ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان
الاتحاد الافريقى قادر على حل مشكل دارفور دون تدخل من أحد بقلم آدم خاطر
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 3/25/2005 1:16 م
الاتحاد الافريقى قادر على حل مشكل دارفور دون تدخل من أحد الجمعة 25/3/2005 م آدم خاطر مهما قيل عن حداثة تكوين الكيان المسمى الاتحاد الافريقى ومقدراته فى الاحاطة بقضايا القارة والاقليم، الا انه يرتكز الى ارث منظمة الوحدة الافريقية بتاريخها الثر ومسيرتها الطويلة فى التحرر والانعتاق ونضال القادة الافارقة الذى يعود لبداية الستينيات ارساءا لركائز هذه المنظمة الفتية واستمساكا بمبادئها الراشدة على ما لاقته قارتنا الام من ظلم واستغلال بشع لانسانها ومواردها وثرواتها بمختلف الوانه التى صبغها وصاغها الاستعمار، وحجم القنابل الموقوته التى وضعها امام طريق مسيرة اى دولة فى افريقيا وعداد الحمم والبراكين التى تفجر بمواقيت معدة سلفا. خرج الاستعمار من اغلب دول المنطقة ولكن اجندته وشخوصه وآلته وادواته فى القمع والتنكيل تظل تركة مثقلة فى شتى ميادين الحياة وضروبها تقعد كاهل معظم دولنا فى النهوض كسائر الامم والشعوب، غادرنا الشكل الظاهرى له ولكن مشاكل افريقيا فى التخلف فى شتى صوره ونقص الغذاء والماء والدواء والخدمات الضرورية لحياة انسانها وتعطيل عجلة التنمية والاعمار وضعف البنى الاساسية فيها ما تزال امانى بعيدة المنال، هرب الاستعمار بازدياد الوعى بمخاطره ومقاصده وانعكاس ذلك فى قوة المقاومة وحركات التحرر الافريقية ، هجرنا الاستيطان الاستعمارى وترك لنا الحروب والنزاعات والفتن القبلية والنعرات العرقية تاكل من رصيد القارة وتفت فى عضدها وتقعد بانسانها فى اللحاق بركب الحضارات على ما تحتضنه قارتنا من كنوز وثروات ، بينما دولهم تتوحد وتتكتل والافارقة يحصدون الفرقة والتمزق ونزاعات الحدود والامراض الفتاكة والوبائيات وفساد البيئة السياسية وتسلط النظم العسكرية والديكتاتوريات . سارعت هذه الدول المستعمرة لنهب واخذ افضل خيرات القارة لنموها وتقدمها فيما كان نصيب اهلها البوار والتخلف والدونية فى كل شىء، وعندما تصحو الامة الافريقية بارادة وعزيمة وتلتفت للنهوض بكياناتها القائمة وتطوير مقدراتها لتواكب متطلبات العصر والعولمة فى تاسيس اوعية تستوعب مقدرات القارة وانسانها تتكالب ذات الدول المستعمرة نيلا وانتقاصا لاى تحسن تقود اليه هذه الاصلاحات، تتشكك فى كل خطوة باتجاه الافارقة وترسم لهم حدودا لا ينبغى لهم تجاوزها حتى تستمر معادلة السادة والعبيد طالما الغرب هو الاهلية والحكمة دون سواه ، تمضى السنوات ولا تغير فى منهج الغرب ودوله وامريكا واسرائيل باتجاه افريقيا وقادتها وانسانها، لا تعجبهم اى خطوة تقود لبروز هذا المارد من قمقمه، ولا يسعدهم ان يكتب له ما يعزز قناعات شعوب القارة فى مستقبل هذا الاتحاد الوليد سيما ان تعلق بفض المنازعات ونزع فتيل التوترات واسدال ستار الحروب على نحو ما يقدم الاتحاد الافريقى الان فى التعاطى مع ملف ازمة دارفور وسعيه لايجاد تسوية سياسية سلمية مرضية تبشر دول القارة بامكانية اطفاء كافة الحرائق التى تشتعل داخل البيت الافريقى فى حدود اسرته وامكاناته الزاخرة . لذلك لم يكن انتقال هذا الملف الى ساحته محض صدفة عابرة بقدر ما هى قناعات راسخة وتوجهات مستبصرة وواعية بمخططات الاجنبى وحملات التآمر التى تجرى ومهما كانت الافرازات السالبة فى التداول افريقيا تجى اكثر رحمة من غيرها . لذا تسعى هذه المحاولة باحالة الملف للاتحاد الافريقى لاعطائه حقه الواجب فى التدخل والتعاطى مع الشان الافريقى بشفافية ورضى بين دولها وشعوبها ، طالما بات هذا الاتحاد هو البيت الافريقى الذى ينبغى ان ترد اليه كافة المشاكل والهموم ليقوم بوضع الحلول والتسويات لها بحكم ميثاقه ومبادئه ووفقا لمعرفته والمامه بطبيعة الواقع الافريقى وتعقيداته وازماته الحقيقية والمصنوعة منها وخبرته الوافرة فى هذا المجال . فقضية دارفور فى وصفها الدقيق وحجمها الطبيعى ليست هى ألمانيا على عهد النازية فى العام 1940 ولاهى رواندا فى تسعينيات القرن الماضى كما يراد تصويرها وتضخيمها عالميا، ولا تخرج عن كنه الازمات الافريقية بوصفها القبلى الداخلى ودواعيه ومسبباته المعروفة التى غذتها اجندة دول ودوائر ومنظمات وكنائس لها اهتماماتها ومصالحها لا تريد لبلادنا الاستقرار ولا تابه بامن الاقليم وطمأنينة انسانه، ولا هى مستعصية عن الحل لعجز اهل السودان وارادة الدولة وتنظيماتنا ومؤسساتنا القائمة . ولا هى فوق قدرة الاقليم وامكانات ابنائه ان ترك لهم الخيار وحيل بينهم وهذه التقاطعات والاشارات السالبة التى ترسل لقبائل التمرد والحركات المسلحة فى دارفور، بل بمقدور بعض دول الجوار والمحيط لولايات دارفور الكبرى ان ياتى الحل فى حدود نطاقها لتاثرها المباشر بتبعات هذه الحرب وانعكاساتها فى اللجوء وتبعاته عليها وعلى استقرارها وامنها القومى . بل ان تجربة مجموعة دول الايقاد فى معالجة قضية الجنوب وتحقيق الاتفاق النهائى من نيروبى تظل جهدا افريقيا خالصا وان حاول بعض اللصوص والسماسرة من منسوبى الاجهزة الامنية والاستخباراتية فى الدول العظمى الاحاطة بها وتكييفها شكلا لمصالحهم من خلال مسميات الشركاء والاصدقاء جورا . لذلك يبقى الشاهد فى ان نظام الحكم القائم ادرك باكرا ضرورة اشراك الجوار الافريقى للمخاطر المحدقة وراء هذا الازمة لحميمية العلاقات والاشتراك فى الهم والمصير فكان جهد الشقيقة تشاد فى انجمينا وابشى وما يزال يتصل ، وكان دور افريقيا الوسطى حاضرا وقد سبقته اثيوبيا ونالت من هذه الجهود دولة اريتريا التى تعمل على الدوم خصما على المساعى الافريقية اجمالا . بل كان الدور النيجيرى طليعيا ورائدا يحفظ قيمة العلاقات الثنائية ويوائم بين التمثيل والثقل الافريقى ومطالب الدول والكبرى وتغولها فى شاننا ، بل استدامت مساهمة الاشقاء فى الجماهيرية الليبية و لم ينقطع ، وكذا مساعى الشقيق الاكبر فى مصر توازن بين الابعاد العربية والافريقية فى المشكل ، فنشطت الدبلوماسية الافريقية وتوالت القمم الثنائية والمتوسطة لتحاصر المشكل من التفاقم وتبعد شبح التدخلات الخارجية خارج الاطار الافريقى . وتأسيسا على ذلك شهدنا كيف استطاعت الجهود الافريقية من اختراق السياج الاعلامى الضخم المصاحب لقضية دارفور فى دحض الكثير من الشائعات والحملات التى ظلت تروج للتطهير العرقى والابادة الجماعية وتقلل من خطر القرارات و العقوبات الدولية وتؤكد قدرة القارة فى ايجاد التسوية اللازمة دون تدخل من احد ، وبالمقابل رأينا كيف هى اهتمامات واجندة الحركات المسلحة ممثلة فى حركتى العدل والمساواة وتحرير دارفور تتقلب وتتبدل كالرمال دون ان يكون لها سقف او غاية فى اهتمامات انسان دارفور واولوياته الملحة فى وقف نزيف الدم و تعزيزصمود وقف اطلاق النار حتى يصار الى طاولة المفاوضات وتستكمل المباحثات السياسية وهى قد بلغت اشواطا مقدرة فى ابوجا الثالثة . بل وقف المراقب على حجم الهلع والمخاوف التى يبديها اطراف التمرد من اى لقاء افريقى يتعاطى شان دارفور، وبالمقابل هرولتهم باتجاه الدول الغربية واسرائيل وربيبتها اريتريا التى يتخندق بها قادة التمرد ، وتعويلهم الساذج على المنظمة الدولية التى لم يسجل تاريخها اى نجاح فى تسوية اى ازمة داخلية فى اى دولة ولم تنجح فى وقف اطلاق النار او المحافظة على السلم والامن الدوليين ، بقدر ما فاقمت من المآسى وزادت من التعقيدات الموجودة و اضحت العوبة ودمية فى يد امريكا وهى تنفرد بالقرار وتغيب الارادة الدولية مجتمعة وتاتىاليها لاحقا لاصباغ الشرعية على فعالها النكراء كما يرى فى العراق وافغانستان . فيما يواصل قادة التمرد سعيهم الحثيث فى حشد المؤازرة الاوربية قطع ممثل الامين العام برونك من ألمانيا فى ندوة مفتوحة بنفاق اوربا دولا وحكومات وعدم جديتها فى دعم جهود السلام طالما هى تسعى لترويج تجارة السلاح والالغام وتقتات بها، حيث اتضح جلاء ذلك فى ضآلة حجم الدعم الانسانى الذى قدم حتى الان للمتاثرين بالحرب فى دارفور والذى لم يتجاوز ال8% من المطلوب ، والتمرد يتشكك فى قدرة الاتحاد الافريقى فى نزع فتيل الحرب وتحقيق التسوية السلمية ويعمل لوضع العقبات امام جهوده وينال من اهليته ويقلل من حكمة القائمين عليه، كما تشكك باستمرار فى كافة الوساطات والمساعى الافريقية الشقيقة و لا يثق الا بتخرصات من يقف وراءه ولن توصله هذه الشطحات والامال السراب الى غاية فى دارفور مهما وجد من سند ودعم والجنوب خير دليل . الاوضاع على الارض بدارفور فى تحسن مستمر فيما يلى الجوانب الانسانية والامنية ، وجهود الدولة صوب الاستقرار واعادة الامور الى نصابها تمضى بخطى ثابتة رغم المكدرات التى تحاول صرفها عن كل ما يعزز هذه الخطى ، والكرة الان بملعب التمرد للعودة الى طاولة المفاوضات التى هى السبيل الاوحد والامثل لتحقيق تطلعات اهل دارفور واستكمال مسيرة السلام التى ابحرت من نيروبى دون شروط او مطالب تعجيزية ، والاتحاد الافريقى هو الجهة الوحيدة التى بامكانها ايصال السفينة التى انطلقت من ابوجا الى مرسى آمن من واقع المعلومات التى توافرت لديه والتنسيق الذى يجريه مع الحكومة والاطراف المهتمة بالشان الدارفورى ومجمل مسارات السلام ، وعلى المجتمع الدولى ان يلتزم الحيدة لتتقدم هذه الجهود و يتخذ من التدابير ما تمكن آليات البيت الافريقى من الاستمرار لانجاز سلام دارفور ، ان لم يوفر لها الدعم المادى واللوجستى وكافة المعينات علية ان لا يقف حجر عثرة امام تقدمها . ليس هنالك ثمة تعارض مع الجهود الثنائية التى تنتهجها الحكومة مع العديد من الاطراف والجوار الافريقى طالما افضت لذات الهدف ومكنت للمزيد من التهدئة وبلورت الحلول . يأسف المرء لان يقود حملة الاضعاف والتشكيك ضد الاتحاد الافريقى قادة التمرد انفسهم فى جولاتهم باوربا وامريكا وهم من يدعون ان الحرب فى دارفور تهدف لاستئصال العنصر الافريقى هناك ، ترى من سيكون احرص من الافارقة انفسهم على بعضهم ، ما الذى يجعل اوربا وامريكا اكثر رحمة وغيرة علينا من انفسنا ونواياهم باتجاهنا لا تخطئها العين ، كيف نفسر هذه المعادلة والمواقف المتناقضة للتمرد وهو قد انكشف ستاره وبان خواره لجهة مطالب اهل دارفور التى يتزرع بها وشعاراتهم الواهمة التى لا تحمل قيمة ولا تعكس خلق دارفور ومجتمعاتها. لابد من عمل ضخم يوازى هذه التحركات المريبة للتمرد وهو يعمل بمناقضة اى بادرة تدعو للسلام وتحض عليه ، غيابهم وتزعهم بما يقال من اعاذير واهية لينصرفوا عن طاولة المفاوضات لن يجلب لهم غير المزيد من الخزى والهزيمة على هزيمتهم فى الميدان وفقدانهم الوجود الفعلى على الارض وغياب اى اعتراف او مساندة شعبية لهم فى قرى ومدن دارفور . مزيد من الضغوط على التمرد مع محاصرة جيوبه فى مناطق تواجدهم مع حملة سياسية واعلامية وتعبوية واسعة داخليا ومزيد من الجهود الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية خارجيا من شانها ان تبرز دور الاتحاد الافريقى الى الساحة اكثر قوة وفاعلية بثقة منظورة من شانها ان تجعله قادرا على استعادة دوره واستئناف المفاوضات من حيث انتهت وقيادة الجميع الى النهايات المرجوة فالمسيرة التى انطلقت لا تحتمل انتكاسة ولا ينبغى ان يسمح بها رغم انف التمرد واعوانه.