مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

دماء و أعراض أهل دارفور من أجل حفنة دولارات بقلم هلال زاهر الساداتي - القاهرة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/14/2005 2:37 م

دماء و أعراض أهل دارفور من أجل حفنة دولارات
هلال زاهر الساداتي - القاهرة


إن العجائب لا تنتهي في زمان الناس الرديئين هذا , فقد حملت لنا الأنباء أن مدعين لحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة وزعماء العشائر والإدارة الأهلية بدارفور قد أجتمعوا بطرابلس في ليبيا بالعقيد معمر القذافي في خيمته , وتوصلوا إلى حل نهائي وضع حداً لمأساة دارفور بعد أن أعطاهم العقيد سبعة ملايين دولاراً بنآءً على طلبهم للتعويض عن الدماء المسكوبة والإعراض المنتهكة والممتلكات المنهوبة والقرى المحروقة جبراً للكسر وتطييباً للخواطر , وظهر على العقيد وجه تعلوه بسمة , وهو غالباً لا يفعل ذلك , وبدا على القوم فرح وإنشراح بعد أن شربوا بارد الشراب وربما لبن الإبل من ناقة العقيد الخاصة ! وللوهلة الأولى طغى علىّ شعور بالغضب الشديد والمهانة الممضة أفلحت في كبح غلوائها باللجوء إلى أن الخبر مكذوب , أو مدسوس , أو مختلق , ولم يهدأ بلبالي وتتطامن نفسي إلا بعد صدور بيان للقيادة الثورية الميدانية لحركة العدل والمساواة نشر بصحيفة سودنايل بتاريخ 12/5/05 جاء فيه (( ولضمان تنفيذ ما يتم الأتفاق عليه لاحقاً فإننا نناشد ونأمل من القيادة الليبية وكذا المجتمع الدولي التعامل مع القيادة الميدانية التي تسيطر على الأرض لا أولئك الذين شرعوا في تصفية القضية على أرصفة أجهزة الأمن السوداني في مقابل وزارات ومحافظات وفلل وهم الذين باعوا من قبل دماء أهلنا لأحزاب فاشية ظلامية . )) وتلى هذا بيان آخر من حركة تحرير السودان مذيلاً بتوقيع أمينها العام منى أركو مناوى نشر بصحيفة سودانيز أون لاين في نفس اليوم نافياً إشتراك حركة تحرير السودان في مؤتمر طرابلس المشار إليه والمطالبة للمجتمع الدولي بسرعة تنفيذ قرارات مجلس الأمن
( 1950 , 1591 , 1953 ) .
لم يتطرق ذلك المؤتمر المرسوم في طرابلس لمحاسبة المجرمين من قريب أو من بعيد , وكأن آلاف الضحايا حشرات وجبت مكافحتها وإبادتها ! ولإنعاش ذاكرتنا أورد الفقرة 626 من تقرير اللجنة الدولية التي حققت في أحداث درافور والذي رفعته إلى الأمين العام للأمم المتحدة , تقول الفقرة : (( لقد عانى أهل دارفور معاناة شديدة خلال السنوات القليلة الماضية , ويجب أن تظل محنتهم في بؤرة الأهتمام الدولي . لقد عاشوا كابوساً من العنف والقسوة جردهم من كل مايملكونه وهو أقل القليل . لقد قتل الالاف , وأغتصبت النساء , وحرقت القرى , ودمرت المنازل , ونهبت الممتلكات , وتعرض نحو 1,8 مليون شخص للتشريد عنوة وأصبحوا لاجئين أو مشردين داخلياً , وهم في حاجة إلى الحماية )) ويقول التقرير في الفقرة 627 مايلي :
( أن إقرار السلام وإنهاء العنف في دارفور أمران لازمان لتحسين الوضع فيما يتعلق بحقوق الإنسان . على أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يستتب بدون إقامة العدل . ومما يؤسف له أن نظام العدالة السوداني قد أثبت أنه لا يملك القدرة أو الرغبة بالنسبة للتحقيق مع مرتكبى جرائم الحرب والجرائم الإنسانية في دارفور وإقامة الدعوى عليهم . ومن الضروري ضرورة مطلقة أن يقدم هؤلاء الجناة إلى المحاكمة أمام محكمة جنائية دولية مختصة وذات مصداقية . ومن المهم أيضاً تعويض ضحايا الجرائم التي أرتكبت في دارفور . )
إذاً , محاكمة المجرمين وإقامة العدل أمام محكمة الجزاء الدولية بلاهاي هو مطلب المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن , ومطلب وطني سوداني بخلاف مماطلة ومراوغة حكومة الجبهة , وبرغم القسم الخطير للمشير البشير ,
والذي أصر عليه وإن جاءت قوات غازية على أبواب الخرطوم ؟ وأعجب لقول رجل في كامل قواه العقلية وخلو نفسه من الحماقة المدمرة أن يضحي ببلده وسكانه من أجل عدد من المجرمين المطلوبين للعدالة ! وأما حال القضاء السوداني فيكفي ماصار أليه إيراد حادثتين قريبتين كمثال , فقد نشر أحد المتقاضين في صحيفتي سودنايل وسودانيز أون لاين أنه رفع قضية شيك مستحق له , وعزز كلامه بأرقام وتواريخ القضايا , وظلت القضية متداولة في المحاكم بكل درجاتها لمدة أثنى عشر عاماً , وفي كل مرة يصدر فيها حكم ويذهب فيها الحكم لمحكمة الأستئناف فالمحكمة العليا ثم يعود مرة أخرى إلى محكمة الموضوع , وهكذا دواليك لاثنتى عشرة سنة . والقضية الثانية التي صدر فيها الحكم بالإعدام قبل أيام على رجل الأمن قاتل على البشير وقد نظر فيها منذ عام 2001 م .
12 عاماً لقضية شيك و 5 سنوات لقضية قتل ! وإذا نظرت قضايا دارفور على هذا المنوال فربما تستغرق عشرات السنين يكون فيها موسى هلال والجنجويد قد هرموا أو هلكوا !
رحم الله قضاة عظاماً لنا أمثال الدرديري محمد عثمان وعبد المجيد إمام وصلاح حسن , وحى الله وبعث قضاءً كان شامخاً . وكما ذبح الجنجويد أهلنا في دارفور أقام نظام الجبهة مذبحة للقضاة فصلوا فيها خمسمائه من اكفأ وأميز القضاة علماً وخلقاً .ونقول للمؤتمرين في خيمة العقيد في طرابلس : هل هان عليكم وطنكم إلى هذا الحد , وهل بعتم دارفور بهذا الثمن البخس ؟! وأني أتخيل أرواح الشهداء تلعنكم في مثواها , كما تلعنكم دعوات الضحايا المكلومين والمشتتين في الأرض ! كم تسوى روح أو نفس الواحد أو الواحدة من أهل دارفور ؟
على حسب تقديرات الأمم المتحدة فإن عدد القتلى مائة وثمانون ألفاً , وإذا قسمنا مبلغ السبعة ملايين دولار على هذا العدد يكون الناتج ثمانية وثلاثون ألف دولار لكل نفس , وذا اعتبرنا عدد الضحايا ثلثمائة ألفاً بإضافة المتوفين بالأمراض والجوع حسب تقديرات الأمم المتحدة وإذا قسمنا السبعة ملايين دولار عليهم يكون نصيب الواحد ثلاثة وعشرون ألف دولاراً . ويشكر الأخ العقيد على كرمه الحاتمي , فقد أعطى القوم على قدر طلبهم , ولكن نسأله في نفس الوقت عن كم دفع من ملايين تعويضاً لضحايا طائره بأن أمريكان التي أسقطوها فوق بلدة لوكربي في أسكتلندا وكان عدد راكبيها مائتين وسبعين راكباً ؟
ألم يكن مليون دولارأ أو أكثر عن كل راكب ؟! فهل بالمقارنة لأرواح ضحايا دارفور تهون نفس أو روح إنسان دارفور المسلم إلى هذا الحد ؟! ولكن دعك عن هذا الإجحاف البين فأنا في السودان نسميها ( الحقارة ) والتي لا نرتضيها أبداً وليست من طبعنا , ولكن أرتضاها لنا قوم من الشرذمة القليلة الضالة , بمؤازرة ناس الجبهة الإنقاذية التي جعلت من أرض السودان مرتعاً لكل طامع ومعتد , ولو كان الثمن حفنة من الدولارات , ومهما كان الثمن ليفلتوا عن جرائمهم , وليستبقوا سلطتهم !
ونتمثل قول الشاعر
لا تسقني ماء الحياة بذلة
بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

ما أغلى القدر وما أرخص الثمن !

[email protected]


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved