ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
المشير البشير في قفص احمد منصور بقلم سارة عيسي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 5/12/2005 11:14 ص
لقد استضافت قناة الجزيرة في برنامج ( بلا حدود ) المشير عمر البشير ، وتناول اللقاء كل كل القضايا العالقة في الساحة السياسية السودانية ، وكلنا نعرف المذيع أحمد منصور مقدم برنامج ( بلا حدود ) فهو قد اكتسب خبرة كبيرة في اجراء أدق اللقاءت الحساسة مع القادة العرب ، ولقد حمل معه في هذا اللقاء كل ملفات الازمة السودانية واستطاع أن ينقل للمشير البشير رؤية جديدة ومتميزة فكت الطوق المعلوماتي الذي ضربته اجهزة الاعلام السودانية علي بعض القضايا التي اثيرت مؤخرا ومن بينها التعامل الاستخباراتي بين الولايات المتحدة والسودان ، وللمرة الاولي يعاد هذا الموضوع الي واجهة الاحداث بعد مرور أكثر من اسبوع علي نشره في جريدة اللوس انجلوس تايمز . فقد اعترف المشير البشير بحدوث هذا مثل هذا النوع من ( التعاون الطبيعي ) كما أنه أكد حدوث ذلك قبل تاريخ الحادي عشر من سبتمبر2001 ( بفترة بعيدة جدا ) ، وهو يري ان هذا التعاون برا السودان من تهمة الارهاب وجعل السودان ينجو من رياح التغيير كما حدث في افغانستان والعراق ، ولم ينكر المشير البشير أمر رحلة الجنرال قوش السرية الي الولايات المتحدة وهو علي متن طائرة تملكها المخابرات الامريكية ، ووفقا لهذه المقابلة الهامة ان السودانقد قام بالفعل بالتجسس علي دول الجوار ومن بينها الصومال لمصلحة المخابرات الامريكية ، فالمشير البشير يزعم ان الاجهزة الامنية قد قامت بالاتصال مع بعض المجموعات في الصومال ورفعت تقرير الي المخابرات الامريكية وأكدت لها خلو الصومال من العناصر الارهابية ، ويري المشير البشير ان هذا التجسس اعفي الصومال من ضربة محتملة ولكن هذا يعتبر اعترافا بالتجسس لصالح المخابرات الامريكية علي الرغم من نبل أهدافه . وهناك أيضا نقطة جدير بالاهتمام أثبتها المشير البشير وهي ان الولايات المتحدة هي التي صنعت الجهاد الافغاني ، ولقد كانت الحركة الاسلامية في السودان تنكر الدعم الامريكي للمجاهدين الافغان وتصر أن تحرير افغانستان كان نصرا الاهيا علي الروس الملاحدة . وأقر المشير البشير بان المخابرات الامريكية قامت باجراء بعض المقابلات مع بعض المواطنين السودانيين الذين نبذوا الارهاب ، ولكن ما نشر في صحيفة اللوس انجلوس تايمز أكد حدوث تحقيقات كاملة وليس مقابلات كما يقول سعادة المشير وهذا ايضا يعتبر خرقا للسيادة الوطنية حتي ولو ادعي النظام أنه يريد طمأنة الولايات المتحدة بانه لا وجود للارهابيين في السودان . وتجاوز مقدم البرنامج احمد منصور عن نقطة كانت سوف تسبب احراجا للمشير البشير وهي ان السودان قد قام بالفعل بتسليم بعض المواطنين السودانيين لبعض اجهزة المخابرات العربية المتعاونة مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الارهاب ، وكان من الذين تم تسليمهم المواطن ( ابو حذيفة ) والتي أتهمته السلطات السعودية بأنه حاول اسقاط طائرة امريكية في الخرج بواسطة صاروخ سام 7 . والبشير يعتبر علاقة السودان مع امريكا في الوقت الحالي اقل سوءا من السابق ، فهو يري ان الادارة الامريكية في عهد كلنتون كانت تسعي الي تغيير النظام خلافا لموقف الادارة الجمهورية الحالية التي عملت علي تغيير سلوك النظام ، ووصف هذا السلوك بالايجابي لأنه أدي الي توقيع اتفاقية السلام مع الحركة ، ولكن المشير البشير رجع وناقض هذه النتيجة وزعم ان اليمين المسيحي الصهيوني في الابيض الابيض يعادي السودان . بالنسبة لاتفاق نيفاشا يري المشير ان حزبه استحق حصة الاسد ( 52% ) لأنه حزب وقع الاتفاق وحارب قرنق فيصبح من حقه التميز ، ويتهم المشير الاحزاب السودانية بأنها نالت فرصة حكم السودان ايام الحرب ففشلت ووعد ايضا بعد ثلاثة سنوات انه سوف تتاح للاحزاب فرصة حكم السودان مرة اخري وسوف يتم تسليمهم سودانا كاملا في حالة مشاركتهم في العملية السياسية ، ونسي المشير البشير ان السودان الان قد تجزأ الي اربعة دويلات وهي الجنوب والغرب والشرق والشمال ، وان سودان ما قبل انقلاب 89 كان موحد قوميا ولكن يكن هناك صراع بين المركز والهامش ، صحيح ان الحرب لم تكن تسير بالشكل المطلوب ولكن حرب المشير البشير علي الجنوبيين لمدة خمسة عشر عاما هي أيضا لم تؤتي ثمارها المطلوبة لانها لم تحقق نصرا ساحقا يعطيها موقف تفاوضي أفضل، فالحرب لم تكن الخيار المناسب وتورط فيها الشمال ثم عاد ليعطي الجنوبيين حقوقا لم يكن يضعونها في جدول مطالبهم قبل الانقلاب وهم الان يملكون خيار تقرير المصير وخيار الوحدة مع الشمال أو ايهما يحمل منفعة أكثر لصالحهم . ويري المشير البشير ان دستور 98 الذي كتبه الترابي وفر حقوق كثيرة من بينها حرية النشر والصحافة وحرية النقابات والعمل السياسي ، ولكن ما يجري في أرض الواقع يقول بخلاف ذلك اذا علمنا ان النظام استنفر اجهزته الامنية من اجل تفريق ندوة سلمية كان يدعو لها حزب الامة في داره بمناسبة انتفاضة 6 ابريل ، وقد ضرب واعتقل العديد من المدعوين لحضور هذه الندوة ، واعتقلت الاجهزة الامنية عددا من الطلاب وأوسعتهم ضربا وركلا واطلقت سراحهم بعد فترة طويلة من غير ان توجه لهم تهمة ، وقد اعتقل قبل ايام الدكتور مضوي وهو احد الناشطين في مجال حقوق الانسان ولا زال رهن الاعتقال . انكر المشير البشير تهم الفساد داخل اجهزة السلطة وأعتبر أن تهم الفساد يروج لها خصوم النظام ، وهو يري ان نظامه سليم مائة بالمائة من الفساد ومن عنده دليل فعليه ان يقدمه في المحكمة ، ويكون السودان قد دخل دليل الارقام القياسية العالمية في الطهر والامانة ، لان اكتشاف الفساد ونشره علي الملأ دليل صحة وليس دليل مرض ، لانه الفاسد يخاف من الفضيحة الانكشاف والمساءلة ، ولكن ما يحدث الان في السودان هو تستر اجهزة الدولة وتوفير الحصانة للفاسدين كما تسترت علي مرتكبي المذابح في دارفور ، وحتي قضية طريق الانقاذ الغربي لم تجد طريقها الي العلن الا بعد خروج د.علي الحاج ومعارضته للنظام . وغرق المشير البشير في بحر الجدل العميق مع الاحزاب السياسية ، وهو يري ان الانتخابات بعد الاستقلال كان يصوت فيها الناخب السوداني لرغبة السيدين وهو يعني السيد علي الميرغني والسيد عبد الرحمن المهدي ، وغالط المشير نفسه عندما قال ان اعلان الاستقلال اعلن من غير الرجوع الي قواعد الشعب ؟؟ وماذا يريد ان يعلمنا المشير بقوله هذا؟؟ فهل رجعت حكومته لقواعد الشعب عندما أعلن تقسيم السودان بين الحركة وحزب المؤتمر الوطني ؟؟ وما العيب اذا اعلنت الاحزاب السياسية عام 1955 استقلال السودان من غير الرجوع لقواعد الشعب ؟؟ فاذا رجعنا للشعب فهل كان سيصوت للاحتلال ؟؟ ان الناخب السوداني لم يكن جاهلا ولم يكن يصوت لرغبة السيدين كما زعم المشير البشير بل صوت لمحمد احمد محجوب والزعيم الازهري ومبارك زروق وغيرهم من اساطنة السياسة السودانية والذين كانوا باجماع الجميع مثلا نادرا في الكفاءة والعلم والنزاهة . والان يصوت الناخب لرغبة السادة في المؤتمر الوطني لانه لا يوجد غيرهم في الشارع السياسي بعد أن أقصوا الجميع ، ويري المشير البشير انه وصل للسلطة عن طريق الانتخابات وأنه نافس 41 مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية وأنا ابارك له هذا الفوز الساحق وأنا متاكدة أنه سوف يفوز بالتزكية ولو نافسه سكان الصين الشعبية علي هذا المنصب ، ولقد ترك المشير البشير امر ترشحه للرئاسة للجان المؤتمر الوطني ولكنه يري أن حزبه بمقتضي اتفاق نيفاشا من حقه الاحتفاظ بالحكم . وعندما سأله احمد منصور عن طبيعة الدولة التي سوف تنشا في الجنوب بواقع اتفاقية نيفاشا فقد رد عليه المشير البشير بأن ميثاق جبهة العمل الاسلامي في الستينيات قد ضمن تطيبق الشريعة الاسلامية في الشمال واستثناء الجنوب منها ولكن المذيع لم يساله لماذا نرجع لميثاق الهيئة القديم وهي كحزب غير موجودة الان علي الساحة السياسية ؟؟ وحتي في وقتها لم تكن هذه الهيئة الا حزبا صغيرا للاخوان المسلمين ولماذا نلزم كل اهل السودان برؤية حزب صغير اصبح الان من الماضي ولا وجود له الا في ذاكرة المشير المشير . والبشير يزعم أن حزبه كان أول حركة اسلامية تصل الحكم ولكنه لم يذكر لنا ماذا قدمت هذه الحركة للسودان سوي الحرب والخراب ، وبالمناسبة هناك حركات اسلامية وصلت الي الحكم مثل طالبان والتي تركت الحكم لأنها لم تسطيع التعايش مع خيانة رفقاء الامس كما فعل المشير البشير مع تنظيم القاعدة ، وهناك حركة حزب الفضيلة الاسلامي في تركيا وتجربة حزب الرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف في باكستان ، ولكن يبدو ان ثقافة المشير البشير بالمحيط الدولي من حوله ظلت كما هي عليه جامدة لا تتحرك منذ ساعة الانقلاب في 89 . بالنسبة للقرار 1593 لم يقسم المشير البشير هذه المرة لانه لا يوجد جمهور من حوله يشجعونه بالهتاف وحرق البخور ولكنه أكد نفس الموقف القديم حتي ولو كان الاعداء علي أسوار الخرطوم ، وهي نفس الاسوار التي كان يقول بها سلفه صدام حسين عندما زعم أن الحلفاء سوف يلقون حتفهم بمجرد الوصول اليها . والايام سوف تكشف لنا ان المشير صادقا أو كاذبا في وعيده فقد علمتنا الانقاذ أن نتحمل طول الانتظار . بالنسبة لتدني المحصولات الزراعية عزا المشير السبب الي نقص الامطار في السودان ، ولكن ماذا عن مشروع الجزيرة ومشاريع النيل الابيض للاعاشة واراضي الشمال المنتجة للقمح وغيرها من مساحات السودان الشاسعة ، وأظن أنه لا يعلم ان نقاط التحصيل منتشرة بكثافة في هذه المناطق ، وان المزارع دفعته ظروف الحياة القاسية الي اللجوء للبنوك والتي تشتري الان المحصول مقدما وبسعر بخس ، ويوم الحصاد تجد أن المساحة الزراعية التي تنتج 20 جوالا من الذرة يكون نصيب المزارع فيها 3 جولات فقط وعليه ان يدفع منها تكلفة الري والحاصدة والزكاة وضرائب المحليات وغيرها من الرسوم ، ان السبب ليس قلة الامطار يا سعادة المشير لأن الله اعطانا نيلا عظيما يتلوي كالثعبان وسط الاراضي الزراعية والتي اصبحت كالصحراء القاحلة بسبب سياسات الجنجويد الزراعية . كان المشير مرتبكا في هذا اللقاء وتبدو عليه علامات الغضب الشديد ، وكان يداخل الالفاظ في حديثه عندما قال ( ان الادارة الامريكية كانت تفكر في اسقاط الحكم في امريكا ) ولكن يقظة مذيع متميز مثل احمد منصور تداركت الذلل وصححت له القول قبل أن ندخل في ازمة قرار دولي جديد تقف من ورائه الولايات المتحدة والتي أصبحت الان تتعامل بحساسية شديدة مع الالفاظ التي يتفوه بها القادة العرب . أكثر ما يعجبني في احمد منصور انه صحفي ذكي يحمل معه كامل عدة العمل ويملك الجراءة لطرق النقاط الحساسة لدي الزعماء العرب ، واعجبني عندما قال انه خرج الي الشارع وسال الناس عن حال عيشهم ونقل انطباعاتهم الي المشير البشير ، وهذا ما لم يفعله حسين خوجلي او محمد طه محمد احمد أو غيرهم من نجوم الصحافة الصفراء في عهد الانقاذ .