مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

نداء الى قادتنا !! بمناسبة زيارة الدكتور محاذير محمد للسودان بقلم صلاح الدين حمزة الحسن-لاهاى - هولندا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/13/2005 4:01 ص

نداء الى قادتنا !!

بمناسبة زيارة الدكتور محاذير محمد للسودان

جاء فى الاخبار ان رئيس الوزراء الماليزى السابق د. محاذير محمد سوف يقوم بزيارة الى السودان فى الايام المقبلة نتمنى ان لاتكون زيارة سياحية بالنسبة له او اعلامية بالنسبة لنا فالرجل قامة فى الفكر لابد من الاستفادة منه , فان الاستفادة من تجربة د.محاذير كثيرة وغنية ويمكن لدولتنا ان تستفيد منها الكثير فقد اثارت تجربته اعجاب العالم بأسره اذ انها اذهلت العالم وأكدت ان القيم الاسلامية لا تقف حائلاً ابداً امام انجازات اقتصادية او فنية او تكنولوجية.

لايمكن لدولتنا ان تتقدم وتتطور وتزدهر فيها التقنيات الحديثة دون الاستفادة من تجارب الدول الاخري , نعم ان هناك بعض البلدان المتطورة قد حققت نجاحات كبيرة بالعمل الذاتي الا اننا اذا تفحصنا ودرسنا حقيقة نجاحها لوجدنا انها استفادت من تجارب بلدان اخري , فكل الدول التي تقود العمل التقني الان نجد انها قد استفادت من تجارب بلدان اخري او خبرات علماء من بلدان اخري وذلك في رسم الخطط او ابتكار النظريات والافكار التي قام عليها بنيان الصناعة المعلوماتية الحديثة , حتي الكيان الاسرائيلي الذي احتل موقعاً في المقدمة في مجال تقنية المعلومات نجده قد استفاد من العلماء والخبراء الذين تم تهجيرهم من بلاد اخري مثل روسيا الي الاراضي المحتلة , كذلك الامر بالنسبة للامريكان انفسهم فانهم حتي الان يستجلبون العلماء من جميع انحاء العالم للاستفادة منهم في بحوث تقنية المعلومات .كما جاء في الاخبار ان استراليا قررت منح تاشيرات مفتوحة للعلماء في مجال تقنية المعلومات وذكرت التقارير ان الامر يشمل كل من يحمل مؤهلاً في مجال تقنية المعلومات ... لماذا ؟ لان مستقبل العالم كله مربوط بتقنية المعلومات لذلك ارادت الدول ان تبدأ في احتكار هذه التقنية وتهيئة الجو لتثبيت البنية التحتية والتي عمودها الفقري الخبراء والباحثين في هذا المجال .

لابد للسودان الاستفادة من خبرات الدول الاخري في مجال تقنية المعلومات عموماً فيمكننا هنا ان ناخذ دولة ماليزيا كنموذج لبلد اسلامي استطاع ان يتطور تطوراً مزهلاً في فترة زمنية وجيزة , فالتجربة الماليزية درس مهم يستحق التامل والتدبر واذا تفحصنا معاول و معطيات ثورة المعلومات فى العالم لوجدنا ان اهمها تتم صناعته في ماليزيا ففي هذا البلد لايمر يوم الا وتقام فيه ورشة عمل او مؤتمر او ندوة او محاضرة عن استراتيجيات تقنية المعلومات او التجارة الالكترونية او تدشين منتجات رقمية . اذن وجب علينا ان نتساءل ... كيف تطورت ماليزيا ووصلت الي هذا المستوي ؟ وكيف يمكننا ان نلحق بها ونستفيد من تجاربها ؟

ابدأ موضوعى باقتباس من بعض مقالات الدكتور محاذير محمد رئيس الوزراء الماليزى السابق , حيث قال فى احدى مخاطباته " أننا نعيش الآن عصر المعلومات، حيث تعد تقنية المعلومات والاتصالات بمثابة القوى المحركة للتقدم الاقتصادي . في هذا المضمار ليست هناك حاجة لقوى عاملة كبيرة. غير أن هناك حاجة على وجه التأكيد لأيدي عاملة حاصلة على تعليم عال في حقول العلوم والرياضيات، وهي مجالات حقق فيها العرب تفوقاً في الماضي. ولا حاجة بي لأن أعدد أسماء علماء العرب الأفذاذ في حقول العلوم والرياضيات والطب ، والذين مهدوا السبيل أمام العلوم الحديثة. ولسوء الحظ فإن المسلمين أداروا ظهورهم في مرحلة معينة للعلوم والرياضيات، ومنذ ذلك الحين فقد تراجعت تلك الحضارة وأصبح المسلمون اليوم بين أقل شعوب العالم تعليماً وتقدماً. وربما جاز لي القول : أن المسلمين بإهمالهم لتلك العلوم الجوهرية قد تجاهلوا أوامر الإسلام فيما تدعو إليه من ضرورة طلب العلم والتسلح بالقوة اللازمة لحماية أنفسهم ودينهم ... ". وفى مخاطبة اخرى قال الدكتور المفكر ".. مهما كان الأمر، فالحقيقة هي أننا معشر المسلمين لا نستطيع اليوم أن نهمل العلوم والرياضيات إذا كنا نريد أن نحول بيننا وبين الوقوع ضحية للضعف والاضطهاد. وينبغي لجميع الموارد البشرية في بلداننا الإسلامية أن تحصل على القدر الأهم من التعليم في حقول العلوم والرياضيات. ولا نستطيع بطبيعة الحال أن نستثني نساءنا من ذلك إذا ما كنا نريد تعظيم قدراتنا ومقوماتنا الإنتاجية ..."

فى مؤتمر الاسلام والتصنيع افتتح الدكتور محاذير محمد محاضرته والتى قدمها فى المؤتمر بكوالالمبور حيث تساءل " هل يمكن أن يكون هناك صناعة إسلامية؟ أو على الأقل صناعة تستند في إطارها العام إلى قواعد ومفاهيم إسلامية؟ وهل نستطيع أن نخضع الصناعات المتعددة المعروفة لدينا إلى عملية أسلمة؟." وواصل الدكتور المفكر محاضرته عن الاسلام والتصنيع حيث قال " إن المستثمرين المسلمين الذين يقتحمون اليوم ميدان التصنيع في مجالاته الشاملة من غذاء وخدمات وتقنية متطورة وما يلبي احتياجات المجتمعات، أكثر قدرة على إدراك ارتباط الدين بالصناعة. وإذا تحقق للأمة هذا الوعي بأهمية الصناعة وارتباطها بدوافع دينية، فإن ذلك سيسهم في ترويج الصناعات الإسلامية بين أقطار المسلمين ويدفع مجتمعاتهم لاكتساب المعرفة ويهيئ الأرضية الملائمة لغرس مفاهيم سامية عن الصناعة ويجعل الدول الإسلامية أكثر تطورا ونشاطا وتقدما ونجاحا ويفرض احترام المسلمين على العالم. وقد حان الوقت ليعمل المسلمون على بلورة مفهوم إسلامي صحيح إزاء قضايا التصنيع ينسجم مع جوهر الإسلام، فذلك من شأنه أن يوظف الطاقات والإمكانات لإدارة مختلف أنواع الصناعات على نحو فاعل يصب في مصلحة المسلمين والدين الإسلامي.
هذه بعض مقالات واراء وافكار د. محاذير محمد رئيس الوزراء الماليزي والتى يمكن ان تكون مسودات واجندة تناقش وتدرس بعناية , اردت ان ابدأ به الحديث عن اسباب نجاح وتطور الدولة الماليزية .

ان عدم العبث السياسى في الدولة الماليزية يكاد يكون هو السبب المباشر او الرئيسي في التطور الماليزي , فالانضباط السياسي في ماليزيا يعني اشياء كثيرة فهو ليس فقط وجود ديموقراطية في الحكم بل يشمل الوعي العام والاحساس العام بالنسبة للحكام والمحكومين بضرورة الاستقرار السياسي للتمكن من النهوض والتطور , فانضباط الحكومة نتج عنه استقراراً مكن من تنفيذ الاستراتيجيات الموضوعة في ماليزيا , فهذا الانضباط لايعني فقط الالتزام بالقانون والاخلاق بل يمتد الي الالتزام بتنفيذ البرنامج السياسي المقدم من جانب الحكومة وعدم التزحزح عنه , فانضباط المحكومين يجد الطريق ممهداً طالما ان الحكومة كانت منضبطة , انضباط في العمل فى الزمن فى الجودة , انضباط في السلوك العام حتي ان ثقافتهم وعاداتهم صارت منضبطة بحيث تراهم وكانهم آلات او ماكنات او حاسبات غذيت بتوجيهات لتعطى نتائج محددة .

لقد تمكنت الدولة الماليزية من تغيير ثقافة المجتمع من الاسوأ الي الاحسن , تغيير عادات الكسل والخمول والارتخاء الي النشاط والحركة والعمل ويلاحظ ذلك واضحاً في فئات المجتمع المختلفة رجالاً ونساءً فليس هناك فرق في العمل فتجد المرأة تعمل في سفلتة الطرق كما تجدها تقود القاطرات وتقود عربات الاجرة .

من اهم الاشياء التي ساعدت في تنفيذ استراتيجية الدولة الماليزية هو الاهتمام بالزمن والالتزام بالبرامج في مواعيدها مهما يحدث وذلك علي كافة المجالات حتي ان عطلة العيد لا تتغير اذا صادفت يوم العيد او لم تصادفه فعلي المسلمين الاحتفال بعيدهم والفرح به لكن العطلة الرسمية في مواعيدها , كذلك الامر بالنسبة لدخول العاملين وخروجهم وحتي الخروج للاكل له ساعات واوقات محددة Lunch Hour واذكر هنا قصة طريفة حدثت لاحد السودانيين في ماليزيا فقد اعتاد الماليزيون اعداد افطار مجاني في المساجد طيلة شهر رمضان المعظم وهوعبارة عن وجبة كاملة لكل من يحضر وقت الافطار اي مع صلاة المغرب , جاء هذا السوداني بعد اداء الصلاة (كعادتنا ) وقد ادي الصلاة متاخراً ثم ذهب الي البوفيه الخاص باعداد الطعام ليتناول وجبة الافطار فقال له الرجل المسئول " Sorry … Too Late " .. نعم انه النظام حتي في امور دينهم والتي ينبغي ان نكون نحن اولي بتطبيقها .

الالتزام بالنظام والنظافة في المجتمع بصفة عامة من اهم معاول التطور الماليزي , فضياع الوقت في علاج الامراض التي تسببها عدم النظافة و النظام هي اهم المعوقات التي تقف عثرة في تقدم الامم ومامثال الملاريا عندنا ببعيد .

الاهتمام بالمال العام وعدم التلاعب به والانضباط في التعامل معه ايضا يعتبر من اهم مايشد انتباهك في ماليزيا واذكر هنا انني ذهبت مرة الي احد المكاتب الحكومية لانجاز بعض المهام الرسمية وعند جلوسي مع الشخص المسئول سالني عن امر فكان لابد لي من الاتصال بمكتبنا لاخذ المعلومة فقلت له اريد استعمال الهاتف للاتصال بمكتبنا لاخذ المعلومة فقال لي You can use the Public Phone outside اي يجب ان استعمل الهاتف العمومي وان ادفع مقابل المكالمة !! بعد ان قضيت مهمتي تحدث معي عن اسباب تطور الامم ذاكراً ان الاهتمام بالملك العام يدخل في ذلك تعجبت من صنعته وقلت له في بعض البلدان يمكنك ان تدخل المكاتب الحكومية وتستعمل الهاتف في International Calls وبدون مقابل . ان اهمية الملك العام يجب ان تكون من الامور المقدسة التي ينبغي عدم التلاعب بها ويدخل الزمن والعمل ضمن هذه المقدسات في الدولة الماليزية و التلاعب بهما يعاقب عليه القانون واذكر هنا ان هناك جهات ارادت القيام بتظاهرات تعبيراً عن رايها في موقف معين وطبعا الدولة ديمقراطية وحرية التعبير عن الراي مكفولة لكل شخص , فالامر الذي حدث ان رئيس الوزراء قال لهم ان الدولة ديمقراطية والحرية مكفولة للكل لكن نحذر من التلاعب بالزمن الرسمي والتغيب عن العمل الرسمي فمن اراد ان يتظاهر يتظاهر في وقته الخاص بالليل او في العطلات الرسمية لكن موظف الدولة يعاقب وقد يفصل اذا خرج اثناء ساعات العمل فالدولة تدفع الاجور نظير القيام بالاعمال في الزمن المحدد . ان الديمقراطية لاتعني العبث , انها الثقافة الماليزية , مابالك اذا كان هذا الامر في بلدنا ؟ ربما يظهر المسئول علي شاشة التلفزيون ويقول للمواطنين " اخرجوا غداً اثناء ساعات العمل للمظاهرة وانا معكم لخارجون!!"

لقد استفادت ماليزيا من التجارب اليابانية ويكاد يذكر ان اليابان هي التي قامت ببناء الدولة الماليزية الا ان المعالم الغربية البارزة الموجودة الان فى ماليزيا تضيف ان ماليزيا قد استفادت ايضاً من الغرب مثل استفادتها من الشرق في تطورها , ان عدم انشغال الدولة الماليزية بالصراعات الدينية والاختلافات العصبية والحزبية والجهوية ساعد كثيراً في الاستقرار الامر الذي ساعد بالتالي في التطور والارتقاء .

الاتجاه العام السائد في الدولة الماليزية منصباً نحو العمل لذا كانت النهضة الماليزيا , هذا لايعني ان الجوانب الاخري في حياة الناس قد اهملت فالجوانب المعيشية والوجدانية والحضارية والعادات والتقاليد كلهاتتطور وتتحسن و تسير جنباً الي جنب مع التطور التقني و الشاهد علي ذلك الوفرة المعيشية وانتشار المساجد ودور العلم وكل معينات الثقافة والحضارة , ففي هذا البلد وانت في اعلي برج في العالم في مدينة كوالالمبور تستطيع ان تسمع الاذان الامر الذي يؤكد ان الدولة الماليزية استطاعت ان تحافظ علي الهوية الاسلامية برغم انتشار مظاهر الحضارة الغربية .

تعمل الدولة الماليزية بمبدأ هام ومفهوم كبير يتمثل في الانسجام بين الانسان والبيئة والتقنية وهذا ماظل يردده دوماً رئيس الوزراء الماليزي الدكتور محاذير محمد بان الاسلام يجب ان يسود بالقوة والقوة تكمن في العلم والتكنولوجيا ليس بالسلاح والارهاب , فالاسلام هو دين الانسان الماليزي وهو بيئته لذا يجب ان يتكامل الدين مع التقنية لخدمة الانسان, وقد ظهر هذا المفهوم جلياً في اللمسات الفنية للمدينة التقنية المتطورة في ماليزيا CyperJaya فقد تكاملت التقنيات الحديثة بالملامح الحضارية الاسلامية القديمة ويظهر ذلك مباني مجلس الوزراء ومقر الرئيس والمسجد الكبيرفى المدينة الحديثة .

الامل ان تدرس دولتنا التجربة الماليزية دراسة متكاملة فهي نموذج للدولة المسلمة ذات الاعراق والديانات المتعددة , نموذج للدولة المسلمة التي استطاعت ان تنهض وتتقدم وتقف جنباً الي جنب مع الدول المتقدمة, يجب علينا ان نستفيد من هذه الدولة , في نظام الحكم , في الخدمة المدنية , في الثقافة الجديدة , الزمن , التعليم والتكنولوجيا . كما يجب علي دولتنا الاستفادة من افكار الدكتور محاذير محمد التي تحمل معانى وثقافات جديدة تدعو الي العمل والتطور والنهضة والابتعاد عن الكسل والخمول والفرقة والشتات , دعوات جديدة تقوم على الشراكة الذكية Smart Partnership و تعاون الجنوب مع الجنوب South to South . فالفرصة متاحة لنا والطريق ممهد كي نستفيد من ماليزيا كما استفادت ماليزيا من الدول الاخري دون المساس بهويتها وكبريائها كما يمكننا الاستفادة من امكانيات هذا الرجل المبدع الذى استطاع ان ينقل تطور الغرب الى بلاده فى عزة دون المساس بهويته ورأيه واكبر دليل على ذلك وقوفه شامخاً ولوحده عندما قال فى مؤتمر القمة الاسلامى فى كوالالمبورأكتوبر 2003 " ان اليهود يتحكمون فى مصير العالم " الامر الذى اثار ضجة فى مختلف العواصم الغربية .

صلاح الدين حمزة الحسن

لاهاى - هولندا


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved