر بعدة مرات من احتمال إكمالهن ثماني سنوات في المدرسة".2
ولا يجوز قبول الدرس المستفاد بأن "حرمان النساء من التمكين يمثل قضية رئيسية" وحسب، بل يجب أن تعمل الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان على تطبيقه، علماً أن أياً منهما لم تضم كما يبدو أية امرأة إلى فرقها التي عملت بشأن إطار بعثة التقييم المشترك، رغم الدعوات التي أطلقتها النساء السودانيات في الجنوب للحصول على 25% من المقاعد في المؤسسات التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان.
التوصية :
يجب على المانحين تمويل تشكيل لجنة للمساواة بين الجنسين لمراقبة شكاوى التمييز التي تقدمها النساء وإعداد تدابير وقائية وتصحيحية ضد جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وينبغي أن تصدر تقريراً مرة واحدة على الأقل في السنة. وينبغي على المانحين أن يتأكدوا من قيام السلطات السودانية بتنفيذ توصيات اللجنة.
8. العمل على وضع حد للتمييز
السودان منقسم بفعل تمييز عرقي وقبلي مستشرٍ بشكل عميق. وقد سعت الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة إلى استخدام الاثنية لاستعداء الفئات بعضها على بعض، وغالباً ما جنَّدت عناصر قواتها على أسس عرقية. وقُتل العديد من المدنيين أو قُبض عليهم على أساس "إثنيتهم". ويجب التصدي للتمييز لتجنب مزيد من النـزاعات في السودان.
وبوصفه دولة طرفاً في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، يجب على السودان أن يحظر، بكافة الوسائل، بما فيها التشريعية، التمييز القائم على العنصر أو العرق أو الدين أو الأصل.
ويمكن للمجتمع المدني السوداني أن يضطلع بدور مهم في الترويج للقضاء على التمييز. وفي منتدى المجتمع المدني، انتخبت منظمات المجتمع المدني في الشمال، امرأة من أصل جنوبي كممثل لها لإلقاء كلمة أمام مؤتمر المانحين، وبالتالي كسرت القوالب الجامدة التقليدية التي تضع الشمال في مواجهة مع الجنوب.
التوصيات :
ينبغي على المانحين أن يمولوا تشكيل لجنة ضد التمييز يجب أن تروج لمبدأ مساواة الجميع أمام القانون، بصرف النظر عن العنصر والعرق والدين والأصل، عن طريق المعلومات والحملات وتسمح للأفراد بتقديم شكاوى حول التمييز.
يجب على المانحين أن يشجعوا مشاركة المجتمع المدني السوداني في التدريب على برامج مناهضة التمييز حول العالم والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات التي تحظر التمييز.
9. مساندة المدافعين عن حقوق الإنسان
يشكل المجتمع المدني النشط والنابض بالحياة أحد مواطن القوة التقليدية للسودان. ويعمل المدافعون عن حقوق الإنسان في كافة أنحاء السودان إما بمفردهم أو بالتعاون مع الآخرين لحماية حقوق الإنسان أو الحريات الأساسية. ويتعرض العديد منهم للتهديد أو للمضايقة أو حتى للاعتقال، من جانب السلطات السودانية. وتُعرِّض ثقافة (ظاهرة) العنف والإفلات من العقاب وتوافر الأسلحة في الجنوب منظمات المجتمع المدني لتهديد يومي. وسيؤدي المدافعون السودانيون عن حقوق الإنسان والمنظمات السودانية لحقوق الإنسان دوراً حيوياً في المستقبل، ويؤسسون على ثقافة حقوق الإنسان في البلاد. وقد راقبوا انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في السودان قبل وصول مراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة (يوجد مراقبو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة في دارفور ويجب نشرهم في إطار بعثة الأمم المتحدة في السودان في سائر أنحاء السودان) وسيواصلون علمهم بعد رحيل الأمم المتحدة؛ لذا يجب دعمهم وحمايتهم.
التوصيات :
يمكن لشبكة اتصالات موثوق بها أن تشكل نوعاً من الحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلاً عن تقديمها وسيلة لنشر المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان. ويتعين على المانحين، بالتشاور مع المدافعين السودانيين عن حقوق الإنسان، تقديم تمويل لإقامة نظام اتصالات مناسب، يتضمن محطة إذاعية مستقلة والاستخدام الرخيص أو المجاني لشبكة الإنترنت.
يجب على المانحين أن يوضحوا للسلطات السودانية أنهم يتوقعون بأن تعمل منظمات حقوق الإنسان في بيئة مواتية وأنه لن يتم تحمل التخويف والمضايقة والاعتقالات والتهديدات الموجهة ضد نشطاء حقوق الإنسان.
10. ضمان الشفافية في توزيع الموارد
أسهم استخراج الموارد، وبخاصة النفط، في بيئات مضطربة في نشوب نزاعات وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في أجزاء عديدة من العالم. وكان النفط ولا يزال سبباً محورياً للنـزاع الذي دار بين شمال السودان وجنوبه. وقُتل عشرات الآلاف من المدنيين الذين يعيشون في المناطق الغنية بالنفط في النيل الأعلى بجنوب السودان بصورة غير قانونية وتعرضوا للتعذيب والتهجير القسري. ويجب توخي الحذر لضمان منح العقود إلى شركات النفط، سواء التي تصدرها السلطات السودانية، أو عقود إعادة البناء التي تدعمها أوساط المانحين، بصورة شفافة بحيث تُستخدم الموارد التي يتم جمعها من أجل السودان لما فيه مصلحة الشعب السوداني.
وأدى النـزاع الدائر في السودان إلى إغلاق الجنوب بمعظمه في وجه المصالح الاقتصادية الخارجية طوال سنوات. وقد يتغير هذا الوضع الآن، ويمكن للجهات الاقتصادية الأجنبية الفاعلة أن تضطلع بدور جبار في جنوب السودان – وهناك حاجة ملحة لضمان عدم تحولها إلى قوة تفاقم من انتهاكات حقوق الإنسان.
وتبين الأبحاث التي جرت مؤخراً في البنك الدولي وسواه وجود صلة قوية بين الموارد الطبيعية والنـزاعات. ووجدت دراسة البنك الدولي أن الدول التي لديها اقتصاديات تعتمد اعتماداً شديداً على صادرات السلع الأولية معرضة بدرجة أكبر لخطر الحرب من الدول التي لا تعتمد عليها. ويصح هذا الأمر بشكل خاص عندما تفتقر الدول إلى المؤسسات الشفافة والشرعية والقادرة على تنظيم تدفق مبالغ كبيرة من العائدات التي تتحقق في فترة قصيرة. وفي هذه الأوضاع، ينشأ لدى المسؤولين الرسميين والسياسيين والعسكريين حوافز وفرص قوية بشكل غير معتاد للسيطرة على العائدات لغرض الكسب الشخصي أو لترجمتها إلى مكاسب سياسية وعسكرية، وحوافز قليلة لاستخدام العائدات من أجل التنمية المستدامة والعادلة. ويقوض هذا النوع من الفساد سيادة القانون بصورة مباشرة. ويجب أن يكون لعملية إعادة البناء في جنوب السودان غرض مركزي هو احترام الحقوق الإنسانية للشعب السوداني وحمايتها وإعمالها.
التوصيات :
ينبغي على المانحين تمويل التعويضات المالية وسواها من التعويضات اللازمة للمدنيين الذين ارتُكبت بحقهم جرائم خطيرة منصوص عليها في القانون الدولي باسم النفط.
يحق للشعب السوداني المشاركة الكاملة في عملية إعادة البناء – ويجب التشاور معه بصورة حقيقية حول احتياجاته المشروعة. وستؤدي العقود التي يتم إرساؤها عن طريق إجراءات غير شفافة لتقديم العطاءات، وبالتالي لا تتقيد بأفضل الممارسات المتفق عليها دولياً، ستؤدي حتماً إلى نزاعات ستتفاقم أكثر جراء التوتر السياسي إذا مُنحت هذه العقود إلى أنصار جماعات أو فئات معينة.
ينبغي على المانحين التشاور مع المجتمع المدني السوداني في تصميم آلية فعالة لمحاربة الفساد وضمان تمكُّن لجنة محاربة الفساد التي ستُشكل بموجب اتفاقية السلام الشاملة من تنفيذ توصياتها.
11. إشراك السكان المحليين
إن حقيقة كون عملية السلام بين الشمال والجنوب قاصرة على فئة قليلة جداً تزيد من أهمية التأكد من وجوب إشراك المجتمع المدني وجميع الأحزاب السياسية في تنفيذ اتفاقية السلام الشاملة وإطار بعثة التقييم المشترك طوال السنوات التي يستغرقها تنفيذهما.
التوصية :
كما أوصى الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره حول سيادة القانون، ينبغي على المانحين أن يعملوا على إشراك السكان المحليين بصورة كاملة في تصميم وتنفيذ المشاريع، وبخاصة إشراك أعضاء الجماعات المهمشة والنساء في مناقشة كافة المشاريع. وقد أدى التقاعس عن القيام بذلك في الماضي والحاضر، إلى إصدار قرارات من دون التشاور أو الاتفاق المسبق المستنير مع جميع أصحاب المصلحة؛ وأسهم ذلك في ظهور جماعات تزعم أنها تحمل السلاح ضد الحكومة، لأنها تشعر بأنها تضررت من المشاريع الاقتصادية الحكومية (مثلاً فيما يتعلق بقناة جونغلي أو سد ميرو).
12. حرية التعبير
يعتبر إطار بعثة التقييم المشترك عن حق أن الالتزام بحرية التعبير أمر أساسي لمستقبل السودان، ويتعلق بوسائل الإعلام وبمجتمع مدني نشط، وبالمساءلة. ويعيق فرض الرقابة على وسائل الإعلام، بما في ذلك مصادرة الصحف أو إغلاقها كما يحصل في السودان، الجدوى المالية لهذه الوسائل. ويشجع على الرقابة الذاتية؟ فعلى سبيل المثال لا يسمح للصحف حالياً وصف الوضع في دارفور بصورة انتقادية أو الكتابة بشكل إيجابي عن قرار الأمم المتحدة حول إحالة قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكما شددت منظمة العفو الدولية مراراً، فإن حرية التعبير والمعلومات ليست مجرد حقوق إنسانية بحد ذاتها، بل إنها تسهم أيضاً في الدفاع عن الحقوق الأخرى وتسمح للناس بالمشاركة في عملية صنع القرار.
ويستلزم الالتزام بإشراك الجميع والتحول الديمقراطي السياسي في النصف الأول من الفترة المؤقتة التخفيف من صرامة الإطار التنظيمي لأنشطة الأحزاب السياسية وضمان حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات. وينطبق الشيء ذاته على وسائل الإعلام وغيرها من منظمات المجتمع المدني، مثل الجامعات والمجموعات الطلابية والمنظمات غير الحكومية للسكان الأصليين والمجموعات النسائية. وهناك دور حاسم لمجتمع مدني ينبض بالحياة في السودان، ليس فقط في تقديم الخدمات، بل أيضاً في الحفاظ على زخم التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد. وينبغي أن يتصرف المجتمع المدني كهيئة رقابية مستقلة، وكداعية للحريات الأساسية وحقوق الإنسان وإشراك الجماعات المحرومة. كما أن لدى الإدارات التقليدية دوراً تؤديه، وبخاصة في الترويج لمبادرات السلام والمصالحة على مستوى القاعدة، وكذلك من حيث المساءلة على المستوى المحلي.
التوصيات :
كخطوة أولى للسماح بحرية التعبير، ينبغي على الحكومة السودانية أن تلغي دون تأخير قوانين الطوارئ والصحافة التي تنتهك الحق في حرية المعلومات والتعبير.
ينبغي على المانحين تمويل المشاريع التي تدعم وسائل الإعلام المستقلة وتوسعها في جميع أرجاء السودان، ولكن في الجنوب بشكل خاص.
13. وجوب توفير الإمكانيات للاجئين والأشخاص المهجرين داخلياً للعودة بأمن وسلام إلى ديارهم
يعيش حوالي 600000 لاجئ في جنوب السودان بسبب النـزاع مع الشمال في مخيمات اللاجئين في الكونغو وأوغندا وكينيا وإثيوبيا وإريتريا ومصر وجمهورية أفريقيا الوسطى. وإضافة إلى ذلك هناك حوالي 2500000 لاجئ يعيشون حياة بؤس كمهجرين داخلياً في مخيمات مقامة بمعظمهما حول الخرطوم وكردوفان، ويُحرم العديد منهم من الاحتياجات الأساسية من الغذاء ويُحرم أطفالهم من إمكانية تحصيل العلم.
وغالباً ما أقدمت السلطات في الخرطوم على هدم المنازل في المستوطنات الخاصة بالمهجرين المقامة في الخرطوم، واصفةً العملية بأنها جزء من "تجديد المدينة". وكانت عمليات الهدم لا تزال مستمرة خلال الأسابيع الماضية. ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2004، هُدمت منازل ما لا يقل عن 11000 مهجر في شيكان، وهي مستوطنة مقامة شمال الخرطوم؛ وغالباً ما يضطر المهجرون إلى المغادرة من دون سابق إنذار ولا إتاحة الوقت الكافي لهم لنقل أمتعتهم؛ وغالباً ما يُرسلون إلى مناطق غير صالحة لسكن الإنسان بعد.
وفي دارفور لا يجرؤ الأشخاص المهجرون داخلياً البالغ عددهم 1,65 مليون نسمة واللاجئون البالغ عددهم 200000 نسمة في شرق تشاد على العودة إلى ديارهم، خوفاً من الهجمات وانتهاكات حقوق الإنسان وعمليات النهب والسلب التي ترتكبها الميليشيات. والذين يعيشون في دارفور خسروا منازلهم بصورة مؤقتة؛ أما الذين يعيشون في أجزاء عديدة من الجنوب، مثلاً في منطقة النيل الأعلى، فقد هُجروا قسراً في إطار سياسة ترمي إلى إخلاء المناطق النفطية من سكانها. وشهد البعض، مثل العديدين من أبناء النوبة الذين كانوا يعيشون في السهل، احتلال أراضيهم من قبل آخرين استقروا فيها، معظمهم مزارعون من جماعات أمطار الأنهار. ويتصور إطار بعثة التقييم المشترك تشكيل لجنة معنية بالأراضي تُزوَّد بالتمويل اللازم.
ورغم أن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ما فتئت تعمل منذ سنوات عدة بشأن الحاجة إلى ضمان عودة المهجرين داخلياً واللاجئين بسلام وأمن، بما في ذلك الحاجة إلى تأمين خدمات مثل المياه والصحة والتعليم، إلا أنه لم تصل إلى مناطق الجنوب التي يعود إليها اللاجئون والمهجرون تغييرات تذكر.
التوصيات :
ينبغي لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلاد أن تخلق الآن وبصورة ملحة بيئة آمنة تمكِّن اللاجئين والمهجرين داخلياً من العودة بأمان وكرامة.
ينبغي على بعثة الأمم المتحدة في السودان أن تتولى مهام النهوض والعودة والانخراط بطريقة منسقة يجب أن يستمر فيها مكتب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأداء دور مركزي، بالتعاون مع الهيئات والصناديق والبرامج الأخرى، في تسهيل العودة التطوعية ومراقبة سلامة اللاجئين والمهجرين داخلياً الذين يختارون العودة من تلقاء أنفسهم.
من الأهمية بمكان اتباع مقاربة مرحلية تشمل المعايير الدولية لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين والتمسك بها لضمان حماية اللاجئين والمهجرين السودانيين وعودتهم الآمنة والمشرِّفة إلى ديارهم الأصلية. والتقاعس عن احترام المعايير الدولية بدقة سيؤدي حتماً إلى تجدد دورات التهجير.
ينبغي على حكومات الدول المانحة ممارسة الضغط على الحكومتين السودانيتين لضمان عدم تشريد المهجرين داخلياً المعرضين للانتهاك جراء هدم منازلهم. ولا يجوز لمثل هذا التدمير أن يحدث أبداً إلا إذا تمت فعلاً إقامة مخيمات أخرى مزودة بمرافق وافية لمساعدة المهجرين وبالتشاور معهم.
14. إعادة هيكلة الآليات الخاصة بمنح المعونات الإنسانية وتسجيل المنظمات غير الحكومية
من الضروري تسجيل المنظمات الداخلية والخارجية ومراقبتها، لكن نظام تسجيل المنظمات السودانية والدولية وتسهيل عملها استُخدم بثبات كوسيلة لمراقبة وتقييد أية أنشطة يمكن أن تنطوي ضمنياً على انتقاد لأفعال الحكومة السودانية أو الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وتتولى لجنة المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السودانية مسؤولية تقديم المعونات وكذلك تسهيل وإدارة المساعدات الإنسانية الواردة من الخارج. وفي الأغلبية الساحقة من الأوقات يعمل موظفو لجنة المساعدات الإنسانية كشعبة إضافية لقوات الأمن مكلفة بمراقبة عمال الإغاثة وليس كمنظمة تهدف إلى تسهيل عملهم. وغالباً ما تعيق أنشطتهم المتعلقة بإشرافهم على جميع عمليات تسليم المساعدات الإنسانية، وصول المعونات الإنسانية إلى المناطق أو الأشخاص الذين يحتاجونها.
وفي أغلب الأحيان، تؤخر لجنة المساعدات الإنسانية تسجيل المنظمات الإنسانية. والمنظمات الإنسانية الدولية التي أثارت أسئلة علنية حول انتهاكات حقوق الإنسان أو طرحت مثلاً أسئلة تتعلق بالحقوق الإنسانية للمهجرين داخلياً أو سواهم تعرضت غالباً للمضايقات وألقي القبض على موظفيها أحياناً وطُردوا من البلاد.
كذلك استخدمت جمعية الإغاثة والتأهيل السودانية، وهي ذراع الإغاثة التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان، القسوة والعنف بصورة متكررة للسيطرة على المنظمات الدولية المسموح لها بالعمل أو تلك غير المسموح لها بالعمل في الجنوب. ولا يتاح أي مجال يُذكر لمنظمات المجتمع المدني في جنوب السودان للعمل بصورة مستقلة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان.
التوصيات :
لا يجوز تأخير عمل المنظمات الإنسانية بصورة غير معقولة أو وضع العراقيل في طريق الأنشطة الإنسانية المستقلة والحيادية.
ينبغي على المانحين أن يتأكدوا من أن الآليات المالية والتمويلية، مثل الاقتراح النرويجي القاضي بإنشاء صندوق ائتمان يموله مانحون متعددون من أجل الجنوب، لا يسمح للحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان بمواصلة السيطرة على أنشطة المنظمات غير الحكومية السودانية والدولية.
ينبغي على المانحين أن يظهروا دعمهم لتعزيز قدرات واستقلالية منظمات المجتمع المدني السوداني بتمويل المشاريع والدعوة إلى خلق بيئة لحقوق الإنسان مواتية لمزاولة هذه المنظمات لأنشطتها.
الخلاصة
منح التوقيع على اتفاقية السلام الشاملة بعض الأمل للشعب السوداني. وقد أعدت بعثة التقييم المشترك إطاراً مهماً من أجل ترجمة هذا الأمل إلى حقيقة واقعة. بيد أنه من دون توافر إرادة حقيقية للتغيير في اتجاه حقوق الإنسان، ستخيب آمال الشعب. وهناك تدابير فورية لا تحتاج إلى تمويل يمكن للحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان اتخاذها لتُثبتا بشكل محسوس التزامهما بتحقيق السلام الدائم. وينبغي على المانحين أن يساندوا تطلعات الشعب السوداني الذي يطالب بأن يكون السلام موازياً لاحترام حقوقه وحمايتها وإعلاء شأنها.
من موقع منظمة العفو الدولــــية(حقوق الانسان
عزه حامد-السودان \الخرطوم

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved