مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

قمة شرم الشيخ الخماسية.. فرص النجاح وإحتمالات الفشل!! قراءة : ضياء الدين بلال

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/10/2005 9:44 م

[email protected]

تبدو قضية دارفور في أبعادها الأمنية والسياسية والإنسانية في حالة «سكون».. فالأوضاع على هذه الأصعدة لم تتدهور ولم تتقدم كذلك.. الأمر الذي قد يعكس رغبة أطراف النزاع في تسكين الوضع وتخديره الى أجل «معلوم» يقدر كل طرف أن الرياح ستأتي مواتية له لتدفع بالسفينة في اتجاه مصالحه.. الحكومة السودانية تشغل نفسها بالترتيبات العملية للفترة الانتقالية «الدستور والترتيبات الأمنية» وكل ما يتعلق بتحسين وضعها في الشراكة القادمة.. لذا تجد في مصلحتها الإمساك بالأحداث الى التاسع من يوليو القادم، وقت تكوين الحكومة الانتقالية التي لا يتوقع أن تحمل وزر الحكومة السابقة. بل من المتوقع أن تجني ثمار ما أُتفق عليه في نيفاشا.. وما وعد به في مؤتمر المانحين في أوسلو..!

والحركات المسلحة بدارفور تنتظر تنفيذ القرارات الأخيرة الصادرة من مجلس الأمن وما يترتب عليها من محاكمات بعد رفض الحكومة للقرار 1593 وتسوير ذلك الرفض بقسم ثلاثي مغلظ.. فالحركات المسلحة تتوقع حدوث تعقيد أكبر في أوضاع الحكومة دولياً و داخلياً أي داخل تكويناتها التنظيمية بانقسام صفها بين دعاة المواجهة والمنادين بالإنحناءة أمام العاصفة.. ولا تريد الحركات المسلحة أن تصرف الأبصار وتبعد الاهتمام عن الحكومة وهي تكابد عناء توغلها في الوحل.. لذلك تريد هذه المجموعات ألا تقوم بأعمال عسكرية أو سياسية تسحب الاهتمام من الخصم وتركزه عليها..!!

إذن، هي حالة من الجمود والتسكين الاختياري للأوضاع في دارفور.. ولكن في هذا الوقت تنشط جهود إقليمية في مصر وليبيا، لتحريك ملف دارفور في اتجاه إيجاد حلول نهائية للأزمة.. بإعادة الملف مرة أخرى لمحيطه الإقليمي بعد أن قطع طريقاً طويلاً وشاقاً في المسارات الدولية متنقلاً من منظمات حقوق الإنسان الى مجلس الأمن ومن ثم أحاله مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.. وأخيراً توضح تصريحات صحفية عديدة أن ملف دارفور قد اقترب من أيادي حلف الناتو...!!

قمة شرم الشيخ الخماسية التي تجمع السودان ومصر وليبيا وتشاد ونيجيريا.. وتردد حديث عن إضافة الجابون لتصبح القمة سداسية.. لا تبدو مؤشراته الأولية داعمة للتفاؤل بإمكانية إحداث اختراق للأزمة ينتقل بها من «الوحل» الى اليابسة. فتصريح وزير الخارجية دكتور مصطفى عثمان اسماعيل الذي أوضح خلاله ضبابية الميقات المحدد لانعقاد القمة إن كان في يومي (15و16) أو في أيام أخر.. وضبابية موقف الأطراف المرتجى حضورها للقمة إن كانت ستحرص على الحضور أم ستتعذر بظروف خاصة تمنعها المشاركة.. هذه الضبابية المزدوجة كافية تماماً لدعم التوقع بفشل القمة.. فقد قال وزير الخارجية إن يومي (15 و16) من الشهر الجاري ليس موعداً قاطعاً لإلتئام القمة الخماسية بشرم الشيخ.. وأضاف اسماعيل أن تحديد الموعد مرهون بموافقة كل الدول على تاريخ واحد..!!

من الممكن قراءة مواقف الدول الخمس من أزمة دارفور ومدى حماستها ومقدوريتها على التغيير والتأثير على مسار الأحداث ونقله من الوجهات السلبية الى وجهة إيجابية. مع جمع كل هذه المواقف في موقف واحد يمكن أن تعبر عنه شرم الشيخ.. وبالتالي من الممكن تحديد وزن مجموع هذه القوى وحجم تأثيره على معادلة الأوضاع بدارفور.

الموقف المصري

تراجع اهتمام مصر بالشأن السوداني في الفترة الأخيرة وكأنها قد اكتفت بدورها داخل الجامعة العربية. وبدأ تفاعلها مع قرارات مجلس الأمن الأخيرة أقل مما كان متوقعاً.. بل أن هذا التراجع يتم التعبير عنه بتعثر مسار تطبيع العلاقة بين القاهرة والخرطوم عبر حزمة مشاريع تكاملية أغلبها الآن في حالة تجميد خاصة من الجانب المصري في ما يعرف بمشروع (الحريات الأربع).. وعندما وقعت قرارات مجلس الأمن على رأس الحكومة السودانية اكتفت مصر بإطلاق تصريحات «عامة» يستشف منها مساندتها للخرطوم دون أن تضع موقفها هذا بالصراحة والوضوح الكافيين.. وعندما سارعت الدبلوماسية السودانية لتجد دعماً مصرياً حددت طبيعته بأنها «قانونية» لخبرة مصر في هذا المجال.. علق وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط مقاطعاً لوزير الخارجية السوداني في المؤتمر الصحفي إبان ز يارة الأخير الى القاهرة علق أبوالغيط بصورة تجمع المزاح بالجد بأن (مصر ليست لها خبرة في هذا النوع من القضايا) بمعنى أن مصر لم يسبق لها أن أُدينت بجرائم مشابهة كالتي تواجه الآن حكومة الخرطوم..!!!

إذن الحكومة السودانية لم تطلب من مصر سوى المساعدة «القانونية الفنية» ومصر وعدت أخيراً باختيار خبير قانوني لتوفير هذه المساندة..!!

مؤتمر قمة شرم الشيخ الذي تم تأجيله من قبل لظروف متعددة.. منها توتر علاقات السودان بتشاد حينها.. وانشغال الرئاسة المصرية ببعض القضايا.. يبدو أن مصر الآن تريد أن تستعيد دورها في السودان بعد أن تم تجاهله في قضية الجنوب ولكن تستطيل أمامها كثير من الصعاب ويغلق في وجهها ألف باب.. فتريد أن تدخل لهذا الملف عبر (شرم الشيخ).. وتبدو مصر في تكتيكاتها الجديدة أنها تريد أن تبعد قليلاً عن الموقف الحكومي الذي أسهم في توتر علاقتها بالأطراف المسلحة وترغب أن تبدو أكثر «حياداً». شرم الشيخ هي الفرصة شبه الأخيرة التي يمكن أن توفر لمصر موطئ قدم في شأن دارفور..!!

الموقف الليبي

موقف ليبيا من دارفور يسير في مسارين.. المسار الأول محاولة إعادة الملف الى الإطار الإقليمي والانتقال به من ثم الى الإطار المحلي عبر فتح منافذ حوار بين المجموعات المكونة للمشهد الدارفوري.. فليبيا عبر دعوة رجال الإدارة الأهلية وجمعهم بالفصائل المسلحة مع اشراك الحكومة ترى في ذلك أقرب الطرق للوصول لحلول حاسمة..!! كما أن لليبيا مساراً آخر.. وهو رفض قرارات مجلس الأمن والدعوة لعقد محاكمات جرائم الحرب في داخل السودان.. ولكن ما يضعف الموقف الليبي ويحصره في نطاق التعاطف الإعلامي فقط.. أن علاقات ليبيا مع الدوائر التي صدرت منها تلك القرارات (بريطانيا وفرنسا) مع تواطؤ أمريكي.. علاقة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها في طور النقاهة المرضية إن لم نقل إن الماضي لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة عليها. يبدو الدور الليبي نشطاً وحيوياً وإن افتقد التدابير والترتيبات التي تسهل الحصول على نتائج تصاعدية يمكن رصدها وقياسها على واقع الأحداث الميداني. وليبيا تأتي لشرم الشيخ وهي تراهن على علاقاتها الوطيدة بدول الجوار الإفريقي وبثقلها الإقليمي بعد أن لعبت الدور الأكبر في الانتقال من منظمة الوحدة الإفريقية الى الاتحاد الإفريقي.. الذي هو الآن يتجه بتطلعاته نحو الدول الغربية وحلف الناتو ولم تعد ليبيا تملك كثيراً من خيوط السيطرة عليه..!!

الموقف التشادي

هو موقف غامض لحد كبير.. فقد رضيت تشاد من قبل بالتنازل لنيجيريا للقيام بدور الوساطة بين الحكومة السودانية والفصائل المسلحة. واكتفت تشاد بدور ثانوي.. بعد أن كانت تقوم بمهمة مزدوجة. المهمة الأولى مساندة الحكومة السودانية عسكرياً وسياسياً عبر إشارات ومواقف صريحة.. والدور الثاني دورها كوسيط مقبول في أبشي وانجمينا.. ولكن ظل الموقف التشادي ينتقل شيئاً فشيئاً من مربع لآخر.. فانتقل من المساندة والوساطة الى الحياد.. وفي منتصف أبريل الماضي فاجأت تشاد الأوساط الإعلامية بهجوم وانتقادات شرسة لحكومة الخرطوم واتهمتها بمساندة مجموعات مسلحة للإطاحة بحكومة إدريس ديبي. ولكن سرعان ما قامت الحكومة السودانية بإرسال وفد على مستوى عالٍ برئاسة وزير الاستثمار الشريف أحمد عمر بدر.. وقال الشريف وقتها إنه قد حمل رسالة من الرئيس البشير الى الرئيس إدريس ديبي أكد له فيها تقدير السودان للمجهودات التشادية وحرص حكومة السودان على استمرار هذه المجهودات. وأضاف الشريف أن البشير أكد أنه لن يسمح لأية جهة بأن تهدد أمن واستقرار تشاد.. على إثر تلك الزيارة عادت العلاقة بين الخرطوم وانجمينا الى وضعها «الرمادي» الذي أصبحت عليه منذ انتقال الدور المركزي في الوساطة الى أبوجا..!!

موقف تشاد من المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ سيضع كثيراً من النقاط على العديد من الحروف.. بعد أن كان توتر علاقتها بالخرطوم سبباً من أسباب تأجيل المؤتمر السابق..!!

الموقف النيجيري

تبدو أبوجا حريصة على إنجاز دورها الوساطي بالنجاح الذي يدعم نفوذها في المنطقة ويدعم ثقة المجتمع الدولي فيها كدولة مساهمة في استقرار المنطقة وحل أزماتها.. لذا تحرص على ربط جهودها بمراكز القرار الدولي.. وهي تحتفظ بعلاقة (جيدة) بكل الأطراف وتسعى سعياً دؤوباً لإنجاز مشروع السلام على مداريه السياسي والأمني. وقد تجد في اجتماع شرم الشيخ فرصة داعمة لمجهوداتها تلك.. وقد ترى فيه محاولة لسحب بساط الوساطة من تحت قدميها كما قامت هي بسحب ذات البساط من تحت أقدام تشاد..!!

مجموع المواقف

من الواضح أن كل المجهودات المحلية والإقليمية إن كانت في أبشي أو أبوجا أو طرابلس أو شرم الشيخ.. ستصطدم جميعها برغبة الأطراف المسلحة في أن يظل ملف دارفور في نقطة الارتكاز العالمي متابعاً من مجلس الأمن بتقارير دورية وملاحقاً من المحكمة الجنائية الدولية وفي انتظار تدخل حلف الناتو.

فقد صدر بيان من منبر دارفور القومي بالمهجر وهو يبدو منبراً مسانداً للمجموعات المسلحة دعا لعدم مناقشة القضايا السياسية الجدلية وخصوصاً قرارات مجلس الأمن الأخيرة.. باعتبار أن هذا أمر بين الإنقاذ والشرعية الدولية فقط.. واجتماعات طرابلس وشرم الشيخ ترى فيهما الحكومة الفرصة الإقليمية الأخيرة للالتفاف على القرار 1593 الذي يدعو لنقل ملف دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي..!! إذن فالطرفان يسيران في اتجاهين مختلفين، ولذا يستحيل الإلتقاء.







للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved