نصيحة لإخواننا علماء نجد
تأليف
الشيخ السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي
(تعليق المقدم: السيد يوسف الرفاعي من أهل السنة والجماعة وكان والده من أصدقاء الملك عبد العزيز من سعود، فلا يمكن أن يتهم بمعاداته لهذا النظام).
تقديم وإعداد: شوقي إبراهيم عثمان
المحتويات:
مقدمة
محتوى الكتاب
الخاتمة
مقدمة
بقلم الدكتور
محمد سعيد رمضان البوطي
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فإن السيد يوسف الرفاعي، واحد من أبرز فضلاء الكويت وعلمائهم،جمع في عمله الإسلامي، منذ عرفته، بين النشاط العلمي والدعوى والجهود الإنسانية والاجتماعية والأعمال الخيرية. آمر بالمعروف ناه عن المنكر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً معتمداً – بعد العلم- على عدة من الحب في الله والشفقة على عباد الله.. يواصل المسلمين جميعاً على اختلاف فئاتهم وجماعاتهم مواصلة الأخ لإخوانه المؤمنين، ساعياً إلى استصلاح هذه الأخوة بمد جسور التناصح معهم، مستهدياً في ذلك بأمر الله القائل: ".... فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ " وتذكرة رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل "الدين النصيحة..".
وتلك هي سيما الصادقين من عباد الله، والمخلصين في تنفيذ أوامره والانقياد لتعاليمه.. نحسبهم ونتبينهم بالسيماء ولا نتألى على الله عز وجل.
قرأت له هذه الرسالة.. وإنما شدني إلى قراءتها عنوانها المضمخ بمشاعر التقدير والمنبىء عن صفاء القصد، ودافع التعاون على طريق مرضاة الله:"نصيحة لإخواننا علماء نجد " ولو رأيت في العنوان ما ينبىء عن نقيض ذلك لأعرضت عنها وألقيتها جانباً ولما ضيعت في قراءتها وقتاً أنا بأمس الحاجة إليه.
ولما بدأت في قراءتها، رأيتني أمام ما يطابق العنوان وينسجم معه: تذكرة هادئة محببة ونصائح تعبر عن الغيرة الصادقة على دين الله، والشفقة الخالصة على هؤلاء الأخوة أن يشردوا عن صراط الله.
واستعرضت نصائح الأخ السيد يوسف الرفاعي لهؤلاء الأخوة من أولها إلى آخرها، وعدت بها إلى ما أعلمه من ميزان الشرع ودلائله ومصادره، فوجدته محقاً في كل ما ينصحهم به ويحذرهم منه. بل إنه ليتكلم في ذلك باسم سائر علماء المسلمين الذين يهتدون بهداية القرآن والسنة وينهجون منهج السلف الصالح، أياً كانوا وأينما كانوا.
وما أعلم أن العالم الإسلامي أجمع في استيائه من الأمور في عصر من العصور كاستيائه من هذا الذي يقدم عليه الأخوة مسئولو المملكة وعلماؤها اليوم، من إخلاء مكة والمدينة وما حولهما من سائر الآثار المتصلة بحياة رسول الله الشخصية والنبوية، وما يتبع ذلك من الإقدام على أمور تناقض الشرع وتناقض المنهج الذي كان عليه السلف الصالح، كمنع المسلمين من زيارة البقيع ومنع الدفن فيه، وتكفير سواد هذه الأمة بحجة كونهم أشاعرة أو ما أو ما تريدين .. وهل كان الإمام الأشعري إلا نصير السلف الصالح بإجماع الأمة؟
والذي زاد من هذا الاستياء الذي بلغ اليوم ذروته،أن هؤلاء الأخوة الذين يقدمون على هذه الفظائع المنكرة، ماضون ومستمرون في ذلك في صمت وقدر كبير من اللامبالاة. وقد كان أدنى ما يقتضيه الالتزام بأولويات الدين الإسلامي والبديهيات المتفق عليها من أحكامه أن يبدأ هؤلاء الأخوة فينشروا بياناً يأتون به على سمع العالم الإسلامي وبصره، يوضحون فيه الدليل على ما قد تحقق لديهم من وجوب هدم آثار النبوة والقضاء عليها، وملاحقتها بالمحو أياً كانت وأينما وجدت، ومن ثم يعلنون عن عزمهم –بناء على ذلك – على تنفيذ ما يقتضيه الحكم الشرعي المقرون بدليله.
ولقد كنت ولا أزال واحداً من ملايين المسلمين الذين تأخذهم الدهشة لهذا الذي يجرى في مكة والمدينة، تحت أبصار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، مع الاستخفاف بمشاعرهم وعلومهم ومعتقداتهم، ودون تقديم أي معذرة بين يدي مغامراتهم العجيبة هذه، من حجة علمية يتمسكون بها، أو اجتهاد ديني حق لهم أن يجنحوا إليه ..
بل لقد آثرت، تحت تأثير هذه الدهشة، أن أبدأ فأتهم نفسي بالجهل، وأن أفترض في معلوماتي الشرعية خطأ توهمته صواباً، أو حكماً غاب عنى علمه، وذلك ابتغاء المحافظة على ما هو واجب من حسن الظن بالأخوة المسلمين، لا سيما العلماء منهم،ما اتسع السبيل إلى ذلك.. فرحت أنبش سيرة السلف الصالح وموقفهم، بدءاً من عصر الصحابة فما بعد، واستجلي – من جديد –موقفهم من آثار النبوة، سواء منها العائدة إلى شخص رسول الله أو ذات الدلالة على رسالته ونبوته، فلم أجد إلا الإجماع بدءاً من عصر رسول الله على مشروعية التبرك بآثاره، بل رأيت الصحابة كأنهم يسعون ويتنافسون على ذلك.. ولا ريب أن مشايخ نجد يعلمون ما نعلمه جميعاً من ورود الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما، المتضمنة تبرك الصحابة بعرق رسول الله وشعره ووضوئه وبصاقه والقدح الذي كان يشرب فيه، والأماكن التي صلى فيها، وجلس أو قال فيها.
ولا نشك في أنهم يعلمون كما نعلم أن عصور السلف الثلاثة مرت شاهدة بإجماع على تبرك أولئك السلف الثلاثة مرت شاهدة بإجماع على تبرك أولئك السلف بالبقايا التي تذكرهم برسول الله من دار ولادته، وبيت خديجة رضى الله عنها، ودار أبى أيوب الأنصاري التي استقبلته فنزل فيها في أيامه الأولى من هجرته إلى المدينة المنورة، وغيرها من الآثار كبئر أريس وبئر ذى طوى ودار الأرقم... ثم إن الأجيال التي جاء ت فمرت على أعقاب ذلك كانت خير حارس لها وشاهد أمين على ذلك الإجماع.
ثم إن العالم الإسلامي كله يفاجأ اليوم بهذه البدعة التي يمزق بها أخوتنا مشايخ نجد إجماع سلف المسلمين وخلفهم إلى يومنا هذا، فدار ولادة رسول الله تهدم وتحول إلى سوق للبهائم، ودار ضيافة رسول الله تحول إلى مراحيض .. وتمر أيدي المحو والتدمير على كل الآثار التي تناولت أجيال المسلمين كلهم شرف رعايتها والمحافظة عليها.
والأعجب من هذا كله أن مشايخ نجد يرون مدى استنكار العالم الإسلامي وغليانه الوجدانى، لهذه البدعة التي تزدرى إجماع المسلمين من قبل وتستخف بمشاعرهم الإيمانية، دون أن يتوجهوا إليهم بكلمة يبررون فيها عملهم ويشرحون فيها وجهة نظرهم. إذ المفروض – إذا كانوا هم المصيبون في عملهم هذا وعلماء العالم الإسلامي قاطبة جاهلون ومخطئون –أن يتوجهوا إليهم ببيان هذا الذي يعرفونه، حتى يتنبهوا إلى خطئهم ويتحولوا إلى الصواب الذي امتازوا وانفردوا عن العالم كله بمعرفته.. وبذلك يكسبون أجر هدايتهم وإرشادهم إلى الحق الذي تاه عنه المسلمون خلال أجيالهم المتصرمة كلها.
وأنى لأروى بهذه المناسبة القصة التالية التي بدأت ثم لم تتم.
تشاكينا، أنا وصديقي الأجل الأستاذ الدكتور عبد الله بن المحسن التركي، في لقاء بمناسبة مؤتمر عقد في إحدى بلادنا العربية هذه، تشاكينا هذا الوضع المؤلم الذي كاد أن يستولد من أرض نجد إسلاماً جديداً لا عهد للسلف الصالح به، ومن ثم فقد أصبح هذا الوضع سبباً لأسوأ مظاهر التناحر والشقاق في العالم الإسلامي، بل في جل المراكز الإسلامية في أوربا وأمريكا.
قال لي الدكتور عبد الله: حقاً إنه لوضع مؤسف. فما الحل؟
قلت: الحل هو أن نتحاور مع هؤلاء الاخوة ونتجاذب أطراف البحث طبق موازين العلم، فإذا تحقق الإخلاص وخلت المقاصد من الشوائب، فإن العلم يهدى إلى الحق، والحق يدعو إلى الوفاق.
واتفقنا، بناء على هذا، على إقامة ندوة علمية في المملكة السعودية، مؤلفة من علماء المملكة ممن يتمتعون بالعلم الوفير والإخلاص لدين الله والغيرة على وحدة الأمة، ومن عشرة من علماء بقية العالم العربي، يتسمون بالصفات ذاتها. على حد علمنا وطبق ما انتهت إليه معرفتنا. فيتناقشون فيها طبق منهج علمي متفق عليه. والمأمول عندئذ أن تتجلى الحقائق وينجلي عنها الضباب والأوهام اللذان يسببان سوء الرؤية، ومن ثم يؤدى سوء الرؤية إلى الوقوع في المسالك المتشعبة والسبل المضللة.
وتفرقنا على هذا الأساس، والتزمت أن أقترح أسماء العلماء العشرة من مختلف بلادنا العربية وفي مقدمتها سورية، كما التزم هو أن يقترح أسماء العلماء العشرة من المملكة، ومن ثم يتحدد الموعد ثم اللقاء.
ولقد وفيت بما التزمت، فأرسلت إليه أسماء العلماء العشرة الذين تأملت فيهم العلم الوفير، والإخلاص لدين الله والغيرة على وحدة المسلمين... وانتظرت أن أتلقى منه بقية الأسماء وتحديد ميقات الندوة ومكانها. وها أنا ذا لا أزال أنتظر، وقد مر اليوم على هذا الاتفاق سنوات..
وقد علمت أن صديقنا الوفي هذا بذل ما في وسعه.. ولم يأل جهداً في أن يختار من علماء المملكة من تتوافر بهم أركان تلك الندوة، ولكنهم كانوا كعادتهم يفرون من المواجهة والنقاش في هذه المسائل بالذات، بمقدار ما يقبلون منفردين ومتحمسين لتنفيذ آرائهم الخاصة بهم فيها
والسؤال الذي لا بد أن نتطارحه بناء على هذا هو:
أفهكذا يكون الإخلاص لوجه الله في إقامة المعروف وإزالة المنكر؟
كيف يكون المعروف معروفاً إذا لم نتداع نحن الاخوة المسلمين متعاونين لمعرفته والتعريف به؟ وكيف يكون المنكر منكراً في عملنا الإسلامي إذا لم نتداع متعاونين لمعرفة كونه منكراً،ومن ثم للتعاون على إنكاره؟
كيف يكون انفراد أخوتنا مشايخ نجد بالإقدام على هذه الأعاجيب التي عددها السيد يوسف الرفاعي في رسالته الحوارية هذه والتي بلغت 58 أعجوبة، والتي بحثنا فلم نجد في دين الله ما يسوغ هذا الإقدام عليها، أقول: كيف يكون انفرادهم عن سائر علماء المسلمين في الإقدام عليها، أقول: كيف يكون انفرادهم عن سائر علماء المسلمين في الإقدام على مستحدثاتهم هذه دون أي استشارة لهم أو تعاون معهم، عملاً إسلامياً مقبولاً، وقد كان الإسلام ولا يزال قائماً
في كل أموره وشؤونه، على التواصل والتعاون؟
على أنى لا أيأس... وسأظل متفائلاً ما وجدت إلى ذلك سبيل.
إنني في الوقت الذي أشكر فيه أخي السيد يوسف الرفاعي على رسالته الحوارية الهامة في مضمونها، والمحببة واللطيفة في أسلوبها، أرجو أن تلقى آذاناً صاغية من الاخوة الفضلاء الذين وجهت إليهم، كما أرجو أن تلامس من قلوبهم حرقة اْلإخلاص لله والغيرة على حرمات الله والشفقة على صلة القربى في نطاق الإسلام. كما أرجو أن تذكرهم هذه الرسالة بأن الإسلام لا يتكامل في كيان الإنسان إلا إن دخل العقل يقيناً وهيمن على القلب حباً وتعظيماً.
فهلا تلمستم – يا علماء نجد – مكان محبة الله ورسوله من أفئدتكم، وهلا استنبتم هذه المحبة إن رأيتموها ضامرة بمزيد من ذكر الله عز وجل.. إذن لدفعكم الحب – والله – إلى حراسة آثار النبوة وصاحبها بدلاً من محوها والقضاء عليها، ولسلكتم في ذلك مسلك السلف الصالح رضوان الله عليهم.. وإذن لأقلعتم عن ترديد تلك الكلمة التي تظنونها نصيحة وهى باطل من القول، وتحسبونها أمراً هيناً، وهى عند الله عظيم، ألا وهى قولكم للحجيج في كثير من المناسبات: إياكم والغلو في محبة رسول الله ..
ولو قلتم، كما قال رسول الله: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، لكان كلاماً مقبولاً، ولكان ذلك نصيحة غالية. أما الحب الذي هو تعلق القلب بالمحبوب على وجه
الاستئناس بقربه والاستيحاش من بعده، فلا يكون الغلو فيه – عندما يكون المحبوب رسول الله في حبه له أو بالغ، فلن يصل إلى أبعد من القدر الذي أمر به رسول الله إذ قال فيما اتفق عليه الشيخان: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين، وفي رواية للبخاري: ومن نفسه.
وإذا ازدهرت قلوبكم بهذه المحبة، فلسوف تعلمون أنها مهما تلظت بهذه المحبة، فلسوف تظل متقاصرة عن الحد الذي يستحقه رسول الله ولسوف تنتعش نفوسكم لمرأى آثار النبوة – إن كان قد بقى منها بقية لديكم اليوم، بدلاً من أن تكرهوها وتسعوا سعيكم الحثيث للتخلص منها وللقضاء عليها ..
أسأل الله ضارعاً أن يجمعنا مع أخوتنا علماء نجد على الحق الذي جاء به كتاب الله ود لت عليه سيرة رسول الله وسنته، وسار عليه سلفنا الصالح. وأن يجمعنا بعد اليقين العقلي بحقائق الإسلام، على ورد لا ينضب من محبة الله ومحبة نبيه عليه أزكى الصلاة والسلام.
د / محمد سعيد رمضان البوطي
بسم الله الرحمن الرحيم
" قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(24)قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ(25)قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ(26) "
" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(90) "
" يَاقَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ(29) " صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام ومن والاه
وبعد: فانطلاقاً من قول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم:"الدين النصيحة، قلنا:لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (1) رواه مسلم في صحيحه،كتاب الإيمان،باب بيان أن الدين النصيحة (1/74) رقم (55) عن تميم الداري رضى الله عنه.
فبعد صدور كتابي (الرد المحكم المنيع ) وصدور عدة كتب لأهل العلم انتظرت لعله ينصلح أو يتغير شئ من تصرفاتكم وأساليبكم... ولكن لم يحصل من ذلك شئ.
وحيث إن الله تعالى يقول في سورة العصر:
" وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) "
فقد عزمت بعد الاستخارة أن أتوجه إليكم بهذه النصيحة التي أرجو أن تكون مقبولة سائلاً المولى تعالى أن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن لا يجعله علينا متشابهاً فنتبع الهوى، والله الهادي للصواب.
فأقول وبالله التوفيق:
1-لا يجوز اتهام المسلمين الموحدين الذين يصلون معكم ويصومون ويزكون ويحجون البيت ملبين مرددين:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنا الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".
لا يجوز شرعاً اتهامهم بالشرك كما تطفح كتبكم ومنشوراتكم، وكما يجأر خطيبكم يوم الحج الأكبر من مسجد الخيف بمنى صباح عيد الحجاج وكافة المسلمين، وكذلك يروع نظيره في المسجد الحرام يوم عيد الفطر بهذه التهجمات والافتراءات أهل مكة والمعتمرين، فانتهوا هداكم الله تعالى، وترويع المسلم حرام، لا سيما أهالي الحرمين الشريفين، وفي هذا المعنى نصوص شريفة صحيحة.
2-لقد كفرتم الصوفية ثم الأشاعرة وأنكرتم واستنكرتم تقليد واتباع الأمة الأربعة (أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل) في حين أن مقلدي هؤلاء كانوا ولازالوا يمثلون السواد الأعظم من المسلمين، كما أن المنهج الرسمي لدولتكم والذي وضعه الملك عبد العزيز رحمه الله ينص على اعتماد واعتبار المذاهب الأربعة فانتهوا هداكم الله تعالى.
ومن كان كافراً بعد إسلامه فهو في حكم المرتد الذي يباح دمه فتذكروا حديث نبيكم المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم:"لا ترجعوا بعدى كافراً يضرب بعضكم رقاب بعض "رواه البخاري في صحيحه في الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "من حمل علينا السلاح فليس منا (الفتح 13/29) حديث رقم 7080،7077) ومسلم في صحيحه في الإيمان،باب معنى قول النبي: " لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "(1/82) حديث رقم (65،66) من حديثي ابن عمر وجرير رضى الله عنهما
3-بعد أن فرغتم ممن سبق، سلطتم من المرتزقة الذين تحتضنوهم من رمى بالضلال والغواية الجماعات والهيئات السلامية العاملة في حقل الدعوة والناشطة لإعلاء كلمة الله تعالى والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر كالتبليغ، والإخوان المسلمين، والجماعة (الديوبندية) التي تمثل أبرز علماء الهند وباكستان وبنغلاديش، والجماعة (البريلوية) التي تمثل السواد الأعظم من عامة المسلمين في تلك البلاد، مستخدمين في ذلك الكتب والأشرطة ونحوها، وقمتم بترجمة هذه الكتب إلى مختلف اللغات وتوزيعها بوسائلكم الكثيرة مجاناً، كما نشرتم كتاباًً فيه تكفير أهل أبوظبى ودبى والإباضية الذين معكم في مجلس التعاون. أما هجومكم على الأزهر الشريف وعلمائه فقد تواتر عنكم كثيراً
4-ترددون جملة الحديث الشريف: "كل بدعة ضلالة" جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة (1 /592) رقم (867) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه.
وانظر في تحقيق معنى البدعة رسالة العلامة السيد عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى "إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة" وهى مطبوعة.
بدون فهم للإنكار على غيركم، بينما تقرون بعض الأعمال المخالفة للسنة النبوية، ولا تنكرونها ولا تعدونها بدعة، سنذكر بعضاً منها فيما يأتي
5-إنكم تغلقون مسجد رسول الله بعد صلاة العشاء مباشرة - وهو الذي لم يكن يغلق قبلكم في حياة المسلمين – وتمنعون الناس عن الاعتكاف والتهجد فيه، وتنسون قول الله تعالى: ”وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(114) “
6- تفرضون على المؤذنين الحجازيين أسلوبا معينا في الأذان هو أسلوبكم في نجد، وزمناً معيناً محدوداً، وتطلبون عدم ترخيم الصوت وتحليته بنداء المسلمين لهذه الشعيرة العظيمة (الصلاة).
7- تمنعون التدريس والوعظ في الحرمين الشريفين ولو كان المدرس من كبار علماء الحجاز والأحساء ما لم يكن على مذهبكم وبإذن صريح منكم مكتوب ومختوم منكم فقط ويمنع غيركم حتى لو كان شيخ الأزهر الشريف، فاتقوا الله ولا تغلوا في مذهبكم وأحسنوا الظن بإخوانكم من علماء المسلمين.
8-تمنعون دفن المسلم الذي يموت خارج المدينة المنورة ومكة المكرمة من الدفن فيهما وهما من البقاع الشريفة المباركة التي يحبها الله ورسوله فتحرمون المسلمين ثواب الدفن في تلك البقاع الشريفة المباركة،فعن عبد الله بن عدي الزهري رضي الله عنه قال:رأيت رسول الله على راحته واقفاً بالحزورة يقول: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله،ولولا أخرجت منك ما خرجت " رواه أحمد في مسندة (4/305)، والترمذي في سننه (5/722) في المناقب، باب فضل مكة رقم (3925) وقال:حديث حسن غريب صحيح. ورواه النسائي في الكبرى (2/479)، وابن ماجة في سننه (2/1037) في المناسك، باب فضل مكة رقم (3108)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 9/22) رقم (3708)، والحكمة في المستدرك (3/7) وقال: صحيح الإسناد على شرط الشحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. والحزورة: التل أو الربوة الصغيرة.
وعن ابن عمر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استطاع أن يموت بالمدينة، فليمت بها، فأني أشفع لمن يموت بها" رواه أحمد في مسنده (2/74)، والترمذي في سننه (5/719) في المنقاب، باب فضل المدينة رقم (3917وقال:حديث حسن غريب من حديث أيوب السختيانى. ورواه النسائي في الكبرى (2/488)، وابن ماجة في سننه (2/1039) في المناسك،باب فضل المدينة رقم (3112)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان (9/57) رقم (3741).
9-تمنعون النساء من الوصول إلى المواجهة الشريفة أمام قبر النبي صلى عليه وآله وسلم والسلام عليه أسوة بالرجال، ولو استطعتم لمنعتم النساء من الطوف مع محارمهن بالبيت الحرام خلافاً لما كان عليه السلف الصالح والمسلمون وتحقرون النساء المؤمنات المحصنات القانتات، تنهرونهن، وتحجبونهن عن رؤية المسجد والإمام بحواجز كثيفة، وتنظرون إليهن نظرة الشك والارتياب. وهذه بدعة شنيعة لأنه إحداث ما لم يحدث في زمنه عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح، فقد كان يلي الإمام صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء، يصلون جميعاً وبلا حاجز خلفه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.
10-أتيتم بالمرتزقة والجهال من العابسين عند المواجهة الشريفة يستدبرون المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم بأقفيتهم وظهورهم ويستقبلون زواره والمسلمين بوجوه عابسة مكفهرة تنظر إليهم شزراً متهمة إياهم بالشرك والابتداع يكادون أن يبطشوا بهم، يوبخون هذا وينتهرون ذاك ويضربون يد الثالث ويرفعون أصواتهم زاجرين متجاهلين وناسين قول الله تعالى: ”إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ(3)إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(4)
كل هذا مع الكبر والاستمرار في إهانة أحباب المصطفي وزواره المؤمنين في حضرته الشريفة وقبالة مضجعه الشريف الذي اعتبره شيخ الحنابلة ابن عقيل أفضل بقعة على اليابسة كما نقل ذلك عنه الشيخ ابن القيم في كتابه "بدائع الفوائد (انظر بدائع الفوائد لابن القيم (3/135-136) وفيه ما نصه: "قال ابن عقيل: سألني سائل أيما أفضل حجرة النبي أو الكعبة؟ فقلت: إن أردت مجرد الحجرة فالكعبة أفضل، وإن أردت وهو فيها فلا والله ولا العرش وحملته ولا جنة عدن ولا الأفلاك الدائرة لأن بالحجرة جسداً لو وزن بالكونين لرجح" أهـ. وقال الإمام مالك: "إن البقعة التي فيها جسد النبي أفضل من كل شئ حتى الكرسي والعرش، ثم المسجد النبوي ثم المسجد الحرام، ثم مكة".
11-تمنعون النساء من زيارة البقيع الشريف بلا دليل قطعي مجمع عليه من الشرع وتضيقون على المسلمين في الزيارة إلا في أوقات محدودة وقصيرة، حتى أن بعضهم ينتهز فرصة تشييع الجنائز ليزور البقيع الشريف.
وقد منعتم المزورين في المدينة المنورة من مرافقة الزائرين وقطعتم أرزاقهم وبدونهم صار الناس يتخبطون ولا يعرفون أماكن قبور آل البيت الكرام وأمهات المؤمنين والصحابة رضى الله عنهم،وهذا ظلم وتعسف وقهر وبطر لا يرضاه الله تعالى ورسوله الكريم، فانتهوا هداكم الله تعالى.
12-هدمتم معالم قبور الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت الكرام رضى الله عنهم وتركتموها قاعاً صفصفاً وشواهدها حجارة مبعثرة،لا يعلم ولا يعرف قبر هذا من هذا، بل سكب على بعضها (قبر السيدة آمنة بنت وهب أم الحبيب المصطفي نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم) (البنزين) فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فهلا أبقيتم وسمحتم بالتحجير وهو مباح،وارتفاع القبر شبراً، وهو مباح مع الشاهدين فقد ثبت أن النبي وضع حجراً على قبر عثمان بن مظعون رضى الله عنه ثم قال:"أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي" رواه أبو داود في سننه (3/543) في الجنائز، باب في جمع الموتى في قبر،والقبر يعلم رقم (3206) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2)141): إسناده حسن.
وقال خارجة بن زيد: "رأيتني ونحن شبان في زمن عثمان رضى الله عنه وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه" رواه البخاري في صحيحه (فتح الباري 3/264) في الجنائز، باب الجريدة على القبر تعليقاً، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (3/265): "خارجة بن زيد: أي ابن ثابت الأنصاري أحد ثقات التابعين، وهو أحد السبعة الفقهاء من أهل المدينة.. الخ، وصلها مصنف –أي البخاري –في التاريخ الصغير من طريق ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن أبى عمرة الأنصاري سمعت خارجة ابن زيد فذكره،وفيه جواز تعلية القبر ورفعه عن وجه الأرض".ا
13- أنشأتم مكتب استجواب ومحاكمة وتحقيق في زاوية الحرم النبوي (القديمة سابقاً) وكذلك بجوار البقيع حالياً وصرتم تحاكمون فيها من ترقبونه يتوسل أو يكثر الزيارة أو يخشع أو يبكى أو يدعو الله تعالى أمام القبر الشريف متوسلاً به إلى الله تعالى، حيث توجهون لهم قائمة من الأسئلة –الجاهزة سلفاً- عن مشروعية الزيارة والتوسل والمولد الشريف فمن وجدتموه مخالفاً لذلك سجنتموه وألغيتم إقامته وأبعدتموه من البلاد، مع أن هذه أمور تدور بين الاستحباب والإباحة عند العلماء حتى عند الحنابلة فلا يجوز تكفير المسلم بها ومعاقبته. وقد حدثني من أثق به من السجناء أنة كانت الأغلال في يديه طيلة فترة السجن الذي امتد شهراً وكان يتوضأ ويصلى وهى في يده، كما كان ممنوعاً حتى من قراءة القرآن، فاتقوا الله تعالى فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
ولا يجوز أن يكون فعل ذلك في ذلك في مسجد النبي المبعوث رحمة للعالمين الذي قال: إنما أنا رحمة مهداة". وبعثه الله تعالى رحمة للعالمين فكيف بالمسلمين الذي تعاملونهم هذه المعاملة القاسية المنكرة بجواره الكريم وفي مسجده الشريف وهو القائل عليه الصلاة والسلام:"الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون "رواه البيهقي في حياة الأنبياء (ص 15)، وأبو يعلى في مسنده (6/146) رقم (3425) والبزاز في مسنده (256) وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (2/211): "رواه أبو يعلى والبزاز، ورجال أبى يعلى ثقات ". و"إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (رواه أحمد في مسنده (4/8)، وابن أبى شيبه (2/516) وأبو داود في سننه (1047) والنسائى-(91-92)، وابن ماجه (1-1085)، وابن حنان في صحيحه (الإحسان 3/190-191) وابن خزيمة في صحيحه (1733)، والحاكم في المستدرك وصحيحه (1/278) ووافقه الذهبي، وصحيحه النووي في الأذكار (انظار الفتوحات الربانية 3/309-312).
14- سمحتم لأحد المحسنين من أهل المدينة بهدم وإعادة بناء مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جبل الخندق على حسابه الخاص، وبعد الهدم أوقفتم رخصة البناء لأنكم تعتبرون زيارة المساجد السبعة في موقع معركة الخندق النازلة فيها سورة الأحزاب بدعة، بل وتتمنون هدمها.
15-تمنعون الناس من إدخال وقراءة كتاب (دلائل الخيرات ) للشيخ العارف بالله محمد سليمان الجزولي الحسنى في الصلوات على النبي عليه الصلاة والسلام، وكنا غيره من الكتب في حين أنكم تعلمون ما يدخل ويعرض من الكتب والمجلات والمطبوعات المنكرة شرعاً، فاتقوا الله تعالى.
16- تتجسسون وتلاحقون وتستجوبون وتعاقبون من يقوم مجالس والاحتفال والاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف التي تخلو من أي منكر في الشرع، في حين لا تعترضون على مجالس اللهو والطرب والغناء ومظاهرها بشتى أنواعها – فهل يجوز الكيل بمكيالين؟ وهل تجوز إهانة المؤمن المحب ومراضاة الفاسق المستهتر؟
17- تمنعون الأئمة من (القنوت) في المساجد في صلاة الصبح وتعتبرونه بدعة عاملاً بأنه ثابت شرعاً لدى إمامين من الأئمة الأربعة هما: الشافعي ومالك رضي الله عنهما فلماذا فرض الرأي الواحد، والتضييق على المسلمين؟ فاتقوا الله تعالى.
18- لا تعهدون بالإمامة في الحرمين الشريفين إلا لأحدكم (من نجد ) وتحظرونها على من سواكم من علماء الحجاز والأحساء وغيرهم فهل هذا من العدل أو من الدين بالضرورة، فاتقوا الله تعالى، وأقسطوا إنه تعالى يحب المقسطين.
19-أعلمتم معولكم في هدم آثار النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام في المدينة المنورة خاصة والحرمين الشريفين عامة،حتى كاد أن لا يبقى منها إلا المسجد النبوي الشريف وحده في حين أن الأمم تعتز وتحتفظ بآثارها، ذكرى وعبرة ودليلاً على ماضيها التليد، وترون أن كل أثر يقصد للإطلاع والزيارة شرك بالله تعالى... والله تعالى أمرنا بأن نسير في الأرض لننظر آثار المشركين فنعتبر بها كعاد وثمود الموجودة في (ديار صالح – العلا قرب المدينة المنورة )، والتي لا تزال مزاراً للسائحين حيث قال الله تعالى: " قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبه الْمُكَذِّبِينَ(137) "
وقال تعالى: "أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبه الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ(21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ(22)
وقال تعالى: "أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ(9) "
فلماذا تحرمون المسلمين من مشاهدة معالم وآثار معركة بدر وأحد والحديبية وحنين والأحزاب وغيرها من (أيام الله) التي نصر بها رسوله وعباده الصالحين وهزم الشرك والمشركين؟ فاتقوا الله وكونوا من أولى الألباب لعلكم ترحمون.
20-آويتم (ناصر الألباني) ونصرتموه وسمحتم له بنشر كتابه: (أحكام الجنائز وبدعها) الذي طالب فيه جهاراً بإخراج قبر المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الشريف، وهذا الهراء ردده أيضاً في رسالته "تحذر الساجد" انظر (ص 68 – 69 )، بل زاد على ذلك حين عد في رسالته "حجة النبي صلى الله عليه وسلم" (ص137) من ضمن بدع المدينة المنورة كما يزعم "إبقاء القبر النبوي في مسجده" أ.هـ.
وعينتموه عضواً في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وأستاذا بها ولما أخرجه المرحوم الملك فيصل مع بعض أتباعه وطردهم، أعدتموه إلى نفس المنصب بعد ذلك... ولا تزال كتبه الكاسدة مفسوح لها ومشجعة عندكم في الوقت الذي منعت فيه بعض كتب حجة الإسلام الغزالي أبي الحسن الندوي وعبد الفتاح أبو غدة والمالكي وسعيد حوى والبوطي وغيرهم من علماء المسلمين، فأين العدل والقسط؟
21 – احتضنتم تلميذ الألباني ووكيله في الكويت (عبد الرحمن عبد الخالق) ووجهتم أتباعكم إليه وأمددتموه بالمدد الكامل وهو الذي هاجم في كتابه (فضائح الصوفية) عامة الأولياء والصالحين واعتبر كل الصوفية زنادقة باطنيين وضالين ولو كان منهم من أثنى عليه وزكاه ابن تيمية وابن رجب والذهبي وبقية مشايخهم المعتمدين عندكم، وفي الحديث القدسي الصحيح: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، هو جزء من حديث رواه البخاري في صحيحه (الفتح 11/348) رقم (6503) كتاب الرقاق،باب التواضع. فاتقوا الله تعالى وانتهوا.
22-تنتهزون كل عام فرصة صيانة وصباغة وترميم المسجد النبوي الشريف، لتزيلوا كثيراً من المعالم الإسلامية الموجودة في خلوة المسجد الشريف من الآثار والمدائح النبوية فقد طمستم كثيراً من البيتين الشهيرين –المكتوبين على الشباك الشريف – الواردين في قصة العتبى كما ذكرها ابن كثير في التفسير انظر تفسير ابن كثير (2/306).
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
لولا أن نهاكم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد عندما بلغه الأمر وأمر بإعادتها، فما هذا الجفاء والصد عن نبيكم الكريم والواسطة بينكم وبين ربكم تعالى؟ ما الأمر الذي بينكم وبينه؟ وكأنكم نسيتم قوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا(57) "
25-سمحتم للمدعو مقبل بن هادى الوداعي المعروف بكثرة سبابه وطعنه على مخالفيه من العلماء والدعاة إلى الله وصلحاء هذه الأمة كما تشهد بذلك كتبه وأشرطته أن يتقدم ببحث في نهاية دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بعنوان (حول القبة المبنية على قبر الرسول)، وإشراف الشيخ حماد الأنصاري، طالب فيها جهاراً نهاراً بإخراج القبر والقبة الشريفة بدعة كبيرة وطالب بإزالتها وهدمها ومنحتموه على ذلك درجة الفوز والنجاح!
فهل تكرمون من يحاد رسول الإسلام، حبيب الله، رحمه للعالمين وخليله عليه الصلاة والسلام؟!
وقد وجه هذا الرجل المئات من أتباعه ومقلديه ونحوهم ممن تأثر بمذهبكم، وجههم – وهم حاملي السلاح – إلى هدم ونبش قبور المسلمين الصالحين وعلى رأسهم الإمام الرباني الحبيب العيدروس العدني بركة عدن وحضرموت رحمه الله تعالى، ولكن الله تعالى رد كيدهم حيث جدد مشهده وأعيد بناء قبته المباركة في عدن باليمن منذ سنوات قليلة فعاثوا في الأرض فساداً وخراباً فنبشوا قبور الموتى بالمساحي ونحوها،حتى أخرجوا عظام بعض الموتى وانتهكوا حرماتهم، وأثاروا فتنة عمياء، وبلغنا أنهم استخدموا في ذلك المتفجرات (الديناميت) في بعض المواضع في اليمن. (وهذا كله في صحيفة أعمالكم).
26 – سميتم المصحف الشريف الذي أمر بطبعه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد جزاه الله خيراً، (بمصحف المدينة النبوية) وكأنكم لا تقرون أن هذه المدينة المباركة قد استنارت بل استنارت الدنيا كلها ببعثة ورسالة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقديماً هتفت جواري الأنصار عند هجرته الشريفة مرحبات:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
فهو البدر والقمر والنور،قال تعالى:" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15)يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(16) "
وارجعوا إلى كتب التفسير وهي كثيرة لتروا أنهم فسروا النور في الآية الشريفة بأن المصطفي عليه الصلاة والسلام، وهنا لا نجادلكم في نور ذاته الشريفة بل نقول: إنه عليه الصلاة والسلام كان نوراً ورحمة بما جاء به من كتابه وسنة وهدية، قال تعالى: ".. وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(16) "
25 –تصرون على تسمية اللجنة المشرفة على شؤون الحرمين الشريفان (رئاسة الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف ولا تقولون (الحرم النبوي الشريف) وكذلك في إعلانات الطرق الدالة على ذلك والموجهة إليه... فلماذا لا يكون مسجد صلى الله تعالى عليه وسلم حرماً؟!
كيف وقد جعل النبي المدينة كلها حراماً، فقد قال عاصم بن سليمان الأحول: قلت لأنس: أحرم رسول الله المدينة؟ قال:نعم، ما بين كذا إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثاً، قال لي: هذه شديدة، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا".
وفي رواية عن أنس أيضا قال: "ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه، فلماذا أشرف على المدينة قال: اللهم إني أحرم ما بين جبليهما مثل ما حرم إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم" رواه البخاري في صحيحه (4\69 –72) في فضائل المدينة، باب حرم المدينة، وفي الاعتصام باب إثم من آوى محدث، ومسلم في صحيحه رقم (1365-1366-1367) في الحج، باب فضل المدينة ودعاه النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة؟
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي قال "المدينة حرم" فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف "رواه مسلم في صحيحه رقم (1371) في الحج،باب فضل المدينة
26-تزوير التراث: دأبتم على أن تحذفوا ما لا يعجبكم ويرضيكم من كتب التراث الإسلامي التي لا تستطيعون منع دخولها المملكة لأن عامة المسلمين يحتاجون إليها، وفي هذا اعتداء شرعي وقانوني على آراء المؤلفين من علماء السلف الصالح الذين لا يستطيعون مقاضاتكم في الدنيا بل عند الديان في الآخرة... ومما حذف أو غير وزور:
1-كتاب (الأذكار ) للإمام محيى الدين النووي وذلك في طبعة (دار الهدى ) بالرياض سنة 1409هـ. بتحقيق عبد القادر الأناؤوط الشامى، استبدل (ص295) عنوان فصل في زيارة مسجد رسول الله، مع حذف عدة أسطر من أول الفصل وآخره وحذف قصة العتبى التي ذكرها الإمام النووي بكاملها. وهذا اعتداء جائر على المؤلف وكتابه، ولما روجع المحقق أجاب بأن وكلاءكم هم الذين غيروا وبدلوا ولدى صورة بخط يده بذلك.
2- حذفت عبارات لا تعجبكم من حاشية الصاوي على تفسير الجلالين.
3-حذف الفصل الخاص بالأولياء والأبدال والصالحين من (حاشية ابن عابدين الشامي ) في الفقه الحنفي.
1-حذف الجزء العاشر من الفتاوى لإبن تيمية وهو الخاص بالتصوف في طبعتكم الأخيرة للفتاوى.
5- حاول الشيخ ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (سابقاً) أن يستدرك على ما لا يعجبه في كتاب (فتح الباري بشرح البخاري) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فأصدر مع معاونيه (ثلاثة أجزاء) ثم توقف عن التعليق. وقد فتح باب شر بهذه التعليقات.
6-فسح إلى أبى بكر الجزائري بأن يعمل تفسيراً للقرآن الكريم يكون بديلاً ومنافساً لتفسير الجلالين ولبس على الناس أنه هو ليتم ترويجه على العامة.
27-في الوقت الذي تفصلون النساء عن ذويهن ومحارمهن في المسجد النبوي بحجة الغير على العرض والدين، توقفون الرجال من أتباعكم أمام مدخل النساء يستشيرونهم وكأنهم معصومون عن كل ما يصدر عن غيرهم، كما أنكم توقفون مراقبيكم من الرجال بين من صفوف الطائفين والطائفات المعتمرين يستشيرون وجوه النساء، ويطالبونهم بالحجاب خلافا لما عليه الجمهور من وجوب كشف الوجوه عند أداء هذه الشعيرة.
28- لا تعترضون على من يرعب المسلمون الموجودين في المكي ويحقق معهم ثم يقبض عليهم إذا لم يجد معهم (سند الإقامة) خلافا لقول الله تعالى عن الحرم الشريف: "وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا" وهو أيضاً مما يشوش ويعكر الصفو والهدوء والسكينة والهيبة على المعتكفين والركع السجود.
29-تتمنعون وتمنعون في المحاكم الشرعية عن إبرام عقود الزواج والنكاح بين المسلمين والمسلمات لكل مسلم غريب ومسلمة إذا كان زائراً ولا يملك سند الإقامة الدائم، وهذه بدعة وظلم وفي ذمتكم لو ارتكب ما هو محرم شرعاً.
30-ترفضون أن تسجلوا أي طالب للدراسات العليا في جامعتكم إلا بعد أن تمتحنونه في ما تسمونه ب:( العقيدة الصحيحة) ولا تكتفون بأنه مسلم من عامة المسلمين الموحدين، وهذه عصبية ممقوتة.
31-إذا اختلف معكم أحد في موضوع أو أمر فقهي أو عقدي، أصدرتم كتباً في ذمة الدفاع عن نفسه وتبرئتها من ذلك كما حصل مع السيد المالكي وأبو غدة والصابوني وغيرهم كثير.
32- سعيتم لبدعة كبيرة لم تسبقوا إليها حتى أسلافكم في العقيدة والمنهج، وهى أنكم سعيتم لغلق وقفل (البقيع الشريف) ومنع الدفن فيه ونقل دفنا لأموات الجدد إلى موقع آخر بعيد عن موقع الشرك والبدع في رأيكم، ولمنع الناس من الدخول إلى البقيع وزيارة من فيه من الآل والصحابة والتابعين وبقية الصالحين، ولكن الله تعالى أحبط مسعاكم وهيأ من قام بإبلاغ الملك فهد خادم الحرمين الشريفين بذلك، فرفض ما نويتم وأمر بتوسعة البقيع الشريف حتى لا تكون الحجة عندكم ضيقة عن استيعاب من يموت من المسلمين.
33- رضيتم ولم تعارضوا هدم بيت السيدة خديجة الكبرى أم المؤمنين والحبيبة الأولى لرسول رب العالمين صلى الله عليه وآله وسلم المكان الذي هو مهبط الوحي الأول عليه من رب العزة والجلال، وسكتم على الهدم راضين أن يكون المكان بعد هدمه دورات مياه وبيوت خلاء، وميضآت..فأين الخوف من الله تعالى؟ وأين الحياء من رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام؟
34- حاولتم ولا زلتم تحاولون وجعلتم دأبكم هدم البقية الباقية من آثار رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ألا وهى (البقعة الشريفة التي ولد فيها) التي هدمت ثم جعلت سوقاً للبهائم ثم حولها بالحيلة الصالحون إلى مكتبه هي (مكتبه مكة المكرمة) فصرتم ترمون المكان بعيون الشر والتهديد والإنتقام وتتربصون به الدوائر وطالبتم صراحة بهدمه واستعديتم السلطة وحرضتموها على ذلك بعد اتخاذ قرار بذلك من كبار علمائكم قبل سنوات قليلة (وعندي شريط صريح بذلك) غير أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد العاقل الحكيم العارف بالعواقب، تجاهل طلبكم وجمده. فيا سوء الأدب وقلة الوفاء لهذا النبي الكريم الذي أخرجنا الله به وإياكم والأجداد من الظلمات إلى النور ويا قلة الحياء منه يوم الورود على حوضه الشريف..ويا بؤس وشقاء فرقة تكره نبيها سواء بالقول أو بالعمل وتحقره وتسعى لمحو آثاره!. والله تعالى يقول لنا: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" والله تعالى يقول ممتناً على بنى إسرائيل بطالوت وموسى وهارون: "وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(248)" وقال المفسرون:إن البقية المذكورة هي عصاة موسى ونعليه و.... إلخ.
واقرؤوا إن شئتم الأحاديث الصحيحة الواردة فيما يتعلق بآثار النبي واهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بها المذكورة في ثنايا أبواب صحيح البخاري ففيه الكفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وفيه الغنية لقوم يعقلون ويتدبرون.
35- كان أسلافكم حنابلة المذهب يتبعون ويقلدون مذهب الإمام الشيخ أحمد بن حنبل رضى الله تعالى عنه ابتداء من ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن عبد الهادي وابن قدامة المقدسي ومروراً بالزركشى ومرعى ابن يوسف وابن هبيرة والحجاوي والمرداوي والبعلي والبهوتي وابن مفلح وختاماً بالشيخ محمد ابن عبد الوهاب وأولاده والمفتى محمد بن إبراهيم وابن حميد رحمهم الله تعالى جميعاً...ولكنكم الآن تخليتم عن هذا المذهب وقلتم (إنكم سلفيون) حيث أعلن الشيخ عبد العزيز بن باز (القائم بالفتوى والإرشاد) لمجلة (المجلة السعودية) قريباً في مقابلة معه أنه لا يلتزم ولا يعتمد على المذهب الحنبلي وفقه الحنابلة، وأنكم تلتزمون بالكتاب والسنة فقط.
فسبحان الله تعالى... هل كان الإمام أحمد، وإخوانه الأئمة الآخرون إلا ملتزمين بذلك؟ أم هل بلغتم والشيخ وأتباعكم مرتبه (المجتهد المطلق)- ومرتبه الإمام الذي يجتهد رأيه ولا يتبع أو يقلد من سبقه؟ نعظكم أن تزعموا ذلك ونعوذ بالله تعالى من الجهل والغرور والدعوى وأن نكون في الزمان الذي أخبر عنه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله:"إن بين يدي الساعة أياماً ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج. والهرج القتل" رواه البخاري في صحيحه (8/89) في الفتن، باب ظهور الفتن ومسلم في صحيحه رقم (2672) في العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان من حديث أبى موسى الأشعري.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" رواه البخاري في صحيحه (1/33)في العلم،باب كيف يقبض العلم،ومسلم رقم (175) في العلم،باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل من حديث عبد الله بن عمرو.
36- سمحتم للصغار وسفهاء الأحلام بمهاجمة السلف الصالح الأعلام لهذه الأمة ومنهم حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى حيث سمحتم وفسحتم للمدعو محمود الحداد أن ينشر كتاباً يزعم فيه أنه يجمع تخريجي العراقي والزبيدي لكتاب إحياء علوم الدين فبدأه بمقدمة رمى فيها الإمام الغزالي بالضلال وبعظائم الأمور.
وذلك طبعا بعد التهجم بشتى مطبوعاتكم على الإمام أبى الحسن الأشعري وأتباعه من السواد الأعظم من المسلمين منذ مئات السنين حيث وصفتموهم بالضالين المضلين (راجعوا أعداد مجلتكم، البحوث الإسلامية، ومنهج أهل السنة والجماعة لسفر الحوالي وسواها). وقد اطلعت بنفسي الشيخ عبد الله المحسن التركي وزير الأوقاف على بعض هذه الأعداد... ولم يتغير شىء.
37- ضيقتم ثم أوصدتم وأقفلتم (باب النصيحة) من المسلمين لأئمتهم وحكامهم وأولى الأمر منهم وأفتيتم بمعصية من يخالف ذلك وعاديتموه في الوقت الذي فيه المسلمين وحكامهم بأمس الحاجة إلى الوعظ والنصيحة بالحسنى وصلى الله تعالى على القائل: "الدين النصيحة – قلنا لمن قال:"لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم في صحيحه (1/74) رقم (55) وقد تقدم.
38 عبتم واستنكرتم على الخميني الزعيم الإيراني وصحبه اتخاذ الآية في قوله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(33)" حجة شرعية لإصدار أحكام الموت والإعدام على خصومهم، ولكنكم بعد ذلك اتخذتموها وليجة لفعل الأمر نفسه في حق خصومكم وطوعتموها لضرب أعناق الأغرار من الغرباء والمستضعفين ولو بقطعة (حشيش أوقات)، لما سمع أنكم استفتيتم (مجمع الفقه الإسلامي الذي عندكم في جدة ولا استأنستم برأي غيره كالأزهر الشريف والعلماء الكبار من المسلمين في هذا الشأن كأنكم تناسيتم كقضاة ما جاء عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله: "وأقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم، إلا في الحدود" رواه أبو داود وغيره رواه أبو داود في سننه رقم (4375) في الحدود، باب في الحد يشفع فيه، وأحمد في مسنده (6/181)، والبيهقي (8/267و334).
وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ". رواه الترمذي وقال: قد روى عنها ولم يرفع وهو أصح رواه الترمذي في سننه (4/33) رقم (1424) في الحدود، باب ما جاء في درء الحدود، وقال: حديث عائشة لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث محمد بن ربيعة،عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي ورواه وكيع عن يزيد بن زياد نحوه ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح، وقد روى نحو هذا عن غير واحد من أصحاب النبي أنهم قالوا مثل ذلك. ويزيد بن زياد الدمشقي ضعيف في الحديث ويزيد بن أبى زياد الكوفي أثبت من هذا وأقدم اهـ. وفي الباب عن على عند الدار قطني وعن أبى هريرة عند ابن ماجة وأبى يعلى، وعن عبد الله بن عمرو عند أبى داود والنسائي.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (4/56) "قال ( البخاري): وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري عن عاصم عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود قال: "ادرؤا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم". وروى عن عقبه بن عامر ومعاذ أيضا موقوفاً، وروى منقطعا وموقوفا علي عمر. ورواه أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفا عليه بإسناد صحيح، وفي ابن أبى شيبه من طريق إبراهيم النخعي عن عمر:"لأن أخطئ في الحدود بالشبهات أحب إلى من أن أقيمها بالشبهات". وفي مسند أبى حنيفة للحارثي من طريق مقسم عن ابن عباس بلفظ الأصل مرفوعاً". اهـ.
ونسيتم قوله تعالى وهو أصدق القائلين عن النفس البشرية: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(33) "
وقال الرسول: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة الدماء" رواه أحمد (1/388)، والبخاري في صحيحه (8/138)، ومسلم في صحيحه (5/107) والترمذي في سننه رقم (1369)، والنسائي في سننه (7/83)، وابن ماجة في سننه رقم (2615). فاتقوا الله تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، واحذروا واجبات الندامة يوم الحسرة والقيامة.
39 –أغريتم الشباب الأغرار بمذهبكم وآرائكم المشددة كجهيمان العتيبي قتيل الحرم المكي وجماعته وكان شيخكم شيخهم ومرشدهم يثوبون إليه ويرجعون صدورهم عن آرائه هو والشيخ وجزائري، وكانوا يسرحون تحت أنظاركم يضايقون المسلمين في الحرمين يأمرون وينهون ويمرحون حتى إذا قويت شوكتهم وطالت أظافرهم وارتكبوا فعلتهم وأحيط بهم فاسقون بين قتيل وجريح وأسير... قلتم إنكم براء منهم ومما كانوا يفعلون...وكتبهم ونشراتهم التي خلفوها خير شاهد ودليل على ذلك، فمن آرائكم المتشددة استقلت ومنها شربت حتى ثملت، ولازلتم على استحياء تفعلون... باسم الكتاب والسنة فاتقوا الله الذي إليه ترجعون.
40- كفرتم الصوفية ثم الأشاعرة والماتريدية وهم سواد المسلمين، ثم التفتم إلى الأخوان، ثم التبليغيين ثم بقية الدعاة والمفكريين... فماذا أبقيتم غيركم من المسلمين؟
41- منعتم الدروس إلا دروسكم والمذاهب إلا مذهبكم والوعظ إلا وعظكم والدعاة إلا دعاتكم فتعطلت مجالس العلم ودرست محافل الوعظ وخوت حلقات القرآن واستخفت مجالس الذكر فماذا غداً أنتم لربكم قائلون..؟ يوم يقول: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ(24)"
42- كفرتم ابن عربي ثم ألحقتم به حجة الإسلام الغزالي ثم التفتم لأبى الحسن الأشعري وبعده قلتم ما مات حسن البنا شهيداً ولا كذلك الشهداء في أفغانستان لأن عقيدتهم لم تكن صحيحة وسليمة بل كانوا أحنافاً مقلدة تائهين هالكين وأبقيتم أنفسكم وحدكم الناجين، ونسيتم قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا قال الرجل: هلك الناس،فهو أهلكهم" رواه مالك في الموطأ رقم (609)، وأحمد (2/272)، والبخاري في الأدب المفرد (759)، ومسلم في صحيحه (8/36)، وأبو داود (4983)، جميعهم من حديث أبى هريرة.
43- أنشأتم جامعة في المدينة المنورة سميتموها (الجامعة الإسلامية) بجوار سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فهرع الناس والعلماء إليها بفلذات أكبادهم وأبنائهم مسرعين فرحين لينهلوا من هذا المنبع ظانين أنها ستزيدهم محبه واتباعاً لحبيبهم وآله الطيبين وأصحابه والتابعين...فإذا بكم تدرسونهم كيف يجافونه ويجافونهم أجمعين...وتجعلون الطلاب على بعضهم يتجسسون لينقلوا إليكم أسماء وأخبار من سميتموهم (القبوريين) الذين يكثرون الزيارة والسلام على سيد المرسلين ورحمة الله للعالمين حتى يكونوا من المحاربين المنبوذين المفصولين إلا من والاكم وأطاعكم فهو وحد الصادق الأمين.
ومن تخرج بكم وتشرب بآرائكم من الناجحين صرتم ترسلونهم إلى بلادهم وكلاء عنكم منذرين ومبشرين لتجديد إسلام آبائهم وأقوامهم الضالين بزعمكم، وتغدقون عليهم الرواتب وتفتحون لهم المكاتب وتفسحون المادين، فتقوم القيامة وينشب الخلاف والعداء بينهم وبين العلماء والصلحاء من آبائهم وشيوخهم السابقين وكأنهم (قنابل موقوتة) عبأتموها وملأتموها بكل سوء ظن وحقد دفين مما جعل البلاد الإسلامية وخاصة إفريقيا وآسيا ساحة للمعارك والخلافات بين المسلمين بل وصل الأمر هذا إلى البلدان الإسلامية التي استقلت حديثا من روسيا وإلى الأقليات والجاليات المسلمة في أوربا وأمريكا واستراليا وغيرها فإلى الله المشتكى.
44- لم يقل ابن تيمية ولا ابن القيم ولا أحد من قمة السلف من قبلهما أن الصوفية كلها مشركون بل قالوا إن منهم من يصل إلى مقام الصديقان فراجعوا إن شئتم كتب الذهبي وابن رجب وفتاوى ابن ومتدارج السالكين لابن القيم وغيرها. ولكنكم تكفرون الصوفية (كافة) وتصفونهم بالابتداع والشرك.
ويفعل الشئ نفسه أحبابكم وتلاميذكم المحدثون كأمثال عبد الرحمن عبد الخالق الجزائري وزينو ودمشقية ولباني، ومقابل الوادعي ومن لف لفهم فهل آراؤكم هذه تابعة للسلف الصالح أم أنتم بها منفردون مبتدعون؟ !
45-بلاد أمريكا وأروبا وصلها داؤكم فين فاشتعل في مساجد ومدارس المسلمين هذا تابع لابن باز وابن عثيمين، يكفر الصوفية والذاكرين وهذا أشعري أو ماتريدي وهذا ديوبندي أو بريلوي.... الخ، يحارب بعضهم بعضا ويحرم الصلاة خلفهم والزواج والتواصل فيما بينهم ويقطع أواصل الدين، وقد شاهدت ذلك بنفسي وحضرت منع الخطيب من الخاطبة في مسجد بأمريكا لأنه صوفي فقام الشجار بين المصلين...فالتوبة التوبة إلى الله رب العالمين القائل: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31) "
46-إنما يحصل من مذابح و مجازر ومآسى تشوه سمعة الإسلام وتفتك بالمسلمين خاصة كالتي في الجزائر ومصر أو التي حدثت في الحرم المكي ما هي إلا ثمرة خريجيكم وآرائكم وقراءة كتبكم ومطبوعاتكم التي بنيت على التكفير والتشريك والتبديع وسوء الظن بالمسلمين.
ولتتبينوا ويتبين الناس انظروا هل فيهم (المتشددون) صوفي أو أزهري أو أشعري أو مقلد للمذاهب الأربعة المجتهدين؟ وبعد أن أطلقتموهم سكتم ولزمتم الصمت وتفرجتم ولم تشجبوا أعمالهم ولم تكونوا لهم من الناصحين، فليت شعري من هو (الغوى المبين)؟
47- تتهمون المخالفين لكم من المسلمين بأنهم جهمية أو معتزلة مارقين. وأنتم الجهمية لأنكم وافقتموهم في بعض آرائهم. وحقاً أنتم المعتزلة لأنكم شاركتموهم في إنكار الولاية والأولياء والكرامة والكرامات، وحياة الموتى وتحكيم العقل في المغيبات من أمور الدين.
وقديماً قيل: ( رمتني بدائها وانسلت).
وقيل:
لا تنه عن خلق وتأتى مثله عار عليك إنا فعلت عظيم
فهل أنتم للحق سامعون؟ !
48- تعملون عمل الخوارج، فإذا جاءكم أحد من المسلمين – وخاصة طلبه العلم – تبدأون في عقيدته أصحيحه عندكم أم لا؟ ما تقول في كذا وكذا... وأين الله؟ و...؟ وهكذا كان يعمل الخوارج فيما سبق فكانوا إذا جاءهم أو مر بهم المسلم الموحد امتحنوه فإذا خالفهم قتلوه – أما المشرك أو الكافر فيتلطفون به ويتلون الآية: "وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ(6)"، "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)"
49 – كان للمذاهب الأربعة في الحرم المكي منابر فهدمتموها ثم كراسي للتدريس فمنعتمونها وكان من آخرها كرسي الدكتور السيد محمد بن علوي المالكي الذي أحياه بعد أبيه وجده فضاقت أعينكم أن تراه فاتهمتموه بالضلال وبالكفر البواح في كتابكم (الحوار) ولولا أن أعانني الله تعالى فدافعت عنه بكتاب (الرد المنيع)، ودافع عنه آخرون من أهل العلم في كتبهم، وتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد فحماه لكان الآن في خبر كان.
وكان هناك علماء يدرسون في الحرم النبوي الشريف على المذاهب الأربعة من آخرهم الشيخ (عبد الرحمن الجهنى الشافعى) صاحب كتاب (قطف الثمار في أحكام الحج والإعتمار)، فمنعتموه حتى يحصل على تصريح من الشيخ ابن باز ولم يمنح له التصريح فأوقف.
ومنهم العلامة الورع المفتى الشيخ عبد الله سعيد اللحجي الشافعي رحمه الله تعالى، أوقفه عن الدرس جاسوس لكم، ولم تنجح المساعي لدى ابن باز لإعادة الشيخ اللحجي للدرس فحرم الطلبة من دروسه النافعة. ومن قبله أوقف العلامة المحقق الشيخ إسماعيل عثمان الزين الشافعي رحمة الله عليه، وضيق عليه، فالله حسيبكم.
وبذلك أقفل في الحرمين الشريفين باب تدريس علوم المذاهب الأربعة (المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي) الذي كان مستمراً ومتواصلاً منذ العصور الزاهية إسلام أيام التابعين وتابعيهم من خير القرون الممدوحة وحتى في أيام أسلافكم لما دخلوا الحجاز، وتركتم المجال فيها للجزائري وصهره وأضرابه ينادى بأعلى صوته بجوار المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم أن (أبوى النبي في النار، أبوى النبي في النار، يكررها) ويرفع بها عقيرته انظر مجموع تسع رسائل للإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في نجاة والدي المصطفي فإنها أحسن ما كتب في هذا الباب، وهي مطبوعة مجموعة ومفرقة. فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وهذا في حسابكم وذمتكم عند الله الجبار –بلا خوف ولا وجل من الله تعالى القائل: "إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا(57)" والقائل: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(61) "
50 – كان هناك أثر (مبرك الناقة) ناقة النبي في مسجد (قباء ) يوم قدومه مهاجراً إلى المدينة في مكان نزل فيه قوله تعالى: "لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ(108)" فأزلتم هذا الأثر، وكنا نشاهده حتى وقت قريب.
51- وكان في مسجد القبلتين علامة على القبلة القديمة إلى المسجد الحرام علامة على القبلة القديمة إلى المسجد الأقصى المنسوخة فأزلتموها باعتبارها بدعة.
52- أزلتم بستان الصحابي سلمان الفارسي رضى الله عنه حيث كانت هناك نخلة غرسها النبي وردمتم بئر (العين الزرقاء) قرب قباء وبئر أريس (بئر الخاتم) ومنعتم مشاهدة بئر رومة التي اشتراها عثمان رضى الله عنه من اليهودي وأوقفها في سبيل الله. وهناك آثار أخرى كثيرة هامة إما أزيلت كلية أو غيرت معالمها.
53- وكان لأهل الأحساء من أصحاب المذاهب الأربعة مدارس خاصة لكل مذهب أغلقتموها ومنعتم التدريس فيها لأنه لا يجوز عندكم تدريس ما سوى مذهبكم في المدارس التي تشرفون عليها للذكور واُلإناث، ولما صاروا يقيمون بعض الدروس في بيوتهم راقبتموهم وضايقتموهم وحاصرتموهم وتجسستم عليهم، فهل هذه أعمال الدعاة الأبرار والرجال الأخيار التقاة الزهاد الورعين الخائفين من الله تعالى القائل: "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفي كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(281)" والقائل: "أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ(4)لِيَوْمٍ عَظِيمٍ(5)يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ".
54- وضعتم معاولكم في بيت الصحابي الجليل (أبى أيوب الأنصاري) الذي استضاف فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند قدومه المدينة المنورة قبل بناء حجراته الشريفة، وقد حافظت عليه كل العهود السابقة بما فيها عهد أسلافكم فهدمتم هذا الأثر الشريف، الذي كان في قبلة محراب المسجد النبوي الشريف وذلك بزعم أن المسلمين "المشركين" يتبركون به.
55- وهدمتم بجوار بيت أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه مكتبه شيخ الإسلام (عارف حكمت) المليئة بالكتب والمخطوطات النفيسة وكان طراز بنائها العثماني رائعاً وممتازاً. هدمتم كل ذلك في حين أنه بعيد عن توسعة الحرم ولا علاقة له بها.
56 – كما ردمتم (بيرحاء) التي دخلت في التوسعة ولم تتركوا عليها أثرا أو علامة كأثر دخله النبي ورد ذكره في صحيح البخاري انظر صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب (2\126) وفيه قول أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب.." وهو في صحيح مسلم أيضا (1\693) كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين رقم (998). وغيره ولم تبقوا في المدينة المنورة من آثار المصطفي وأصحابه غير المسجد النبوي وحده فهلا التفتم لخيبر وغيرها وهل يجوز أن نقلد اليهود في إزالتهم لكل أثر إسلامي في القدس الشريف فنزيل آثارنا في المدينة المنورة؟! وماذا أبقيتم للأجيال القادمة، من تراثنا المجيد؟!
57 –وتوسعتم في إصدار الأحكام باسم الشرع الحنيف في قتل المخالفين لكم من أصحابه الرقية والعلاج الروحي وسميتموهم (سحرة) ولم تفرقوا بين المحقين منهم وبين المبطلين منهم، وتركتم لأنفسكم مطلق الفتوى والحكم بذلك فأسلتم دماء الكثيرين من الأبرياء بحجة أنهم سحرة تستباح دماؤهم متناسين قوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ".
وقول البشير النذير:"أول ما يقضى به بين الناس يوم القيامة في الدماء" متفق عليه، رواه البخاري (8/138)، ومسلم (5/107) وقد تقدم.
فقفوا عند الحدود وادرؤها بالشبهات، واتقوا يوم يقتص للدماء من القرناء، "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفي كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(281) "
الرجوع الى فهرس المحتوياتÝالخاتمة
يا إخواننا علماء نجد:
إن المملكة العربية السعودية حبيبه إلى قلب كل مسلم، وإن حكامها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين يبذلون قصارى جهدهم في خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين ولكنكم بتصرفاتكم الشاذة التي ذكرتها إنما تسيئون إلى حكام هذه الدولة الناهضة الذين ألقوا أمانة الأمور الشرعية والدينية على عاتقكم، فحافظوا على هذه الدولة الناهضة الذين ألقوا أمانة الأمور الشرعية والدينية على عاتقكم، فحافظوا على هذه الأمانة، ولا تدخلوا فيها أهواءكم وأمزجتكم حتى لا يجد المتربصون ثغرة بهذه الدولة للاحتجاج عليها بعدم كفاءتها في حماية المعالم والأمور الشرعية في مدن المقدسات الإسلامية.
فاتقوا الله في دينكم وفي دولتكم وفي إسلامكم وفي المسلمين، واحرصوا على لم الشمل والابتعاد عن تفريق المسلمين.
واسأل الله تعالى أن تكونوا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم:
يوسف بن السيد هاشم الرفاعي
وإليكم نفس المقالة ولكن بتصرف:
ويقدم يوسف بن السيد هاشم الرفاعي من الكويت نموذجا لهؤلاء المنتقدين، فهو ينتمي لعائلة لم تكن في يومٍ من الأيام إلا إلى جانب السعوديين، وخاصة الملك عبد العزيز، الذي أوفد السيد هاشم الرفاعي ليمثله في المفاوضات التي كان يجريها مع الإنجليز في العشرينيات الميلادية من القرن الماضي، ومع هذا، فإنه شأن الكثير من المسلمين لا يمكنه أن يتقبل السلوك غير السوي لمشايخ السلطة وتعدياتهم لكل الحدود المنطقية والمقبولة في الحوار بين المسلمين، أو في التصرف بتراثهم الجامع بالنيابة عنهم.
وقد قدم السيد يوسف الرفاعي نصيحة علنية لمشايخ نجد وجامعاتها ضمنها في كراس حمل إسم (نصيحة لإخواننا علماء نجد) شملت جملة من العناوين الهامة مما يجأر المسلمون بالشكوى منه، وفي مقدمتها ما يجري في الأماكن المقدسة، أي في الحجاز، وما يتعرض له أهله من امتهان لكرامتهم كمسلمين فضلا عن كونهم مواطنين.
وفيما يلي بعضاً من النصائح التي قدمها، وهي بمثابة قائمة نقد لسلوك من يسمونهم "مشايخ الوهابية"، ولنظام الحكم السعودي الذي يجاريهم فيما يطلبون ويرغبون. وهذه كلمات السيد يوسف الرفاعي:
تكفير المسلمين وأهالي الحرمين:
بداية نقول ـ لآل سعود ـ ومن تحالف معهم ممن يطلقون على أنفسهم اسم ـ الوهابيين ـ انه لا يجوز شرعا اتهام المسلمين الموحدين الذين يصلون ويصومون ويزكون ويحجون البيت ملبين، لا يجوز اتهامهم بالشرك كما تطفح كتبكم ومنشوراتكم، وكما يجأر خطيبكم يوم الحج الأكبر من مسجد الخيف بمنى صباح عيد الحجاج..أو كما يروع نظيره في المسجد الحرام يوم عيد الفطر بهذه التهجمات والافتراءات أهل مكة والمعتمرين، فانتهوا هداكم الله تعالى، فترويع المسلم حرام، لا سيما أهالي الحرمين الشريفين، قد كفرتم الصوفية ثم الأشاعرة وأنكرتم واستنكرتم تقليد وإتباع الأئمة الأربعة، في حين أن مقلدي هؤلاء كانوا ولازالوا يمثلون السواد الأعظم من المسلمين في شتى أنحاء العالم الإسلامي، كما قامت سلطاتكم إضافة إلى المرتزقة الذين تحتضنونهم من رمى بالضلال والغواية الجماعات والهيئات الإسلامية العاملة في حقل الدعوة والناشطة لإعلاء كلمة الله تعالى وخاصة في الهند وباكستان وبنغلاديش والتي تمثل السواد الأعظم من عامة المسلمين في تلك البلدان، مستخدمين في ذلك الكتب والأشرطة ونحوها، ثم قمتم بترجمة تلك الكتب إلى مختلف اللغات وتوزيعها بوسائلكم الكثيرة مجانا، كما نشرتم كتابا فيه تكفير أهل أبو ظبي، ودبي، وكافة الفرق الأباضية رغم أن البعض منهم هم معكم في مجلس التعاون، أما هجماتكم على الأزهر الشريف وعلمائه فقد تواتر عنكم كثيرا.
كما كفرتم "ابن عربي" ثم ألحقتم به حجة الإسلام "الغزالي" ثم التفتم إلى "أبي الحسن الأشعري"، وبعده قلتم ما مات شهيدا الشهداء في أفغانستان لأن عقيدتهم لم تكن صحيحة وسليمة، بل كانوا أحنافا مقلدة تائهين هالكين، وأبقيتم أنفسكم وحدكم الناجين، ونسيتم قوله عليه الصلاة والسلام: ''إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكهم".
وإذا ما اختلف معكم أحد في موضوع أو أمر فقهي أو عقدي، أصدرتم كتباً في ذمه وتبديعه أو تشريكه، ومع هذا لا تمنحونه حقّه في الدفاع عن نفسه وتبرئتها من ذلك، كما حصل مع الكثير من علماء المسلمين.
الترويج لأفكار التطرف والعنف:
إنكم يا ـ آل سعود ـ ترفضون أن تسجلوا أي طالب للدراسات العليا في جامعاتكم إلا بعد أن تمتحنونه فيما تسمونه بـ (العقيدة الصحيحة) ولا تكتفون بأنه مسلم من عامة المسلمين الموحدين، وهذه عصبية ممقوتة، وحين أنشأتم جامعة في المدينة المنورة سميتموها (الجامعة الإسلامية) هرع الناس والعلماء إليها بفلذات أكبادهم وأبنائهم مسرعين فرحين لينهلوا من هذا المنبع ظانين أنها ستزيدهم محبة واتباعا لحبيبهم صلى الله عليه وآله الطيبين وأصحابه والتابعين، فإذا بكم تدرسونهم كيف يجافونه أجمعين، وجعلتم الطلاب يتجسسون على بعضهم البعض لينقلوا إليكم أسماء وأخبار من سميتموهم (القبوريين) الذين يكثرون الزيارة والسلام على سيد المرسلين حتى يكونوا من المحاربين المنبوذين المفصولين.
ومن تخرج من تلك الكلية وغيرها من الكليات المشابهة ممن تشربوا بآرائكم من الناجحين صرتم ترسلونهم إلى بلادهم وكلاء عنكم منذرين داعين زورا وبهتانا لما زعمتم (تجديد إسلام آبائهم وأقوامهم الضالين) بزعمكم، وتغدقون عليهم الرواتب وتفتحون لهم المكاتب وتفسحون الميادين، لتقوم القيامة وينشب الخلاف والعداء بينهم وبين العلماء والصلحاء من آبائهم وشيوخهم السابقين وكأنهم (قنابل موقوتة) عبأتموها وملأتموها بكل سوء ظن وحقد دفين، مما جعل البلاد الإسلامية وخاصة في أفريقيا وآسيا ساحة للمعارك والخلافات بين المسلمين، بل وصل هذا الإفك المفترى مؤخرا إلى البلدان الإسلامية التي استقلت حديثا عن الاتحاد السوفيتي السابق، والى الأقليات والجاليات الإسلامية في أوروبا وأميركا واستراليا وغيرها، فإلى الله المشتكى.
ووصل داؤكم الدفين يا ـ آل سعود ـ إلى أوروبا وأميركا، فأشعل الخلاف في مساجد ومدارس المسلمين، وبحيث أصبح الجميع يحارب بعضهم بعضا، ولم يكتفوا بذلك بل انهم اصدروا الفتاوي الزائفة المضللة بتحريم الصلاة خلفهم والزواج والتواصل فيما بينهم ويقطع أواصر الدين، وقد شاهدت بنفسي ذلك، وحضرت منع الخطيب من الخطابة في مسجد بأمريكا لأنه صوفي فقام الشجار بين المصلين.
إن ما يحدث من مذابح ومجازر ومآسي في بلاد المسلمين والتي كان من يسمون بالوهابيين هي تشوه لسمعة الإسلام وفتك بالمسلمين وما يحدث اليوم في الكثير من بلاد المسلمين من تقاتل وتذبيح وتكفير لبعض أبناء البلد الواحد والمذهب الواحد ما هي إلا ثمرة خريجيكم وآرائكم وقراءة كتبكم ومطبوعاتكم التي بُنيت على التكفير والتشريك والتبديع وسوء الظن بالمسلمين، لتتبينوا ويتبين الناس ولينظروا ..هل في المتشددين صوفي، أو أزهري، أو مقلد للمذاهب الأربعة المجتهدين؟! وبعد أن أفلحتم بأموالكم وفكركم الضال في التأثير على عقول الشباب المسلم أطلقتموهم لارتكاب ما ارتكبوه، بينما سكتم أنتم ولزمتم الصمت وبقيتم في صفوف المتفرجين على ذبح المسلمين لبعضهم البعض، ولم تشجبوا أعمالهم ولم تكونوا لهم من الناصحين.
لقد أغريتم ـ يا آل سعود ـ الشباب الأغرار بمذهبكم الضال وآرائكم المتشددة كـ "جهيمان العتيبي" وجماعته وكان شيخكم هو نفسه شيخهم ومرشدهم يثوبون إليه ويرجعون ويصدرون عن آرائه هو، وكانوا يسرحون تحت أنظاركم يضايقون المسلمين في الحرمين، يأمرون وينهون ويمرحون حتى إذا قويت شوكتهم وطالت أظافرهم وارتكبوا فعلتهم وأُحيط بهم فسقطوا بين قتيل وجريح وأسير، قلتم إنكم براء منهم ومما كانوا يفعلون.. في حين أن كتبهم ونشراتهم المضللة التي خلفوها خير شاهد ودليل على ما نقول، فمن آرائكم المنحرفة استقوا، ومنها شربوا حتى ثملوا.
ومع هذا تتهمون المخالفين لكم من المسلمين بأنهم مارقين، وأنتم في الحقيقة هم المارقين لأنكم شاركتم اتباع الفكر الضال في إنكار الولاية والأولياء والكرامة والكرامات، وحياة الموتى وتحكيم العقل في المغيبات من أمور الدين، وأنتم من يعمل عمل الخوارج، فإذا جاءكم أحد من المسلمين ـ وخاصة طلبة العلم ـ تبدؤون في بحث عقيدته الصحيحة هي عندكم أم لا؟ ما تقول في كذا، وكذا، وأين الله؟ وهذا ما كان يعمله الخوارج فيما سبق، فقد كانوا إذا جاءهم أو مر بهم المسلم الموحد امتحنوه، فإذا خالفهم قتلوه، أما المشرك أو الكافر فيتلطفون به ويتلون: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره.. الآية).
أفعال الوهابيين في الحجاز والمخالفة للسنة:
إنكم يا ـ آل سعود ـ تغلقون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء مباشرة، وهو الذي لم يكن يغلق قبلكم في حياة المسلمين، مطلقا، وتمنعون الناس عن الإعتكاف والتهجد فيه، كما إنكم تمنعون دفن المسلم الذي يموت خارج المدينة المنورة ومكة المكرمة من الدفن فيهما وهما من البقاع الطيبة المباركة.
ومازلتم تمنعون النساء من الوصول إلى المواجهة الشريفة أمام قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسوة بالرجال، ولو استطعتم لمنعتم النساء من الطواف مع محارمهن بالبيت الحرام، خلافا لما كان عليه السلف الصالح والمسلمون، وإنكم لتحقّرون النساء المؤمنات المحصنات القانتات وتنهرونهن وتحجبونهن عن رؤية المسجد والإمام بحواجز كثيقة، وتنظرون إليهن نظرة الشك والارتياب، وهذه بدعة شنيعة لأنه إحداث لما لم يحدث.
كما أتيتم يا ـ آل سعود ـ بالمرتزقة والجهال من العابسين بوجوهم عند المواجهة الشريفة يستدبرون المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأقفيتهم وظهورهم، ويستقبلون زواره والمسلمين بوجوه عابسة مكفهرة تنظر إليهم شزرا متهمة إياهم بالشرك والابتداع يكادون أن يبطشوا بهم، إذ يوبخون هذا، وينتهرون ذاك، ويضربون يد الثالث، ويرفعون أصواتهم زاجرين.. كل هذا مع التكبر والاستمرار في إهانة أحباب المصطفى وزواره المؤمنين في حضرته الشريفة وقبالة مضجعه الشريف.
وفي الوقت الذي تفصلون النساء عن ذويهن ومحارمهن في المسجد النبوي بحجة الغيرة على العرض والدين، توقفون الرجال من أتباعكم أمام مداخل النساء يستشرفونهن وكأنهم معصومون عن كل ما يصدر عن غيرهم، كما أنكم توقفون مراقبيكم من الرجال بين صفوف الطائفين والطائفات من الحجاج والمعتمرين يستشرفون وجوه النساء ويطالبونهن بالحجاب خلافاً لما عليه الجمهور من وجوب كشف الوجوه عند أداء هذه الشعيرة، ولا تعترضون على من يرعب المسلمين الموجودين في الحرم المكي ويحقق معهم ثم يقبض عليهم إذا لم يجد معهم (سند الإقامة) خلافاً لقول الله تعالى عن الحرم الشريف: (ومن دخله كان آمناً) وهو أيضاً مما يشوش ويعكر الصفو والهدوء والسكينة والهيبة على المعتكفين والركع السجود.
كما أنكم قمتم يا ـ آل سعود ـ بإحداث بدعة كبيرة لم يسبقكم إليها أحد من قبل في العقيدة والمنهج، وهي أنكم سعيتم لغلق وقفل (البقيع الشريف) ومنع الدفن فيه، ونقل دفن الأموات الجدد إلى موقع آخر بعيد عما تسمونه موقع الشرك والبدع في رأيكم، ولمنع الناس من الدخول إلى البقيع وزيارة من فيه من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الطاهرين والتابعين وبقية الصالحين، ولكن الله تعالى أحبط مسعاكم.
تزوير التراث:
كما قمتم يا ـ آل سعود ـ بتزوير التراث، ودأبتم على أن تحذفوا مالا يعجبكم ويرضيكم من كتب التراث الإسلامي التي لا تستطيعون منع دخولها مملكتكم، وفي هذا اعتداء شرعي وقانوني على آراء المؤلفين من علماء السلف الصالح الذين لا يستطيعون مقاضاتكم في الدنيا بل عند الديّان في الآخرة، ومما حذف أو غير وزور: كتاب (الأذكار) للإمام محيي الدين النووي وذلك في طبعة الرياض سنة 1409هـ، بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط، حيث استبدل (ص 295) عنوان فصل في زيارة قبر الرسول بعنوان: فصل في زيارة مسجد رسول الله، مع حذف عدة أسطر من أول الفصل ومن آخره، وحذف قصة العتبي بكاملها، كما حذفت عبارات لا تعجبكم من حاشية الصاوي على تفسير الجلالين؛ وحُذف الفصل الخاص بالأولياء والصالحين من (حاشية ابن عابدين الشامي) في الفقه الحنفي؛ وحذف الجزء العاشر من الفتاوى لابن تيمية وهو الخاص بالتصوف في طبعتكم الأخيرة للفتاوى؛ وأصدر "الشيخ ابن باز" التابع للنظام السعودي ثلاثة أجزاء اشتملت على ما لا يعجبه في كتاب (فتح الباري بشرح البخاري)، وسمحتم لأحد المدعين الجهلة بأن يؤلف تفسيراً جديدا للقرآن الكريم يكون بديلاً ومنافساً لتفسير الجلالين ليتم ترويجه على العامة.
هذا ولازلتم يا ـ آل سعود ـ تمنعون الناس من إدخال وقراءة كتاب (دلائل الخيرات) للشيخ العارف بالله "محمد سليمان الجزولي الحسني" في الصلوات على النبي عليه الصلاة والسلام، وكذا غيره من الكتب، في حين أنكم تعلمون ما يدخل ويعرض من الكتب والمجلات والمطبوعات المنكرة شرعاً، فاتقوا الله.
التضييق على أهل الحجاز:
تفرضون يا ـ آل سعود ـ على المؤذنين الحجازيين أسلوباً معيناً في الأذان هو أسلوبكم في نجد، وزمناً معيناً محدوداً، وتطلبون عدم ترخيم الصوت وتحليته بنداء المسلمين لهذه الشعيرة العظيمة (الصلاة). كما وتمنعون التدريس والوعظ في الحرمين الشريفين ولو كان المدرس من كبار علماء المسلمين، وحتى لو كان من علماء الحجاز والأحساء، ما لم يكن على مذهبكم الضال، وبإذن صريح منكم مكتوب ومختوم، وتمنعون غيركم من القيام بذلك حتى ولو كان شيخ الأزهر الشريف، فاتقوا الله ولا تغلوا في الدين، وأحسنوا الظن بإخوانكم من علماء المسلمين.
لقد منعتم يا ـ آل سعود ـ الدروس إلا دروسكم، والمذاهب إلا مذهبكم، والوعظ إلا وعظكم، والدعاة إلا دعاتكم.. فتعطلت مجالس العلم، وانقطعت محافل الوعظ، وخوت حلقات القرآن، واستخفت مجالس الذكر، فماذا أنتم قائلون لربكم غداً؟
كان للمذاهب الأربعة في الحرم المكي منابر فهدمتموها، ثم كراسي للتدريس فمنعتموها، وكان من آخرها كرسي الدكتور السيد "محمد بن علوي المالكي"، الذي أحياه بعد أبيه وجده، فضاقت أعينكم أن تراه، فاتهمتموه بالضلال وبالكفر البواح في كتابك (الحوار) ولولا أن أعانني الله تعالى فدافعت عنه بكتاب (الرد المنيع) ودافع عنه آخرون من أهل العلم في كتبهم لكان الآن في خبر كان، وكان هناك علماء يدرسون في الحرم النبوي الشريف على المذاهب الأربعة، من آخرهم الشيخ "عبد الرحمن الجهني الشافعي" صاحب كتاب: (قطف الثمار في أحكام الحج والاعتمار) فمنعتموه حتى يحصل على تصريح من شيوخكم، ولم يمنح له التصريح ـ بالطبع ـ فأوقف.. وكذلك العلامة الورع المفتي الشيخ "عبد الله سعيد اللحجي الشافعي" رحمه الله تعالى، أوقفه عن الدرس جاسوس لكم، ولم تنجح كافة المساعي التي بذلت لإعادته للدرس فحرم الطلبة من دروسه النافعة، ومن قبله أوقف العلامة المحقق الشيخ "إسماعيل عثمان الزين الشافعي" رحمة الله عليه، وضُيّق عليه، فالله حسبكم يا ـ آل سعود ـ!!
وبذلك أقفل في الحرمين الشريفين باب تدريس علوم المذاهب الأربعة، والذي كان مستمراً ومتواصلاً منذ العصور الزاهية للإسلام أيام التابعين وتابعيهم من خير القرون الممدوحة، وحتى في أيام أسلافكم لما دخلوا الحجاز، وتركتم المجال اليوم فيها لاتباعكم من الجهلة وأضرابهم ينادون بأعلى صوتهم بجوار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أن: ''أبوي النبي في النار، أبوي النبي في النار، يكررها) ويرفع بها عقيرته، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكان لأهل ـ الأحساء ـ من أصحاب المذاهب الأربعة مدارس خاصة لكل مذهب، وهي جميعا أغلقتموها ومنعتم التدريس فيها، لأنه لا يجوز عندكم تدريس ما سوى أسميتموه "مذهبكم" في المدارس التي تشرفون عليها للذكور والإناث، ولما صاروا يقيمون بعض الدروس في بيوتهم راقبتموهم وضايقتموهم وحاصرتموهم وتجسستم عليهم، فهل هذه أعمال الدعاة الأبرار والرجال الأخيار؟
ثم إنكم يا ـ آل سعود ـ لا تعهدون بالإمامة في الحرمين الشريفين إلا لأحدكم وتحظرونها على من سواكم من علماء الحجاز والأحساء وغيرهم، فهل هذا من العدل، أو من الدين بالضرورة؟ وتمنعون النساء من زيارة ـ البقيع الشريف ـ بلا دليل قطعي مجمع عليه من الشرع، وتضيقون على المسلمين في الزيارة إلا في أوقات محدودة وقصيرة، وقد منعتم المزورين في المدينة المنورة من مرافقة الزائرين وقطعتم أرزاقهم، وبدونهم صار الناس يتخبطون ولا يعرفون أماكن قبور آل البيت الكرام، وأمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم، وهذا ظلم وتعسف وقهر وبطر لا يرضاه الله ورسوله الكريم، فانتهوا هداكم الله.
وإنكم يا ـ آل سعود ـ لتتجسسون وتلاحقون وتستجوبون وتعاقبون من يقيم مجالس الاحتفال والاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف التي تخلو من أي منكر في الشرع، في حين لا تعترضون على مجالس اللّهو والطرب والغناء ومظاهرها بشتى ألوانها وأنواعها، فهل يجوز الكيل بمكيالين؟ وهل تجوز إهانة المؤمن المحب ومراضاة الفاسق المستهتر؟
وبعد هذا، أنشأتم مكتب استجواب ومحاكمة وتحقيق في زاوية الحرم النبوي (القديمة) وكذلك بجوار "البقيع" حالياً وصرتم تحاكمون فيها من ترقبونه يتوسل، أو يكثر الزيارة، أو يخشع، أو يبكي، أو يدعو الله تعالى أمام القبر الشريف متوسلاً به إلى الله تعالى، حيث توجه لهم قائمة من الأسئلة ـ الجاهزة سلفاً ـ عن مشروعية الزيارة والتوسل والمولد الشريف، فمن وجدتموه مخالفا لذلك سجنتموه وألغيتم إقامته وأبعدتموه من البلاد، مع أن هذه أمور تدور في إطار الإستحباب والإباحة عند العلماء حتى الحنابلة منهم، فلا يجوز تكفير المسلم بها ومعاقبته وقد حدثني من أثق به من السجناء أنه كانت الأغلال في يديه طيلة فترة السجن الذي امتد شهرا، وكان يتوضأ ويصلي وهي في يده، كما كان ممنوعا عليه حتى قراءة القرآن الكريم، فاتقوا الله تعالى، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، ولا يجوز أن يكون فعل ذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المبعوث رحمة للعالمين.. فكيف بالمسلمين الذين تعاملونهم هذه المعاملة القاسية المنكرة بجواره الكريم، وفي مسجده الشريف؟
تدمير الآثار الإسلامية:
لقد هدمتم يا ـ آل سعود ـ معالم قبور الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت الكرام رضي الله عنهم، وتركتموها قاعاً صفصفاً وشواهدها حجارة مبعثرة، لا يعلم قبر هذا من هذا، بل سكب على بعضها (كقبر السيدة آمنة بنت وهب أم الحبيب المصطفى) البنزين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، مع أن الإسلام يبيح "التحجير"، وارتفاع القبر شبرا، وهو مباح مع الشاهدين!
وأعملتم يا ـ آل سعود ـ معولكم في هدم آثار النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام في المدينة المنورة خاصة، والحرمين الشريفين عامة، حتى كاد أن لا يبقى منها إلا المسجد النبوي الشريف وحده، في حين أن الأمم تعتز وتحتفظ بآثارها، ذكرى وعبرة ودليلاً على ماضيها التليد، وترون أن كل أثرٍ يُقصد للإطلاع والزيارة شرك بالله تعالى.. فلماذا تحرمون المسلمين من مشاهدة معالم وآثار معركة ـ بدرـ وأحد ـ والحديبية ـ وحنين ـ والأحزاب وغيرها من (أيام الله) التي نصر بها رسوله وعباده الصالحين، وهزم الشرك والمشركين؟
هذا وإنكم يا ـ آل سعود ـ تنتهزون كل عام فرصة صيانة وصباغة وترميم المسجد النبوي الشريف، لتزيلوا كثيراً من المعالم الإسلامية الموجودة في خلو المسجد الشريف من الآثار والمدائح النبوية، فقد طمستم كثيراً من أبيات "البردة النبوية للبوصيري"، وتريدون طمس البيتين الشهيرين المكتوبين على الشباك الشريف الواردين في قصة "العتبي" كما ذكرها ـابن كثيرـ في التفسير:
يا خير من دُفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهنّ القاعُ والأَكَمُ
نفسي الفداء لقبرٍ أنتَ ساكنهُ فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ
وكان هناك أثر (مبرك الناقة)، ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد (قباء) يوم قدومه مهاجراً إلى المدينة في مكان نزل فيه قوله تعالى: (لمسجد أسس على التقوى.. الآية) فأزلتم هذا الأثر، وكنا نشاهده حتى وقت قريب.
وكان في مسجد (القبلتين) علامة على القبلة القديمة إلى المسجد الأقصى المنسوخة فأزلتموها باعتبارها بدعة حسب زعمكم، وأزلتم بستان الصحابي "سلمان الفارسي" رضي الله عنه، حيث كانت هناك نخلة غرسها النبي بيديه الشريفتين، وردمتم بئر (العين الزرقاء) قرب قباء، وبئر أريس (بئر الخاتم) ومنعتم مشاهدة (بئر رومة) التي اشتراها الخليفة "عثمان بين عفّان" رضي الله عنه من اليهودي وأوقفها في سبيل الله، وهناك آثار أخرى كثيرة هامة إما أنكم أزلتموها كلية أو غيرتم معالمها.
كما وضعتم معاولكم يا ـ آل سعود ـ في بيت الصحابي الجليل "أبي أيوب الأنصاري" الذي استضاف فيه النبي عليه الصلاة والسلام عند قدومه إلى المدينة المنورة قبل بناء حجراته الشريفة، وهو الذي حافظت عليه كل العهود السابقة.. فهدمتم هذا الأثر الشريف الذي في قبلة محراب المسجد النبوي الشريف، وذلك بزعمكم أن المسلمين (المشركين) حسب زعمكم الضال يتبركون به!
وهدمتم بجوار بيت "أبي أيوب الأنصاري" مكتبة شيخ الإسلام "عارف حكمت" التي كانت مليئة بالكتب والمخطوطات الدينية النفيسة، وكان طراز بنائها العثماني رائعاً ومتميزا، رغم أنه بعيد عن توسعة الحرم ولا علاقه له بها، كما ردمتم (بيرحاء) التي دخلت في التوسعة ولم تتركوا عليها أثراً أو علامة، كأثر دخله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم تبقوا في المدينة المنورة من آثار المصطفى وأصحابه غير المسجد النبوي وحده.. فهل يجوز أن نقلّد اليهود في إزالتهم لكل أثر إسلامي في القدس الشريف فنزيل آثارنا؟ وماذا أبقيتم للأجيال القادمة من تراثنا المجيد؟!
وأخيراً يا ـ آل سعود ـ لقد تصنعتم السماح في البداية لأحد المحسنين من أهل المدينة بهدم وإعادة بناء "مسجد أبي بكر الصديق" رضي الله عنه في ـ جبل الخندق ـ على حسابه الخاص، وبعد الهدم أوقفتم رخصة البناء لأنكم تعتبرون زيارة المساجد السبعة في موقع "معركة الخندق" التي نزلت فيها "سورة الأحزاب" بدعة، بل وكنتم تتمنون هدمها.
ورضيتم ولم تعارضوا هدم بيت "السيدة خديجة الكبرى" ـ أم المؤمنين ـ والزوجة والحبيبة الأولى لرسول رب العالمين، وهو المكان الذي كان هو مهبط الوحي الأول عليه من رب العزة والجلال، وسكتم على هذا الهدم الذي قام به اتباعكم من ـ الوهابيين ـ المنحرفين، والاشنع من ذلك راضاكم بأن يكون المكان بعد هدمه دورات مياه وبيوت خلاء، ومواطيء فأين الخوف من الله تعالى؟ وأين الحياء من رسوله الكريم؟
وحاولتم ولازلتم تحاولون وجعلتم دأبكم هدم البقية الباقية من آثار رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ألا وهي (البقعة الشريفة التي ولد فيها) والتي هدمت ثم جعلت سوقا للبهائم، ثم حولها الصالحون بالحيلة إلى مكتبة هي (مكتبة مكة المكرمة) فصرتم ترمون المكان بعيون الشر والتهديد والإنتقام، وتتربّصون به الدوائر، وطالبتم صراحة بهدمه، واستعديتم اتباعكم وحرضتموهم على ذلك، بعد اتخاذ قرار مما يسمى هيئة كبار علمائكم المأجورين قبل سنوات قليلة (وعندي شريط صريح بذلك).
وسمحتم للدعي المسمى ـ مقبل الوادعي ـ المعروف بكثرة سبابه وطعنه على مخالفيه من العلماء والدعاة وصلحاء هذه الأمة، كما تشهد بذلك كتبه وأشرطته، سمحتم له أن يتقدم ببحث في نهاية دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية بعنوان : (حول القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم)، بإشراف "الشيخ حماد الأنصاري"، طالب فيها جهاراً نهاراً بإخراج القبر الشريف من المسجد النبوي، واعتبر وجود القبر والقبة الشريفة بدعة كبيرة وطالب بإزالتها وهدمها. ومنحتموه فوق ذلك درجة الفوز والنجاح! وقد وجه هذا الرجل المئات من أتباعه ومقلديه ونحوهم ممن تأثّر بمذهبكم المنحرف، وهم حاملي السلاح الى هدم ونبش قبور المسلمين الصالحين في عدن باليمن فعاثوا في الأرض فساداً وخراباً، فنبشوا قبور الموتى بالمساحي ونحوها حتى أخرجوا عظام بعضهم، وانتهكوا حرماتهم وأثاروا فتنة عمياء، وبلغنا أنهم استخدموا في ذلك المتفجرات (الديناميت) في بعض المواضع في اليمن، وهذا كلّه في صحيفة أعمالكم السوداء.
فيا سوء الأدب وقلّة الوفاء لهذا النبي الكريم الذي أخرجنا الله به والأجداد من الظلمات إلى النور، بفعل ما ارتكبه ـ آل سعود ـ.
ويا قلة الحياء منه يوم الورود على حوضه الشريف، بما فعله ـ آل سعود ـ ويا بؤس وشقاء فرقة حاقدة تكره نبيها سواء بالقول أو بالعمل وتحقره وتسعى لمحو آثاره الطاهرة المباركة، كما تفعل ـ أسرة آل سعود.
وإلى هنا ينتهي كلام الشيخ يوسف الرفاعي، ويعطينا فكرة دقيقة هما يدور في أرض الحجاز، خاصة جامعاتها، فالإلتحاق بهذه الجامعات يتطلب إمتحان في العقيدة؟؟ هكذا مثل محاكم التفتيش الإسبانية وإلا لن تقبل بتلك الجامعات! إذن نحن لم نخطيء في تحفظنا على كل من درس بالمملكة العربية السعودية. أما تحطيم التراث الإسلامي وآثاره فهي قضية خطيرة بدأت منذ 1925م، عندما فتح عبد العزيز آل سعود مكة، فحرقت وحطمت جيوشه مكتبة مكة العظيمة وكانت بها آثار ومخطوطات لا تساويها ثروات العالم كله. حتى الدكتور أحمد اليماني وزير البترول السابق تحسر على تلك الآثار.
اعتاد الشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط السابق، ومنذ سنوات طويلة، أن يرسل التهاني بقدوم شهر رمضان المبارك، بحيث تشمل التهنئة فكرة ترتبط بالشهر الكريم. وقد حصلت صحيفة الحجاز على نسخة من رسالة التهنئة برمضان الماضي كانت قد بعثت إلى إحدى الشخصيات الحجازية، والتي تضمنت مواقف جريئة وتنديداً بالتطرف الوهابي الذي يريد أن يأتي على البقية القليلة الباقية من آثار المسلمين في الأماكن المقدسة.
كتب وزير النفط السابق أنه كان ينوي في رمضان ما قبل الماضي الحديث حول الآثار الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وارتباط المدينتين المقدستين بالشهر الكريم ''ولكني عدلت آنذاك عن موضوع الآثار لأكتب عن حوادث الحادي عشر من سبتمبر'' كما قال. وأضاف: ''لا أدعي أن نتائج تلك الأحداث قد زالت وأن المخاطر قد انزاحت، فنحن في بداية الأهوال نجابه مخططات الأعداء في ذل مهين وشلل مستديم''.
وتابع: ''ظننت أني سوف أرجئ كتابتي عن الآثار الإسلامية لسنة قادمة لأن ما أعرفه من مخططات أعلن عن بعضها وأخفي غيرها، أصابني بالذعر.. إلا أن الإقدام على نبش قبور آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، وهدم مسجد ومدرسة ومكتبة الإمام علي العريضي ابن الإمام جعفر الصادق وحفيد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.. قد أنساني لهوله وشناعة فعله المخاطر الخارجية التي ستزول يوما من الأيام. فقد هزتني المخاطر التي تهدد آثار الإسلام وهي إن زالت فسوف تزول الى دوام. وكأني أشعر بوجود مخطط مدروس لإزالتها من الوجود''.
وبعد الإشارة إلى مخططات الجزيرة العربية ـ الوهابية لإزالة البقية الباقية من آثار الإسلام، يقول اليماني: ''لو أردت أن أسرد الآثار الإسلامية الهامة في مكة المكرمة أو المدينة المنورة والتي تم حتى الآن هدمها وإزالتها بحجة سد الذرائع أمام البدع ومهالك الشرك لأطلت واستفضت، وما ذلك هدفي من رسالتي.. ولكنها زفرة مكلوم، فقد فاض الكيل وتعذر السكوت، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي تقرأ تاريخه ثم تراه على الطبيعة، يوثق ذلك التاريخ فيزداد بذلك إيماننا بعقيدتنا وإسلامنا.. ولئن انحرف بعض العامة لجهلهم بعقيدتهم، فإن التصدي لذلك الإنحراف لا يتم بهدم ثروة تركها أجدادنا لنا عبر القرون، ولا يجوز بحال من الأحوال هدم آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار صحابته وآل بيته، فالتاريخ لن يرحمنا إن فرطنا فيما منحه الله لنا وهو أمانة في أيدينا''.
وفورة الألم والغضب والخوف على آثار الإسلام لم تنته بعد عن إبن مكة المكرمة، إذ يلقي بإحدى زفراته قائلاً: ''ولا تزال الآلام تعصر قلبي والمرارة تملأ نفسي عندما أُزيل بيت السيدة خديجة رضي الله عنها، حيث عاش فيه رسولنا عليه السلام ثمان وعشرين سنة من حياته في مكة المكرمة ثم هاجر منه الى المدينة المنورة، بعد أن ولد له فيه أولاده من بنين وبنات. ولقد نزلتُ في تلك الدار المباركة بنفسي فوجدتها كما وصفتها كتب التاريخ، وتدور الإشاعات الآن حول النيّة لهدم الدار التي ولد فيها عليه السلام”، وكانت أسرة آل سعود قد حولت الأثرين الإسلاميين التاريخيين إلى مكتبة ومدرسة منذ مدة، قبل أن تمتد إليهما أيادي الوهابيين وبدعم من أسرة آل سعود بالهدم والتخريب.
ومع أن اليماني يحاول أن لا يقترب من العائلة المالكة، إلا أن من حق المرء أن يتساءل: كيف يقبل المسلمون أن يتحول منزل رسول الله وزوجته أم المؤمنين خديجة إلى مكتبة ومدرسة؟! وهل كان المتطرفون الوهابيون ليفعلوا ما فعلوه في السابق واللاحق لولا موافقة أسرة آل سعود؟ والشيء المثير: لماذا بقي المصمك، وبقيت آثار خيبر، وهدمت آثار الإسلام والمسلمين؟!
ويتابع الشيخ زكي يماني، وهو المهتم بتراث الحجاز وتاريخه، قائلاً إن الإشاعات تستمر ''لتقول أن مسجد البيعة بالقرب من منى سوف يهدم، وهو المكان الذي بايع فيه رسولنا صلى الله عليه وسلم قبيلتي "الأوس" و"الخزرج" قبل هجرته إلى المدينة المنورة، وبُني مكانه مسجد سنة 144 للهجرة، ثم جدد سنة 629 للهجرة، وجدد بعد ذلك، وعُمر البناء الحالي ستمائة سنة تقريباً''. ويمضي متألماً: ''ولو ذكرت المساجد والآثار التي هدمت في المدينة المنورة لأطلت، فهي كثيرة وهامة، ومسلسل الهدم يتواصل والإشاعات تتكاثر''.
ثم يأتي على الفظيعة التي اقترفها الوهابيون المتطرفون في مقبرة الإمام العريضي والتي وقعت قبل أشهر فيقول: ''ولكن نبش قبور آل البيت عليهم السلام، ومنهم حفيده الإمام علي العريضي المتوفى في بداية المائة الثالثة ابن الإمام جعفر الصادق، أمرٌ مفزعٌ ومقلق، فحرمة الأموات مصونة مهما كانوا، فكيف برفات من أمر الله بمحبتهم وإجلالهم؟''.
وفي ختام رسالته، يذكر بأن أرض الحرمين الشريفين مكة والمدينة وما تحويانه من آثار أمانة يفتخر بها وشرف لمن يخدمهما، وطالب بحسن أداء الأمانة وحماية تراث المسلمين من أيدي المعتدين العابثين.
وأخيراً، فإن بطاقة التهنئة التي بعثها الشيخ اليماني حوت بعض الصور للآثار الإسلامية المدمّرة، ومن بينها بيت الرسول الذي عاش فيه 28 عاماً في مكة، ومسجد العريضي في المدينة، ومحراب النبي الذي كان موجودا بالجدار الجنوبي الغربي بقبة الوحي، ومقبرة آل بيت رسول الله ''الذين نبشت عظامهم فيها'' والحجرة التي كان يعيش فيها رسول الله مع أم المؤمنين خديجة، وكذلك حوض الوضوء الذي وجد في حجرة تعبده عليه الصلاة والسلام.