عام على رحيل الوالد الشيخ حسين أحمد البدوي 1914—2004
مآثر إسلام أهل السودان في مواجهة زيف حكومة طا لبان وجنجويد إنقاذان سودان, بشير علي عثمان
انحسر عام كامل على رحيل الشيخ حسين أحمد البدوي, إمام المسجد الكبير, وشيخ التجانية بالرهد, وأحد رواد العمل الإسلامي, حين كان الالتزام بالإسلام موقفا حضاريا من الاستعمار البريطاني. رجل لم تكن الدنيا أكبر همه, زاهد في القشور المتبدية على سطح الحياة كالبثور.
يتخد الصوفية من الفراشة رمزا للإقبال على النور إلى حد التلاشي في وضاءته, ولكن الرمز الأسنى عندهم, هو اليراع, الذي يضيء مثل شيخ حسين, من داخل نفسه, نوره كامن فيه, يشع على من حوله, بما هو مركوز فيه, مثلما تنفح الزهرة عطرا بفطرتها.
ومن رصيد حياته, نستطيع أن نستمد كثيرا من الدروس, نختار منها:
(1) التعفف بمعنى النأي بالنفس عن أصحاب السلطان, وتجنب وضر الساطة, فما في اللواذ بكنفهم غير الخسران والمهانة إلى حد فقدان المروءة, وقد التزم ذلك النهج منذ عهد الاستعمار, بالاستعصام عن طلب العلم في مدارسهم, والعمل في دواوين دولتهم, فمنذ عهد الفونج, كان الشيخ فرح ود تكتوك يقول:
ياواقفاعندأبواب السلاطين أرفق بنفسك من هم وتحزين
(2) تحريم تقبل الهدايا و" المقوي" من المريدين, كان يعجب كيف تقبل مساهمة مادية من إنسان أنت في وضع مالي أفضل منه, وباسم الدين, ثم
تفرض على الناس , وكأنها إتاوة
واجبة السداد, ثم تغدو حقا وسنة متبعة.
على النقيض تماما, ظل يعطي ويجزل العطاء, بسخاء, في صمت, وفي السر والخفاء, ( على أيام المأتم, وقف رجل فاضل, وقال إن عائلته, كانت تتلقى مؤونتها السنوية بصورة دائمة, منذ طفولته, وعلى مدى عشرين سنة, ولم يكن يعرف الجهة المانحة, وسعى لمعرفتها, وبعد لآي, عرف أن الشيخ
دأب على تكفيل ذلك, ومثل هذا النبل, برئت منه الجبهة الإسلامية, بكل مسمياتها في السلطة, أو المؤتمر الشعبي, أو جماعة صادق عبدالله,
(الرؤوس المتعددة للحية), فلم يكن الشيخ حسين "يقصر" معهم, منذ الخمسينات, وحتى أيام النميري, وحتى بعد أن صار لهم بنك ثم بنوك, وبعد تدفق المال العربي المسلم و غير العربي, وغير المسلم) ( ولم يخبرني أحد, إنما رأيت)( ومع ذلك لم تقم الرؤوس المتعددة للحية كلها بواجب العزاء حتى الآن)!
(3) الباب مفتوح على مصراعيه ترحابا, والناس سواسية, على أن إحساسه بالتراحم نحو المساكين أقوى,كان يعاملهم, وكانهم أفضل منه, فالهيبة تنماث في البساطة, والعز يتألق في التواضع, مثلما يكمن العطر الفواح في الزهرة البسيطة.
كان على النقيض من قوم إن جاءهم المتغطرس من أصحاب السلطان, والكانزين المرابين. تكلفوا لهم الحافل من الموائد, وإن نزل في ساحة أحدهم المساكين, "عبس وتولى".
يذكر بابكر بدري في الجزء الأول من سيرة حياته:
" كان الفكي أحمد الكراس لا يبالي بأهل المال, ولا أهل الجاه, ولا يقبل هدية"
وفي رسائله إلى السيد المرغني, يقول أحمد بن إدريس الفاسي:
" أكبر القواطع: الطمع في الخلق, وحب الرياسة, وما سقط من سقط من الفقراء المنتسبين إلى الله, إلا بحب الرياسة, والطمع في الخلق, فصار أمرهم دنيويا, وليس دينيا."
(4) اهتامه بالعلم, بدأ بحفظ القرآن على أبيه, في البيت, ودرس المتون, وفي المعهد العلمي.( درس نفسه الإنجليزية في فترة لاحقة), وعكف على القراء’ة, المجودة, يتذوق الشعر العالي والبيان, ويتابع المجلات والصحف الأدبية: كالرسالة, والفجر والصراحة, ويحتفظ بمعظم أعدادها, واهتم بالمسرح, بل أعد بعض المسرحيات, وأشرف بنفسه على إخراجها, وفي بيته غرفة خاصة مخصصة لمكتبته العامرة المؤنسة, يتيح الإفادة من كنوزها لمن يريد.
وتولىتدريس أجيال من طلبة العلم: الناشئة والراشدين: الفقه المالكي: العزية والرسالة والموطأ والمختصر, والنحو, وما أنا إلا واحد من أبناء جيلي المحظوظين الذين درسوا عليه أيضا شعر المتنبي والتجاني والشعر الجاهلي, وأشياء أخر, بل أيضا الذين ولجوا إلى ملكوت العلم من الباب الذي فتحه الشيخ.
كان رائد التعليم في منطقة لم تستفد من الاستقلال في توفير خدمات التعليم والصحة, وحققت ما أنجزته بالعون الذاتي, وذلك بمشاركة مباشرة, أو بجلال أثره الأدبي, شأن الشجرة ذات الظل الوارف.
(5) هنا نعرض على الملأ كتاب البراءة من مؤثرات سلبية ومباذل: عصمه الله من ادعاء القداسة, والقدرات الخارقة التي تحدث اختلالا في قوانين الكون, ممن ينفعون ويضرون, يلحقون ويروبون الماء, وهم بارعون حتى نهاية المدى, في استجلاب النفع, وتسليط سعير الضرر الماحق, وكأن قدراتهم الاستثنائية تصل حد مشاركة الله في تصريف الكون, ( تعالى وتنزه) ولهؤلاء رواج حار ( على وزن سوق حار) وسط الوزراء وكبار ضباط الجيش,( ليمونة في بلد قرفانين) لأنهم يضمنون التثبيت في المكان, والترقية.
كان حسين أحمد البدوي رجلا, ورجلا يمارس حرفة الخجل أربعا وعشرين ساعة في اليوم,يعرف أن الفقراء يعتكفون في خلاويهم, ليس من شأنهم أن يؤدوا أدوار النجوم المبهرجين الذين يلهثون وراء البريق المزيف, لأنهم يستغنون بالله المنان عن الاستخذاء لأصحاب السلطان!
كان في الملأ مبتسما دائما هاشا باشاودودا, حلو الحديث, عذب إنشاده للشعر, وفي الخلوة باكي العين مهموما.
(6) من نماذج نشاطه الرائد في الحركة الإسلامية, تأسيس فرعها في الرهد: 1954, و1965. في داره وبرئاسته, وعرفت داره منذ الخمسينات كثيرين من قادتها, وعندما التحقنا بالمرحلة الثانوية, كنا بفضل تأثيره الطاغي نحفظ رسائل حسن البنا, وتحتشد في رؤوسنا أطياف من سيد قطب والمودودي الخ
ولم يكن يتقبل وجودنا خارج المؤسسة, ولكن بعد تجربة النميري,(والتوجه الحضاري), ثمت هالنا صمته, كان أدبه يفرض عليه الصمت, وكنا نعرف أن في الصمت كلاما, آلمه ما رآى من الحق المضيع, والفساد وسفك الدماء!
والدجل باسم الإسلام!
ولما حانت الفرصة تكلم:
( الركزة القوية, ما ركب يكوس الهدية, ما تبع الدنيا الدنية, وما سكت عند الرزية) (كدي)
جاء والي كردفان( جلابي من خارج الإقليم) إلى زاوية التجانية, وهم يذكرون,
يريد مخاطبتهم, وهذا أمر إد, من فظائع الإنقاذ, لم يكن أحد من قبل, يقتحم مجالس الذكر من أجل ترويج خطاب سياسي, وتسويق بضاعة كاسدة, وإظهار التنطع, وعندها أصر الشيخ حسين على أن يتكلم هو أولا, فتحدث عن صحة البيئة التي كانت مرعية حتى جاءت الإنقاذ فأوقفت خدماتها, المدارس المفلسة من الكتب والأدوات الضرورية, المستشفيات الخالية من الدواء, بؤس حال الفقراء من المسنين والأرامل واليتامى والمشردين, ولم يكن لدى السيد الوالي من رد على المواجهة المفحمة, إلا اللجاجة والتنطع واللهوجة, ولفشو اللحن, في كلام السيد الوالي, وقلة محصوله من الورع والعلم, كان وقع حديثه الركيك, على نفس الشيخ شديد الوطأة وبالغ الفداحة, لفرط حساسيته من اللحن وضعف الأداء البياني.
في مرة تالية, جاء إليه جابي الزكاة من الأبيض, قال: كيف لاتتحدث في خطبة صلاة الجمعة عن الزكاة, وأنها يجب أن تدفع إلى " حظرتتنا", قيل للولد عيب أن يكون الخطاب أمام الملأ, والشيخ درس باب الزكاة في كل كتب الفقه المالكي, على مدى ستين عاما ( كان في الخامسة والثمانين يومها) وأنها حين كانت توزع تحت إشراف الشيخ,على مدى عقود, كان الناس مستورين, الآن صارت لها هلولة, ولكن دعنا من هذا كله, تريد أن يتحمل الشيخ وزر أن تدفع الزكاة لسيادتكم, وسيحدث فيها ما هو حادث, ومثبت في تقرير المراجع العام, ويتحمل هو المسؤلية أمام الله ( لا يجرؤ على رجل حليم وشيبة إسلام إلا شخص لا ورع له, ولا قيم) وذلك يكفي للدلالة على الاستهانة بأفاضل الرجال من قبل البلاعين,آكلي أموال اليتامى الذين استكبروا في الأرض بغير الحق.
فلما مضى الشيخ إلى ريه راضيا مرضيا, ظهر أنه لا يرتقي إلى مصاف الشخصيات القومية , فلا يستحق أن يحظى بعزاء في مستوى البشير, وربما كان تأويل العارفين صائبا, فصار كرامة من كراماته, أن عصمه الله الحافظ من التلوث, فعزاء مثله شبهة, ويظهر أن التوجه الحضاري يقتضي أن يمتنع وزير الأوقاف عن شكلية العزاء, في إمام مسجد على مدى خمسة وستين عاما, (خدمة طويلة وممتازة) بدون ترقية ولا زيادة في المرتب, لأنه يأنف من أن يتهافت على المكاتب متضرعا, مما لا يليق بأبي محمد. ( سيستأني دائما, حتى
عند الحوض, مع الاعتذار للمعري)
ولم يكن والي كردفان محظوظا, فحرمه الله من نعمة المشاركة, وإن من مروءة المسلم, العزاء قي الموتى.
ولكنهم ارتبكوا عندما عرفوا وجود تجمع ضخم في الرهد, وأن أجهزة التلفون ترن, ولا أحد يهتم باستقبال المكالمات الواردة, فظنوا أن أهل الرهد عادوا إلى ممارسة عادتهم القديمة, والتعبير عن العداء المستحكم لحكومة الجنجويد في الخرطوم, وصار الأمر أمر أمن. ( كان الناس يسدون الأفق, خرجوا, ووفدوا, يودعون شيخهم, في استفتاء على المروءة والاستقامة وجوهر التدين) ( بمثابة إجماع باك في مواجهة الاجماع السكوتي)!
وعند أوان رفع :" الفراش" تحدث العارفون, بيد أن من أراد أن يتحدث باسم السلطة, أصر الناس على منعه من استغلال المناسبة وبالتالي تدنيسها!
ولهذا عندما نشرت العائلة في صفحة كاملة, إعلان الشكر,لم يرد فيه اسم البشير,ولا اسم السيد والي كردفان, ولا وزير الوزارة التي يتبعها المسجد الذي أم الشيخ مصليه( 65عاما)
في حين توجه الشكر في سطره الأول إلى السيد محمد عثمان المرغني والسادة المشائخ, ولم يرد اسم المرغني لأسباب سياسية, كلا فقد جاء السادة الختمية في بص محتشد من الخرطوم, يهللون بالذكر, وينشدون: " ياحسن"
ربما لخؤولة السيد الحسن, ولكن من المؤكد " للعرفان".
على أن المفارقة كامنة في أن موقف السلطة يعزى إلى كراهيتها, لأهل كردفان, جلابة السلطة في حضرة الموت لا يخجلون, بل يمعنون في الفجور, لو كان الشيخ من "حوش بانقا" أو من حفدة " مهيرة", ( لدقوا الدنقر)( لو أن الشيخ يعد كي يباع في بورصة الخرطوم, عفوا صلاح)
وحين تقيم السلطة في سفارة لندن, باسم الدين مجالس عزائها المهيبة لراحل مثل المرحوم أحمد عبد الحليم في لندن, فمثل الشيخ حسين أحمد البدوي رجل الرهد أجدر! خاصة من قبل سفارة لندن! ولكن!
الاستخذاء الذي جرت وقائعه في السودان,ليس بدعة, ولا بيضة ديك, إنه السيئة الأخيرة في قائمة التجني على الكردفانيين, جزء من موقف مدبر ومتكامل, سأورد هنا مجموعة تقاسيم على ربابته:
(1) والي كردفان سابقا: السنوسي, من أهلنا الذين يطلق عليهم الجلالبة :"البرقو", وتربطنا بهم في كردفان, صلات النسب والدم, بعد عروة الإسلام, ويجدون من التكريم والاحتفاء في كردفان, ما لا يتوفر لهم في أي مكان آخر في الشمال, فضلا عن أن دارهم في تشاد: دار الوداي,أسرتها المالكة : أبناء شيخ الإسلام إبراهيم, من قبيلة الجوامعة في كردفان, ولكن من ولدوا منهم وعاشوا في وسطنا, يظهر من بينهم, قوم ينطوون على عداء لنا, يكشر عن ناب شراسة, مثل ما حدث من السنوسي الوالي, في معاملته الظالمة واللئيمة لأمير الجوامعة في الرهد: د. هرون الطيب هرون, وهو طبيب تفرغ لأداء دوره التاريخي, وقد عرفت من أحد وزراء السنوسي مؤخرا, أن سبب التجني يرجع إلى اتهام السيد أمير أكبر قبيلة عربية في السودان باليسارية, في حين أن السلطة الفاجرة, تضم من غلاة اليسار كتيبة: أحمد عبد الحليم وبدر الدين وإسماعيل الحاج موسى ووو, أما د. هرون, فما لا يعرفه السيد الوالي السابق, أنه لا يقدم على أمر إلا بعد استشارة الشيخ حسين, هل تعرف معنى أن يكون مستشارك بتلك القامة الباسقة السامقة! لا يضل من كان إمامه على حظ عظيم من الرشد الهادي.( يظهر أن الشيخ حسين من الكادر السري)( سبحانه, الوالي السنوسي, كان يريد تنصيب من يشاء, لعشيرة حل بها ضيفا واستجار بها, فأكرمت وفادته, وأجارته, ثم أراد الدجاج التشادي طرد الدجاج الكردفاني من دار أبيه, ثم اتضح أنها ليست بدوامة, حتى في حق الدجاج)!
على ان زولنا التاريخي في اليسار هو ( عنقر ما مدنقر): يوسف علي جاد الله, ابن عمدة أم روابة, الذي ورد عنه في تقارير البوليس السري البريطاني بلندن, عام 1952, مايلي:
" شيوعي نشط, يقيم بالأبيض, يتدخل في كل الأحداث لإثارة المشاكل. جعل نفسه بطلا في نوفمبر 1950, في دفاعه عن قضية طلاب خور طقت, عندما حرض التجار ورجال الأعمال على إغلاق متاجرهم, احتجاجا على فصل الطلاب المضربين, ونجح في أن يتن اختياره كعضو في اللجنة الموكول إليها التدخل لدى وزارة التربية والتعليم في شأن إضراب خور طقت. وهو يغتنم أي فرصة للتدخل في التحركات السياسية, والعمالية بالأبيض. كان عضوا في مؤتمر الشباب والجبهة الوطنية. اعتقل في 20. 1. 1952,لاشتراكه في مظاهرة بالأبيض وحوكم بغرامة 10 جنيهات مصرية, وتحديد الإقامة لمدة عام. اعتقل في أكتوبر 1948 بسبب توزيع منشورات تحريضية, وحوكم بتحديد إقامته لمدة 6 أشهر. حددت إقامته لمدة 6 أشهر, لتسببه في أحداث شغب بالأبيض"( عن الموقع الالكتروني:ام درمان. الذي يحرره د. ع بوب)
ربما تشابه عليكم البقر أو الدجاج, فهل تعتبرون رجلا بهذا الجهاد ضد الاستعمار عدوا لكم, ولا يصلح زعيما لعشيرتهّ! (يسمونها: الطاقية)
الموقف من الرجل (ناظر العشيرة) هو موقف من قومه, لأنه رمزهم, ولأنهم اختاروه, وارتضوه هذا عار باق, وفتنة سيدفع الجاني ثمنها باهظا.
(2) الشيخ مركز أحمد عمر, رجل تحيط به هالة الجلال من كل ناحية, والده ناظروأخوه ناظر, وابن أخيه وحفيده كذلك,وهو وكيل الأمير" الناظر" في أم روابة, ورئيس حزب الأمة أيضا, فصلته الحكومة الإنقاذية من منصبه, لأنه كان في اسمقبال الصادق المهدي, إبان زيارته للمدينة!( الدجاج من جناح أم جكو, هذه المرة,)
(3) محمد حسين أحمد البدوي, " ود الشيخ" ورئيس الحزب الاتحادي بالرهد,وهو نموذج لإنجاز مشرف أحرزه جيله في النهوض بالمنطقة, تعرض للاعتقال عدة مرات, وعانى من سوء المعاملة, مما تسبب في مشاكل صحية لاحقا, وسعوا لتدمير نشاطه التجاري, وأضروا به, كان اعتقاله يتم أحيانا, قبيل صلاة الجمعة, عندما يكون والده على المنبر, يكون محمد محمولا على ظهر سيارة (كومر) تطوف به, إمعانا في النكاية والزراية بالفضل وأهل الفضل, ووجوه الناس.(كل ذلك باسم الله)
(4) عيسى كبر آدم, عمدة الرهد الجالس على ككر العمدة كبر آدم, ورئيس حزب الأمة بالرهد, طاله الاعتقال, وعانى التضييق والملاحقة.
(5)سجن الاعتقال في الأبيض, كان يضم إلى جانب محمد حسين وعيسى آخرين, منهم فتى يومئذ في العاشرة من عمره, يدعى: أبا سارة, بوصفه أحد قادة المظاهرات المعادية , والمؤسف حقا هو استهانة ( الكيزان) بالإسلام, بإبرازه في صورة غير حضارية, إذ لا تجيز قوانين العالم كله اعتقال الأطفال, وكذلك الإسلام إلا عند جماعتنا الأشاوس( ناس خسار بارود)
عندما بلغني الآن خبر استشهاد طالب من الرهد, في انتفاضة جامعة الدلنج, حسبته أباسارة, إن لم يكن هو, فهو واحد من أبنائنا إخوان أبي سارة, رحمه الله, وأحسن مثوبته.
( كتب بابكر بدري عن مكي المنا جد أبي سارة الذي قاد إضراب الكلية عام 1931: كان نعم الرجل)
على أن الأوربيين الذين زاروا السودان, وخبروا أهله, منذ التصف الأول من القرن التاسع عشر, كتبوا من المدح والتمجيد في شأن خلق أهل هذه المنطقة, ما لم تنله أي بقعة أخرى في العالم الثالث, قضلا عن بقية أرجاء السودان.
أولهم النمساوي الذي زار كردفان عام1837, ونشر كتابه: رحلة إلى كردفان, بالألمانية, الذي ترجم إلى الإنجايزية ونشر في لندن عام1844:
"أجد نفسي عاجزا عن الوفاء بحق سلوك أهل كردفان العطوف بل الودود, من الثناء. لا اتوقع معاملة أفضل من معاملتهم في بلدي, ومن أقرب أقاربي,
أهل كردفان جميعا هم أحسن الناس أخلاقا في العالم.
في كردفان يلقى المسافر, في كل مكان, استقبالا عطوفا وكرما".
I can not sufficiently praise the kind and even cordial behaviour of the people of kordofan.
I could not have expected better treatment in my own country, from my nearest relations. P.104.
The natives of Kordofan are altogether the best tempered people in the world. 95.
In Kordofan the traveller meets everywhere with a kind hospitable reception. P. 92
(Ignatious Pallme: Travel in Kordofan, London, 1844.)
وآخرهم زار المنطقة في تسعينات القرن العشرين, والمجاعة انشبت أظافرها في عنق أهل كردفان, وكتب مرشدا سياحيا هدفه مساعدة السائحين والمسافرين إلى السودان ومصر, فقال إن أهل كردفان, وغرب السودان, يعانون الأمرين من ويلات المجاعة والقحط, ولكنهم مع ذلك كله:
" حتى في وجه مشاكل مستمرة كهذه, كثير من السائحين والعاملين في الإغاثة القادمين من خارج السودان, يتحدثون عن ود السودانيين سكان هذا الإقليم, وكرمهم المدهش. عانوا شدائد فادحة, مع ذلك يتقاسمون القليل الذي يملكون من الطعام والشراب, مع زائريهم".
Even in the face of such persisting problems, numerous travellers and expatriate relief workers speak of the incredible hospitality and friendliness of the Sudanese the people in this region, suffering such severe hardship, still share what little food and drink they have with visitors. P.531.
)A travel Survival Kit: Egypt & Sudan, S. Wayne &D Simonies, Hawthorn, Australia, 1994)
هذه الفضائل الماجدة التي بهرت الخواجة لهي الأثرة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم, قال تعالى: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وبعد هذا كله, جنوب السودان الآن في حماية المجتمع الدولي, وقد حررت وثيقة زواج كاثوليكي, وضعت العصمة في يد جون قرن. ودار فور تحت وصاية الأمم المتحدة, لم يبق من السودان غير المنطقة الناطقة بالعربية,
ويريد الحكم القائم, ان يستمر وأن يحظى بمساندة الناس في منحه ثقتهم, وهذا الجزء من البلد, قادر على ترجيح كفة, وعلى إلحاق الهزيمة بالكفة الأخرى الشائلة!
قل لي من سيمنحكم صوته, يكفي أن حسين أحمد البدوي لا يثق فيكم, من معكم! قادة الاتحاديين والأمة! وجوه القوم! الجيل الصاعد جيل أبي سارة:
(أبوسارة الآن في الرابعة والعشرين )!
الصمغ العربي, خصصتم شركات القطاع العام وهي رابحة, لتوضع في يد أهلكم حزبا وجغرافيا,ولكنكم ما تزالون تماطلون في أمر الصمغ, ترفضون تطبيق نظام السوق المحرر عليه! بحرص عجيب على التطفيف: أن تشتري بأرخص سعر, وتبيع بأعلى سعر,( نسبة 1 إلى 15) وهو أمر شبيه بل مطابق, حذوك النعل بالنعل, بمهزلة الإجماع السكوتي التي لهوجتموها, هذه المرة ( الحشاش: من الحش, وليس السطلان)
هذه المرة, لا يبقى من الوادي إلا الحجارة - عبارة الطاهر وطار- يبقى الرهد:
البحيرة, وجبل الدائر, والمرج الباهر, ورجل الرهد: الشيخ حسين أحمد البدوي. رحمه الله وأكرم مثواه, اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق, والخاتم لما سبق, ناصر الحق