مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

الصحافة تسجل شهادة الميلاد/ عبدالمنعم أبو إدريس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/6 8:13ص

عائدون إلى الحياة

الدخول في فوهة البندقية...

الصحافة: 4 مارس 2005م

يسجل شهادة الميلاد/ عبدالمنعم أبو إدريس

مرَّت بالسودان أحداث جسام خلال فترة التسعينات من القرن الماضي، وانعكست هذه الأحداث على قطاع الشباب بصورة خاصة، لأنهم كانوا الصفحة الأولى لهذه الأحداث، ووقود الحرب التي امتدت من جنوب السودان، إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق السودان.. ولأن شهود هذه الأحداث ما زلوا أحياء، يبقى أمر كتابته على ألسنتهم يوثق لهذه الفترة العصيبة من تاريخ السودان السياسي.

وعندما قال لي محدثي: هل ترغب في مقابلة خمسة عائدين من معسكرات التحالف اقلهم مكث في هذه المعسكرات سبع سنوات..؟ لم يفصح إلا عن الاسم الأول فقط.. وحتى هذا لا أظنه حقيقيا.. وذلك ببساطة لان غبار الحرب ما زال عالقاً بنفوسهم، وثقافة الحرب مستوطنة في عقولهم، فكانت هذه الحصيلة مع: «الطاهر»، «رامبو»، «الهادي»، «عصام» و«سبت»، الذين خرجوا من ضيق الخنادق إلى رحاب الوطن وهوائه الطلق.

من الجامعة إلى الخندق

سألنا «الطاهر» وهو الوحيد الذي تهيأت له فرصة أن يعيش حياتين «مدنية وعسكرية» داخل المعسكرات من بين هذه المجموعة، لأنه كان يتسلل لإريتريا كل ثلاثة اشهر.. يبقى هناك لفترة ثم يعود..

· سألته: كيف بدأت علاقتك بالعمل السياسي؟

= يجيب الطاهر بقوله: كنت ابحث عن ما يقنعني وسط التنظيمات الموجودة في الساحة الطلابية، فلم أجد، حتى ظهر التحالف الطلابي 1994م، وظل هذا الاسم مثار تساؤلي ومحط اهتمامي حتى بدأ الناس في مدينة كسلا يتحدثون سراً وجهراً عن «قوات التحالف».. ثم تبع ذلك أشرطة كاسيت، ومنشورات توزع في دار الرياضة.. في هذا الجو، تم فصلي من جامعة كسلا لنشاطي السياسي، فخرجت إلى إريتريا بعد حديث مع شخص ينتمي للتحالف (رأى حجب اسمه) ولكن وسط دهشتي كانت قيادات «التحالف» بعد انضمامي لها تريد مني العودة للداخل، وأقنعني «الشهيد» العميد عبدالعزيز النور بالعودة.. ولكن رغما عن هذا لم انقطع عن الخروج، حيث كنت كل ثلاثة اشهر اذهب إلى إريتريا.

· أنت طالب والحديث في الجامعات أن مؤتمر الطلاب المستقلين كان رصيداً للتحالف؟

= يرد طاهر: هذا صحيح إلى حد ما، خاصة عندما أعلن المكتب التنفيذي لحزب المؤتمر الوطني المعارض انضمامه للتحالف واصلا مؤتمر الطلاب المستقلين هو رافد لحزب المؤتمر الوطني «المعارض»، كما أن القيادات الطلابية لمؤتمر الطلاب المستقلين في غالبها أصبحت تحالف، ولكن هناك من كان يرفض هذا.. بل إن بعضهم كان يعتقد أن التحالف يريد طمس هوية مؤتمر الطلاب.

· لماذا عمل التحالف في الشرق فقط؟

= هذا لوجود إريتريا التي توفر الأرض، كما إننا كنا نصرَّ على عدم ربطنا بقيادة التحالف الموجودة في الخرطوم حتى جاءت الحرب الإريترية الأثيوبية.

· وما هو تأثير هذه الحرب عليكم؟

= هذه الحرب أنهكت كل التجمع، أما التحالف فقد وجهت له ضربة قاضية، وصار الاتصال بناس الشرق عبر الخرطوم هو الوسيلة الوحيدة.

· ولكنكم متهمون بالمشاركة مع إريتريا ضد إثيوبيا؟

= هذه شائعات أطلقتها القوي التقليدية.

· ماذا تقصد بالقوي التقليدية؟

= حزب الأمة والاتحادي.

· ولكن هؤلاء حلفاؤكم في التجمع؟

= نحن ارتكبنا خطأ بأن أعلنا أن قوى السودان القديم هي العدو الاستراتيجي لنا والمرحلة هو النظام وفي ذلك الوقت كان العدو الاستراتيجي حليفاً مرحلياً وهناك أشياء أخرى.

· مثل ماذا؟

= أن يتم إنهاك التحالف.. وقال عدد كبير من القوات والتحالف ليس له طاقة لاستيعاب هذه الأعداد.. مثلا في يوم من الأيام جاء [600] مقاتل وكان هذا اتفاق سري.

· هل هذا أمر جديد؟

= كان هذا بالنسبة لي منذ الجلسة الأولى للانضمام للتحالف.. كما إننا كنا نستعد للمرحلة الراهنة من خلال مدرسة الكادر السياسي.

من دارفور إلى التحالف

«رامبو» هو أصلا من جنوب دارفور..

· سألناه: أين كنت قبل التحالف؟

= قال أنا كنت عسكري في القوات المسلحة وعملت مع عمر البشير من 87 و حتى 1989م، ثم تركت الجيش وعملت في شركة خاصة.

· وكيف وصلت للتحالف؟

= أصلا الأوضاع السياسية لم تكن بالنسبة لي على ما يرام ووصلت إلى منطقة في الحدود السودانية الأثيوبية ووجدت منشورات التحالف واتفقت معي ودخلت المعسكر وأخذت الجرعات السياسية ومن هناك إلى شرق السودان.

· لماذا الشرق وأنت قادم من أقصى دارفور؟

= التحالف طرحه كان لكل السودان، ولكن ظروف الأرض جعلت الشرق.. ونحن أول جهة فتحت جبهة الشرق وانا شاركت في أول عملية..

· لم يكن لديكم وجود حقيقي حتى في الشرق وقوات الحركة تقوم بكل شئ..

= «يرد منفعلاً».. كل عملياتنا كانت تحالف منفردة ولم نعمل معا إلا في عام 1998م عبر لواء السودان الموحد.

· ولكن الحركة لديها التسليح والعدد.

= هذا صحيح، ولكن نحن لدينا قطاعاتنا الخاصة.. مثلاً في النيل الأزرق الفاصل بين مناطقنا ومناطق الحركة سبع ساعات بالعربة.. وحتى عندما عملنا معا في البحر الأحمر كان لكل قوة قائدها الموجود فقط للتنسيق.

· ولكنكم اعتمدتم على الشباب الذين خرجوا إلى إريتريا بحثا عن العمل والهجرة؟

= هذا غير صحيح، وأنا لم اشهد هذا في المعسكرات.

· هل تهيأت الآن للانتقال إلى الحياة المدنية؟

= أنا لا اعمل بالعسكرية إلا في زمنها، ولكني أقوم بالعمل السياسي، وتدربت على هذا عبر المدرسة.

· بعد انشقاق التحالف هل تحسب بان سنوات العمل العسكري ضاعت؟

= أنا لم ادخل التحالف من اجل شخصي.

عبر بوابة الفصل من العمل

أما «عصام» فيقول:

= أنا أصلا من كردفان، مدينة الأبيض.. وكنت اعمل في مصنع سكر حلفا على مدى أربع سنوات.

· هل لديك خلفية سياسية؟

= قبل فصلي عام 1996م لم يكن لدي علاقة بالسياسة، ولكن الفصل من العمل هو الذي جعلني ابحث عن السياسة، ولم افهم هذا إلا بعد أن انتميت للتحالف. بعد فصلي مباشرة ذهبت إلى أثيوبيا وقضيت كل هذه السنوات من 96 وحتى لحظة العودة في الميدان.

· أنت مدني وذهبت إلى الحياة العسكرية، والآن تعود.. هل تحس بغرابة الحياة المدنية؟

= نعم أحس بهذه الغرابة على الرغم من أن البندقية بالنسبة لي كانت وسيلة للعدالة والديمقراطية والمساواة.

· هل تذكر أول شخص قابلته من التحالف؟

= هو عبادي.. وكان ذلك في منطقة حدودية مع أثيوبيا.

· من كان يدربكم؟

= معلمون سودانيون.

· وأين الإريتريون؟

= لم أرهم في المعسكرات، رغم أن هناك تنسيق.. وأنا شخصيا بعد تأهيلي صرت معلماً.

المنشورات حملتني إلى التحالف

«الهادي».. من منطقة أم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان.. قال إنه كان يعمل في معصرة بالقضارف، وفي أثناء العمل جاء ميثاق التحالف مهرباً من إريتريا عام 1995م.. وقرأته وانتظرت ثمانية اشهر حتى خرجت.. والغريب أن الرجل الذي كنت اعمل معه في ديم حمد بالقضارف ما زالت حقيبة ملابسي في داره.

· كل هذه السنوات وأنت عسكري؟

= أنا لست عسكري.. أنا مقاتل.. وعملت دورات سياسية وعسكرية.

· هل يمكن أن نقول محترف؟

= لا... وليست لدي رغبة في الحرب أصلا.. والآن لا أتمنى العودة لها.. لقد كانت بالنسبة لي وسيلة فقط.

جئت من الطابور الخامس

«سبت» من أبناء النوبة.. الدلنج.. ولكنه مولود في مدني.. وعندما سألناه من أين..؟ قال: من جبال النوبة.. ولكن عندما علمنا انه من مدني، وقلنا له لماذا أخفيت مدني..؟ رد: لان مدني لا قبيلة لها..

يقول: أنا كنت جندي في القوات المسلحة وشاركت في الحرب في عدة مناطق حيث عملت في صيف العبور في أعالي النيل ودخلت مدينة البيبور.. وفي جنوب النيل الأزرق، وغرب وشرق الاستوائية.

· لماذا تركت الجيش؟

= أنا لم اترك الجيش، إنما اتهمت بأني طابور خامس.

· لماذا؟

= كنا في شرق الاستوائية ومعي مجموعة من أولاد التبوسا.. بنيت لهم كنيسة خارج المعسكر، على الرغم من أني مسلم.. وكنت عندما يذهبون إلى صلواتهم في الكنيسة، انتظرهم في شجرة جميز.. واتهمنا بأن الخوارج يأتوا للكنيسة معنا، وأدخلت السجن الحربي، ومنه إلى شرق السودان.. والتحقت بالتحالف لمدة سبع سنوات، على الرغم من أني لم أر الشرق قبل هذا.

كانت هذه شهادات لمقاتلين قضوا سنوات بين الخنادق والآن يدخلون للحياة المدنية ولكن لا أحد يستطيع أن يعيد لهم الأيام التي حرقها الرصاص.



الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved