بقلم / احمد الحسكنيت / الرياض ([email protected] )
مصيبة السودان انه دولة له عضويتها في المنظومة الدولية بمحض ارادته .. وهذا عندما كان السودان به بعض من رشد .. وكثير من العقلاء السياسين والدينيين والاجتماعيين .. بل مضى الى اكثر من ذلك عندما استيقن ان العالم يستقطبها قطبين ابان الحرب الباردة، والتي لم تكن كذلك حقا ، فقد كان هنالك ضربا تحت الحزام وتحت الطاولة ..!! وعندما لم يجد الزعيم السوفيتي خروشوف سلاحا في هذه المعمعة ، انتزع حذاءه ليضرب به فوق الطاولة امام أعين رؤساء المنظومة الدولية .
اختار السودان طريقا ثالثا لتوازن المنظومة الدولية حينذاك ، وهو الانحياد الايجابي الذي افضى في مؤتمر ( باندونغ – باندونيسيا )- عام (1955- كان الرئيس جمال عبد الناصر ، ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو ، والرئيس اليوغسلافي سابقاً جوزيف بروست تيتو ، هم المعبرون الابرز وقتذاك لحركة عدم الانحياز ، بحضور تسعةوعشرين من قادة الدول الاسيوية والافريقية ) مما أفضى الى تكوين كتلة دول عدم الانحياز ، والتي اصبحت خيطا وسطا لممارسة بعض التنطيط السياسي على سيرك القطبين المتخاصمين حينئذك .
ومصيبة السودان انه لم يدرك أن الطفرة الصناعية والاقتصادية ، قد تتعارض مع قانون الجاذبية النفطية والمصلحية مع حالة القطب الدولي الواحد ، وأن تاثيرات طبقة الاوزون ، والانبعاث الحراري من صلعة غوربتشوف ، قد أفضت الي اذابة الجليد الروسي وتفتيت المنظومة الاشتراكية الي دويلات عدة لا اكاد احسن نطق اسماء البعض منها.
لم يدرك السودان أن هذا الذوبان سوف يؤدى الي تضعضع منظومة عدم الانحياز ، الذي أصبح خيط سيرك يتدلى من احدي نوافذ البيت الابيض يعبث به متغيرات الاحداث واملاءآت واشنطن .
والمصيبة المصيبة ان الحكومة لم تدرك أن زمن الصبر المحتسب من الشعب السودان قد نفد 000فلم يبقى للبشير وزمرتة سوى تنفيذ ضربات الجزاء على مرء من المجتمع الدولى،برهانات واملاءات العصبة الدولية ،واشتراطات المصالح الامريكية الاستخباراتية .علما ان المرمى السودانى ليس به حامى او بعض من شباك لاصطياد المواقف ... ولامناص من احتساب كل الضربات ..!! والمعضلة ان الفرق السودانية والحكومات المتعاقبة لا تكمل اشواط المباراة كاملة العدد ..! عوضا عن رهانات النتيجة الايجابية .
والمصيبةالمضحكة .. المبكية .. ( شر البلية مايضحك ) ان الحكومة وافقت على كرات متسللة كثيرة تلج شباك السيادة الوطنية وتمزقها اربا قد يفض بها الى كونتنات متنافرة ((القرارين – 1590 – والذي ينتقص من السيادة الوطنية ويقضي بارسال عشرة الاف جندي اجنبي لمراقبة اتفاق سلام الجنوب ، بصلاحيات واسعة .) والقرار 1591- ويقضي بفرض عقوبات وحظر طيران ، داخل الاراضي الوطنية )) وقبلهما وقف العمليات العدوانية بمراقبة دولية فى جبال النوبة.. وترفع الحكومةعقيرتها بالاحتجاج وشغب الشارع بمظاهرات جوفاء على هدف صحيح من ضربة الجزاء رقم ( - 1593- وفق الفقرة السادسة المتساهلة من قانون الامم المتحدة ).. بدعوى البر بقسم البشير.. !!
وما ادرى ما الذى يمنع البشير من القسم بالانسحاب من منظومة الامم المتحدة المنحازة والاكتفاء بمنظومة( س ص)
أو مجموعة الخمسة لحل المشكل في دار فور، تحت مظلة خيمة القذافى ... وقراءة ورد الكتاب الاخضر بعد صلاة الفجر.. والتناصح بالمؤتمرات الشعبية عقب المغرب ... وتناول الكسكسي عشاءً في طرابلسَ بعد أن فرغت موائد عرس الشهيد فى الخرطوم .. بحضور الوفد المئوي .. للشريك الجديد الذى اسقط كل الشعارات من التداول بها في أدبيات المشروع الحضاري الجديد..! ، وجوقة البشير للدجل الديني الراقص ..! حتى( البسملة ) أسقط من الاستهلال بها في مسودة الدستور المرتقب ..
وهكذا هى خيارات السودان لتنفيذ ضربات الجزاء الخمس الاول .
**
ان يصبح المطلوب الجنجويدى رقم واحد ( موسى هلال ) مأذونا وداعية اجتماعى يدعو الى التزويج بين القبائل فى دار فور وهى سنة كانت سائدة وعفوبة قبل مجى الانقاذ.. بل يذهب اكثر من ذلك عندما يفصح عن قيمة نذره فى قرية( كالا ) بانة سوف يتبرع بمبلغ ( 200 ) الف جنيه سوداني لكل زوجين رتقا للنسيج الاجتماعى وتزكية لمال أهل دارفور المنهوب ..!! الذي بيع لحما بدون عظم .. للجارة مصر !! بسمسرة مقززة من الجنجويدي ( عبدالحميد موسى كاشا ) .. كفارة عن قسم البشير .. واسقاطا لمشقة الذهاب الى لاهاى... وقد أقسم الهمباتي هلال قسما غليظاً ( هذا قسم آخر غير قسم المشير البشير !! ) بأنه سوف يلاحق المجرمين وقطاع الطرق !! وإذا كان الصحفي المرموق بجريدة الشرق الاوسط ( عبدالرحمن الراشد - قد تطوع بدفع كفارة يمين الرئيس ) .. فأحسب ان الاممي القذافي لن يتوانى في البر بقسم الشيخ الهمام ... من مؤسسة القذافي للاعمال الانسانية . . !!!
**
الضربة الثانية ان يستجدى مهندس الابادة الجماعية ( علي عثمان محمد طه ) . عطف رجل الراية الافريقى ( ابا سانجو ) للذهاب قدما لانشاء محكمة افريقية سودانية ، تنصب خيامها في حديقة القصر الجمهورى، مقابلة لجزيرة توتى على مرآى من النيل حتى يسهل للمجرمين السياحة والسباحة عكس تيار لاهاى ..والعفو والتطهر من خطاياهم وجرائمهم البغيضة بمباركة الاتحاد الافريقى.
**
الضربة الثالثة ينفذها القط الذكى ( مصطفى عثمان اسماعيل ) الذى أوفد الى قمة الدول ( الاتينية ، العربية ) لتعلم بعض فنون السامبا وحيل الثورى كاسترو.. ومشاغبات الرئيس الفنزويلي .. ( شافيز ) ومهارات ( رونالدو) .. ومراوغات ( رونالدنيهو ) للتسجيل فى مرمى الولايات المتحدة .. واستحدات رقصة للرئيس ... !! والاتيان بشعارات جديدة بعد ان لاكت الالسن شعارات الانقاذ المتهالكة ستة عشر عاما ...!!!
**
الضربة الرابعة الاستنجاد بقمة القذافى للتبرد الشعب !! ... والتملق والاطراء وحمل الكتاب الاخضر للقسم طهورا فقد يجزأ عن قسم محلفى لاهاى الكفرة فى حضور رؤساء الولايات المتحدة الافريقية..!!
**
الضربة الخامسة الاستنجاد ( بصلاح قوش) لاسترداد عوائد الركوع والسجود فى حضرة البيت الابيض ... والسعى بين جهازي الاسخبارات الخارجى (CI A ) والداخل ( F B I) وتمليكها كل الوثائق والعهود فى محاربة الارهاب وبيع الاوطان .. علها تشفع عن المساءلات القانونيية وتكشيرة ساسة البيت الابيض ..الذين يريدون كل شىء عدا بقاء الانقاذ فى سدة الحكم .
**
إن خيارات المجتمع الدولى قد حسمت باكرا وهى :
**
تنفيذ القرار( 1590) حيث يعنى الانتداب والمثول للارادة الدولية .
**
الضغط عبر الشريك الجديد الدكتور جون قرنق للدفع ببعض الرؤوس الى محكمة لاهاى حليقة.. ! او القذف بها فى مزبلة التاريخ.. والنسيان !! او إجبارها طوعا وكرها الى حق تقرير المصير وتجزئه السودان الى دويلات متحاربة..
**
الدفع بالحركات الثورية الى طاولة المفاوضات مع تنازلات مهينة من حكومة المركز .. وإمتيازات مجزية للولايات المتحدة الامريكية ، وبريطانيا ، وفرنسا ..وسد حلقوم قادة الحركات الثورية التي فشلت في توحيد خطابها السياسي ، والتنظيمي ، ببعض فتات المائدة ..
**
الدفع بالقرار ( 1593 ) الى حيز التنفيذ ..
**
العزلة الدولية والحصار السياسى والاقتصادى هذه هى الخيارات المتاحة للمراهنة عليها ...لعشاق المساجلات السياسية دون استخدام عاطفة الجمهور فى إحداث شغب الملاعب .. وهتافات المزايدة .. التي تدفع لمزيد من العقوبات والمعاناة للقابضين علي الجمر في الخرطوم ، والملتحفين بالسماء في المخيمات .
** همس الوداع **
من حكمة الجنرالات ( لقد وصلت الي إستنتاج مفاده أننا جئنا الي هذه الارض لهدف محدد ، وهو أن نجعلها من خلال قواتنا مكاناً أفضل للحياة . ) . ( الجنرال جيمس دوليتل – القوة الجوية الامريكية)
مؤسسة بدون قيم تحكمها مثل قارب ضائع في المحيط دون دفة . تتلاعب به الامواج، تاخذه من إتجاه الي آخر.
أية مؤسسة لها شأن يكون لها قيم تحكمها وتحرسها . هل إتطلع الجنرال البشير ومؤسسته العسكرية والسياسية على هذه الحكمة ..!! حتما لاأحسب ذلك .
احمد الحسكنيت / الرياض /12/05 /2005