مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الدستور الانتقالى يقصى الاسلام ويحظر الدعوة له بقلم يوهانس موسى فوك

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/19/2005 8:22 ص

الدستور الانتقالى يقصى الاسلام ويحظر الدعوة له

يوهانس موسى فوك

لعل السلام اشبه بعملية جمع الطيور فى قفص مفتوح، فلا تضع طيراً فى القفص المفتوح الا وكانت الاخرى خارجه...والعنوان اعلاه للمقال ليس ابداعاً شخصياً، او راياًاطرحه، بل هو عنوان للبيان الذى وزعه "حزب التحرير" فى الخرطوم يوم 12 من هذا الشهر، اى يوم الجمعة الماضى داخل احد المساجد بسوق ليبيا، ولان البيان وصلنى عن طريق احد المؤيدين للحركة الشعبية لتحرير السودان خلال تواجدى فى مدينة كاودا، الا اننى لستُ متاكداً ان كان البيان قد وزع على مستوى مساجد الخرطوم، او امتدت العملية الى ولايات اخرى.. ومهما يكن! فان البيان، ومن عنوانه هو رسالة تحريضية ضد السلام والدستور الانتقالى، اراد كُتابه تاليب مشاعر المسلمين ضد "الحركة الشعبية" باستخدام عبارات جارحة باتت حامضة لا طعم لها.

واليكم مقدمة البيان: " طرحت مفوضية الدستور مسودة الدستور الانتقالى، وقد اشارت ديباجته الى ان مصدر" هو اتفاقية السلام الشامل الموقع فى 9 يناير 2005 ودستور السودان لعام 1998 والارث الدستورى السودانى والتجارب الاخرى ذات الصلة.

ولما كان الدستور هو القانون الاساسى للدولة اى انه قانون، والقانون هو امر السلطان وقد امر الله السلطان ان يحكم بما انزل الله على رسوله وجعل من حكم بغير ما انزل الله كافرا ان اعتقد بعدم صلاحية الاسلام، وجعله فاسقا وظالما ان حكم بغيره معتقدا صلاحية الاسلام. فدل ذلك ان الايمان بالله ورسوله (ص) يجب ان يكون اساس القانون والدستور،اى ان العقيدة الاسلامية هى اساس الدستور والقانون مصداقا لقوله سبحانه وتعالى (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوك فى انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليم اً)).

طبعاً! لابد من التعامل مع مثل هذه الدعوات المتطرفة بسخرية وعدم المبالة، لذلك عندما اردتُ تسميتهم (اى الذين كتبوا البيان) لم اجد اسماً يناسبهم الا سميتهم بـ"الرويبضة" وهى تصغير" للرابضة" والذى قال عنه النبى محمد: الرجل التافه الذى يتكلم فى امر العامة". اذن اهولا الرويبضة كان ارحم من ذلك ان يتزكروا كم دفعنا من ارواح بين الشمال والجنوب بسبب المواقف... وفى مشاكل السودان عامة ابتداءً من جبال النوبة والنيل الازرق، ومروراً بدارفور، وختاماً بالشرق، بدلا من، دق طبول التطرف التى اوصدت مرات عديدة ابواب التفاهم، وزفير الصدور.

ويضيف البيان فى موضع اخر: " ويذهب هذا الدستور العلمانى ابعد من ذلك بحظر الدعوة الى الاسلام لضمان استمرار علمانية الدولة، حيث ورد فى المادة(40) البند (4) من مسودة الدستور الانتقالى ما نصه: لا يحق لاى تنظيم ان يعمل كحزب سياسى على مستوى القومى الا اذا كان ضمن اشياء اخرى:

* عضويته متاحة لكل السودانيين بغض النظر عن الدين او الاصل العرقى او النوع او مكان الميلاد

* لديه برنامج يؤيد اتفاقية السلام الشامل ويتوافق مع هذا الدستور.

لقد كان حديث الدكتور جون قرنق دى مبيور، رداً شافياً لافكار هولاء الرويبضة حينما قال فى احد احاديثه: ان الدولة مثلها ومثل السيارة، متسائلا: هل هناك سيارة تسمى سيارة اسلامية، او مسيحية؟؟ ... فعندما يقف المرء امام الرب يوم القيامة لن يساله الله عن الدولة التى ينتمى اليها، ان كانت اسلامية او مسيحية، بل عن اعمالك.

بطبيعة الحال هذا الحزب الذى تبنى هذه الافكار (حزب التحرير) هو مجرد وشاحة "لقادة التخلف" الذين يختارون كلماتهم بدقة لتحقيق اهداف مبطنة...ولا يستطيعون دائما ابراز انفسهم الا من بوابة الدين.. ولكى تتضح الامور اكثر فان الاسلاميين بداوا محاولاتهم فى برلمان الستينيان فى السودان، وعندما فشلوا لبسوا بدلات عسكرية عام 1989 وحاولوا طرح افكارهم من جديد الا انهم فشلوا فشلا زريعا، والان دخلوا المساجد باسماء احزاب، تبدؤ للمكفوفين سياسياً كاحزاب جديدة، ولكنها فى الواقع احزاب الاسلاميين انفسهم.. ولو كنت شخصاً محب لوطنك: هل ترفض النص الذى يلزم الاحزاب السياسية فى السودان العمل كاحزاب شعبية يسع فى عضويته كل السودانيين؟؟ ام تفضل التعاند على تكوين احزاب دينية بحجة عدم اقصاء دينك؟؟ ولحساب من هذا التعاند؟؟ ودعنى اسال المسلمين جميعاً: هل الاسلام دين قابل للزوبان اذا لم يحميه السلطان؟؟.

فى الواقع الرويبضة اصدروا فتوه من خلال هذا البيان، لستُ مسلما لاوكد ذلك ولكنهم كما يبدؤ اعتبروا الوقوف فى مجابهة هذا الدستور الانتقالى فى نظرهم فرض عين على كل مسلم وليس فروض الكفاية طالما الامر يتعرض للدين، وتجلى ذلك فى هذا الموضع ادناه من بيان حزب التحرير:

"ان هذه الشروط الموضوعة لممارسة العمل السياسى هى شروط باطلة شرعاً، وغير ملزمة للمسلمين لان الله سبحانه وتعالى يقول: (( ولتكن منكم امه يدعون للخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهولاء هم المفلحون)). ثم استطرد البيان: ... ولا يتصور ممن هذه اعماله ان يكون فى عضويته كافراً، او ان يقبل اتفاقية السلام او دستور السودان لسنة 1998 لان ذلك كفر ماخوز من غير الاسلام.

ثم اطلق البيان الدعوة الكبرى..." ايها الامة الاسلامية الكريمة: يامن شهدت ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله، ها هو الدستور الانتقالى يؤسس لحياتك على غير احكام الله التى جاء بها محمد رسول الله (ص) بل على اساس العلمانية، فصل الدين عن الحياة، فما هو موقفك؟ هل تسكتين فيُقصى الاسلام عن حياتنا وتمنع الدعوة له (انتبه ايها القارى الكريم لهذا التلفيق لان الدستور لم يمنع الدعوة للاسلام او لاى دين اخر) ويطارد حملة الاسلام المخلصين الساعين لتمكينه فى الحياة فيصيبنا خزى الدنيا والاخرة؟؟. ام تقفين موقف العزة والكرامة يرضى عنه ساكنوا الارض والسماء، فلا تقبلين الا بدستور ماخوز من عقيدة الاسلام، يرضى رب العالمين، لا بدستور ماخوزة من العلمانية يرضى امريكا والمتمردين الذين اغضبتهم عبارة ( بسم الله الرحمن الرحيم) فطالبوا بحزفها من مقدمة النسخة العربية للمسودة.

دعونى اجازف بهذا التصريح وباسم كل المهمشين واوكد: ان دارفور لا يؤيد افكار هولاء الرويبضة، وكذلك الاخوة فى الشرق،وفى جبال النوبة لا احد يوازرهم، ونحن فى جنوب السودان لا نقبل بها، اذن فليخبرنا هولاء، ويردوا على السؤال: من الذى يرضى بافكارهم ؟؟ ـ لان هذه الافكار الضيقة بالتاكيد ستاكل كل القيم والاخلاق السودانية الحميدة وستقطع وريد التصالح والوحدة، اذا لم نعى مدى خطورتها.

ومن ناحية اخرى لا اعرف ان كان هولاء الرويبضة يريدوننا ان نفهم الاسلام على انه حركة اجتماعية سياسية، وهذا ما يرسخه جانب اخر من البيان: " اننا فى حزب التحرير ولاية السودان طرحنا للامة الاسلامية دستورا مفصلا ماخوزا من العقيدة الاسلامية بادلته وها نحن نضع بين ايديكم ابرز ملامحه لتبنيه ووضعه موضع التطبيق والتنفيز وهذه الملامح تقوم على ان العقيدة الاسلامية هى اساس الدعوة بحيث لا يتاتى وجود شى فى كيان الدولة او جهازها او محاسبتها او كلما يتعلق بها الا بجعل العقيدة الاسلامية اساسا لها، وذلك يعنى:

* ان السيادة للشرع لا للشعب.

* ان السلطان للامة، فالامة هى التى تختار الخليفة ومن ثم تعقد له البيعة.

* انه يجب على الامه ان تختار من بينها رجلا جامعاً للشروط الشرعية لتنصبه خليفته.

* ان الخليفة بموجب السلطان الممنوح له من الامه يتبنى احكاما شرعية يسنها الدستور.

انها نكتة بالفعل! اذا كان انقسام الامه الاسلامية فى عهد العثمانية الى سنه وشيعة سببا فى القضاء على الدولة العثمانية (اخر خلافة فى الاسلام) فكيف يستطيع هولاء الرويبضة استعادة الخلافة فى دولة مثل السودان غنية بالتنوع العقائدى والفكرى، فيها المسيحية والمعتقدات الافريقية( الكجور) والشيوعية، فضلا عن الطوائف الاسلامية المختلفة.

وللحقيقة فان اضفاء الطابع الاسلامى المتشدد على السودان هو سبب الشرور والخطيئة التى لا تصفح عنها ...لان هولاء يستغلون مواكب العزاء والتجمعات الدينية، ويحولونها الى منابرهم السياسية، ينشرون فيها بضاعتهم البائتة. مثلهم ومثل الرجال الذين يختفون وسط النساء والاطفال اثناء الحرب، وذلك لان ليست لهم القدرة على التنافس الشريف، ولكن! لا افهم فى الحقيقة من يدعم هولاء ومن يساندهم، فى الوقت الذى لا ادعم اعتقادى القائل: ان الرويبضة هم سلة من اتباع النظام ( الانقاذ) الذين يحاولون افشال السلام. وكما يبدؤ ان استمرار الحال على ما هو عليه الان، ان لم ينجح المتطرفين فى التراجع عن مواقفهم السابقة، فان السلام سيكون "كقصة التصالح بين القط والفار".


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved