مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

فرقاء دارفور المنتصر والمهزوم خاسر إعداد / فايز محمد موسي ابوالبشر-الدوحه - قطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/1/2005 8:57 م

فرقاء دارفور المنتصر والمهزوم خاسر

إعداد / فايز محمد موسي ابوالبشر
الدوحه - قطر

إن غياب استراتيجية إدارة الدولة بشفافية ومنهجية علمية منذ ان إستولت الجبهة الاسلامية القومية على مقاليد الحكم فى 30 يونيو1989 ، لم يكون خللا" عطب دواليب الحياة السياسية والاقتصادية فحسب بل تجاوز ذلك الى الكينونة البنيوية للمجتمع التى تفككت اواصره وروابطه المختلفة نتيجة لعمل النظام الحاكم على تفتيت التركيبته الثقافية ، والإثنية، والروحية للقبائل التى تمثل منظومة الحلقات الرابطة لعِقد المجتمع السوداني حتى ينفرط نَظّمٌها وتتلاءم مع مشروعه الحضاري القائم على الاستعلاء النخبوي، وهيمنة الافراد المنبتين على مقاليد الحكم والثروة من خلال ممارسة سياسة فرق تسد التى ترزق عليها النظام زهاء العقد ونيف من الزمان، ولكن إنقلب السحر على الساحر، بإندلاع ثورات المظلومين فى شرق، وغرب السودان، ولا سيما الغرب الذى ظل النظام يعمل منذ ان وصل الى السلطة على إستهداف كيانه الإجتماعى بتجزئة حواكير الاراضي القبلية ، وتقسيم الادارات الاهلية ، والتدخل فى تَعيَّن النظار والمشايخ والعُمَّد ليضمن تمثيل المنتسبين له والمنتفعين منه داخل الادارة الاهلية التى فقدت إنضباطها وبريقها الامر الذى ادى الى الإنفلات الامنى، واندلاع الثورات المسلحة التى تعبر عن الظلم السياسى والاقتصادى والاجتماعى- وعلى نفسها جنت براقش - حيث غرس النظام مبدأ العنف وسيلة وحيدة للإعتراف بالآخر فى الوطن، ورد حقوقه السياسية والاقتصادية المغتصبة، وبالتالى لم يترك أى خيارات اخري لابناء الاقاليم المهمشة لإنتزاع حقوقهم إلا خيار حمل السلاح – مكرها" أخاك لا بطل – فاندلعت الثورات المسلحة فى معظم ارجاء الدولة من طوكر فى اقصى الشرق الى دارفور فى اقصى الغرب مرورا" بجنوب السودان الحبيب وجبال النوبة الشامخة، ولقد تعاملت الحكومة مع ثورات دارفور بهستيريا شديدة، وذلك لان دارفور كانت رافدا" مهما" من الروافد التى تغذى عليها النظام طوال حروبه الإستئصالية المزركشة بثوب الجهاد فى جنوب السودان، حيث شحذَ النظام وأزلامه داخل اقليم دارفور همم القبائل المتدينه وجيشها للدفاع عن العقيدة والوطن، وإستغل القبائل الرعوية بالعزف على مصالحها المهددة فى منطقة بحر العرب ومن ثم جيشها لتدافع بدون وعى عن المكاسب السياسية والاقتصادية للقلة الحاكمة فى الخرطوم، لذا عندما نشأت الحركات المسلحة فى اقليم دارفورعمل على زرع بذور الفتنة بين ضحايا الامس حتى لا يتحدوا ويكونوا قوة ضد الجلاد، فقام بتزكية نار القبلية وإثارة النعرات العنصرية بتقسيم المجتمع الى حزبين عرب وافدين من شبه الجزيرة العربية، وزرقة متأفرقين هم اصحاب الارض الاصلين، و لم يفوت عليه امر تذكير كل حزب بأيام جاهليته، وثاراته القديمه ، وإن البقاء فى الاقليم للأقوى ، فهيأ النفوس الضعيفة داخل الحزبين على الانتقام، وإبادة العم والخال والجد والجار وهتك عروض ربات الخدور المحصنات الطاهرات، فاشتعل الاقليم كبرميل بارود تطايرة زخاته لتحرق القرى الآمنة، وتلتهم الحرث و الزرع اليانع ، وتهلك الضرع الراتع، وتقتل بجريرة او بدون جريرة من تقتل ، فينزح من ينزح نافدا" بجلده من أتون حرب ضروس المنتصر والمهزوم فيها خاسر، وضحية لقلة من ابناء الحركة الاسلامية الذين تمردوا على عرابّهم ومرشدّهم ومُلّهمهم الاول الشيخ حسن الترابى الذى وصفوه قبل المفاصلة الرمضانية الشهيرة بأنه نبى غير معلوم، ووصفوه بعدها بأوصاف يعف لسان كل حر وكريم ان يذّكرها لا سيما ان المجد والشهرة والسلطة التى وصل اليها جلّهم كانت بفضل ذاك الرجل الذى تجاوز السبعين ومازال حبيس المحبسين، ولم تشفع له الايام الخوالى التى قضاه بينهم معلما" ومربيا"، ولا كبر سنه، ولا المرض الجسدى و النفسى الذى اعترى جسده الرشيق بيده لا بيد عمرو حيث حصد مازرع وبئس مازرع الشيخ الجليل. هذه القلة مِن مَنْ تبقى من أبناء الحركة الاسلامية مع الانقاذ بعد ان مضت فى اكثرهم سُنة التاريخ - الثورة آكلت ابناءها- هي مسؤولة عن كل ضحايا الانقاذ منذ فجرها الاول حيث قتلت فى 1989م مواطنا" بريئا" كل جريرته إدخر حفنة من الدولارات للايام السوداء حتى يسد بها رمق إسرته ، واردفت فى نفس العام تلك الجريمة بجريمة قتل عدد ثلاثة طلاب من جامعة الخرطوم، هم الطالب سيلم ابوبكر، والتاية ابوعاقلة، وطارق محمد ابراهيم ، وكانت جريمتهم التى استحقوا فيها القتل بدون رحمة ان قالوا لا للظلم ولا للديكتاتورية والتسلط، ولم تقف جرائمهم عند هذا الحد بل اردفوا تلك الجرائم بقتل جميع الضباط الذين قاموا بثورة رمضان فى عام 1990م بدون محاكمة، و مرعاة لاى حق قانونى سماويا" كان ام وضعيا"، وتواصل مسلسل جرائمهم بحادث معسكرات الطلاب الذين أُغرقوا فى النيل الازرق بالجملة، ولم يتفضل النظام بفتح تحقيق صورى يخرج من خلاله مسرحية هزلية تبرر لاولياء أمور الطلاب ملابسات الجريمة، وذلك لان حرمة دماء الابرياء عند النظام لا تعني شيئا" فى سبيل المحافظة على كرسي السلطة - هى لله هى لله لا للسلطة ولا للجاه – إن ساقية جرائم النظام ظلت دائرة منذ لحظة ميلاده حتى يومنا هذا حيث قتلت محمداحمد، وادروب ومجوك وغيرهم من ابناء الوطن الابرياء اخرهم اهل ثغور الشرق، وطلاب جامعة النيلين وكادقلي ونيالا بل إن جرائمهم تجاوزت المحلية الى العالمية، وما حادث اغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك إلا دليلا" ماديا" قويا" على إرهابهم وسفكهم للدماء بدون حق، وعليه مايحدث فى دارفور هو امر دخيل على المجتمع المتدين بفطرته، والمتسامح بتربيته، والمتعايش مع نفسه، والحافظ لحدوده وشرعه، والمتمسك بعاداته وتقاليده، ان ماحدث ويحدث فى دارفور هو فتنة من صنع النظام الذى جيش وسلح المنفلتين والمارقين، وقطاع الطرق من ابناء قبائل الاقليم على مختلف تكويناتهم وإثنياتهم، وغيرهم من ابناء الدول الاخرى الذين لديهم امتدادات قبلية داخل اقليم دارفور، فعاثوا بوعى أوبدون وعي فسادا"، واحدثوا شرخا" كبيرا" فى النسيج الاجتماعى يحتاج الى زمن كبير حتى يترتق ويلتئم، والخاسرالاكبر هو اهل دارفور، والرابح الاول والاخير هم القلة الحاكمه التى تردد سرا" فى مجالسها اضرب العبد بالعبد ... نعم كل اهل دافور فى نظر أهل السلطة فى الشمال هم عبيد سواء كانوا عربا" او افارقة اقحاح كما يحلو لبعض السذج والغلاة من ابناء الاقليم دعاة العروبة او الافريقانية.
إن مشكلة دارفور التى ايقظت الضمير الإنسانى العالمي من سُباته بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وتشريد الالاف من الابرياء فى العراء الامر الذى دفع مجلس الامن والمنظمات الاممية المتخصصة لإصدار حزمة من الإدنات ضد نظام الخرطوم فى مطلع هذا العام كان اخرها القرار 1593 المتعلق بتسليم كل الاشخاص الذين انغمسوا فى انتهاك حقوق الانسان سواء كانوا من الحكومة او الحركات المسلحة، ورغم الازدواجية اللأخلاقية التى صدر بها القرار بإستثنائه للمواطن الامريكى من المثول امام محكمة الجزاء الدولية بحجة توفر ادوات المساءلة والمحاسبة داخل النظام الديمقراطي الامريكى إلا انه أرسي قواعد العدالة المطلقة التى تنص على ان اى مجرم مهما كانت حصانته او وضعه السياسي و الاقتصادي يجب ان ينال عقابه بقدر الجرم الذى ارتكبه، وليس هنالك اى مبرر اخلاقي لربط السيادة الوطنية بهذا القرار لان ببساطة القرار يتحدث عن اشخاص متهميين بقضايا اجرامية سوف تكون محكمة الجزاء الدولية هى الفيصل فى إثبات اجرامهم او براءتهم، وما قام به النظام من تعبئة وحشد لقواعده وانصاره والمنتفعين منه ضد القرار بحجة انتهاكه للسيادة هو ذر للرماد فى العيون ودليل اخر على نهج النظام الانتقائي حيث ألبس الباطل ثوب الحق بموافقته على القرارات 1590 و1591 وهى قرارات جائرة لم تنتهك السيادة الوطنية فحسب وإنما وضعت السودان كله تحت الوصاية الدولية – اى الانتداب – وحقيقة ان نظام الخرطوم غير مؤهل لإعطاء دروس فى السيادة الوطنية او الاخلاق ففاقد الشىء لا يعطية، وهو لايهتم لقضية الابرياء الذين قتلوا والاطفال الذين شردوا والنساء اللائى اغتصبن، كل مايعنيه هو سيادته على السلطة لذلك يجب على فرقاء دارفور تحمل مسؤولياتهم الوطنية والجلوس فى طاولة حوار دارفوري يطفىء لهيب هذا الحريق ويعزز التعايش والوئام بين القبائل المختلفة، ويوحد مطالبهم السياسية والاقتصادية والثقافية التى هي محل اجماع جميع ابناء دارفور ممن وضع بيضة فى سلة الحكومة او من وضعه فى سلة الحركات المسلحة، لان المتضرر الحقيقي هم اهلنا البسطاء من ابناء الاقليم ، وإذا توحدت الرؤي والافكار والمطالب السياسية والاقتصادية، وتشابكت ايادى وقلوب الفرقاء من أبناء دارفور سوف ينصاع النظام لمطالب الاقليم المختلفة بإرادة الحوار السياسي المفضي لحل سلمي او بإرادة السلاح المققع بإجماع أهل الاقليم.




للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved