مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رسالة زيورخ..وسارة عيسى بقلم شوقي إبراهيم عثمان-ميونيخ - ألمانيا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/13/2005 3:50 ص

رسالة زيورخ..وسارة عيسى

عندما أرسلت رسالتي القصيرة للأستاذة سارة عيسى بأن تمحي أميتها الإسلامية، لم يكن يعنيني في شيء ماذا تعتنق، فهذا من حقها، ولكن في مقالتها عن الأستاذ محمد طه محمد أحمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق، والتي كالت له فيها الضربات، وحاكمته قبل أن تبدأ أية محاكمة قضائية، وقبل أن يتضح أن غوغاء السلفيين والوهابيين لهم مآرب أخرى، حشرت سارة عيسى في موضوعها التشيع وغمزت للشيعة ثم قالت أن التشيع لآل البيت هو اختراع فارسي!

هذه الدعاية التي تقول "أن التشيع لآل البيت عليهم السلام اختراع فارسي" هي دعاية ينشرها المذهب الوهابي السعودي وطابورهم الخامس من السلفيين في السودان وفي أوروبا..الخ. لذا قلت للأستاذة سارة عيسى أن تمحى أميتها الإسلامية. وأرسلت مقالتين، إحداهما بعنوان "عبد الحي يوسف والاصطياد في الماء العكر" بقلمي، ومقالة أخرى بقلم مؤلفها الشيخ هاشم الرفاعي، نصيحة لعلماء نجد، وهو سني شافعي من أهل الكويت. ولقد أنتظرت أن ترد الأستاذة سارة على هاتين المقالتين، ولكنها لم تفعل. فلماذا صمتت؟

وإليكم القصة! لقد درست كل مقالات الأستاذة سارة عيسى دراسة جيدة، وأنا شخصيا أعرف كل كبيرة وصغيرة في منحنيات القضية الإسلامية، وتضاريسها الإيديولوجية والسياسية، لقد تطلب مني ذلك ما لا يقل عن عشرة سنوات، وقراءة 200 كتاب من أمهات الكتب حتى فهمت أين المشكلة الإسلامية، وليس اعتمادا على صفحات الانترنيت المشبوهة التي ذكرتها الأستاذة سارة عيسى، هذه الصفحات السلفية تقوم بإنشائها أجهزة المخابرات السعودية نفسها وتلك المؤسسات التي تدور حولها.

ماذا وجدت في مقالات سارة عيسى؟ بعد قراءة كل مقالاتها، أولا تملكني الشك أن الأستاذة سارة عيسى ليست بامرأة أو فتاة، بل هي رجل في برقع امرأة. وإذا صدق ظني فبهذا الاسم النسوي قصد منه جذب المزيد من القراء لتلويث عقولهم بكثير من الأكاذيب والهلوسة، وإذا صدق (أنها) أو (إنه) ت(يـ)عيش في زيورخ، فهي أو هو من طبقة الأخوان المسلمين الكلاسيكيين الملوثين بالمذهب الوهابي، فزيورخ هي معقل طارق سعيد رمضان، ويوسف ندى ورأفت همت..مقرهم المركز الإسلامي في زيورخ وهو معقلهم!! هؤلاء مليونيرات يعيشون ويحيون بأسلوب المليونيرات، ويحسبون على تنظيم حسن البنا. ففي سعي السلطات الأوروبية لصيد أموال بن لادن 2001م صادرت أموال الأخوان المسلمين الكلاسيكيين – تنظيم حسن البنا وهي مئات الملايين!! اعتقلت السلطات الأوروبية يوسف ندى المصري ورأفت همت السوري وصادرت أموالهما – ولقد اندهشت السلطات الألمانية أن هذين الشخصين من موقعهم في سويسرا يرأسان المركز الإسلامي بميونيخ – ولا يبعد هذا المركز عن منزلي سوى 2 كيلومتر في الحد الأقصى!!

نحن نتحدى سارة عيسى أن تثبت أنها سارة عيسى...!! أما عن شخصي فأسمي معروف يكفي أن تدخل على هذه الوصلة ستجد صورتي وأسمي ومقالتي في الرأي العام السودانية..
http://rayaam.net/2003/12/08.pdf

سنخاطب الأستاذة سارة عيسى بأنها ليست سارة عيسى بل لنقل آدم عيسى!! وسنتبع خطوها الحجل بالحجل!! والرجل بالرجل، وشبرا بشبر...!!

يدعى آدم عيسى التواضع..وأنها ستمحي أميتها الإسلامية طبقا لنصيحتي، وأن الكمال لله..الخ ويقول أو تقول: "والإنسان بحكم محدودية عمره لا يستطيع تعلم كل الأشياء"..الخ. لكن العجيب ما تلي هذا التواضع..أنها أفردت كل الأجندة الوهابية التي تسلها المملكة العربية السعودية لمحاربة شيعة آل البيت!! وبذلك أثبتت ثقافة بليغة بمفردات "أساليب" الدعوة والدعاية الإسلامية وتكتيكاتها..!! وهي قائمة على أسس وأساليب إيديولوجية بحتة وليس البحث عن الحقيقة، كما نفعل. بل تضع أو تبث دعاية محضة في مقالتها...

يقول آدم (سارة) عيسى بأنه لم يدرس مساند أحمد بن حنبل..ويعني ذلك التزموا يا مسلمين بأحمد بن حنبل..وهو عنوان الحنابلة وشيخهم، وشيخ الوهابية زورا..ولكن صبرا فالوهابيون يعاملون بن حنبل ككلب ميت!‍‍! مفتيهم بن باز يقول بأنه لا يأخذ من ابن حنبل، والوهابيون يرفعون أسم بن حنبل شعارا زائفا، بل يعملون بابن تيمية فقط وهو المبغض لآل البيت وشيعتهم، وابن تيمية في كتابه "منهاج السنة" يجزم بأن الإمام علي بن أبي طالب في النار ‍‍مثل فرعون!! ثم تلتف سارة على الإمام مالك وتفعصه، ويبدو أن الوهابيين يكرهونه، ثم ترفع من شأن الألباني...وما أدراك ناصر الدين الألباني؟ هو الإيديولوجي لآل سعود والوهابيين، الذي أفتى بحق اليهود بفلسطين، ولقد فضح كل ذلك الشيخ أسامة السيد في كتابه "القرضاوي في العراء"، وفي الكتاب فصل كامل عن (الألباني) الذي اتهم من قبل الأزهر بمناصرة الحق اليهودي في فلسطين من خلال فتاويه ودروسه تبين أن للقرضاوي علاقة بالأمر بل ويورد الكتاب ما يثبت أن القرضاوي امتدح الألباني القائل (كل من بقي في فلسطين فهو كافر). ويضم الكتاب فصلا سرد فيه الكاتب أسماء العلماء الذين تصدوا للقرضاوي أو ردوا عليه ومنهم الدكتور الشيخ احمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر، والشيخ الدكتور احمد علي الإمام رئيس مجمع الفقه الإسلامي السوداني، والشيخ الدكتور فؤاد مخيمر رئيس الجمعية الشرعية في مصر والشيخ الدكتور محمد المسير أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر وعشرات من العلماء منهم الدكتور محمد احمد عبد العزيز الحداد، ولوحظ أن قناة الجزيرة قاطعت كل هؤلاء وفرضت حظرا عليهم لصالح القرضاوي. حرك المليونير القرضاوي زبانيته وأشترى كل النسخ في السوق مرة واحدة!!

أما "العواصم من القواصم" الذي ذكرته سارة في دعايتها فهو من تأليف القاضي أبي بكر العربي (468ـ 543 هـ) حققه وعلق على حواشيه المؤلف المعاصر/ محب الدين الخطيب (1303 ـ 1389هـ) وهو رجل معاصر (توفى 1969م) وحشا كتاب القاضي أبي بكر العربي الأثري بكل خرافات بن تيمية (651-728هـ)، فخذه ماذا يقوله في مقدمة الطبعة مخاطبا الملك السعودي ومؤسساته:

رسالة تقدير (من محب الدين الخطيب إلى رئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة العربية السعودية وقع هذا الكتاب من أولياء الله وأنصار دينه وأحباب محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار موقع التقدير والرضا، كما وقع من مبغضي الصحابة وشانئيهم موقع السخط والغيط ومن رسائل التقدير والتشجيع التي تلقيناها رسالة كريمة يراها القارئ في الصفحة التالية وهي صادرة عن ركن من أركان بيت العلم والهدى في الأرض المباركة أدام الله النفع بها).

ولكن من هو بن تيمية؟ بما أننا سنفرد لاحقا دراسة كاملة عن بن تيمية، لكن دعنا نرى ماذا يقول بن تيمية في هذه العجالة في آل البيت وماذا يقول في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قاتل الناكثين، والقاسطين والمارقين، وماذا يقول في الحسين....؟؟ فإذا تجرأ بن تيمية على الإمام علي بن أبي طالب والحسين عليهما السلام، فكيف يكون حاله مع شيعتهم؟ كذلك الأخت سارة معجبة بزياد بن أبيه..قاتل الحسين!! كثيرا ما تستشهد بأقواله..وبالرغم من ذلك فهي تدعي أنها تحب الرسول..!!

ولفهم تناقضات الوهابية التي تطرفت في موالاة من يكره آل البيت فهذا ابن تيمية الذي بذل الغالي والنفيس كي يدافع عن شرعية الدولة الأموية، فألف الكتب في فضلهم، وفي سبيل ذلك شن هجمة على الإمام علي بن أبي طالب فخطَأه في سبعة عشر موضعا يرى أنه خالف فيها نص الكتاب (القرآن)، وقال عنه: إنه كان مخذولا، وإنه قاتل للرئاسة لا للديانة (ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (2/203-204) ومما قاله هناك (وليس علينا أن نبايع عاجزاً عن العدل عليا ولا تاركاً له، فأئمة السنة يسلمون أنه ما كان القتال مأمورا به ولا واجباً ولا مستحبا) ويقول (ولا رأي أعظم ذما من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين، ولم يكن في قتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا دنياهم بل نقص الخير عما كان وزاد الشر على ما كان) وهو في قوله الأخير هذا لا يقول ما يقوله إلا دفاعاً عن الذين بغوا على الخليفة المبايع للاستئثار بالحكم في بلاد الشام؛ فقاتلهم الإمام علي تنفيذا لحكم الله بعد أن أبوا الانصياع إلى الحق لقوله سبحانه (فقاتلوا التي تبغي).

ودعنا نزيدك من الشعر بيتا فابن تيمية يذهب أبعد من ذلك فينظر لكراهية آل البيت ويصور الإمام علي – بأنه يريد العلو في الأرض والفساد ثم يعقب (..وهذا حال فرعون!..) ويحكم عليه بأنه من أهل النار، أعاذنا الله وإياك منها فيقول (..فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة!) (ابن تيمية، منهاج السنة 2/202-205، 232-234) فانظر هداك الله إلى كلام شيخ وإمام الوهابية الخطير هذا، وجرأته على أبي الحسن عليه السلام بكلام لم يقله عنه حتى اليهود أعداء الأمة البارزين، فليس هناك من أحد سمى الإمام علي بالمقاتل للرئاسة لا لديانة إلا ابن تيمية، وليس من أحد سماه بالمخذول إلا ابن تيمية، وليس من أحد سماه بالعاجز عن العدل إلا ابن تيمية، وليس من أحد أشار إلى أنه باغٍ في قتاله لمعاوية إلا ابن تيمية؛ وليس من أحد تحدث بلسان المنافقين (راجع قول الرسول (ص) في علي: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" حديث شريف. أتهم العلماء بن تيمية بالنفاق في عصرهم طبقا لهذا الحديث، ومعروف أين المنافقين: في الدرك الأسفل من النار) فشبه علياً بفرعون وقرر حرمانه من الجنة إلا ابن تيمية! نسأل الله القوي المتين أن يعامله بما يستحق. وكيف لأبي الحسنين أن يبغي ويكون فرعونا وهو الخليفة المبايع وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السابقين واللاحقين يقاتلون تحت لوائه جنودا؟

هذا ولترى رسوخ قدم ابن تيمية في كراهيته لأهل بيت النبي ومنافحته عن الأمويين، فإنك يجب أن تلاحظ أنه لا يطبق منهجه هذا على من قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسين بن علي فهو لا يقول إن قتله لم يكن فيه مصلحة للإسلام بل قال مدافعا عن يزيد الخمر فيقول (ويزيد ليس بأعظم جرماً من بني إسرائيل! كان بنو إسرائيل يقتلون الأنبياء، وقتل الحسين ليس بأعظم من قتل الأنبياء) (منهاج السنة 2/247) إن ابن تيمية لا يرى بأساً في قتل يزيد للحسين ومن باب أولى أنه لا يرى بأسا في تسميم معاوية للحسن بن علي عليه السلام، لأن بني إسرائيل فعلوا أشد من ذلك ولم يفعل الله بهم من شيء سوى أنه ضرب عليهم الذلة ولعنهم وباءوا بغضب من الله (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون).

أما يزيد فلا نعطيك فيه إلا قول كبار مشايخ الحنابلة فليتتلمذ عليه المخدوعون بالوهابية، فقد قال صالح بن أحمد بن حنبل لأبيه: (إن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد. فقال: يا بني، وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقال صالح: يا أبت فلماذا لا تلعنه؟ قال: يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً) (ابن تيمية: مجموع الفتاوى5/410) بل إن رواية ابن تيمية هذه قاصرة وناقصة، حيث بتر باقيها، حيث صرح أحمد بلعن يزيد في قوله: ولم لا يلعن من لعنه الله تعالى في كتابه؟! فقيل له: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقرأ أحمد قوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطِّعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم) ثم قال: فهل يكون فساد أعظم من القتل؟) (يراجع الإمام ابن الجوزي في هجومه على بن تيمية، الرد على المتعصب العنيد، ص 16). (والشبراوي في كتابه "الإتحاف بحب الأشراف"، ص 63-64). وحتى ابن تيمية نصير الأمويين الكبير لم يجد محيصاً عن أن يقول واصفاً يزيد (ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح) وقال واصفاً فعل عسكره بالمدينة في وقعة الحرة التي قتل فيها 800 صحابي من حفظة القرآن وفضت بكارة ألف عذراء هتكا (..ثم صار عسكره في المدينة يقتلون وينهبون، وهذا من العدوان والظلم الذي فعل بأمره)، فوالله إن الأولى للوهابية بدلاً عن هذه المماحكة أن يدرسوا التاريخ ليمتنع خطباؤهم عن إيذاء الآذان بترضيهم على يزيد الخمر كما صرح بشربه لها العلماء الذين يتمسح بهم الوهابية (كابن كثير في البداية 8/232) وهو من الموالين للأمويين ومبرر لسقطاتهم، في الوقت الذي يوالون من يطعن في آل البيت، ولكنه النفاق المصحوب بالشقاء والعياذ بالله، لأن الرسول (ص) قال للإمام علي: "لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق"!

وأين لعشاق بن تيمية يتشدقون بمحبتهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الذي يصرون فيه على اتخاذ ابن تيمية أسوتهم الحسنة، وهذه هي أقواله وتناقضاته وميله لفريق البغاة الفاسقين؟ وكيف يثنون عليه بمديح لا يثنون به على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وماذا عساهم أن يقولوا في أقواله هذه، أهي أيضاً من كذب ابن بطوطة عليه وهي مسطورة في كتبه، أم هي من الخطأ المغفور له لأنه أجل من كل خطأ وفوق كل حساب؟ بقي أن نذكر أن الوهابية ينهون عن قول (كرم الله وجه) عند ذكر الإمام علي بحجة أنها بدعة. وهذه نتفات من معتقدات بن تيمية، وكيف لو قلنا لك أنه نزل درجتين على منبر مسجد دمشق وقال: هكذا ينزل الله!! والعياذ بالله!!.

والكتاب الآخر "تلبيس أبليس" الذي يذكره آدم (سارة) عيسى، من أشهر كتب الوهابية..التي توزعها مجانا في أوروبا وفي العالم العربي!! لم أرى أسخف من هذا الكتاب، فهو شحنة من التنفير من الدين، وإرعابك لكي تصبح نعجة، ليس لله سبحانه بل للحكام والسلاطين!! فالتخويف الذي يمارسه أئمة المساجد إلى يومنا هذا هذه بدعة أدخلها عمر بن الخطاب في المساجد تسمى القصص..يجلس أحدهم في المسجد ويرعب المصلين!! قارن هذا بالقصة التالية: عن أبي البحتري قال‏:‏ دخل علي بن أبي طالب المسجد فإذا رجل يخوف فقال: ما هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ رجل يذكر الناس، فقال‏:‏ ليس برجل يذكر الناس ولكنه يقول‏:‏ أنا فلان ابن فلان اعرفوني فأرسل إليه فقال‏:‏ أتعرف الناسخ من المنسوخ‏؟‏ فقال‏:‏ لا، قال‏:‏ فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه.

ولا ينسى آدم عيسى أن يهاجم الصوفية والمتصوفين كما تفعل الوهابية، فيأتي ببيت للحلاج (وربما من الموضوعات الكذوبة عليه) حيث يقول: (ولم أعرف كل ما قاله الفقهاء عن ابن عربي أو الحلاج والذي قال: وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا راهب في كنيسة). هذا البيت يمكن شم الدس والكذب فيه على الصوفية!! ولا يحتاج المرء لكي يكون ذكاؤه حادا لكي يشتم أنه مدسوس على الصوفيين. اليوم السعودية تحور كتب التراث كما ترغب وتشتهي مثل ما قال هاشم الرفاعي في نصيحته لعلماء نجد، بل نزيد أنها تشتري من تمبكتو في وسط أفريقيا المئات من النسخ التاريخية التي قد تكون عمرها 1000 سنة وتدمرها!!

وبعد أن يتحفنا آدم عيسى بثقافته الإسلامية الوهابية، فجأة يتذكر أنه ليس أميا فيقول: (وإذا حاولت دراسة "التاريخ الإسلامي" فسوف تجد نفسك أكثر من (أمي) لا يفقه ألف باء الإسلام .ولا أدري كيف خلصت إلى نتيجة أنني أعاني من الأمية الإسلامية وهذا عيب لا أنكره بينما أنت حائر في مذهبي الديني هل أنا وهابية أم يسارية؟). وردنا لا يهمنا ماذا يعتنق آدم عيسى، ولكن اعتراضنا عليه أنه يلعب لعبة دعائية كما ذكرنا في بداية المقالة، فليس من الأمانة أن يقول أحد أن التشيع لآل محمد من اختراع الفرس وهذا نوع من الضرب تحت الحزام واستغفال لعقل المسلمين، وصد عن الرسول (ص) وآل بيته! فعندما يقول الرسول (ص) ما أن تمسكتم "بكتاب الله وعترتي" ويزورها الأمويون إلى "كتاب الله وسنتي"، وعندما يقول الرسول (ص) "أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم أهديتم"، فيزورها الأمويون "أصحابي كالنجوم...الخ"..يصبح من السهل فهم لماذا يطلقون تلك الدعاية السعودية أن التشيع لآل البيت اختراع فارسي!!. وأترك قول الرسول (ص): "لو كان الدين في الثريا لناله رجال من فارس.."!!

نتحدى كائنا من كان أن يأتي من الصحاح الستة قولة: "كتاب الله وسنتي"..!! لقد رفض كل رجال الصحاح إخراجها!! ولكن قولته (ص) "كتاب الله وعترتي" هي المتواترة..حتى في الصحاح، فضلا عن كتب السيرة والتفسير، ورواها ما لا يقل عن مائة صحابي من الوزن الثقيل.

أما الصحابة..!! أبو ذر الغفاري، سلمان الفارسي، والمقداد بن عمرو، عمار بن ياسر منهم ثلاثة أو أربعة أمر الله رسوله أن يحبهم لأنه يحبهم سبحانه وتعالى..!! وهذه من المشهورات! ولكن ليس العشرة المبشرين من الجنة فهذا حديث موضوع..! وفي الحقيقة، كل من وحد الله ولم يشرك به شيئا مبشر بالجنة ولكن بشروطها، أن تعرف إمام زمانك، وإلا مت ميتة جاهلية. فإذا لم تعرف أن علي بن أبي طالب إمامك، وليس غيره، كأنك تسخر من قول الله تعالى لسيدنا إبراهيم عليه السلام، أو أن قوله سبحانه لا يتجاوز حلقك، عندما قال له سبحانه: "قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين"..ويقول تعالى "إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وال عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم" فإذا كان من إبراهيم ينحدر الأئمة في ذريته، فيجب أن نعرف أن علي بن أبي طالب آخر الأئمة الكبار، وكذلك الحسن، والحسين، ومن الحسين ينحدر تسعة أئمة. يقول الرسول (ص): "أحب الله من أحب الحسين، الحسين سبط من الأسباط". وعندما يقول سبط من الأسباط..يجب أن ترجع لتلك "الذرية"..لقد أعطى الله سبحانه يعقوب 12 سبطا..فهل لا يعطي نبينا 12 سبطا؟ يقول الرسول (ص) "الخلفاء بعدي أثني عشرة بعدة نقباء بني إسرائيل". فهل تعتقد سارة عيسى أن هؤلاء الإثني عشرة هم من الخلفاء الأمويين والعباسيين!! هزلت والله!؟ وهنا لدينا وقفة مع الأسباط..كم من السنة يفهم هذه الكلمة وقد أتت في القرآن أربعة مرات؟ نختار منها واحدة وهي في أسباط يعقوب عليه السلام. (قولوا: آمنا بالله، وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم، ونحن له مسلمون). وهنا لدينا سؤال، ما الذي أنزل للأسباط بنص الآية؟ لقد عصمهم الله وزق فيهم العلم العلم زقا. ولقد ذهل الخليفة العباسي المأمون بعلم الإمام محمد بن على بن موسى الجواد وعمره تسعة سنوات، فقال لحاشيته من العلماء أن علم هذا الصبي رباني وليس مكتسبا، فرفض علماؤه قوله، فأحضر كبير القضاة ومعه أربعين عالما لمناظرته..فغلبهم الصبي الذي عمره تسعة سنوات وأفحمهم! وهذه من المشهورات!! قال لهم: ويحكم، إنّي أعرف بهذا الفتى منكم، وإنّه لأفقه منكم...وإن شئتم فامتحنوه، فإن كان كما وصفتم قبلت منكم .فقالوا: لقد رضينا لك ولأنفسنا بامتحانه؛ فخلّ بيننا وبينه، لنعيّن من يسأله بحضرتك عن شيءٍ من فقه الشريعة، فإن أصاب الجواب لم يكن لنا اعتراض، وإن عجز عن ذلك فقد كفينا أمره. قبل المأمون، وعيّن لهم يوماً لذلك. ثم اجتمع رأيهم على يحيى بن أكثم ، قاضي القضاة يومذاك، على أن يسأل الإمام مسألة لا يعرف الجواب عنها، ووعدوه بأموالٍ وفيرةٍ إن هو استطاع ذلك. وفي اليوم الذي عينه المأمون، حضر الإمام وقاضي القضاة والمأمون، كما حضر كبار العباسيين، وأعيان الدولة، وجلس الناس على مراتبهم، بينما أجلس المأمون الإمام الجواد إلى جانبه.

ساد المجلس صمت مطبق، والكل يتطلع إلى رؤية الإمام الجواد، هذا القادم الجديد إلى بغداد، والذي لم تقع عليه أعين الناس من قبل، ورؤية مقدرته، وهو ابن تسع سنين، في مواجهة قاضي قضاة بغداد، ويتساءلون: هل في مقدور حفيد رسول الله أن يصمد أمام أسئلة هذا العالم الكبير؟ قطع القاضي يحيى بن أكثم حبل الصمت، والتفت إلى المأمون قائلاً: أيأذن لي أمير المؤمنين بأن أوجّه سؤالاً إلى أبي جعفر بن الرّضا؟ أجاب المأمون: عليك أن تأخذ الإذن منه... التفت يحيى بن أكثم إلى الإمام الجواد قائلا: "أتأذن لي - جعلت فداك - في مسألة؟ فقال له أبو جعفر: سل إن شئت. قال يحيى: ماذا تقول في محرم قتل صيداً؟ أجاب الإمام: قتله في حلّ أو حرم؟ عالماً كان المحرم أم جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حرّاً كان أم عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أم معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كباره؟ مصرّاً على ما فعل أم نادماً؟ في الليل كان قتله للصيد في أوكاره أم نهاراً؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله، أو بالحجّ كان محرماً؟". فتحيّر يحيى بن أكثم، وبان في وجهه العجز والانقطاع، وتلجلج حتى عرف أهل المجلس أمره. لم يكن يحيى بن أكثم قد سمع - حتى يومه ذاك - بأكثر من وجه واحدٍ للمحرم الذي يقتل صيداً، ولم يعرف لذلك سوى حكم واحدٍ، ويفاجأ الآن بأنّ سؤالاً قصيراً واحداً يحتاج - في الإجابة عليه - إلى كلّ ذلك التفصيل الكبير...تحيّر يحيى بن أكثم، وتحيّر معه كلّ من حضر المجلس، وأدركوا بأنّ الإمام الجواد عليه السلام بحر من العلم والمعرفة؛ فقد أعطاهم - على صغر سنه - درساً في الأحكام، وهو أنّ الحكم في كلّ مسألةٍ يختلف باختلاف ظروفها وملابساتها...وشرح لهم الصبي كل ما تفرع من هذا السؤال.

ويروى أنّ المأمون طلب من الإمام أن يسأل يحيى بن أكثم كما سأله، فأجابه الإمام إلى طلبه، وسأل القاضي سؤالاً لم يعرف الإجابة عليه، وقال: والله لا أهتدي لجوابك، ولا أعرف الوجه في ذلك، فإن رأيت أن تفيدنا. فاستجاب الإمام إلى رغبته، وأعطاه جواب المسألة...

عند ذاك، أقبل المأمون على من حضره من أهل بيته قائلاً: ويحكم، إنّ أهل هذا البيت خصّوا من بين الخلق بما ترون من الفضل، وإنّ صغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أنّ رسول الله (ص) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وهو ابن عشر سنين. وقبل الإسلام منه، ولم يدع أحداً في سنه غيره؟ أفلا تعلمون الآن ما خصّ الله به هؤلاء القوم، وأنّهم ذريّة بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأوّلهم؟ فقالوا: صدقت يا أمير المؤمنين، إنّ ما تراه هو الصّواب.

وهنا نستغرب لحال المسلمين، الذين ضللهم الأمويون، إذا كنا نؤمن بمعجزات موسى، ومعجزات عيسى عليهما السلام..أنه يحي الموتى بإذن ربه، ويشفى الأبرص والأعمى..الخ، وأنه لم يقتل ولم يصلب، وأن ربه رفعه إليه وسيرجع مع المهدي عليه السلام في آخر الزمان، ونؤمن بسيدنا الخضر الحي الغائب، لماذا لا نؤمن بأن مهدي المسلمين حي قائم وفي غيبة كبرى؟

ولقد شق الله القمر إلى نصفين لنبينا (ص)، وأتته الشجرة تسعى بجذورها بإذن ربها لكي يقنع كفار مكة!! ولقد رجعت الشمس مرتين بإذن ربها لعلي بن أبي طالب، مرة في حياة الرسول ومرة بعد وفاته (ص). ولكن المسلمون لا يؤمنون بهذا!! لماذا؟ الجواب: لقد برشم الأمويون عقولنا في تجاهل آل البيت وفضائلهم! فخذهم عندما أتي المسلمون يقولون للنبي (ص) نجمع لك من الأموال تعينك على قضاء حوائجك في الدعوة..راقب هذه: حدثنا عبد السلام بن مالك قال: حدثنا محمد بن موسى بن أحمد قال: حدثنا محمد بن الحارث الهاشمي قال: حدثنا الحكم بن سنان الباهلي، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لفاطمة بنت الحسين: أخبريني جعلت فداك بحديث أحدث واحتج به على الناس. قالت: نعم أخبرني أبي أن النبي صلى الله عليه وآله كان نازلاً بالمدينة، وأن من أتاه من المهاجرين مرسوا أن يفرضوا لرسول الله صلى الله عليه وآله فريضة يستعين بها على من أتاه، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا: قد رأينا ما ينوبك من النوائب، وإنا أتيناك لتفرض فريضة تستعين بها على من أتاك. قال: فأطرق النبي صلى الله عليه وآله طويلا، ثم رفع رأسه فقال: إني لم أؤمر أن آخذ منكم على ما جئتم به شيئا، انطلقوا فإني لم أؤمر بشيء، وإن أمرت به أعلمتكم. قال: فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إن ربك قد سمع مقالة قومك، وما عرضوا عليك، وقد أنزل الله عليهم فريضة: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

قال فخرجوا وهم يقولون: ما أراد رسول الله إلا أن تذل الأَشياء وتخضع الرقاب ما دامت السماوات والأَرض لبني عبد المطلب!! قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب أن أصعد المنبر وادع الناس إليك ثم قل: أيها الناس من انتقص أجيراً أجره فليتبوأ مقعده من النار، ومن ادعى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار، ومن انتفى من والديه فليتبوأ مقعده من النار!! قال: فقام رجل وقال: يا أبا الحسن مالهن من تأويل؟ فقال: الله ورسوله أعلم. فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره، فقال رسول الله: ويلٌ لقريشٍ من تأويلهن! ثلاث مرات. ثم قال: يا علي انطلق فأخبرهم أني أنا الأجير الذي أثبت الله مودته من السماء، ثم أنا وأنت مولى المؤمنين، وأنا وأنت أبوا المؤمنين!

أنه الحسد!! يقول سبحانه وتعالى "أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله.."..الناس في هذه الآية هم آل البيت..آل محمد. من المضحك أن تقول سارة عيسى من الفكر المسيحي..وكيف لو قلنا لها.."ذرية بعضها من بعض"! وإن الله أصطفى آل إبراهيم، وآل هارون..الخ وهي ذرية بعضها من بعض.

ولا تترك خيبة إلا وتكررها سارة عيسى، بقولها أنه جدل عقيم..ولم يصل فيه الناس إلى نتيجة!! بالعكس، من يقرأ في العمق وفتح بصيرته يصل إلى نتيجة أن المسلمين قد ضللهم الأمويون وحرفهم من آل بيت رسولهم فهل يعقل أن نقول سيدنا معاوية، وسيدنا يزيد، وسيدنا عمرو بن العاص!! والله هزلت!! ولا تنسى سارة أن تعطي دعاية مجانية لبعض الصفحات العنكبوتية الوهابية، وهذه الصفحات تتغنى برسولنا (ص) لأنها لا تستطيع قول شيء غيره وهي مرغمة، ولكن تلك الصفحات لا تأتي بسيرة آل البيت والعترة، تدفنهم دفنا، وهم مكمن الخطر على كل حاكم أمثال آل سعود، ولكن هذه الصفحات لا تنسى الغزل في كل الأمويين، من يزيد الخمير وإلى هشام بن عبد الملك الأعور وإلى مروان الحمار!! هنيئا للأخت سارة بتلك الصفحات!!

وتدعي سارة أن المذهب الوهابي ليس بمذهب..!! اقرأي أو أقرأ ماذا يقول الشيخ هاشم الرفاعي الكويتي في نصيحته لعلماء نجد..أنهم يمنعون كل المذاهب السنية الأربعة!! وهذا ما يدلل أنه مذهب..!! ولقد سمعت شخصيا هذه الكذبة..مرارا وتكرارا، أنهم يكذبون أن المذهب الوهابي ليس بمذهب..ومن أين تعرف سارة هذا الثقافة العميقة التي هي تشبه البروباجاندا! لماذا يمنعون المذاهب الأربعة السنية في السعودية؟ لماذا يطمسون كل أثر للرسول (ص) وآل بيته بينما بقايا خيبر اليهودية يتركونها قائمة!؟ سؤال بريء!! توحيد محمد عبد الوهاب؟!! حلوة هذه!؟ ولماذا نترك الإمام علي؟ لماذا لا تقرأين التوحيد من الإمام على بن أبي طالب؟ هل يعقل أن نأخذ التوحيد من الذين وصفهم الرسول (ص) "سيماهم التحليق" خوارج هذا الزمان؟؟

نعم لا تجوز الصلاة إلا على الأرض وأطهرها التربة الكربلائية..وليس صدفة أن يختار الإمام علي تربة النجف لمقره الأخير، فهي أرض الأنبياء كما كان يسميها عليه السلام ودفن فيها العديد من الأنبياء في تاريخ الرسالات. أما جمع الصلاة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فهي تجوز، ولقد جمعهم الرسول (ص) بدون سبب سوى تسهيل لأمته..راجعي هذه المسألة، ولا تكرري قول الجهلة المتنطعين من الوهابية والسلفيين!

أما قولك: (وهناك خطأ آخر ورد في رسالتك عندما قلت إن الشيعة هي مذهب آل البيت عليهم السلام، طيب إذا لم أكن شيعية فهل أنا علي مذهب غير مذهب آل البيت؟). نعم، لست على مذهب آل البيت ولست من شيعتهم! كلمة شيع، أو تشيع لفلان تعني حب أو أخلص لفلان، فإذا كان ما زال لسانك يلهج بتوقير وحب أعدائهم الذين ذبحوهم، فأنتي لا تحبينهم حقا، وكما فهمتي حبهم فرض من الله في هذه المقالة! إذن البراءة من أعداء آل محمد هو الفاصل..لكي تكوني من شيعة آل محمد!! فلا تنخدعي بالقانون الأموي الذي ينص.."أن الصحابة كلهم عدول لا يجوز جرحهم"..فهذه خدعة، يقولون من ينتقد بعض الصحابة فهو يسيء إلى نبينا الكريم بإساءة أصحابه..ولعمري هذه من أكبر الخدع التاريخية!! وقتل ذرية الرسول مثل الحسين..وحل بقية ذراري الرسول (ص) وعترته وكلها إما قتلت ذبحا، أو بالسم أو دفنا..لا تعتبر إساءة للرسول ولفاطمة الزهراء!! مرحي للمسلمين!! وترجون شفاعته..!!

ما يؤكد لنا أن سارة ليست سارة التي توهمنا بإنها إمرأة هجومها الرجولي على العقيد القذافي! كل الأخوان المسلمين الكلاسيكيين يهاجمون القذافي لأنه لا يطيق أتباع حسن البنا!! هجومها عل الترابي!! هجومها على محمد طه الشيعي..!! وتضرب أمثلة بالسادات..!! من هذا السادات مسمم عبد الناصر العميل البريطاني الأمريكي السعودي!! "ونجدها" تدخل في كل صغيرة وكبيرة..وهذا لا يتوافق مع ما نفهمه من "البنات" السودانيات وقدراتهم واهتماماتهم الفكرية..!! أدرسوا مقالات سارة عيسى ستكتشفون أنها رجل في ثياب إمرأة!!

أما إذا تحبين –نون النسوة مجازا- أن تعرفي موقع بقية الصحابة في شرع الله وفي ميزانه فأليكي التالي، وستعرفين من بقى على إيمانه، ومن فيهم سقط في الاختبار:


موقف القرآن الكريم من الصحابة عموما

موقف القرآن الكريم من الصحابة إنه لم يقطع لهم بالسلامة والنجاة، بل ولا بالعدالة، فضلاً عن التقديس، بل نبههم، ووعظهم، وحذرهم، وعتب عليهم، وأنّبهم، في مناسبات كثيرة، ومواضع من القرآن الشريف يجدها الناظر فيه. قال عز من قائل: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) .

وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) .

وقال سبحانه: (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ) .

وقال جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) .

بل شدد النكير على ما وقع من بعضهم في كثير من الموارد. قال تعالى: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .

وقد صرح في كثير من الآيات بخروج بعضهم عن مقتضى الإيمان، قال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُم أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ) .

وكما في سورة التوبة التي تميزت بالذم للمنافقين، وذكر مواقفهم المشينة، حتى سميت بالفاضحة . وكذلك سورة آل عمران عند التعرض لمواقفهم وأقوالهم في غزوة أحد. وإذا كان قد صرح فيها بالعفو عن فرارهم، فقد نص فيها على أن منهم من يريد الدنيا، وأن منهم المنافقين الذين يظنون بالله ظن الجاهلية.

قال تعالى: (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ) .

يقول حديث ابن مسعود: (ما كنت أرى أن أحداً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد الدنيا حتى نزلت الآية) .

وقال سبحانه: (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) .

وكذا الحال في سورة الأحزاب التي استعرضت حالهم في حرب الخندق، وذكرت منهم أقساماً ثلاثة: المؤمنين الثابتين من أهل البصائر، الذين لم يغيروا ولم يبدلوا، والمنافقين الذين يظهرون الإسلام، من دون أن يقروا به بقلوبهم، ومرضى القلوب الذين هم ضعاف الإيمان، يتأرجحون بين الهدى والزيغ، تبعاً للقوة الظاهرة، ويميلون مع كل ريح.

قال عز من قائل: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) .

وقال سبحانه وتعالى: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا) .

وحتى سورة الأنفال التي استعرضت واقعة بدر ـ حيث انتصر المسلمون نصراً فاصلاً قلب موقعهم في الصراع ـ قد نبههم الله تعالى فيها إلى أن ذلك النصر إنما جاء معجزة منه عز وجل (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ) ، وأن وضع كثير من المسلمين النفسي، وتقصيرهم فيما ينبغي لهم، واهتماماتهم بالدعة والراحة وكسب المال، لا يناسب النصر الذي حصل، لولا عنايته جل شأنه.

قال عز من قائل: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ * إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .

وقال سبحانه وتعالى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) .

وقد استغلوا الرعب الذي ألقاه الله تعالى في قلوب المشركين، فبدلاً من أن يقتلوهم، ويثخنوا في الأرض، كان همّ كثير منهم الأسر، رغبة في الفداء والمال، حتى كان الأسرى سبعين والقتلى سبعين.

ومن طرائف ذلك ما كان من عبد الرحمن بن عوف، حيث كان قد غنم أدراعا، فمرّ بأمية بن خلف وابنه علي، فقال له أمية: هل لك فيَّ؟ فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك. قال عبد الرحمن: (قلت: نعم ها الله ذا. قال: فطرحت الأدارع من يدي، وأخذت بيده ويد ابنه… فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي، وكان هو الذي يعذب بلال بمكة على ترك الإسلام، فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت، فيضجعه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد، فيقول بلال: أحد أحد.

قال: فلما رآه قال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا. قال: قلت: أي بلال، أبأسيري؟ قال: لا نجوت إن نجا. قال: قلت: أتسمع يا ابن السوداء؟ قال: لا نجوت إن نجا. قال: ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا. قال: فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة، وأنا أذب عنه. قال: فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه، فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط. قال: فقلت: انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أغني عنك شيئاً. قال: فهبروهما بأسيافهم، حتى فرغوا منهما. قال: فكان عبد الرحمن يقول: يرحم الله بلالاً. ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري) .

وفي لفظ البخاري: (إن عبد الرحمن قال: فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه (أمية) حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال: أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا أمية. فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لأشغلهم، فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلاً ثقيلاً، فلما أدركونا قلت له: ابرك. فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه…) .

وقد ظهر ذلك من المسلمين في المعركة، حتى رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكراهية في وجه سعد بن معاذ، فقال له: لكأنك تكره ما يصنع الناس؟ فقال: أجل يا رسول الله. كانت هذه أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان الإثخان في القتل أعجب إليَّ من استبقاء الرجال .

وقد أنبهم الله تعالى على ذلك في قوله سبحانه: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .

وقد ضرب الله تعالى لهم ولجميع المسلمين الأمثال، وذكر لهم مواقف الأمم السابقة ـ خصوصاً بني إسرائيل ـ حين خالفوا أنبياءهم، وآذوهم، واختلفوا من بعدهم من بعد ما جاءهم العلم في آيات كثيرة، كقوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) .

ثم حذرهم من صنيعهم، فقال عز وجل: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .

وقال جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهًا) . وقال سبحانه: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا) .

وقال عز من قائل: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) . وأشار سبحانه إلى معاناة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم في قوله:( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) .

وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) .

وقوله جلت آلاؤه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .

وقد هون الله تعالى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرهم وعزّاه بقوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ…) .

كما حذرهم الله تعالى الفتنة إن آذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخالفوه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .

وقال عون بن قتادة: (حدثني الزبير بن العوام. قال: لقد حذرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتنة لم نر أنا نخلق لها. ثم قرأ: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً) فقرأناها زماناً، فإذا نحن المعنيون بها. قال: فحيث كان هذا فلِمَ خرجتم؟ قال: ويحك، نحن نعلم، ولكن لا نصبر) .

وقال عز وجل: (لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) . ثم لم يكتف بذلك حتى وعدهم الفتنة صريحاً، فقال سبحانه: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) .

وقال جل شأنه: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) .

وقد أشعرهم بضعفهم عن الامتحان وبخلهم بالمال ـ فضلاً عن غيره ـ في قضية النجوى، حين أمرهم بتقديم الصدقة إذا أرادوا مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فامتنعوا عن مناجاته إلا الإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) ، وعتب عليهم في ذلك.

قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) .

بل صرح ببخلهم وهددهم في قوله عز وجل: (إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ * هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) . وعرّض لهم بالانقلاب والردة، وسوء السيرة، فقال تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) .

وقال سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) .

وقال عز من قائل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) .

ولم يكتف بذلك بل صرح بأن فيهم الطيب والخبيث وأنهم سيكشفون ويميزون، ولا يبقى الأمر مشتبهاً، فقال عز اسمه: (ما كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء) .

ومن الطبيعي أن المراد بذلك غير من عرف بالنفاق وتميز به قبل نزول الآية الشريفة. ثم نبه إلى قلة الصالحين عموماً في قوله جل شأنه: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) . وقوله عز وجل: (ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) وغيرهما.

كما نبه إلى قلة الثابتين في شدة المحنة من المسلمين في قوله سبحانه: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) . وقد كثر في الكتاب العزيز الحديث عن المنافقين ومرضى القلوب، والتبكيت والذم لهم، والإنكار عليهم، وإنذارهم بالعذاب الشديد، وخزي الدنيا وعذاب الآخرة. ووضوح ذلك يغني عن استطراده.

موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصحابة عموماً

أما الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهي لا تقصر عن ذلك. فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن خاطبهم بقوله: (لتتبعنَّ سنن من كان من قبلكم شبر بشبر وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟‍) .

وعلى هذا يجري قول حذيفة: (لتركبن سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، غير أني لا أدري تعبدون العجل أم لا) .

وفي موطأ مالك: (وحدثني عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، أنه بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي. فبكى أبو بكر، ثم بكى. ثم قال: أئنا لكائنون بعدك؟!) .

بل في حديث الحسن: (أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام على أهل البقيع، فقال: السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين. لو تعلمون (ما.ظ) نجاكم الله منه مما هو كائن بعدكم. ثم نظر إلى أصحابه، فقال: هؤلاء خير منكم. قالوا: يا رسول الله، وما يجعلهم خيراً منا؟ قد أسلمنا كما أسلموا وهاجرنا كما هاجروا، وأنفقنا كما أنفقوا، فما يجعلهم خيراً منا؟ قال: إن هؤلاء مضوا لم يأكلوا من أجورهم شيئاً، وشهدت عليهم. وإنكم قد أكلتم من أجوركم بعدهم، ولا أدري كيف تفعلون بعدي) .

كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) إخطارهم بالفتن المقبلة عليهم. ففي حديث أسامة بن زيد قال: (أشرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أطم من آطام المدينة، ثم قال: هل ترون ما أرى؟. إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر) .

وعن عبد الله بن عمر أنه قال: (خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان) . وعنه أيضاً أنه قال: (استند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حجرة عائشة، فقال: إن الفتنة ههنا، إن الفتنة ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان) .

وعنه أيضاً: (أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو مستقبل المنبر وهو يقول: ألا أن الفتنة ههنا مرتين من حيث يطلع قرن الشيطان) ، وعن نافع عن عبد الله قال: (قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطيباً، فأشار نحو مسكن عائشة فقال: هنا الفتنة ثلاثاً من حيث يطلع قرن الشيطان) .

وعن أبي مويهبة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذهب إلى البقيع، فلما وقف على أهل البقيع قال: (السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، لو تعلمون ما نجاكم الله منه. أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع أولها آخرها. الآخرة شرّ من الأولى) .

وفي حديث كعب بن عجرة الأنصاري قال: (خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحن في المسجد، أنا تاسع تسعة، فقال لنا: أتسمعون هل تسمعون ـ ثلاث مرار ـ إنها ستكون عليكم أئمة، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فلست منه، وليس مني، ولا يرد علي الحوض يوم القيامة، ومن دخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض يوم القيامة) . ونحوه غيره .

وفي حديث أبي مريم: (سمعت عمار بن ياسر يقول: يا أبا موسى… أنشدك الله أليس إنما عناك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسك فقال: إنها ستكون فتنة في أمتي أنت يا أبا موسى فيها نائم خير منك قاعد، وقاعد خير منك قائم، وقائم خير منك ماش، فخصك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يعم الناس. فخرج أبو موسى، ولم يرد عليه شيئاً) .

وفي حديث حذيفة: (قال: كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أحصوا كل من تلفظ بالإسلام. قال: قلنا: يا رسول الله تخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ قال: إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا. قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا ما يصلي إلا سرّاً) . ولابد أن يريد التستر بالصلاة التامة التي كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وإلا فالصلاة كانت تقام علناً. ويناسب ذلك ما تقدم عن أنس من أنهم ضيعوا من الصلاة ما ضيعوا، وما عن أبي موسى الأشعري من أنهم تركوا الصلاة التي كانوا يصلونها مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نسياناً أو عمداً.

وقد صرح (صلى الله عليه وآله وسلم) بهلاك بعضهم أو نفاقه أو خروجه عن الطريق، مثل ما تقدم من أن قاتل عمار وسالبه في النار ، وأنه تقتله الفئة الباغية . وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتل معاوية إذا رأوه على منبره، أو على المنبر، أو على الأعواد . وإخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه يلحد بمكة كبش من قريش، اسمه عبد الله، عليه مثل نصف أوزار الناس. أو يحلها ويحل به رجل من قريش، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها، ونحو ذلك. (تعليق: وهو عبد الله بن الزبير).

وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين . ومنه ما عن محنف بن سليم قال: (أتينا أبا أيوب الأنصاري، وهو يعلف خيلاً له بصنعاء، فقِلنا عنده، فقلت له: يا أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول الله، ثم جئت تقاتل المسلمين. قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرني بقتال ثلاثة: الناكثين والقاسطين والمارقين. فقد قاتلت الناكثين، وقاتلت القاسطين، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات. وما أدري أين هم) .

وعن جبير بن مطعم: (قلت: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة. فقال: لتأتينكم أجوركم ولو كنتم في جحر ثعلب. قال: فأصغى إليَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن في أصحابي منافقين) ، وعن أبي مسعود قال: (خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن فيكم منافقين، فمن سميت فليقم. ثم قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، حتى سمى ستة وثلاثين رجلاً. ثم قال: إن فيكم أو منكم فاتقوا الله…) .

وروى مسلم بسنده عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (في أصحابي اثنا عشر منافقاً، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط…) . وروى مسلم أيضاً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (مثلي كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن، ويغلبنه فيقتحمن فيها. قال: فذلكم مثلي ومثلكم. أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلمّ عن النار، هلمّ عن النار، فتغلبوني تقحمون فيها) . ومثله ما عن جابر أنه قال: ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي) .

وفي حديث الزبير بن العوام أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ثم دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء. والبغضاء هي الحالقة. حالقة الدين، لا حالقة الشعر. والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا...) .

وفي حديث أم سلمة: (قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً) .

وفي حديث عقبة: (أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف على المنبر، فقال: إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض. وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها) .

وفي حديث أنس قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليردن علي الحوض رجلان مِمَن قد صحبني، فإذا رأيتهما رفعا لي اختلجا دوني) .

وفي حديث أبي سعيد الخدري: (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما بال رجال يقولون: إن رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لاينفع قومه؟! بلى والله، إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة. وإني أيها الناس فرطكم على الحوض، فإذا جئتم قال رجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، وقال الآخر: أنا فلان بن فلان. فأقول: فأما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي، وارتددتم القهقرى) .

وفي حديث أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (قال: يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيجلون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) .

وفي حديثه الآخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم. فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم. فقال: هلم. قلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا من بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) .

وفي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: (أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أناساً من المسجد، وقال: لا ترقدوا في مسجدي هذا. قال: فخرج الناس، وخرج علي (رضي الله عنه). فقال لعلي (رضي الله عنه): (ارجع.ظ) فقد أحل لك فيه ما أحل لي. كأني بك تذودهم على الحوض، وفي يدك عصى عوسج) إلى غير ذلك من أحاديث الحوض الكثيرة المثبتة في مصادر الحديث المعروفة.

هذا قليل من كثير نقتصر عليه من كتبنا السنية وليست الشيعة، فكيف بنا لو أخذنا من كتبهم؟! ودعواهم، وما تفرضه عليهم من مواقف، لأنا لسنا بصدد ذلك. وعلى كل مسلم يبغي رضى الله تعالى، ويخشى غضبه وأليم عقابه، أن يستكمل الفحص، ويرتاد لنفسه، ليأمن عليها من النار. (وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) .

شوقي إبراهيم عثمان
ميونيخ - ألمانيا



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved