مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ايجابيات ومهددات تطبيق اتفاقية السلام والوحدة كعامل استراتيجى لمواجهة التحديات بقلم امين زكريا اسماعيل/ واشنطون

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/20/2005 6:51 م

ايجابيات ومهددات تطبيق اتفاقية السلام
والوحدة كعامل استراتيجى لمواجهة التحديات

امين زكريا اسماعيل/ واشنطون
[email protected]
تمهيد:
هذه الورقة عبارة عن مجهود متواضع اسهمت به فى مؤتمرى كاودا( مؤتمر كل النوبة الثانى- ومؤتمر كل الاثنيات التى تقطن المنطقة) اللذان عقدان فى المناطق المحررة بجبال النوبة/ جنوب كردفان فى الفترة من 5-13 ابريل 2005م. ولقد اتصل بى العديد ممن حضروا المؤتمر من كل الاثنيات لنشرها، اذا انه رغم خصوصية بعض الجوانب المتعلقة بالمنطقة الا انها قد نصلح لبعض المناطق الاخرى وخاصة المهمشة.
قصدت نشر الورقة بصورتها المتكاملة لان كثيرا من جوانبها يفهم من الصياغ العام للورقة. وقد احتوت الورقة على العديد من الجوانب يمكن اختصارها فى الاتى:( وبامكان القارئ الاكتفاء بقراءة جزئية منها او مجملها):

1- مقدمة.
2- ايجابيات الاتفاقية.
3- مهددات الاتفاق.
4- صراع المركز والهامش.
5- التحديات.
6- المعالجات والحلول.
7- التوصيات.
8- الخاتمة.
9- الهوامش
10- المراجع.

مقدمة:


التحية والتقدير لنضال هذا الشعب وفى مثل هذا اليوم يجب ان نقف تقديرا واعتزازا لارواح شهدائنا وعلى راسهم مفجر الثورة القائد/ يوسف كوه مكى ورفاقة.

و الشكر والتقدير لقيادة اقليم جبال النوبة بالحركة الشعبية لهذه المبادرة التى تنم عن فهم متعمق لطبيعة المرحلة وحساسيتها واهميتها وضرورة الترتيب الجيد لها، لتحقيق اهداف ابناء الاقليم باثنياتهم المختلفة من خلال التحاور والتفاكر والتشاور لتوحيد الخطاب والبرنامج السياسى وتحقيق الوحدة الحقيقية المبنية على مراعاة المصالح العليا للاقليم، والشكر ايضا موصولا للجنة المنظمة لهذا الحدث التاريخى.

كما لايفوتنا ان نهنأ الجميع بالسلام، آملا ان اوفق فى تلمس بعض النقاط التى سيثريها النقاش البناء والهادف ويضيف اليها الكثير.

فالسلام مفهوم واسع يتجاوز الفهم الضيق لايقاف الحرب الى معانى اوسع واعمق تتضمن تغييرا جذريا فى واقع حياة الناس الاجتماعى والاقتصادى والسياسى، وكذلك فهو مربوط بالحقوق الاساسية للانسان وكيفية تطبيقها واكتسابها.

فالسلام لم يأتى مصادفة بل هو نتيجة مجهودات متكاملة ونضال استمر طويلا وبوسائل و آليات مختلفة، ولذلك فان المحافظة علية تتطلب وعى عالى باهمية استمرارية العملية النضالية بتغيير نسبى فى الوسائل والادوات التى يجب اعدادها وتطبيقها بصورة جيدة. لذلك فان الفهم الجيد لمفهوم السلام والتعامل على اساسه هو ما يقود الى الاستفادة من ايجابياته .
ولكن السلام قد يواجهة ببعض المهددات منها ما هو ظاهر ومنها ما هو مستتر وآنى وآخر يظهر حسب ظروف متطلبات كل مرحلة، وهى التحديات الحقيقية التى يجب ان تتضافر الجهود لمواجهتها والحد من حدتها، وهو ما يتطلب توحدا فى البرامج السياسى ووحدة على الاساس الاجتماعى وجهد اقتصادى كبير على المستوى الرسمى والشعبى.

• United We Stand *
• Never cut what can be united*
• Seek at the good in people*
• Give people a second chance, but not third*
• Do not waste time grieving over past mistakes. Learn from them and move on*

أولا: ايجابيات الاتفاقية:

لا نود الخوض فى شرح تفاصيل الاتفاق اذا انه معلوم لدى الغالبية العظمى وقد تعرض له الكثيرين بطرق مختلفة بالشرح والتحليل والنقد ولكننا سنكتفى هنا بالاشارة الى اهم ايجابيات الاتفاق والتى يمكن ان نختصرها فى الاتى:-

1- اوقفت الاتفاقية الحرب التى راح ضحيتها اكثر من مليوني نسمة وتشرد بسببها أكثر من أربعة مليون نسمة، عانوا أسوأ حالات الفقر والبؤس والمرض والجوع والجهل ...الخ.

2- ناقشت الاتفاقية جذور المشكلة السودانية والمناطق المهمشة بصفة خاصة، و التى يمكن ان تكون نموذجا لمناطق أخرى فى السودان.

3- أكد التفاوض ونتائجة أعتراف حكومات السودان بالظلم التاريخى للمناطق المهمشة منذ استقلال السودان والى وقتنا الحالى.

4- شملت الاتفاقية فى برتكولاتها على قضايا متعددة كعلاقة الدين والدولة والسلطة والثروة والترتبات الامنية ..الخ.

5- نتج عن الاتفاق مفوضيات كالارض والبترول وحقوق الانسان والاستفتاء والدستور والانتخابات والتعداد السكانى والتنمية واعادة التعمير....الخ.

6- وضع الاتفاف اساس للتعامل السياسى والتحول الديمقراطى وفقا للدستور وكفالة الحريات. كما حدد نسبا لتداول السلطة فى المرحلة الاولى من الفترة الانتقالية، واسس ديمقراطية بعد السنة الثالثة، كما حدد الاتفاق نسبا لتوزيع الثروة.

7- مهد الاتفاق لتلاقى ابناء الاقليم بكافة اثنياتهم فى المناطق المحررة وداخل وخارج السودان للتفاكر حول ماضى وحاضر ومستقبل اقليمهم،اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.

8- مهد الاتفاق اساسا للتنمية بمفهومها الشامل وخاصة فى المناطق المتأثرة بالحرب.

9- أعترف الاتفاق بالتعدد الثقافى واللغوى والدينى وكذلك اللغة العربية و الانجليزية كلغات للتعامل الرسمى وكلغات للتدريس.

10- أكد الاتفاق على مفاهيم التعايش السلمى والتصالح الاجتماعى.

11- اعاد الاتفاق الحدود الجغرافية للاقليم، وبالتالى فقد يخلق الاتفاق فرصا للتواصل الاجتماعى والاقتصادى والسياسى بين ابناء الاقليم.
12- يعتبر الاتفاق مدخلا لتغيير وجه السودان محليا واقليميا ودوليا.

13- نماذج الاتفاق ستعجل من حل بعض القضايا الاخرى ولاسيما قضايا دارفور وشرق السودان ومفاوضات التجمع الوطنى الديمقراطى حتى يتم مشاركة هذه القوى السياسية فى الحكومة الوطنية المرتقبة.

مهددات الاتفاق:-

هنالك العديد من المهددات على مستوى السودان بصفة عامة وعلى مستوى جنوب كردفان بصفة خاصة، يمكن تلخيصها فى الآتى:-

1- بناء الثقة :

طبيعة الحرب الطويلة والتجارب السابقة لبعض الاتفاقيات، بجانب اختلاف منفستو طرفى الاتفاق واسلوب ادارة شؤنهم، وكذلك برامجهما والتعامل مع قضايا السودان المتنوعة والمعقدة، قد يعيق بناء الثقة بين طرفى الاتفاق. فالحركة الشعبية تسعى الى تغيير جذرى وتحقيق سودان جديد تزال فيه المظالم ويتساوى فيه الجميع، بينما الحكومة ممثلة فى المؤتمر الوطنى تحاول الاستمرارية فى السلطة بكافة الوسائل المتاحة لها، وبالتالى من المتوقع ان يحدث نوع من تقاطع المصالح والاهداف فى منهج ووسائل تطبيق الاتفاق، مما يشكل خطرا على السلام والاتفاق نفسه.

2- آليات ووسائل تطبيق الاتفاق:-

اذا لم تنشأ آليات ووسائل متفق عليها لتفيذ الاتفاق بصورة سليمة خاصة فيما يختص بتوزيع السلطة والثروة وعلاقة الدين بالدولة والعمل الصحيح للمفوضيات المذكورة سابقا فان ذلك سيشكل خطرا ومهددا للسلام.

3- الترتيبات الامنية:-

ما لم تلتزم الاطراف الموقعة للاتفاق بتكوين جيوشها المتحدة مضافا اليها القوات الدولية المرتقبة فى الزمان و المكان المحددين، بجانب التزام الاطراف بالجداول الزمنية لانسحاب القوات والعمل على تعجيل انسحاب القوات الحكومية الفائضة من جنوب كردفان والنيل الازرق، فان ذلك سيحدث ربكة فى توقعات الطرفين ويؤخر من فرص بناء الثقة بين الاطراف.

كما ان بقاء المليشيات العسكرية دون تحديد وضعيتها كما حدده الاتفاق سيكون مههدا حقيقيا للسلام.
هذا بجانب اهمية تذويد لجنة نزع الالغام بخرط حقول الالغام لازالتها فى اسرع وقت ممكن.

وجود عدد من المنظمات الاجنبية فى السودان المندرجة فى قائمة المنظمات الارهابية او الداعمة للارهاب سيشكل خطرا ومهددا للسلام كذلك.

و رغما من شهادة العالم وتوقيع ممثليه على وثيقة السلام ووجود القوات الدولية الا ان الساحة قد لاتخلو من متهور ومخاطر من الانقلابيين ينسف كل مجهودات السلام.

4- حرب دارفور و شرق السودان:-

وجود مناطق تعانى من الحرب وخاصة فى دارفور وشرق السودان سيكون واحد من مهددات استمرارية اتفاق السلام، لذلك يجب ان تسعى الاطراف قبل الشروع فىتنفيذ الاتفاق ميدانيا الى حل عادل لتلك القضايا بجانب مفاوضات التجمع الوطنى الديمقراطى.


5- الاحزاب السياسية:-

اذا لم تعى الاحزاب السياسية خطورة المرحلة و لعب دور ايجابى فى المحافظة على مكتسبات السلام الداعية الى التحول الدمقراطى، فان ذلك سيكون ايضا مهددا للسلام ومدخلا لفوضى سياسية عامة.

أيضا على الاحزاب الموجودة فى المنطقة وفى الهامش بصورة عامة ان تنسق بصورة عالية مع قيادات الحركة الشعبية لتحقيق مكتسبات تصب فى مصلحة سكان الاقليم.

6- تنظيمات المجتمع المدنى:-

اذا لم يتبلور وعى جماعى لاحداث التغيير المطلوب من منظمات المجتمع المدنى ممثلة فى الروابط والاتحادات النسوية والشبابية والطلابية، فان ذلك سيعيق من تطور حركة المجتمع الجماهيرى وسيكون معيقا للسلام.

7- القبلية والادارة الاهلية:-

بالقدر الذى تلعب فيه القبائل واداراتها الاهلية أدوارا ايجابية للمحافظة على السلام، الا انها يمكن ان تكون عائقا اذا لم تعى دورها الايجابى فى المحافظة علية وبنائه.

8- النشاط الاقتصادى:-

(أ)- الزراعة والرعى:-

بما أن النشاط الاقتصادى السائد لدى القطاع العريض من المجتمع السودانى وخاصة فى الريف، هو النشاط الزراعى او الرعوى او المختلط. هذه الانشطة هى نمط لحياة المجموعات السكانية، وغالبا ما تحدث بعض الاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين سواء كانوا ينتمون لمجموعة أثنية واحدة او مختلفة، وهو ما يحدث نتيجة لتجاوز البعض لحدود وحواكير واعراف المنطقة، ولشح المياه والمرعى أحيانا وعدم التزام البعض بمواقيت وخطوط السير، واحيانا لتدخلات المركز واملا11ك البعض للاسلحة، كما تحدث احيانا نتيجة لعدم دراية البعض بالمصلحة المشتركة للاستقرار والسلام والتعايش السلمى، وهو ما قد يكون احد مهددات السلام.

وكما ذكرنا ان السلام يعنى تغييرا فى نمط التفكير، وبالتالى اذا لم يتحول النشاط الاقتصادى الى انتاج الاكتفاء الذاتى والتسويق والتصدير، فان ذلك سيشكل فجوات غذائية بين كل فترة والاخرى، مما يؤثر ايضا فى الخدمات. فتخلف النشاط الاقتصادى بشكله القديم سيبقى على مستوى دخل الفرد فى وضعه المتردى، ويؤكد استمرارية سيطرة الآخرين من خارج الاقليم، وحفاظا على مصالحهم فقد يساهمون فى خلق صراعات داخلية بين المجموعات الاثنية المختلفة وبين الرعاة والمزارعين، وهو ما يشكل عائقا ومهددا للسلام.

وهذا الدور يجب ان تلعب فيه مفوضية الارض دورا كبيرا حتى تتلافى الاحتكاك وتجنب المنطقة تدخلات الغير الانانية التى تقلل من فرص استدامة السلام.

(ب)- التجارة والبنوك:-

الاقليم غنى بالعديد من السلع الاقتصادية التى يجب تداولها على المستوى المحلى وعلى مستوى السودان والتصدير.

ب-1- محليا:-

يجب ان يكون العمل التجارى مضبوطا باسس وقوانين اقليمية، حتى لا يتم استغلال قدرات المواطن البسيط المالية التى تكاد تكون معدومة، كما يجب تشجيع المواطن المحلى على التجارة والاستثمار، ويجب انشاء بنوك وصناديق لتمويلهم.

ب-2- على مستوى التصدير:-

يجب وضع ضوابط لانتاج وتصدير السلع القابلة للتصدير كالقطن والصمغ والبترول ...الخ ومساعدة السكان المحليين للاستفادة القصوى من انتاج وعائدات تلك المنتوجات.
اذ ان احتكار بعض التجار او المركز لتلك السلع دون استفادة السكان المحليين سيساهم فى استمرار دائرة الفقر والجهل والمرض ...الخ وهى احدى مهددات السلام نفسه.

(ج)- المنتوجات الغابية والحيوانية:-

الاقليم يتميز بمنتوجات غابية متنوعة، قد تلعب دورا كبيرا فى تغيير مستوى حياة المواطن المحلى اذا ما وظفت توظيفا اقتصاديا عبر بورصات واسواق محلية وتصديرها لبقية مدن السودان والخارج عبر قنوات ومؤسسات اقتصادية يتحكم فيها المجتمع المحلى وحكومة الاقليم.

كذلك يجب الاهتمام بتطوير تلك الثروات بانشاء بعض المصانع لحفظ وانتاج وتعليب الخضر والفاكهة والالبان ومشتقاتها، مما يحافظ على الفائض من الاتلاف، ويطور الاقتصاد من استهلاكى الى انتاجى- تسويقى، ويبعد من السماسرة والطفيليين، وبالتالى يرتفع دخل الفرد المحلى ومن ثم مستواه المعيشى فى كافة مناحى الحياة. ولكن اذا ما استمرت العقلية التجارية القديمة مستغلة فقر الناس واستكانتهم للسيطرة على قوتهم العملية ومنتجاتهم وثرواتهم وتسويقها وتصديرها، بما يحقق لهم ارباحا طائلة تعاد مرة اخرى الى المنطقة فى شكل سلع تجارية يتحكمون فى اسعارها تستنزف ما يجمعه المواطن البسيط من الانتاج الزراعى او الرعوى، وبالتالى تظل دوامة الفقر وحلقتها المغلة والمفرغة مستمرة، وقد يؤثر ذلك فى السلام الذى اعتبرناه تغيرا جذريا وملموسا فى حياة الناس على المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسى.

(د)- الصناعة والتخزين:

د-1- المحالج والغزل والنسيج:-

يوجد فى انحاء الاقليم المختلفة عدد من محالج القطن التى يجب اعادة تاهيلها تأهيلا كاملا لتضمن تشجيع المواطن على انتاج قطن جبال النوبة قصير التيلة المتميز عالميا كسلعة نقدية تساهم فى تغيير مستوى حياة الناس، بالاضافة الى الاستفادة منها فى اعادة الخبرات الكبيرة التى شردت والخدمات التى دمرت نتيجة لحل مؤسسة جبال النوبة الزراعية سابقا وعلى ضوءها تم تدمير البنيات الاقتصادية الزراعية ونهبت معداتها وكذلك توقفت العديد من المحالج.

المصنع الوحيد فى الاقليم للنسيج فى كادقلى يجب ان تطور آلياته بفتح قنوات واتصالات محلية واقليمية ودولية وتطويره ليشمل الغزل والنسيج باشكال مختلفة، مما يوفر فرصا للعمالة، ويحقق اكتفاءا ذاتيا لمواطن الاقليم ويساهم فى دفع الاقليم تنمويا.

بقاء هذه المؤسسات بشكلها الحالى هو عائق للتنمية، فالسلام لا يستقيم ولا يستمر اذا كانت هنالك عطالة وبطالة وخبرات مجمدة وبنيات تحتية مهدمة، ووجود اسر وغلاء فى الاسواق. فهذا العمل يتطلب تضامن الجهود على المستوى الرسمى والشعبى لان السلام ايضا هو عملية تضامنية.

د-2- مصنع ألبان بابنوسة:-

ان عدم الاهتمام بمصنع البان بابنوسة كمصنع منتج ومجفف للالبان ويستخدم لسحن بعض المنتجات الاخرى، وعدم انشاء مصانع اخرى، هو اعاقة للتنمية ايضا، واهدارا لقدرات وخبرات، وتسريح وتشريد أسر بسبب العطالة والبطالة، لذلك فان استمرارية توقف او عدم تطوير آليات المصنع ومباشرة عمله سيسهم ايضا فى اتساع دائرة الفقر فى الاقليم وهو أحد مهددات السلام.

د-3- الصناعات الصغيرة:-

عدم توفر الصناعات الصغيرة أو قلتها سيساهم فى جلب واستغلال السماسرة والطفيليين من خارج الاقليم، مما يعمل على ارهاق المواطن اقتصاديا للحصول على بعض الضروريات. لذلك فان تشجيع الصناعات الصغيرة ودعمها رسميا وشعبيا سيلعب دورا كبيرا فى استقرار الاقليم وتنميته.

د-4- الطرق والاتصالات والاعلام:-

ان عدم توفر الطرق الدائمة وكذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية سيجعل الريف منفصلا عن المدينة وخاصة فى فصل الخريف، كما ان الريف سوف لن يستفيد من منتوجاته مما يجعلها عرضة للتلف او تباع بابخس الاثمان للتجار المقتدرين لترحيلها بؤسائلهم المقاومة لظروف الخريف.

كما ان توفير وسائل الاعلام المسوعة والمرئية والمقروءة فى الريف دون توجيهها سيساهم فى نقل ثقافة السلام.

د-5- البترول والصناعات التحويلية:-

الاقليم فى اطرافه المترامية ملئ بالعديد من المعادن كالحديد واليورانيوم والبترول ..الخ، فان لم يستفاد من هذه الفترة فى رفع مستوى التنقيب ، ورفع نسبة الاستفادة من ثروته عبر مجلسة التشريعى وحكومته، بالاضافة الى اعطاء اولوية لفرص العمالة لابناء الاقليم، وكذلك انشاء مصانع تحويلية، فان ذلك سيؤخر من فرص التنمية على مستوى الاقليم. لذلك فتوحد رؤى ابناء الاقليم والعمل الجاد سيساهم فى تحقيق الاهداف المرجوة.

د-6- التخزين:

التخزين واحد من العوامل المهمة فى عملية التنمية، و الاستفادة القصوى من الفائض كمخزون استراتيجى وكذلك لمنافسة السوق محليا واقليميا ودوليا، اذا ان التسويق مرتبط بمواسم، لذلك يجب ان تراعى الدولة أهمية التخزين وكذلك المواطن العادى.
فالمخازن الموجودة حول مدينة الدلنج والدبيبات ومواقع اخرى يجب تطويرها وتعميمها فى كل الاقليم لكى تلبى احتياجات المرحلة، وعدم تطويرها سيكون مهدد ايضا لفائض الانتاج وبعض السلع التى تحتاج الى تخزين فى ظروف معينة، مما يقلل من المنافسة ومن ثم انخفاض قيمة المنتج وسيؤخر ذلك من مسار التنمية.

(ه)- الخدمات:-

ه-1- العودة الطوعية:

قبل الخوض فى الخدمات لابد من تناول العودة الطوعية لانها احدى الخدمات الانسانية الكبرى، وهى تتطلب ارادة شعبية ودعم محلى واقليمى ودولى، لانها مرتبطة بتوفر الخدمات الاساسية وكذلك تاهيل واعادة بناء مناطق العائدين بل تاهيل العائدين انفسهم.


ه-2- الخدمات الاساسية:

شهد الاقليم فى الفترات السابقة أسوأ مشاهد تردى الخدمات من تعليم وصحة ومياه وكهرباء وبيئة ..الخ، فاستمرارية الخدمات بهذا الشكل المتردى والمعدوم سيكون مهددا لاستقرار الناس وللسلام. وحتى نقف على الخدمات المطلوبة فلا بد من عمل مسح سكانى تقريبى سابق لفترة التعداد السكانى المتوقعة بعد سنتين.

(و)- المنظمات:-

و-1- المنظمات المحلية:-

اذا لم تلعب المنظمات المحلية دورا ايجابيا فى توحيد الجماهير الشعبية، والعمل بتجرد من أجل خدمة مصالح الاقليم العليا، فان ذلك سيكون مهددا حقيقيا للسلام، لذلك يجب التعاون التام بين الادارات الاهلية والتنظيمات الاجتماعية والتنموية والنسوية والشبابية والطلابية فى الاقليم للتوحد حول برنامج السودان الجديد لدفع عملية التنمية والسلام المستدام فى الاقليم.

و-2- المنظمات العالمية:-

اذا لم تتجه المنظمات العالمية الى النزول الى متطلبات المجتمع البسيط، والمساهمة فى تطوير البنيات التحتية، وخاصة فى المجتمع الريفى، واكتفت هذه المنظمات بالدور الاغاثى، فانها ستكون اداة تدميرية لارادة الناس اكثر من كونها اداة تنموية لهم. لذلك على المنظمات ان تسعى جادة لتوفير الآليات والوسائل المتطورة لذيادة الانتاج، وتوفير الخدمات الاساسية من تعليم وصحة ومياه وطرق وكهرباء ..الخ.
ويجب ان تدار هذه المنظمات بواسطة ابناء الاقليم الحادبين على مصلحته، لان كثيرا من ميزانية تلك المنظمات سابقا يذهب الى تهيئة ظروف موظفيها الذين يأتون من مناطق اخرى مما يقلل الدعم المالى التى ينبغى ان يوجه لخدمة المواطن البسيط وايضا تقلل من درجة المحاسبة للموظفين، كما نجد ان عدم معرفة العاملين بخصوصية المنطقة قد يساهم فى التباعد بين الحوجة والاولويات الحقيقية للمواطن المحلى.

(ز)- الانشطة الثقافية والسياحية والرياضية:

من المعروف ان كثيرا من المجتمعات قد تطورت عن طريق الثقافة والفلكلور والفن والمسرح والسياحة والرياضة وهى جميعا وسائل داعمة لثقافة السلام وعوامل مساعدة للتواصل الاجتماعى.
الاقليم غنى بكافة ضروب الثقافة والسياحة والرياضة والتى يجب الاهتمام بها وابرازها فى المحافل المحلية والاقليمية والدولية، كما يجب اقامة عدد من المتاحف التى تحمل وتعكس ثقافة المجتمع.


الادارة والسياسة:-

الادارة والسياسة هى علوم وفنون للتعامل مع الواقع، ولنجاحههما لا بد من توفر الشروط اللازمة من كفاءة وكادر بشرى مؤمن وملتزم باهداف السودان الجديد الداعى الى التغيير الجذرى، وبالتالى لا بد من توفر المعينات الاساسية لتسهيل المهام الادارية والسياسية، من ميزانيات وبنيات تحتية ومعدات ..الخ، بالاضافة الى التاهيل المستمر اثناء الخدمة. هذا بجانب الخطط والبرامج العلمية وتنفيذها بما يخدم مصالح الجمهور. لذلك فان عدم توفر مثل المعطيات سابقة الذكر وغيرها من المعينات السياسية والادارية والخطط، فان ذلك سيشكل احباطا للجمهور بالتالى يقلل من فرص استمرارية السلام الذى يهدف الى التغيير الجذرى فى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بما يلبى طموحات المواطن العادى.


صراع المركز والهامش:

الشكل الشائه لصراع المركز والهامش ظهر منذ ما يسمى باستقلال السودان وسودنة الخدمة المدنية، حيث استفرد بعض منتفعى العنصر الشمالى بمفومه الجغرافى الضيق( وليس الشمال السياسى الذى يتحدثون عنه الان) بعدد 787 وظيفة قيادية من وزراء ووكلاء وزراء ومدراء مصالح وقيادات فى الجيش والشرطة والبنوك ...الخ من مجموع 800 وظيفة قيادية، حيث شكلوا نسبة 98.4%، بينما نال الجنوب 7 وظائف وبقية اقاليم السودان 6 وظائف(13 وظيفة) مشكلة نسبة 1.6%. وبالتالى انعكس ذلك فى شكل الممارسات الادارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تبعتها منذ ذلك الوقت والى يومنا هذا مما اثر فى شكل ومضمون التكوين القومى والوطنى والهوية فى السودان وقاد الى صراعات تاريخية، اكد الاتفاق اعترافه بهذا الظلم.
استمرارية هذا الصراع سيكون مهددا للسلام اذا لم تعى النخب السياسية فى المركز بلا استثناء اهمية الايفاء بوعود السلام وتطبيق بنوده كما تم الاتفاق علية خاصة فيما يتعلق بالتوزيع العادل للثروة والسلطة ...الخ.

الا ان عدم استمرارية مصالح دعاة المركز ومؤججى الصراع فى الهامش قد تتحرك باستغلال الدين او القبيلية او الفقر او وسائل اخرى مختلفة قد تكون مهددا للسلام ويمكن اختصارها فى الاتى:-

1- توزيع الثروة والسلطة:-

اذا لم يتم توزيع الثروة والسلطة وفقا لبنود الاتفاق، فان ذلك سيكون مهددا للسلام وخاصة اذا ما استمرت عقلية الوصاية الاقصائية والمراوغة فى المركز بشكلها التقليدى التاريخى المعروف، مما يجعل اطراف الاتفاق فى حالة مد وجذب، و مما يقلل من فرص التنمية عبر المعاكسات التى ينتهجها المركز للنيل من خصومه وتحقيق فشلهم، مما يؤكد استمرارية دوامة الفقر والجوع والمرض والجهل ...الخ. وهو ما يهدد بنسف الاتفاق.

2- القبلية:-

طبيعة جدلية الصراع بين المركز والهامش تجعل المركز دائما مطورا آلياته وبوسائل ومعدات مختلفه، أخطرها الجانب القبلى، والذى يتحرك على مستويات تبدأ بالمناطق وتنهى بخشم البيت (الفرع القبلى الصغير) وقد تصل الى الاسرة.
فبعد عودة جزء كبير من ولاية غرب كردفان الى وضعها الادارى القديم فى جنوب كردفان، فان كثيرا من مروجى عقلية المركز ووكلائهم فى تأجيج الصراعات الاثنية فى الاقليم، يراهنون على اضعاف وحدة الاقليم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا عبر تأجيج الصراعات بين المجموعات الاثنية فى الاقليم، وقد تأخذ هذه الصراعات اشكالا على مستوى التوزيع الادارى للولايتين سابقا، وقد تأخذ اشكالا داخلية حسب مولاة الافراد والجماعات لعقلية المركز، فمثلا فى داخل غرب كردفان اوجنوبها قد يحاول المركز استقطاب بعض العناصر الموالية له، ومحاولة تحريكها للتأثير فى مجموعاتهم الاثنية، سواء كان عبر الدين او القبلية اوتقديم الخدمات اوبيع الذمم ماليا او وظائفيا ..الخ، وهو ما يجعل مجموعات اخرى تتذمر بسبب تضاعف التهميش الداخلى، مما يتسبب فى صراعات داخلية، قد تكون على مستوى المحليات اوالارياف او المحافظات او الادارات الاهلية ..الخ، وهو ما يهدد البناء الاجتماعى باكملة، ويقلل من فرص التصالح والتحاور والالتقاء على المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسى ويكون سببا مهددا للسلام.

3- الزراعة والرعى:-

التداخلات الزراعية والرعوية قد تشكل خطرا اذا لم يتم مراعاتها وقد تستغل من قبل المركز لتأجيج الصراعات ايضا.


4- الدين:-

يتميز الاقليم بتعدد دينى وتسامح دينى فريد ومتميز ويتعايش فيه الناس بصورة تلقائية، لاتعجب كثيرا من المتطرفين دينيا بالمركز ووكلائهم فى الاقليم، وقد يحاولون اثارة العامل الدينى لخلق هزة اجتماعية بين سكان الاقليم مما يكون مهددا للسلام.

5- تزييف الحقائق:-

قد يمارس المركز ووكلائه فى الهامش العديد من الشائعات المزيفة مستغلا كافة وسائله الاعلامية وامكاناته المادية فى خلق بلبلة وسط ابناء الاقليم، الهدف منها تقليل درجة الثقة المتبادلة وخلخلة التوحد الاجتماعى والاقتصادى والسياسى فى الاقليم، لخلق اجواء استقطابية تصب لصالح المركز.

6- بيع الذمم:-

درج المركز منذ ما يسمى استقلال السودان على استخدام سياسة بيع ذمم بعض ضعاف الارادة من الهامش، وما زال هذا الدور مستمرا باوجه مختلفة، وقد يبرر المبيعون من الهامش تلك التصرفات باسم القومية والوطنية والدين ...الخ، لشق صفوف المجتمعات، وهؤلاء خطرين ومهدد حقيقى للسلام.

مكانيزمات الصراع فى جدلية المركز والهامش(1):-

1- 1- مكانيزمات المركز:-

أ- اعادة الانتاج:
هو عملية اعادة انتاج الناس داخل البنية الهيكلية المؤسسة على التراتبية الاجتماعية للحفاظ على الوضعية المتفوقة للمركز- القمة- واستمرارها فى وجه التناقضات التى يفرزها الصراع التلقائى بين المركز والهامش واستيعاب هذه التناقضات من خلال تحويل محددات الثقافة- الثوابت- الى اسلحة ايدلوجية لتبرير التراتبية الاجتماعية، وفى حالة ظهور افراد متفوقين بين أفراد الهامش او العامة يتم استيعابهم فى المركز او هامشه، ليتحولوا الى جزء من المركز ويبقى وضع العامة فى حالة.

وللمحافظة على التراتبية الاجتماعية للشمال النيلى كما ذكرها الدكتور منصور خالد التى تعبر عن المصالح الضيقة لبعض دعاة استمرارية عقلية النخبة المركزوية واقصاء الاخر ن حيث نجدها تظهر ايضا فى النعوت ذات الطابع العنصرى فمن ينحو لون بشرته الى البياض يسمونه حلبيا( لا نسبة لاهل حلب، انما للغجر الذين يعرفهم اهل السودان بالحلب او الحلبة)، ومن يفد الى مدنهم من البادية يسمونه بالعربى، ومن يأتى من غرب السودان يطلقون علية الغرابى، كما يطلقون على الدنقلاوى- استغباءا له حلاب التيس، وعلى النوبة من اهالى وادى حلفا ( البرابره)، اما النعت المميز للجنوبيين فهو العبيد (2)، و يطلقونه لاهل جبال النوبة والفونج واحيانا يضيفون اليه نعت الخدم، وكما يطلقون على الذين يرعون بالابقار لفظ بقارة ليس نسبا لحرفة الرعى كاسلوب للحياة والنشاط الاقتصادى، انما للابقار وهو ما لايجوز ان تنسب انسان لحيوان، كما يطلقون على الفلاتة الفاظا تصفتهم بانهم مخلوقون خلف الذباب ( الضبان)، ويطلقون على عرب الريف العروب والعريبى والطقش وكذلك يطلقون ادروب استخفافا.

لذلك فان الجماعة التى تهيمن على أجهزة القمع فى النظام، لها نظائر فى كل انظمة الحكم الاستبدادية عبر التاريخ. بعض هؤلاء تتكدس اضابيرهم بالهياكل العظيمة ولهذا يخشون التغيير(3).

ولكى يحافظ المركز على تلك التراتبية الاجتماعية الشائهة فانه يستقطب الهامش بمستويات حسب حوجته وظرفه الانى فقد يسخدم فيها عوامل الدين والقبلية والايديولوجيا والمال والاعلام والمنهج ..الخ، لخلق استقطابات هشة تضمن استمراريه ولكنها بدأت تتكشف بصورة واضحة الآن.

ولكى تستمر تلك التراتبية الاجتماعية وتمسكها بخطابات الدين والعرق، فان حدودها قد تتجاوز الدولة لتضمن استمراريتها، لذلك تجدهم يتمسكون بالدين تارة وبالعرق والنسب تارة اخرى ويخلطون كثيرا بينهما لكى يجدوا دعوما باشكال مختلفة لتحقيق مكاسبهم الشخصية وبالتالى يحركون خطاباتهم على المستويات الاتية:-(4)

1- أنهم بحكم انتماءهم لغويا للغة العربية وقصورهم ذاتيا بفهم عرقى ضيق فى اطارها، بجانب اعتناقهم الدين الاسلامى دينا وادعائهم بخلافة الله فى الارض، فانهم يوهمون الاخرين من الثقافات الاخرى بان استمراريتها يجب ان ترتبط بذاك الخطاب، لانه الادرى بحقوق الاخرين اكثر من الاخرين انفسهم، وفى ذلك استغلال انانى للوازع الدينى للمجتمع البيسط وتحريكه باوجه مختلفة لخدمة اغراضهم.
2- ربط دعاة المركز الخطاب الاسلامى بالعروبة هى محاولة لتاجيج الصراع فى الهامش، وتخويف الجماعات غير المستعربة التى يرى مهندسو الخطاب انه لا سبيل للانفكاك منها لان ذلك سيكشفها على حقيقتها ويقلل من مجموعاتها المخمومة باسم الدين للتعريب المصلحى، لان الانفكاك سيشكل خطرا على مصالحهم الاستراتيجية، متناسن دولا لا يرتبط فيها مفهوم الاسلام بالعروبة كباكستان وايران ونيجيريا وماليزيا واندونيسيا)، فيجب عدم الخلط بين المعتقد والاصل او العرق لان ذلك سيعقد من تكوين الهوية السودانية.
3- الخطر الصليبى المتوهم او المختلق فى عقلية داعة المركز المتمسكين باحادية الخطاب الاسلاموعروبى، وشماعة الاستعمار وسياسة المناطق المقفولة هى ادعاءات باطلة ، فهم انفسهم الذين استلموا ذمام الامور من المستعمر وساروا على نهجه وكانوا هم الاقرب اليه وربائبه، وكان بمقدور الانجليز اى مايسمونهم بالصليبين ان يسلموا السلطة فى حينها لغيرهم اذا كانت النزعة الصليبية المتوهمة تساور الانجليز حينها.
اذا الوهم الصليبى كان لهؤلاء المتاجرين باسم الدين دافعا للتطرف والاسترزاق الانانى من الدول العربية والاسلامية باعتبار ان هنالك مهدد حقيقى للاسلام والعروبة. وهى الحالة الوحيدة التى يتحرك فيها الخطاب مجزءا تارة ومتكاملا تارة اخرى، فهو يتحرك عربيا باعتباره اسلاميا عربيا ويتحرك فى الدول الاسلامية الاخرى من غير العرب باعتباره اسلاميا.

وهذا الخطاب يتفنن فى شحذته بين هذه الدول وتلك، فهو يتحدث عن الهجمة الصليبية تارة والصهيونية تارة اخرى ويشحذ باسم الدعوة وبناء المساجد ودعم الايتام والمؤلفة فى قلوبهم وتوزيع الذكاة للفقراء والمساكين واغاثة المنكوبين.. ولقد اغتنى الكثيرين من دعاة المركز من وراء تلك الدعاوى.
وللاسف الشديد فقد انخدعت كثيرا من الدول العربية والاسلامية واستجابت بكافة انواع الدعم المالى والعينى والدينى وربما العسكرى، دون ان تدرى بامر هؤلاء المتاجرين باسم الدين ودون ان تعى التنوع الثقافى والدينى. وبالتالى فان كثيرا من الدول العربية والاسلامية قد ساهمت بصورة كبيرة فى تعقيد الصراع فى السودان وذلك لجهلها بمكونات السودان.

ما تم ذكره هو جزء من واقع الازمة المعاش الذى تشكل منذ استقلال السودان والى يومنا هذا.

النموذج المذكور لاحادية الخطاب الاسلاموعروبى المتطرف يمكن ان يكون نموذج لخطابات اخرى اذا تحركت بفهم احادى. لذلك ما قصدناه ليس الثقافة الاسلامية او العربية فى حد ذاتها لانهما من مكونات التنوع الثقافى السودانى، ولكن الخطاب السياسى المستغل العامل الدينى اوالثقافى فى بلد متنوع كالسودان اذا لم يعالج بعقلانية سيشكل كارثة حقيقية مستقبلا.

ولذلك فاننا نحتاج لتثقيف تلك الثقافات لكى تتحاور فى محاولة لاعادة البناء الاجتماعى بفهم جديد انطلاقا من القواعد الشعبية لتعرية الفئات القليلة المستزقة من وراء ذاك الخطاب، باعتبار ان التنوع الدينى والثقافى ..الخ هى مصدر اثراء فى كل المجتمعات ويجب التعامل معها على انها واقع لا يمكن تجاوزه اذا اردنا ان ننعم بسلام حقيقى ومستدام.
العديد من المنظمات العالمية ولا سيما الامم المتحدة قد اهتمت بموضوع التنوع الثقافى، حيث اعتمد المؤتمر العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) الاعلان العالمى للتنوع الثقافى فى مؤتمرها الذى عقد فى الثانى من اكتوبر عام 2001م(5).
واهم مايميز هذا الاعلان هو ربط التنوع الثقافى بحقوق الانسان واعتباره عن طريق الحوار يمكن ان يشكل افضل ضمان للسلام. ويمكن القول ان الاعلان يعتبر اداة فكرية معرفية اخلاقية ينبغى لكل مهتم بقضايا الثقافة الاطلاع عليه، وقد اورد الاعلان اثنتى عشر مادة ناقشت قضايا متعلقة بانسنة العولمة وردت فيها المبادئ المتعلقة بالهوية والتنوع والتعدد ويمكن الاستفادة منها فى دولة متنوعة ثقافيا كالسودان.

ب- مكانيزم الترميز التضليلى:
هو فى الواقع عملية تمثيلية يستعملها المركز عند استشعاره بوادر التمردات والتغيرات لاضفاء شرعية استمرارية الاوضاع وذلك من خلال شكلين:

الاول: تمثيل العدل، كأن يقوم الحاكم فى المركز مثلا بالانتصار لفرد من العامة فى قضية معينة او مشاركة العامة فى بعض امورهم مثل الطقوس الاجتماعية والدينية ليبرهن ان المساواة والعدل مكفولان، فى الوقت الذى تظل فيه توجهات الواقع هى هى اى مركز وعامة- هامش.

الثانى: من خلال استيعاب افراد من العامة لتمثيلهم فى المركز لاعطاء انطباع باهتمام المركز بقضايا الهامش، ولكن هو فى الواقع اعدادهم للقيام بادوار محدده، فبظهور بوادر التمردات والثورات، يحرك المركز هؤلاء القادة من المتفوقين وقادة الرأى وسط العامة، فى مقابل ذلك يتم تحسين اوضاعهم توطئة لاستيعابهم بشكل نهائى فى المركز بعد تمييع الصراع وتغييب العامة- الهامش.

ج- الاستقطاب والقمع:
فى حالة ظهور التمردات ومحاولات الثورة التى تهدد الاوضاع برمتها فانه يتم الاستقطاب والقمع للافراد والجماعات، الثائرين وذلك من خلال محاربتهم أيدلوجيا بتشويه حقيقتهم او ماديا من خلال استعمال الجيوش والاسلحة.


2- مكانيزمات الهامش:

أ- المقاومة السلبية:
من خلال الاحساس بوطئة الواقع والاحساس بالظلم يبدا التمرد عليه، والسعى والحصول على اوضاع افضل من خلال وسائل سلبية مثل الهروب والهجرات، او محاربة وطأة الواقع من خلال الاساءة اليه عبر المأثورات الشعبية مثل الامثال والنكات او عبر الآداب والفنون، او الاستنجاد بالآلهه والدعاء ضده والامنيات والاحلام بزواله.

ب- استشعار الذات والوعى بالظلم والعمل على تغييره من خلال التنظيم والمطالبة للضغط على المركز لتغيير الاوضاع.

ج- الحرب:
عندما تشتد وطأة الواقع وتتعمق التناقضات تقوم بعض الجماعات بالعمل على الانقلاب على الأوضاع بالقوة ومن ثم الحرب.

د- الثورة:
عندما تنضج عوامل المقاومة تقوم الثورة، وهى التغيير الشامل الذى يهدم التراتبية الاجتماعية القديمة ومعاييرها ليقيم على أثرها تراتبية جديدة على اسس ومعايير جديدة.

التحديات:

أولا:
من واقع المهددات المذكورة سابقا فان السلام واستمرارايتة واستدامته يواجه بتحديات كبيرة.
الواقع التاريخى للاقليم يؤكد عمق التهميش الذى طال الاقليم بمجموعاته الاثنية المختلفة بدون استثناء، منذ ما يسمى باستقلال السودان والى وقتنا الراهن، بل ان المركز لم يكتفى بذلك، بل صدر الصراعات للاطراف وصادر وعطل عقول كثيرا من ابنائه، لتظل الاطراف فى دوامة مستمرة من الفقر والمرض والجهل وبدون اى بنيات تحتية ...الخ.

هذا الواقع الذى اصبح مكشوفا قاد الكثيريين الى النضال باشكاله المختلفة، واستمرارية هذا النضال مرهونة بالوحدة فى مستوياتها المختلفة، من حيث العمل الاجتماعى وتقدير المصلحة الاقتصادية والتنموية المشتركة وتوحد برامج الخطاب السياسى، وهو ما يخدم مصالح هذا الشعب الذى صبر وعانى كثيرا وهذا ما اشرنا اليه بتكامل الدائرة الانسانية والتى تتضمن الاتى:

الدائرة الانسانية:

وتتضمن العديد من الدوائر التى تتقاطع بدرجات متفاوتة فيما بينها ولا يمكن الاستغناء عن اى دائرة او جزئية منها ويمكن اختصارها فى الاتى:

1- دائرة الحياة:

هى دائرة الحق الطبيعى للانسان والذى اقرته الديانات والمواثيق الدولية، ولذلك فان الاطار العام لهذه الدائرة يتضمن كل الناس بمختلف اثنياتهم ودياناتهم ولغاتهم ومهنهم، وهم فى هذا الحق متساوون تماما، لذلك يجب ان نحافظ على هذا الحق بل يجب ان نحميه بكل مانملك.
(مميزاتها: الجميع متساوون فى هذا الحق)

2- دائرة العمل الاجتماعى:

واحدة من اسس الدائرة الانسانية، اذ ان العمل داخل هذه الدائرة يكون وفقا لمقدرة كل فرد او جماعة وخبرتهم للقيام بمهام محددة بصورة ايجابية لتتكامل كل المهام لتشكل شكل الدائرة المغلغة، وتتمثل فى عمل الادارات الاهلية ومنظمات المجتمع المدنى والراوابط الاجتماعية ..الخ، حيث ان هذه الدائرة هى ركيزة العمل الاقتصادى والسياسى. لذلك فان توحد هذه الدائرة وعملها بصورة ايجابية سيقطع الطريق امام كل متربص بالمصالح العليا للمجتمع والاقليم.
( مميزاتها: كل يؤدى دوره حسب خبرته ومقدرته)


3- دائرة العمل الاقتصادى والادارى:

هذه الدائرة اكثرا تخصصية واقل عددا ولكنها مرتبطة بتحقيق المصلحة العليا للدائرة الاجتماعية والسياسية، وبالتالى لنجاح هذه الدائرة لابد من مراعاة اوجه النشاط الاقتصادى و الادارى البسيط والمعقد كوقائع حياتية والعمل على تطويرها ونجاحها مرتبط بالتخطيط والتنفيذ وما يحتاجه من


متطلبات مالية وغيرها. كما انه مرتبط برفع الانتاجية للفرد والمجتمع والاقليم.
( ميزاتها: دائرة اكثر تخصصا).

4- دائرة العمل السياسى:

وهى الدائرة الاكثر حساسية وتنظم عمل الدوائر الاخرى وفقا للوائح والقوانين والدستور، ونجاحها مرتبط بالجماهير ووعيها والتفافها حول برامج موحد، وكذلك مرتبط بالدائرة الاقتصادية والاجتماعية وحق الحياة، ورغم ان هذه الدائرة هى التى تلعب ادوارا فى تغيير واقع حياة الناس اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، الا انها دائرة يشغلها قلة من الناس يجب ان يتم اختيارهم بكفاءة وعناية فائقة، ويجب ان يجدوا الدعم اللازم من المجتمع والدولة ليحققوا الاهداف المرجوه.
(دائرة التحولات والتغيير).

اذا تعاملنا مع هذه الدائرة الانسانية بمحتوياتها وهو التحدى الاكبر للانتقال الى التفاصيل الاكثر دقه، وهو مرتبط بذيادة وعى المواطن العادى باهمية تماسك وتكامل وتداخل دوائر الدائرة الانسانية، وعدم فتح ثغرات فى اى منها لانه سيؤدى الى خلل فى البناء الدائرى كليا، كما ان نجاح تفاصيل هذه الدائرة مرتبط بكلياتها.

ولكى نربط هذه الدائرة بالسلام ومتطلباته والمحافظة علية فلا بد من الاتى:-

1- توعية المواطن والمؤسسات بالتفاصيل الدقيقة لاتفاق، واهمية تطبيقة لما يضمن استقرارا واستمرارا، حتى يتم التفاعل معه والمحافظة علية ومتابعته وتقييمه، وهو مايحقق مصلحته.

2- الاختيار الجيد للكوادر الدستورية والمفوضيات والمجالس التشريعية، وفقا للمبادئ والكفاءة بما يضمن وضع خطط استراتيجية صغيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، سيكون السند الحقيقى للدعم الشعبى وتوحيد خطه السياسى لان ذلك سيكون الاساس لاحداث التغيير الايجابى مقارنة بالانظمة السابقة، وهو مايحقق آمال وطموحات الشعب.

3- لابد من وضع توقعات ومعالجات لبعض التحديات غير المرئية او المرحلية.


ثانيا: الوحدة:-

الوحدة كلمة سهلة النطق ويرددها الكثيرين دون فهم معناها الحقيقى، فهى كلمة معقدة التركيب ومشتملة فى مضمونها، وتحتاج الى معرفة ودراية ووعى متكامل بالمكونات التاريخية والانثروبولوجية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وقوانين ودستور عادل لحمايتها، كما انها تتطلب وعى بالمصلحة العامة التى تتحق من ورائها مصالح المجتمع والافراد.

ولكن نتيجة لجهل ومتاجرة كثيرا من ساسة السودان الذين حكموه منذ ما يسمى استقلال السودان والى وقتنا الراهن بمفهوم الوحدة الحقيقى، او قصدهم لاتخاذه شعارا سياسيا لايهام الناس وتضليلهم، واستغلالهم كوسائل وادوات لتأجيج الصراع فى الهامش. اذا هذه الدائرة المغلغة والفارغة المضمون والمحتوى يجب ان تنهزم بفضل وعى وارادة الجماهير لتخرج بهذا المفهوم
( الوحدة) الى معناه الصحيح فى مستوياته المختلفة والتى تشتمل على:-

1- وحدة الدولة:

الدولة مقبلة على خيارين للوحدة او التقسيم وهو الحق المشروع لتقرير مصير جنوب السودان الذى اقرته القوى السياسية السودانية وايدته اتفاقية السلام، وشهد عليه المجتمع الدولى، واصبح واقعا قد يقود الى الوحدة الطوعية او انفصال جنوب السودان بعد ست سنوات.

وقبل جدل الحديث الدائر هنا وهناك عن وحدة السودان لابد لكل شخص ان يسأل نفسه عدد من الاسئلة، لماذا وصل السودان الى مرحلة مطالبة مجموعات فيه بحق تقرير مصيرها؟ وهل هذا الحق سيكون مشروعا لاحقا لمجموعات اخرى اذا ما استمر الشكل الشائهه فى السودان فى حقوق المواطنة والتهميش الاجتماعى والاقتصادى والسياسى؟ لماذا نترك ذوى العقلية المركزية لكى يتحكموا فى اقاليمنا وثرواتنا وسلطتنا؟ من هو الذى تسبب فى ايصال السودان الى هذه المرحلة؟

فللحديث عن وحدة الدولة لابد من القراءة المتانية للاتى:-

أ- أعادة كتابة تاريخ السودان الحقيقى ومكوناته.

ب- الوقوف علىالممارسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من قبل وبعد استقلال السودان.

ج- المواطنة وحقوق الانسان.

د- عامل الدين والقبلية وعلاقتهما بممارسة السلطة.

ه- الاهمال التنموى.

6- تصدير المركز للصراعات فى الاطراف ونهب ثرواته وخلق التباعد بين ابنائه.

فقبل ان يتحدث الناس عن شعار جاذبية الوحدة واهميتها عليهم معرفة المسببات التى اوصلت السودان الى هذه المرحلة.

فتلك المسببات هى نتجة لعملية تراكمية نتجت بسبب جهالة وضحالة وأنانية وخداع ومراوغة معظم السياسيين الذين توالوا على حكم السودان من المركز بدون استثناء. ولذلك فان معرفة ومخاطبة الجذور التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمشكلة السودانية قد يكون ذلك مدخلا للوحدة الحقيقية. لهذا يجب توعية كل الشعب السودانى بمسببات المشكلة، وكذلك توعيته باتفاق السلام وتنفيذه وتطبيقه.

فاذا اردنا ان نحافظ على الوحدة فان ذلك مرتبط بتغيير العقلية القديمة فى السودان فى مستوياتها المختلفة وتحديد علاقة الدين بالدولة، وتغييرا فى جهاز الدولة الذى تم بنائه على اساس خاطئ، واعادة بنائه بصورة تجعل الوحدة امرا جذابا عمليا من خلال عدم اقصاء الاخر اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وهو ما يسمى فى ادبيات السياسة السودانية بالسودان الجديد الذى يتساوى فيه الجميع .

ولكى نغير من تلك العقلية القديمة فان هذا الامر يتطلب اصلاحا على مستوى الافراد والمؤسسات واجهزة الدول ولقد اشرنا الى هذا الامر فى العديد من المقالات بالاصلاح الفردى الاجتماعى والاقتصادى والسياسى
.(5)

فحينما سئل أحد علماء الاجتماع السياسى عن كيف تتم مصالحة واصلاح الشعوب، أجاب بانه يجب ان يصلح ويتصالح الافراد مع ذواتهم اولا وأن يكونوا واقعيين مع معطيات واقعهم الاجتماعى والاقتصادى والسياسى وأن يبتعدوا عن الانانية.
فالاصلاح الاجتماعى الذى يهدف الى تغيير اجتماعى ايجابى فى المجتمع يتطلب ان يبدأ الافراد والجماعات بنقد ذواتهم وتغيير سلوكهم حتى ينصلح حال المنظومة الاجتماعية، فان كان الفرد كذابا اولصا او منافقا او عنصريا فعليه ان يغير ما بنفسه اولا.

حيث نلاحظ ان نجاح تجارب كثير من الدول لعبت فيها حركات الاصلاح الاجتماعى أدوارا كبيرة فى خلق استقرارها وبالتالى نماءها وتطورها.

فالواقع الاجتماعى السودانى ملئ بالكثير من المرارات و الاخفاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتى تتطلب نقدا واصلاحا اذا كان المجتمع السودانى يسعى جادا الى تفادى التجارب المؤلمة وغير العادلة فى تاريخيه وخلق وعى وطنى حقيقى يقود الى سلام مستدام وتحول ديمقراطى. وهذا بكل تأكيد يتطلب اعتراف المجتمع بمستوياته الشعبية والرسمية باخطائه التى عمقت الازمة السودانية، بل السعى الجاد لاجراء التحول الايجابى عمليا. وهذا يتطلب تغييرا فى الذهنية السودانية وذيادة وعى المجتمع بتركيبة السودان الاجتماعية والانثروبولوجية والاقتصادية والسياسية والبيئية والتاريخية.

ويمكن تحقيق الاصلاح الاجتماعى على مستويات متعددة يمكن اختصارها على النحو الآتى:

أولا: على المستوى الفردى:

هنالك العديد من الظواهر السيكولوجية الفردية تلعب ادورا سلبية فى حركة واصلاح المجتمع خاصة ان صدرت من بعض الاشخاص الذين لديهم مواقع على الصعيد الاجتماعى او السياسى او الاقتصادى، فظاهرة الكذب والغش و السرقة والنميمة والاشاعات والنفاق ونقض العهود والانانية والسادية والخوف والمجاملة واضطراب المواقف ....الخ، هى ظواهر نفسية مرضية موجودة فى المجتمع السودانى، على الرغم من انها ظواهر فردية بمرتبطة بالوضع النفسى للشخص الا انها تلعب ادوارا سلبية فى البناء والمنظومة الاجتماعية، لذلك كما ذكر عالم الاجتماع السياسى ان بداية الاصلاح الاجتماعى تبدأ بنقد الذات، لان الفرد ان لم يبدأ بنفسه ليس جديرا باصلاح المجتمع، كما ان المجتمع لديه معرفة تقيمية عميقة ومعايير لقياس درجة صدق الافراد والتعامل معهم.
لذلك فان احد اسباب فشل النخب السياسية أو التى تدعى السياسية هو نظرتها الاحادية الانانية لذاتها وبالتالى فان ذلك عمق من طبيعة المشكلة السودانية.
وبالتالى فان ثقافة الخداع والكذب وبيع الذمم هى سلوك نفسى فردى تحول الى عمل سياسى جماعى لتحقيق مآرب ذاتية، ولد بالمقابل ثقافة حقد وكراهية وقد تقود الى الصراع والاقتتال.

ثانيا- على المستوى الاجتماعى:-

1- التنشئة الاجتماعية:-

أ- الاسرة والدولة: لم تهتم التنشئة الاسرية بتنمية وتطوير مفهوم الوطنية والتنوع والتعايش الثقافى، بل ركزت دائما على الاعتداد بالاصل والعرق والدين، وبالتالى فان الاسرة فى ظل الظلم الاجتماعى والتعالى الثقافى والاحتكار السياسى الذى ظل يمارسه المركز ساهمت بشكل مباشر فى خلق جيل يؤمن بانتمائة القبلى اكثر من الوطن، وهذه الظاهرة ادت الى احتكار مجموعات محددة داخل السودان على ذمام الامر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بادعاءات وطنية وقومية، وتظهر جليا على المستوى التربوى (المنهج) وعلى مستوى الاعلام وسياسات الدولة الداخلية والخارجية ... الخ وولد لمجوعات أخرى اساليب مختلفة لتحقيق ثقافة البقاء التى تصل الى درجة المقاومة المسلحة، وقد أثر ذلك كثيرا فى مستويات العلاقات الاجتماعية أفقيا ورأسيا، وقد احدث ذلك تباعدا فى تحديد هوية واحدة للشعب السودانى.
فالاسرة كمؤسسة اجتماعية لها خصوصيتها فى تنشئة الاجيال تتأثر ايضا بالتنشئة الاجتماعية التى تتم عبر الدولة.
فجمهورية افلاطون المثالية التى حاولت حكومات السودان ان تطبقها بايديولوجيتها نتج عن جهل حقيقى بمكونات الشعب السودانى، وقد ولد ذلك العديد من المشاكل على المستوى النفسى للاطفال والشباب، لان التناقض الذى يجده الفرد احيانا بين التنشئة الرسمية وغير الرسمية يولد سلوكا مضطربا، فالاسرة السودانية رغم ما ذكرناه من مسالب على مستوى التنشئة الوطنية الا انها كمؤسسة ايضا مليئة بالحب والعطف والحنان والتعاون، ولكن ثقافة التطرف التى مارستها الانظمة السودانية ولد ثقافة الكره والبغض والقتل والانانية والكذب، من خلال التحيز الى ثقافة معينة ودين معين، مع سيطرة سياسية واقتصادية واعلامية ...الخ.

فالاصلاح الاجتماعى فى مثل هذه الحالة مرتبط بتغيير هذه الذهنية والابتعاد عن الانانية لخلق جيل واعى
ومدرك ومحب لوطنه وشعبه وهذا لن يتأتى الا بمعرفة القائمين على الحكم بمقومات وتركيبة شعبهم وكيفية التعامل معها، مما يساهم فى استقرار المجتمع وبالتالى سيكون مدخلا لتحول ديمقراطى حقيقى.

ب- مؤسسات المجتمع المدنى تلعب ادوارا كبيرة فى التنشئة الاجتماعية، الا ان تحكم الدولة فيها فى السودان قلل من دورها الفعال فى تحقيق الاصلاح الاجتماعى المنشود، فمنظمات حقوق الانسان لن تجد طريقها، كما ان المسرح والفن والرياضة والنقابات والاتحادات والروابط ودور العبادة ظلت مكبلة بقيود الدولة بل توجه وفقا لتوجهات الدولة.
لذلك يجب الاهتمام بتلك المؤسسات واعطائها استقلاليتها لكى تقوم بدورها الايجابى فى خلق جيل معافى صحيا واخلاقيا.
لذلك فان تجاهل الحكومات والنخب التى حكمت السودان لمنظمات المجتمع المدنى ودورها الفعال فى خلق اصلاح اجتماعى باعتبارها اماكن للانصهار الثقافى وبلورة الوعى الفكرى ذاد مشاكل السودان تعقيدا، وبالتالى فان الاصلاح الاجتماعى والسلام والتحول الديمقراطي هى عمليات متكاملة تلعب فيها منظمات المجتمع المدنى دور اساسى.
فمنظمات المجتمع المدنى هى المؤسسات الكفيلة ببناء الثقة بين افراد المجتمع المدنى بغض النظر عن لونياته السياسية او الاثنية لان اهدافها تصب فى مصلحة المجتمع. فاصلاح هذه المؤسسات واعطائها الحرية فى تنفيذ برامجها سيحدث تغيرا جذريا فى بلد متنوع كالسودان.

ثالثا: على المستوى الاقتصادى والتنموى:-

ذكر أحد الفلاسفة أنه اذا أراد الاغنياء ان يسعدوا بثرواتهم فعليهم السعى لتحقيق رفاه الفقراء، وان الفقراء فى المجتمعات النامية ان لم يحسوا بان التغير الاجتماعى او السياسى ينصب فى مصلحتهم فالثورة هى مخرجهم الوحيد.
وهذا يؤكد ان الاصلاح الاقتصادى يجب ان يؤخذ فى الاعتبار للمساهمة فى صنع سلام مستدام.
ومفهوم الاصلاح الاقتصادى والتنموى مفهوم كبير ومتشعب يتطلب من المتخصصيين فى مجالاته المتنوعة ان يلعبوا ادوارا كبيرة فى تغيير الوضع المتردى فى السودان، وسوف اتناول بعض مظاهر الاصلاح الاقتصادى المتعلقة بالجانب الحياتى اليومى للمجتمع فى الآتى:-

1- الفقر: ان دائرة الفقر التى يعشها الشعب السودانى لم تاتى بالصدفة، بل هى نتاج سياسات خاطئة انتهجها مهندسو سياسات المركز بدون وعى او بوعى مصلحى. الا ان المصلحة العامة تقضى رسم سياسات افضل لتغيير وضع الفقراء لان الفقر سيجلب معه عدد من الظواهر السالبة كالتسول والتشرد والسرقة والقتل والحقد والكراهية والانحلال الاخلاقى ...الخ، لذلك فان التفكير الجاد فى تحويل بؤس الفقراء الى رفاه اجتماعى عبر تنمية حقيقية يساهم فى خلق الاستقرار والسلام المستدام ويجعلهم مجموعات منتجة، ويذداد وعيهم.

2- الامية: ان تفشى ظاهرة الامية فى مجتمع السودان المعقد التركيبة الاجتماعية يقلل من فرص الاصلاح الاجتماعى التى تنعكس على النواحى السياسية والاقتصادية، فاذا كان استغلال المركز للامية لتأجيج الصراعات فى الاطراف وتوفير العمالة الرخيصة لمؤسساتهم الاقتصادية، فان الاطراف ناضلت وقاتلت للتصدى للظلم وكان التعليم احد المطالب الاساسية فى كل الحركات التحررية. لذلك فان اصلاح المجتمع يتطلب
تنمية تعليمية تخفف من حدة الامية وتضع امالا للاباء فى ان نضالهم من اجل تعليم ابنائهم قد تحقق.
كما ان الوعى الشعبى فى الصد لمخططات المركز لتجهيل الاطراف لخلق مذيد من الصراعات والتشتت واستغلال ابنائهم كعمالة هامشية ورخيصة لن يجدى ولن يقود الى سلام مستدام او تحول ديمقراطى ناضج.

3- المرأة: ان التجاهل المقصود لدور المرأة المتعدد فى المجتمع وتكبيلها بقيود الرجل والدولة مؤشر خطير فى استمرار السلام والتحول الديمقراطى، فالمرأة كأم ووالدة واخت وبنت هى الاكثر عددا فى السودان مقارنة بالرجل الا انها الاكثر ضررا، فديمقراطيا يمكن ان تفوز المرأة كرئيس للسودان او اى تنظيم، الا ان العقلية الاقصائية للمراة فى الذهنية السودانية جعلت المراة لا تقوم بدورها على اكمل وجه حتى على مستوى ذيادة دخل الاسرة، بمعنى عدم توفير الفرص الكافية لتعليم وعمل والمشاركة السياسية للمرأة ادى الى تخلف البناء الاجتماعى والاقتصادى والسياسى عل مستوى الاسرة والدولة. وكما ذكرت سابقا ان الحقوق الاساسية للمرأة والتى يتبعها حقوق الطفل هى كفيلة ببناء مجتمع معافى وديمقراطى.

4- العمل: ان الاصلاح الادارى فى جانب العمل واعادة بناء أجهزة الدولة وتحقيق فرص عادلة فى العمل تعتمد على التخصص بجانب عودة الخبرات التى احيلت لما يسمى بالصالح العام أو التى شردت قسرا هو أحد المداخل الاساسية فى تحقيق الاستقرار والسلام، كما ان تحسين أجور العاملين واحترام العمل كقيمة اجتماعية وعدم الاستهانة بالمهن والاعملل اليدوية سيقلل من فرص العطالة ويشجع على الانتاج وبالتالى يذداد الناتج القومى ومن ثم يرتفع دخل الفرد ويبدأ تدمير دائرة الفقر المغلقة وبالتالى تنتفى بعض الظواهر السلبية المرتبطة بالفقر والعطالة.


رابعا: على المستوى السياسى:-

1- التاريخ السياسى: ان قراءة التاريخ السياسى القديم والاوسط والحديث للسودان بعمق، يعد عامل اساسى فى فهم مكونات السودان السياسية وكيف تطورت وما هى الاخفاقات والنجاحات التى صاحبت تلك التجارب.
فالعقلية السياسية السودانية ان لم تضع عامل التاريخ فى الاعتبار وتتعامل معه كارث تراكمى ابتداءا بالحضارات القديمة مرورا بالاستعمار و ما بعده فان دائرة الصراعات سوف لن تنتهى وستكون اعنف عما ذى قبل.
2- الجغرافية السياسية: درج سياسيو المركز من الشمال السودانى الى تقسيم السودان الى محوريين اى جنوب وشمال وهذا التقسيم اقصائى واستعلائى وتذويبى، فالجنوب وحدة ادارية وسياسية وجغرافية ينطبق عليها المسمى و مقبول لدى لساكينها، ولكن اين ذهبت محاورالجغرافية الاخرى، فاين الغرب واين الشرق واين الوسط؟
وهل اذا انفصل الجنوب سيكون هنالك محور جغرافى واحد؟ لذلك على المحاور الاخرى ان تبرز من الآن على الساحة الجيوسياسية لان اى نظام فدرالى او كنفدرالى فى السودان سيؤسس على تلك المحاور وتفصيلاتها الاخرى، فحديث محور جغرافى واحد باسم بقية المحاور الاخرى هو كلمة خير اريد بها باطل. لذلك فان الاصلاح السياسى مرتبط بوضع الاشياء على مسمياتها والتعامل معها كوقائع.

4- التنظيمات السياسية: مما لا شك فية ان التنظيمات السياسية هى ظاهرة ايجابية فى بلورة الوعى والفكر ووحدة السودان ، ولكن السؤال ماذا قدمت تلك التنظيمات لتحقيق ذلك وهل هى مستعدة الان ان تعى متطلبات المرحلة وحساسيتها، ام انها تفكر فى سياسة بيع الذمم واستغلال الفقر ونقض العهود، هل هى جادة فى تحولات ديمقراطية فى داخلها؟ هل هذه التنظيمات ادركت ان هى فشلت فى هذه المرحلة بصراعاتها الضيقة فانها ستكون كارثة لصوملة السودان؟ هل ستغير هذه التنظيمات من عقلية الوعود الكاذبة الى عقلية التنفيذ،؟ هل ادركت هذه التنظيمات ان انفصال الجنوب يعنى قيام عدد من الدول داخل السودان؟ هل هذه التنظيمات ستصارع وراء كعكة السلطة ام انها مدركة لخطورة المرحلة؟ هل ستظل عقلية النقد فى ان الاتفاق الموقع بين الحكومة والحركة هو اتفاق ثنائى ام التنظيمات السياسية ستتعامل مع روح المرحلة باعتبار ان وقف الحرب يعنى المحافظة على ارواح الشعب السودانى ومحاولة انصاف شعب جنوب السودان وجبال النوبة والانقسنا, وكنموذج يمكن ان ينطبق على دارفور والبجة وبقية اقاليم السودان ويؤدى الى سلام مستدام وتحول ديمقراطى.
هل ستظل التنظيمات تجرى وراء مفهوم الوطنية والقومية باسلوبة القديم ام انها ستعى ان الاسس التى اتبنت بها هذه المفاهيم فى السودان كانت اقصائية وينبغى ان تتغير.

الوحدة على مستوى الاقليم:

اقليم جنوب كردفان/جبال النوبة يتكون من العديد من المجموعات الاثنية التىعانت جميعها تهميشا تاريخيا مقصودا من كل الحكومات المركزية التى حكمت السودان لاسباب اشرنا اليها سابقا. ولم يقتصر التهميش على مستواه الاقتصادى او التنموى بل تجاوز ذلك فى تشريد وقتل المواطنين وزرع الفتن بين المجموعات الاثنية على المستوى الاثنية الواحدة او بين الاثنيات.

وهى محاولات تنشا بواسطة ايادى مركزية وتصدر للهامش بوسائل واساليب تستغل عامل الدين والقبلية وبعض المصالح الضيقة لضعيفى النفوس. وهى أشارات لسكان الهامش ان ابنائه غير جديريين بحكم انفسهم ومن ثم تصدير حكام آخرين ينهبون ويواصلون مسلسلات الفتن المستمرة.

اذا معرفتنا ببواطن تحريك الصراعات تجعلنا كابناء اقليم واحد ان نفكر جيدا لخلق سودان جديد يجمعنا بفهم ويحقق لنا امنا واستقرارا وتنمية حرمنا منها بفعل فاعل، ولكن يجب ان نوفرها لاجيالنا القادمة وهذا يتطلب الكثير وهو التحدى الحقيقى والذى يمكن ان نختصرة فى الاتى:-

اولا: اجتماعيا:

1- لابد من قراءاة التاريخ الاجتماعى والاقتصادى والسياسى للنمطقة وما كتبه الاخرين عنا خاصة علماء الاجتماع والانثروبولوجى. ومن خلال تلك القراءاة سنجد ان هنالك عوامل خارجية واخرى داخلية تسببت فى تباعد ابناء الاقليم متخدمة اللغة والثقافة والدين وسياسات المناهج التربوية والاعلام والفقر..الخ.

2- الاعتماد على الحوار كلغة للتفاكر والتشاور واعادة بناء تحالفات على اسس علمية سليمة.

3- ترسيم الحدود المعروفة تاريخيا.

4- تاهيل الادارة الاهلية لتلعب دورها الايجابى.

5- ضرورة توعية سكان الاقليم بان المصلحة الاقتصادية وخاصة فى الريف تتطلب استقرارا وامنا وتعاون تام اجتماعيا لتحقيق المصالح الزراعية والرعوية ..الخ. وبالتالى يجب التصدى لكل متجاوز لحقوق الغير.

6- تفعيل منظمات المجتمع المدنى بما يخدم مصلحة الاقليم.

7- السعى رسميا وشعبيا لتوفير الخدمات الضرورية.


ثانيا: اقتصاديا واداريا:

1- بناء وتاسيس وتطوير البنيات التحتية.

2- تاهيل الكوادر وبناء القدرات.

3- بناء مؤسسات اقتصادية وبنوك.

4- تطوير العقلية التجارية والزراعية والصناعية...الخ فى الاقليم.

5- استفادة ابناء الاقليم من اراضيه ومشاريعه بالقدر الذى يحدث تحولا فى حياتهم الاقتصادية.

ثالثا: سياسيا:-

أ- البرامج السياسى:

1- الاستفادة الحقيقية من نسب الاقليم فى السلطة والثروة على مستوى الاقليم وعلى مستوى السودان.

2- ضرورة توحد البرنامج والخطاب السياسى من اجل الحصول على مكتسبات جماعية، بقفل الباب امام منتفعى المركز والذين يريدون من من العمل السياسى مدخل لتحقيق مآربهم الشخصية.

لذلك علينا دعم برنامج السودان الجديد وتنسيق جهود تنظيماتنا السياسية بصورة عالية بما يخدم المصالح العليا ويخلق التغيير الجذرى المطلوب اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.

ب- امنيا:

مراعاة التكوين الجيد للقوات المتحدة، وكذلك تحديد الجدول الزمنى لانسحاب القوات الحكومية الفائضة وذلك لبناء الثقة بين الاطراف. كما يجب حل او دمج المليشيات الحكومية فى جيوشها وكذلك يجب المتابعة مع لجنة نزع الالغام حت لا تكون مهددا لحياة الناس.

ج- حقوق الانسان:

لابد من صيانة كافة حقوق الانسان فى الاقليم حتى يكون نموذجا يحتذى به. واهمية توثيق اى انتهاكات فى كل مستوياتها.

ويجب ان يتعلم المجميع من عبر ودروس الذين انتهكوا حقوق الانسان فى الاقليم سابقا والذين وردت اسماءهم فى العديد من المنظمات الدولية وصنفوا كمجرمى حرب فى الاقليم، وتتفاوت درجاتهم حسب وضعهم فى فئات التحريض واشاعة الفتن والفوضى وخلق الخوف والهلع والتسبب فى الفصل والتشريد والاغتصاب والتعذيب، وكان اسوأها القتل والتصفية الجسدية. ومنهم من ينتمى للاقليم او من خارجه، وربما يطالب المجتمع الدولى بتقديم هؤلاء لاحقا لمحاكمات دولية كمجرمى حرب ومنتهكى حقوق انسان.

فالمطلوب الان ان يستفيد جميع ابناء الاقليم من اخطاء الغير، وذلك من خلال الشفافيه والعمل على اعادة بناء الثقة والتصالح الاجتماعى ومعرفة الكل لحقوقه وواجباته، وقفل الباب وعزل كل متربص بالمصلحة العليا لتوحد ابناء الاقليم.


المعالجات والحلول:

1- المحافظة على ايجابيات اتفاق السلام وتطبيقة وتطويره على مستوى السودان بصورة عامة والاقليم بصورة خاصة، وكذلك الاستعداد التام لمواجهة المهددات والتحديات، وضرورة تحويلها فى شكل خطط وبرامج علمية مدروسة، قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى على المستويات المختلفة:

أ- خطط وبرامج اجتماعية وثقافية.

ب- خطط وبرامج اقتصادية وتنموية وادارية.

ج- خطط وبرامج سياسة و امنية.

2- ضرورة ان يلعب ابناء الاقليم بمختلف تخصصاتهم و اثنياتهم ادوارا ايجابية لترجمة تلك الخطط والبرامج الى واقع وتنفيذها بما يخدم مصالح الاقليم.

3- اهمية توحيد جهود ابناء الاقليم وخلق حوارات بينهم، والتنسيق والتواصل مع الاقاليم المهمشة الاخرى للضغط على المركز لتحقيق المكتسبات المطلوبة.

4- ضرورة انشاء مؤسسات تعليمية وبحثية واقتصادية واعلامية ودعمها ماليا وفكريا.

5- تأسيس متحف للتراث وتطوير الثقافات واللغات واعادة كتابة التاريخ بشكله الصحيح.

6- توثيق مساهمات ابناء الاقليم السياسية والفكرية ...الخ.

7- التصدى لاى انتهاكات لحقوق الانسان ورصد مقترفيها وتقديمهم لمحاكمات.


التوصيات:

1- المتابعة الدقيقة لتنفيذ بنود اتفاق السلام فى كافة المستويات.

2- حتمية الوحدة وتقوية العلاقات بين المجموعات السكانية فى الاقليم، والتصدى لمؤججى الصراعات فى الاقليم سواء كانوا من المركز او وكلائهم فى الاقليم.

3- ضرورة عمل منظمات المجتمع المدنى فى الداخل والخارج بكفاءة جيدة للاستفادة من الدعم المحلى والاقليمى والعالمى فى المجالات المختلفة لتنمية الاقليم.

4- بناء الثقة فى وبين أبناء الاقليم وتأكيد مقدرتهم لتبنى قضاياهم بصورة جماعية.

5- ضرورة المناقشة المستمرة لقضايا الهوية وعلاقة الدين بالدولة وقضايا التهميش بصورة عامة، والعمل على اعادة بناء جهاز الدولة ومفاهيم الوطنية والقومية.

6- اهمية توثيق اسهامات ابناء الاقليم الثقافية والفكرية والسياسية والعسكرية ...الخ.


الخاتمة:


لقد أمن الاتفاق على بعض الحقوق والمكتسبات بل اتاح مجالا لتطويرها لاحقا، وهذا يتطلب مزيدا من الجهود على المستوى الشعبى والرسمى لنجاحها، ولذلك لابد من الاستعداد لهذه المرحلة بخطط وبرامج اجتماعية واقتصادية وسياسية تلبى تطلعات جماهير الاقليم وتحدث تغيرا جذريا فى واقع حياة الناس. لذلك فان دعم برامج السودان الجديد يمثل الاساس لبناء الدولة السودانية على اسس عادلة.

الهوامش:

1- ابكر آ دم اسماعيل، جدلية المركز والهامش، نسخة غير منشورة، ص ص 21- 22.

2- د. منصور خالد، السودان- أهوال الحرب وطموحات السلام- قصة بلدين، دار تراث، 2003، ص ص 121- 122.
3- د. منصور خالد، نفس المرجع، ص 60.

4- أمين زكريا، تثقيف الثقافات كبعد استراتيجى لتجنب النزاعات، مقال، 2004، ص ص2-3

5- مجلة عالم المعرفة، العدد 83

6- امين زكريا، الاصلاح الاجتماعى كمدخل للسلام والتحول الديموقراطى، (مقال).

المراجع:

1- اتفاقية السلام الموقعة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان، يناير 2005.

2- Louise Diamond, The Peace Book, Conari Press, California.

3- د. منصور خالد. أهوال الحرب وطموحات السلام- قصة بلدين، دار تراثن 2003.

4- ابكر آدم اسماعيل، جدلية المكز والهامش.

5- مجلة عالم المعرفة، العدد الثالث الثمانون.

6- امين زكريا اسماعيل، ثقيف الثقافات كبعد استراتيجى لتجنب النزاعات، مقال، نوفمبر 2004م.

7- امين زكريا اسماعيل، الاصلاح الاجتماعى كمدخل للسلام والتحول الديمقراطى، مقال.

أمين زكريا اسماعيل
باحث واخصائى اجتماعى وانثروبولوجى
محاضر جامعى سابق
واشنطون/ ابريل 2005م.




للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved