مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

الرئيس المخلوع بقلم هاشم كرار

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/27/2005 5:44 م

تهب الآن، رياح ابريل، على السودان، وكلما تهب هذه الرياح، أذكر طرفة نسبها من اطلقها، الى الرئيس «المخلوع» جعفر نميري.ابريل «الانتفاضة الشعبية» خلعت نميري، كما هو معروف.. ومنذ السادس من ذلك الشهر العظيم، راج بين السودانيين، تعبير «الرئيس المخلوع» والمخلوع من الخلع، في اللغة العربية.. وهو «المخلوع» في الدارجية السودانية، من فأجاه ما هو مخيف فأظهر «الخُلعة» اي الخوف، وأول مظاهر هذه «الخُلعة» هو في توثب العينين، واتساعهما اكثر مما ينبغي !كان النميري، في مطار القاهرة، عائدا من واشنطن، في طريقه الى الخرطوم، حين تقدم اليه الرئيس مبارك، وصافحه، وانتحى به جانبا، وكان على مقربة منهما الاثنان دكتور اسامة الباز.كان الرئيس نميري منزعجا جدا، ذلك لأنه لم يكن في «استقباله» البساط الاحمر، الذي يليق بالرؤساء.
هل «انتهيت» ؟
ذلك هو السؤال، الذي قفز الى ذهنه ــ فيما اتصور ــ وهو يرى ان لا بساط احمر، مفروشا امامه، من اسفل باب الطائرة، الى حيث يفترض ان تكون هنالك منصة، وفرقة شرف تعزف السلامين المصري، والسوداني.كانت الاذاعات، كلها تتحدث عن الثورة الشعبية في السودان، تلك التي بدأت فيما كان النميري، في طريقه الى مطار الخرطوم، لامتطاء الطائرة، الى اميركا.. الثورة التي زادت اشتعالا، و.. «أهلكت» في السادس من ابريل نظام مايو، بانحياز الجيش الى ارادة الشعب في الشوارع.
- هل انتهيت»؟
- لا، لا.. لا.
كان السؤال من نميري، والاجابة منه، بينه وبين نفسه، وهو يخطو الى جانب مبارك، الذي كان يريد ان يبلغه بـ «النهاية»، تلك التي قال بها فيما كانت طائرة «الريس»،في الجو، بيان من سوار الذهب، اذاعته اذاعة أم درمان !- يؤسفني، يا أخ جعفر، ان انقل اليك ان الجيش انحاز الى الشعب. يؤسفني ان ابلغك ان وزير دفاعك الفريق سوار الذهب اعلن ذلك في الاذاعة !لم اكن الى جوار الاثنين: مبارك والنميري. ولم اكن قريبا منهما، الى جوار اسامة الباز، غير اني، ما ازال اتخيل، كيف ان الرئيس مبارك، كان متحفزا ــ بينه وبين نفسه ــ للاسراع في اي لحظة، للامساك بالرئيس الذي اسقطه شعبه، حتى لا يسقط مرة ثانية.. وفي هذه المرة، مغشيا عليه !زم النميري شفتيه، وضغط بأسنانه على شفته السفلى، وهو يقبض كفيه الاثنتين، في ذات الوقت.أخذ نفسا حارا جدا الى فوق، وآخر الى تحت، قبل ان يفتح فمه، في المسافة التي بينه وبين الرئيس مبارك.
- لو سمحت يا أخ مبارك، اريد نص البيان الذي اذاعه سوار الذهب !
كان الرئيس مبارك، متوقعا مثل هذا الطلب، ومستعدا للاستجابة له، بأسرع مما يتصور النميري. غمز الرئيس مبارك، لأسامة الباز، بعين واحدة، فأسرع الاخير، الى حيث الاثنين، وهو يتحسس احد جيوب بدلته وأخرج ورقة وناولها للرئيس «المخلوع».
غرس النميري، عينيه في الورقة، بعد ان «لبس» نظارته الطبية، وراح يتمتم:
- yes. انا كنت عارف ذلك، هذا البيان كتبه الـ «خ....» عثمان عبدالله ! و.. لم يكن عثمان عبدالله، الذي يعنيه النميري، سوى العميد عثمان عبدالله، الذي كان يدير في ذلك الوقت «العمليات» في الجيش، والذي اصبح بعد الانتفاضة عضوا بالمجلس العسكري، والناطق الرسمي باسمه !
- طيب يا أخ مبارك.. مع السلامة !
واستدار النميري، يخطو خطوتين باتجاه الطائرة.
- على فين يا أخ جعفر؟
- على الخرطوم !
وضع الرئيس مبارك، يده اليمنى فوق الكتف اليمنى للرئيس «المخلوع»، قبل ان يقول له:
- هذه مخاطرة يا جعفر، الاجواء السودانية «مقفولة»، وهنالك تهديد، من سلاح الجو في وادي سيدنا بضرب طائرتك متى ما دخلت الاجواء السودانية !
- ح ارجع يا أخ مبارك.. ح ارجع !
كان كابتن الطائرة، قريبا من الاثنين، غمز له الرئيس مبارك بالعين التي لم يقمز بها على اسامة الباز، فتقدم الكابتن من النميري ليقول:
- سعادة الرئيس يؤسفني انني لن اطيع امرا لك بالطيران.. ذلك لأن في الطائرة آخرين، ثم انني اذا ضحيت بهم، وضحيت بنفسي، فانني لا يمكن ان اضحي بحياتك يا سيادة الرئيس !
و ــ لم تطر الطائرة،ولم يرجع «الريس».
ظل في مصر، الى يوم، انطلقت النكتة التي تقول، انه اول ما فتح اول جريدة سودانية وصلت الخرطوم، ورأى صورة الجزولي دفع الله بعينيه المتوثبتين، حتى هتف:
- بالله شوف الناس ديل يقولوا انا المخلوع.. انا المخلوع.. هسع مخلوع انا ولا مخلوع الجزولي دفع الله دا؟و.. لم يكن الجزولي دفع الله، سوى رئيس وزراء حكومة الانتفاضة !

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved