لنعد الى الجنوب. حينئذٍ يطرح سؤال جديد نفسه: ما هو الهدف من المؤتمر الجنوبى ـ الجنوبى؟؟ ايهما المطلوب، توحيد الصف ام الرؤي؟؟ لقد اعتدنا فى الايام هذه الحديث عن جنوبى الداخل، هل لهولاء مطالب مغاير لما حققتها الحركة الشعبية لتحرير السودان فى اتفاقها الاخير مع حكومة السودان؟؟
لقد كثر الحديث كذلك هذه الايام حول "الحوار الجنوبى ـ الجنوبى" الذى استهل اجتماعاته التمهيدية فى 26 فبراير 05 بضواحى كارن الكينية واستمر حتى 4مارس 05 ويقال "تحت تحت" ان الحركة الشعبية عرقلت الاجتماعات حتى كادت ان تفضى الى الغاءه، بتشددها على "اراء صلبة" من شانها ان تدفع بالطرف الاخر الى اختيار الرحيل من الجلسات التمهيدية، بدلاً عن ضياع وقته فى حلقة مفرقة، وفى الواقع تلك مجرد تشوية لموقف الحركة الشعبية لان ما يقال شى، والحقيقة شى اخر، ليس لنا الا القول: تلك حقائق تراد به باطل.
فى حقيقة الامر، قامت الحركة الشعبية لتحرير السودان باطلاق مبادرة اجراء الحوار جنوبى ـ الجنوبى، وتقدمت بطلب رسمى الى "مؤسسة موى" وبالتحديد الى الرئيس الكينى الاسبق دانيال اروب موى ان يتشرف سيادته برعاية هذا العمل الكبير بعد النجاح الذى تحقق بفضل "كينيا" و توفقها فى جمع شمل الفرقاء السودانيين، اثمرت عن توقيع الاتفاقية الاخيرة بين الحركة والحكومة السودانية. وبدورها قامت "المؤسسة" بدعوة مجلس تنسيق الولايات الجنوبية باعتباره الممثل الفعلى لحكومة جوب السودان، فى الوقت الحالى، وجمعت "مؤسسة موى" كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان من جهة، ومجلس تنسيق الولايات الجنوبية من جهة اخرى فى جلسة تمهيدية اعداداً للمؤتمر العام، وفى الواقع اختلف الطرفين فى نقطة واحدة فقط تتعلق بالجهات المؤهلة للمشاركة فى الاجتماعات التمهيدية، حيث كانت "مجلس تنسيق" مصر على ان يقتصر التمهيد للمؤتمر العام وكذلك الحوار، فقط بين الحركة الشعبية والمجلس، فى حين طالبت الحركة بمشاركة كل القوى السياسية الجنوبية بما فيهم مؤسسات المجتمع المدنى وشخصيات جنوبية مستقلة. وبعد مشاورات طويلة توصلت الطرفين الى الاتفاق، اكدا فيه تكوين لجنة فنية يتالف من 16 عضؤ، يتشكل من جميع الاحزاب الجنوبية المذكورة ادناه:
1: جبهة الانقاذ الديمقراطية المتحد
2: يوساب
3: حزب سانو
4: الجبهة الديمقراطية لجنوب السودان
5: المؤتمر الوطنى (دائرة الجنوب)
6: الحركة الشعبية لتحرير السودان
7: مجلس تنسيق الولايات الجنوبية
8: مجلس كنائس السودان الجديد
9: مجلس كنائس السودان
وخلافا لذلك، تمت ابلاغ الجهات المزكوره اعلاه، بماجرى، ودعوتهم الى الاجتماع التمهيدى المقبل ، والمنعزم عقده فى 14 مارس، كما ستتفق اللجنة الفنية على اسماء اخرى تراها "مستحقة المشاركة" و غير واردة فى القائمة، على ان يتم دعوتهم للمؤتمر العام الذى من المقرر ان ينعقد يوم الاثنين الموافق 28 مارس 2005 بكينيا. وفى الواقع اعجبتُ جدا بهذه الترتيبات، وقد كان الرفيق انتيباس نيوك ـ عضؤ وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان المشارك فى الاجتماعات التمهيدية بكارن، بليغاً فى القول حينما قال لي:"الهدف من الحوار الجنوبى ـ الجنوبى ليست لتوزيع المناصب، او ارضاء بعض، وانما الهدف الاسمى هو: ان يتسامح الناس، وان يتناسوا الايام المرة، فضلا عن ذلك مناقشة مستقبل جنوب السودان...كيف نحمى السلام...وكيف نبنى ونجمع صفنا ونخلق وحدة جنوبية قوية، وهذا اهم من مشاكل المشاركة فى السلطة لان الاخير قد وزعتها الاتفاقية بشكل واضح.
وقفة تامل. عندها لابد بعد كل ما قلناه ان نعى الواقع الهام التالي: ان المشادات الكلامية بين "الزعماء الجنوبية" امر ارهق النضال ايام الحرب، وقد يرهق حياتنا السياسية بعد السلام اذا لم نلعنها، لذا، ليس امام "الزعماء الجنوبيين" سوى اختيار واحد: إما احترام "الراى العام الجنوبى" الذى يدعو هذه الايام الى التسامح بين الناس، او الخروج عن السيطرة نهائيا، وقته سيتزكر من خرج عن الصف "ان النجاح السياسى الاصلب ظاهرياً يتساوى فى اللعنة مع تفاهة المخلوق!!.
phon 00254 724 865605
nairobi _kenya