إهداء :-
إلى الذين يقبلون النار هروبا منها ..
إلى الذين يحتضنون الأسى حرمانا له أن يصل الآخرين ..
إلى الذين يبحثون عن معـنى إنسان !!
إليك أيها الأستاذ المهندس الطيب محمود ...
بهذه البيداء تصطرع الأفكار وتكاد تذبل الملكات والمميزات الإنسانية التي تمت سقياها من نزيف القلب والروح معا 0
وعندما نقف هنيئة نراقب هذا الهذيان نجد هذه الخيارات هي عبارة عن خيار واحد فقط وهو خيار من لا خـيار له,وعلى الرغـم من أن عالمـنا تزدهــر
فيه الثنائية إلا أن الأنانية تطغى فيه بإسراف شديد 0
وحينما نجثو على الركبتين ونضع الرأس على النطع لتنفيذ هـذا الخيار يتقهقر منا إلى الوراء ليلقي بنا في فوهة العدم الممتلى والوجود الفارغ !
صدقني سيدي لست متشائم بالمعنى الذي تعتقد , وأيضا لست متفائل بالمعنى الذي تعرف كما أنني لست متشائل بالمعنى الذي تسمع,ولكنني كلما حاولت أن أقرأ صفحة جديدة لهذا الوجود وجدتها هي ذاتها دوامة الشروق والغروب.. والشمس الواحدة.. والاحتراق والأبد ؟!
ومن ثم يصعب التفريق بين الحاجة الماسة والحاجة الماسة نفسها !
ويكون وقتها تمـزيق للوحـة الروح والجسـد معا ! أدرك أن هذه الحروف
" مخنوقة " وحان وقت أفولها . في الوقت الذي يطل فـيـه الرجـل الطيب طالبا الجديد في عالم الفكر والفلسفة والدين ..
أخي الطيب أن هذه الرسالة كتبت بغير تلك الحروف المعروفة , وكمـا تعلم عزيزي الغالي إن الحروف رقمية وصوتية وفكريةـ فابحث لها عن موقع ـ إن كان لها موقع في عالم الحس والمشاهدة والتفسـير ـ فإذا وجدته ـ أخبرني فأنا في شـوق إلى معنى . وكنت قد طلبت منى فيما سبق كتابة شي عن النرجيلة فجاءت:(صراخ المنابر دخان النراجيل) عنوانا وحان وقت المضمون والآن .
واما الإجابة علي التساؤل الكبير لماذا نحترق ؟
لأننا كائنات فراشية قابلة للاحتراق !
إذا تساءلت يوما أو سُئلت لماذا نحترق ؟ ودارت بخلدك هذه الإجابة . فابحث عن روحك فهي تتجسد ! نعم إذا أردت أن ترى روحك الطاهرة فانظر لها ما بين زقزقة العصافير وأغصان الشجر ستجدها عند تلك الفراشة البنفسجية.. التي لم ولن يصدر عنها إلا الخير والحـب والجمال . وهي عندما تعجز عن تغيير ملامح الكون ستقبل على النار فداءا وقربانا في عمل (يسوعي) كامل يخرق المستحيل في مواجهة المستحيل بحل عقدة الأنا والحلول في الوجع الإنساني الممتد عبر الأزمنة,والى ما لا نهاية .
وبعد هذا أيبقى شئ في هـذا التساؤل لماذا نحترق؟!
"إن الكائنات القابلة للاحتراق كائنات سهلة طيعة تقودها الأمواج عـبر الأرصفة,ولكن بغير تغير ملامح الجمال الكامن فيها" .
وعندما تجف الينابيع مـن المعاني الإنسانية السامية,وتمتنع الزهور من نشر عطرها الفواح,وتصمت العصافير عن الزقزقة,وتتحول المعابد إلى أوثان وحجارة,وأبواقها مفاتيح وأقفال !!
لا ينطقون إلا بالتسيير ولا يصمتون إلا عـن الحق والخير والجمال !!
يكون المكان جحيما ..
وتنقلي حين ذاك عبر المدن مـن المكان إلى المكان بواسـطة الزمان يكون جحيم وجحيم وجحيم !!!
ثم يصعب الاغتسال من تأوهات الواقـع المرير,وتنكفي الذات على نفسها بعد أن أعياها التعب محاولة لملمت الأطراف المحقونة بجرثومة السفر والترحال . الترحال عن كل شئ إلا من تلك التأوهات والعشق الأبدي .
ثم تتساقط الحروف من بين الذات وتتسرب دخاخين النراجيل لكي تعبر عن الموقف . هاهي النرجيلة جاءت متحدثة عن الطلاسم طالما عجزت الحروف والرموز ,ووجم الوصف والخيال . فساعـة أكون دخانا أبحث عن الوجود عبر كواركه الأولى وجسيماته الدقيقة مستصحبا العدم حاضرا لحظة الاندهاش والميلاد العظيم .
وفي تلك الساعـة تكون هي أنا !!
ويكون الوجود عدما بمعاني الفنون !!
وأخرى أمعن النظر في تطفل شديد محاولا ترجمة الدخان أو بالأحرى ترجمة الرسالة الصادرة عن صدري إلى ذلك الكون المترامي الأطراف :
هل أنا جزءا أصيلا مـنك ؟!
ولكن هذا الترامي وهذا الاتساع يضيق كلما بحثت عن المعنى .. الإنسان.. السمو .. يتسع ناحية السقوط والانحناء .
وأبدا في ترجمة الحروف الطلاسم : ا ل ف خ ف خ ي ن ه ,ا ل ن ع ن ع
ثم أتوقف .. ثم أبدا من جديد .. ثم أجد نفسي أعياها التعب عن الوصال ثم أنظر الدخان فأجـده اعتلاه التعب ..
ها هي الأرض تشكو التعـب ..
ها هي الأرض تفتقد الأنبياء ..
ها هي الأرض يسوسها الأغبياء ..
أين الحكماء ؟أين عـدل الأمراء ؟!
هـا هـي الذات تشـكو التعـب ..
والنفس تدنو من النطع تمل الانتظار ..
والليل يسجد باكيا يشكو التعب ..
و الدخان يلفظ أنفاسه الأخيرة يشكو الانكسار ..
ولماذا هذا الانكسـار ؟!
وما هي تلك التعرجات البلهاء التي تحاول جاهدة إقناعي بأنها رقصات "باليه" ذات وزن وموسيقى ومعنى ؟ نعم كنت أعرف شئ عن السريالية ولكن نزيف الدخـان المنهمر بلون البنفسـج بطعم الروح برائحة العشق بوصف الجمال ..
قد طوق الكون بسكون وحداد !!
ثم أعيد النظر فيضيق الصدر عن ذلك القلب الفسيح ..
ثم ينجلي الأمر ! آه .. قد وجدتها ؟!
ها هي خارطة وطني العربي الكبير يلفظها دخان حجري في لحظاته الأخــيرة 0
أبوبكر حسن خليفة حسن
رفاعة
[email protected]