مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الحوار الأفريقى الأوربى بين الشراكة والاستجداء بقلم محمد يوسف حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/14/2005 12:56 ص

محمد يوسف حسن

الحوار الأفريقى الأوربى
بين الشراكة والاستجداء

شهدت القارة السمراء لردح من الزمان نهبا لمواردها واستغلالا لانسانها الذى تقاسمته قارات الدنيا المختلفة وهو سليب الارادة تقيده الاغلال وتمزق جسده السياط لكى يخدم السيد الأبيض فى أبشع استغلال للانسان لأخيه الانسان حتى أصبح أحفاد السادة الأوائل ينظرون بالدونية للرجل الأسمر الى يومنا هذا حتى ولو وضع ربطة عنق جميلة من بيير كاردان وعطور باريسية. ولاقى فى البلاد الجديدة صنوف العذاب من فلاحة الأرض وشق الصخور والقنوات وحفر الأنفاق واستخراج الفحم الحجرى وثروات باطن الأرض لا لمنفعته أو منفعة أبنائه ولكن لمتعة سيده الذى تصيده من بين أهله فى أفريقيا كما تصطاد الحمر الوحشية ليدخله قسرا الى القوارب فى طريقها الى العالم الجديد، أوربا كان أم أمريكا .. ويموت منهم فى الطريق من يموت كالأغنام يصيبها الوباء فيقضى على بعضها وتكتب النجاة أو الشقاء لأخرى. وما زال أحفاد الرجل الأفريقى الأول يتجرع معظمهم كأس المعاناة والتفرقة والاستغلال فى العالم المتحضر الجديد. ثم ما سلمت أفريقيا من الحروب العالمية التى دار بعض رحاها على أرضها وراح عدد من أبنائها بين قتيل وجريح. فجيوش نابليون وصلت الى مصر وجيوش هتلر وصلت شمال أفريقيا وجيوش موسلينى دخلت بلاد الصومال والحبشة وليبيا ومن قبلها وصلت جيوش غردون باشا الى الخرطوم لتحصد الناس بسلاح العصر دون رحمة وهم يتدافعون للاستشهاد بالآلاف كما يتدافع الحجاج حول مناسك الحج ويعلو صوتهم بالتكبير. ثم جاء تقسيم الغنائم لأمراء الاستعمار الذى جعل لأهل القبيلة الواحدة أكثر من لغة ولسان وفصل بينهم بحدود يقتضى عبورها تأشيرة توافق عليها العواصم. فأصبحنا دويلات كـ"لحم الرأس". وشهدت بلاد أفريقيا كفاحا مريرا لنيل استغلالها دفعت فيه ثمنا باهظا ودما غاليا حيث بلغ عدد شهدائها فى الجزائر وحدها مليون نفسا بشرية. ثم وجدت الشعوب الأفريقية التى نالت استغلالها أن ثرواتها نهبت وارادتها سلبت وعشيرتها تفرقت فاشتعلت بينها الحروب الأهلية وضربتها الكوارث الطبيعية.
هل تقود الشراكة غير المتساوية الى منافع متبادلة؟
وجاء زمان أصبح فيه الحوار بين من تسيد بالأمس مع من تسيد عليه ضرورة. فأوربا التى تجمعت فى اتحاد لتلملم شعث القارة التى شهدت انقساما بين معسكرين وأفريقيا كذلك جددت عزمها ونفضت الغبار عن منظمتها السابقة لتجمع دولها فى اتحاد واحد تم تدشينه فى ديربان بجنوب أفريقيا فى يوليو من عام 2002. وأصبحت فرص التعاون بين قارتين هما أفريقيا ممثلة فى اتحادها وأوربا متجمعة تحت سقف اتحادها كذلك، الشىء الذى سيكون له أثرا دوليا. ولكن هل تقود الشراكة غير المتساوية الى منافع متبادلة؟ (كما يطرح البروفسور بن توروك عضو البرلمان بجنوب أفريقيا فى ورقته حول الحوار الأفريقى الأوربى) "ان الاستعمار حينما فرض لغاته وثقافاته على أفريقيا فانه لم يقصد أن يؤسس بذلك الى علاقات متساوية بين الطرفين. والعلاقات غير المتساوية بين الدول يمكن فقط أن تكون مفيدة ودائمة عندما تكون مبنية على منفعة متبادلة. ولضرورة المنافع الاقتصادية فان أفريقيا تحتاج الى الحوار والشراكة مع أوربا الموحدة فى حين أن أوربا مازالت تتحصل على منافع مادية فى علاقاتها مع أفريقيا"، وأضاف "أن ظهور الاتحاد الأفريقى والنيباد (التى تعنى الشراكة الجديدة لبرنامج التنمية الإفريقى) هو اجابة جزئية لعملية المفاضلة هذه باعتبار أن له مقترحات فى التعاون الاقتصادى بين دول الجنوب. وعلى الحوار الأفريقى الأوربى أن يدرس تطبيقات التعاون بين أقاليم أفريقيا المختلفة والتعاون مع دول الجنوب وهل تشكل هذه العناصر تهديدا لأوربا؟ وكيفية السيطرة على الاستقطاب الذى أحدثه مؤتمر كانكون وذلك لأجل مصلحة الجميع." ان الكثيرين فى أوربا بدأوا يدركون أن مشاكل أفريقيا لم تجد حظها من الاهتمام من جهة وأن هناك احتياجا عاجلا لسياسات تمكن شعوب أفريقيا من تحسن أوضاعهم المعيشية. ومن بين هؤلاء السيد لوى ميشيل مفوض التنمية بالمفوضية الأوربية. وبالرغم من أن العلاقات بين الطرفين مختلة الآن ولكن يمكن التغلب على ذلك بتوصيف آليات لبناء شراكة ومعالجة عدم التوازن. ولكى يكون هذا الحوار ناجحا يجب أن يتم دون ادعاء أبوة من طرف على الآخر ولا ملاومة الآخر للأول. ان الحوار يتطلب فهما موضوعيا لتاريخ نشؤ الأنظمة الأفريقية وبروح التسامح المتبادل والاحترام. وأن يكون الحوار على مستوييه الحكومى وغير الحكومى لتأكيد القبول الواسع للنتائج. كما يجب ألا يسمح للمجموعات التى ترفض التغيير فى الطرفين أن تعيق التقدم الذى يخدم مصلحة الأغلبية.. كضرورة رفع الدعم عن المزارعين الأوربيين حتى لا يتضرر المزارع الأفريقى. لقد وضح أن العولمة ارتبطت بالتهميش فى أفريقيا وزيادة الفقر وسط الغالبية من سكانها. وعلى الرغم من أن المساعدات الخارجية تمثل وسيلة وقاية قيمة فى محاربة الفقر اذا تم تركيزها جيدا الا أن هذه المساعدات الخارجية لا تصلح أن تكون العلاج الأساسى لهذا الغرض. والخبراء الأفارقة يرون أن التجارة أكثر نفعا من المساعدات وأن علاقات التجارة التفضيلية مع أوربا هى التى تجد اهتمام أفريقيا. وأن المساعدات الموجهة ربما تساعد فى الوقاية من التشوهات فى تطوير التجارة.

وكان فاتحة جولات الحوار السياسى الأفريقى الأوربى ماتم من اجتماع وزارى بين الطرفين فى القاهرة فى أبريل عام 2000 وناقش مسائل ثمانية هى: الديون الخارجية- اعادة المسروقات الثقافية – منع النزاعات – حقوق الانسان والديمقراطية والحكم الرشيد – التكامل الاقليمى والتجارة – مرض فقدان المناعة (الايدز) – الأمن الغذائى – البيئة. وقد صدر فى اعقاب الاجتماع اعلان القاهرة وخطة عمل القاهرة. ثم أعقب هذا الاجتماع آخر انعقد فى واقادوغو ببوركينا فاسو فى نوفمبر 2002 ناقش التطور فى المسائل التى طرحت سابقا. ثم جاءت الجولة الثالثة لهذا الحوار عبر وزراء خارجية الترويكا والذى انعقد فى روما فى نوفمبر 2003 وقد كان وديا وبناءا. وكان الاجتماع الوزارى للترويكا الأوربية مع المسؤولين فى الاتحاد الأفريقى بأديس أبابا فى ديسمبر2004 حيث تطرق الحوار الى قضايا السلام والأمن فى أفريقيا والى آلية السلم. كما تطرق الى اصلاح واعادة هيكلة مجلس الأمن والى تحريم انتشار والمتاجرة بالأسلحة الصغيرة والخفيفة والألغام ، وقضايا الارهاب والمرتزقة واطلع الوزراء على التقدم الذى أحرز وبالتحديات التى تواجه الاتحاد الأفريقى فى هذه المسائل مؤكدين على أهمية الشراكة فى التعامل مع هذه القضايا. وكان للنزاع فى دارفور حضور فى هذا الاجتماع حيث أكد الحضور ضرورة الاسراع فى احتواء الأزمة واعادة السلام والأمن والاستقرار لكل أرجاء السودان. ولقى التطور فى عملية السلام فى الجنوب الترحيب التام من الاجتماع. وكان آخر هذه الاجتماعات الاجتماع الوزارى الرابع فى لكسمبورغ الذى انعقد فى أبريل الماضى برئاسة وزيرى خارجية نيجيريا ولكسمبورغ. وتناول هذا الاجتماع تعزيز الشراكة فى تسوية النزاعات والسياحة وبناء القدرات والحكم الرشيد ومراقبة الانتخابات وحقوق الانسان والتكامل الاقليمى والتجارة والبيئة والجفاف والتصحر والكوارث الطبيعية والاعداد لقمة الأمم المتحدة فى سبتمبر 2005 والحوار الأوربى الأفريقى والشراكة الاستراتيجية. ورحب الاجتماع باتفاقية السلام فى السودان وأكد دعمه لها والعمل على حل مشكلة دارفور.

ولكن الطريق الى تفاهم متبادل وشراكة حقيقة ليس بالسهل. ففى المؤتمر الدولى الأخير لمناهضة العنصرية وفى المحادثات الأفريقية الأوربية بخصوص العبودية طالبت أفريقيا فى ورقتها اعتبار تجارة الرقيق والعبودية جرائم ضد الانسانية ويجب تعويض ضحايا الاسترقاق وتعويض أحفادهم ولكن الاتحاد الأوربى وكندا وآخرين رفضوا رفضا قاطعا باعتبار أن هذا الفعل فى ذاك الوقت لم يكن فعلا محرما! بل ويعتبرونه مشروعا حينها. واقترحوا تقديم اعتذار عام باسم الانسانية جمعاء حتى لا يترتب على هذا الاعتذار أى ملاحقات أخرى. ولكن الوثيقة النهائية اعترفت بأن تجارة الرقيق والعبودية والاستعمار هى الاسباب الرئيسية للعنصرية وقادت للفقر والتخلف والآثار السالبة الأخرى على العالم الثالث. وطالبت الوثيقة باتباع وسائل علاجية خاصة لازالة الآثار السالبة التى مازالت تمارس اليوم. وبما أن الوثيقة لم تطالب بتعويضات مباشرة تتعلق بهذه الجرائم ضد الانسانية ولكن هناك صلة واضحة،،،


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved