والمخيف في الأمر أن حيز القلق والتوجس والتشاؤم لم يقتصر بسط هيمنته علي الشوارع والأزقة والبيوت فحسب بل امتد رقعته وأعراضه إلى داخل القاعة المضاءة بعدسات مراسلي ومصوري الوكالات العالمية الذين تقاطروا من جميع أنحاء العالم إلى الجزائر لتغطية ووقائع المؤتمر.
ولكن برغم كل هذا وذاك كنا نحن ننتظر ونترقب وبلهفة شديدة منقطعة النظير خطاب الأخ القائد معمر القذافي ولكن لماذا هو بالذات؟ وماذا عن خطب الأخريين من الملوك والرؤساء والسلاطين( أصحاب الجلالة والفخامة حفظهم الله)؟ هل نحن الجماهير في حاجة ماسة للمتابعة خطب أصحاب الفخامة والجلالة الرنانة التقليدية التي تجاوزها روح عصر العولمة والفضاء آت العالمية؟ ولماذا تمركزت اهتمام شعوب العالم علي خطاب الأخ القائد علي وجه التحديد؟
ولتسليط الضوء علي هذه النقاط لابد من الإشارة إلى نقطة جوهرية وفي غالية الأهمية والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
أولا :أن الأخ القائد معمر القذافي ونحن دائما نقول الأخ القائد وبما تحملها هذه الكلمة من دلالات ومعاني سامية وقيم إنسانية رفيعة ونحن نعشق هذه الكلمة الإنسانية المتواضعة التي تذوب في ثناياها كل العلاقات الغير الإنسانية القائمة علي الاستعلاء والمعايير المزدوجة التي تمجد وتعلي من شان ومكانة إنسان علي حساب أخيه الإنسان. لذلك وانطلاقا من هذا المفهوم الإنساني المتواضع لهذه الكلمة نحن نعشق ونقدس هذه العبارة البسيطة المعبرة المتواضعة بكل المقاييس التواضع.
ثانيا :أن الأخ القائد لم يكن يوما مفكرا محليا أو فيلسوفا تقليدا ولكنه اكبر من المفهوم التقليدي للفكر والفلسفة التي لا تتجاوز مداها الحدود القطرية الضيقة المتشنجة المنغلقة علي نفسها.
ثالثا: لقد ذهب إلى مؤتمر القمة العربية الإفريقية وهو يحمل في جعبته الكثير من هموم الشارع العربي والأفريقي فضلا عن كثير من هموم وقضايا القرية الكونية المتشابكة المعقدة المحيرة.لقد ذهب إلى هناك وهو مدرك إدراكا تاما بطبيعة هذه القضايا وما يترتب عليها من تداعيات وإفرازات خطيرة قد تلقي بظلالها القاتمة علي القرية الكونية وتهدد أمنها واستقرارها في الحاضر والمستقبل.لقد ذهب إلى قمة الجزائر برؤية عصرية مستنيرة وبحلول جذرية ونهائية لتلك الهواجس والمخاوف التي تؤرق الأسرة الدولية وعلي رأسها غول الإرهاب وقضية الديمقراطية والإصلاح وبمفهومه الشامل الذي يطال حتى مؤسسات المجتمع الدولي بما فيها مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة .
رابعا:لابد من الإشارة ولكل البشر, وللقرية الكونية, وللتاريخ, وللأجيال القادمة بان القائد معمر القذافي لم يكن كاتبا ومفكرا محليا ينتمي لبقعة جغرافية ذات حدود وحواجز إقليمية ضيقة أو منكفئة علي ذاتها, ولكنه يعد وبكل المقاييس الكون العادلة كاتبا ومفكرا وفيلسوفا عصريا من الطراز الأول وعلي مستوى الكون ينتمي للأرض وللإنسانية جمعاء بفكره الإنساني السامي الراقي المستخلص بدراسة تحليلية علمية ونقدية من عصارة تجارب البشرية التي تجاذبت وتفاعلت عبر قرون من الزمن, وهذا فخر عظيم للقارة السمراء فضلا عن الجماهيرية العظمي.
خامسا: لقد تمكن وبمهارة فائقة في لفت أنظار واهتمام العالم إلى قمة الجزائر وبصورة منقطعة النظير ولأول مرة منذ تأسيس جامعة الدول العربية.لقد تهافت إلى الجزائر عشرات المئات من الصحفيين والمراسلين والإعلاميين من مختلف بلدان العالم لتغطية خطابه الفكري الحضاري العصري وكان بمثابة حوار فكري وحضاري عالي الجودة والحبكة قبل أن يكون خطابا عاديا. لقد تكمن وبجدارة في مخاطبة ومحاورة العقلية الغربية المتغطرسة بأسلوب سلس وبلغة حضارية مفعمة بالروح المرح وهي اللغة الوحيدة التي تفهمها وتصغي إليها العقلية الغربية وخاصة في ظل اختلال تام للموازين القوى وهنا تكمن عبقرية معمر القذافي .
سادسا: بإحساس مرهف وروح مرحة وشفافة استطاع أن يضفي رونق ونكهة خاصة في أجواء القمة وتمكن وببراعة في بث البهجة والسعادة والفرحة في نفوس المشاهدين والمؤتمرين علي حد سواء, علما بان هنالك بشر في داخل القاعة لم تترسم في وجهوهم بسمة في حياتهم ولكنهم ولأول مرة زارهم البهجة والسعادة فابتسموا للمشاهدين فكان لهم بمثابة علاج روحي ووجداني فعادوا إلي بلادهم غانمين بالفرحة والسعادة والبهجة وهذا إنجاز عظيم لقارة السمراء.
ونحن هنا نناشد وبإلحاح شديد إعادة بث ذلك الحوار الفكري الحضاري عشرات المرات أو ينسخ منه ملايين النسخ ويوزع في المحلات لأنه علاج روحي وبلسم شافي لقلق والتوجس الذي يسود الكون من حين إلي أخر وخاصة عندما يختل توازن المسارات وتتقوس المعادلات. هل من مجيب؟؟ وهل من أذان صاغية؟؟
وهكذا دائما الذين يصنعون التاريخ يبثون البهجة والسعادة والفرحة في نفوس الناس فيتبدد التوجس والقلق والخوف من الكون فينزل المطر وتنبت الأرض ويخضر العشب ويكثر الخير ويفرح البشر.
فمزيدا من التألق والإبداع يا أخي القائد..ومزيدا من الفرحة والسعادة
مبارك إبراهيم السوداني /