في هذا المقال سوف نتطرق إلي تراث الحوازمة في شخص الراحل المقيم العم محمد أسماعيل محمد الملقب (أم دقيلوه)، إبن العمدة إسماعيل اللحمير، عمدة قبائل الحوازمة فرع قبيلة الجميعية. والعم محمد إسماعيل أم دقيلوه (تنطق أم دقيل لوه بضم اللام الأخيرة)، رحمة الله من رجال الحوازمة الذين يشار إليهم بالبنان، ما جلس مجلساً إلا حقق ما يريد وما أوفدته القبيلة في شأن رجال إلا جاء رابحاً، لديه أسلوب فريد في الدفاع عن قضاياه. دائماً يجلس منكفءاً إلي الأمام قليلاً في جلسته ومتكعاً علي عصاته الخيزرانية وإن لم تكن كذلك. يحب الجلوس علي كرسى يشبه كرسى المعاشات (كرسى خشب ملبس بقماش) ولا يجلس علي كرسيه أحد كبيراً أو صغيراً، شيخاً أو أمرأة، لا ندرى مهابةً له أو أحتراماً، ربما إنتزع هاتين الصفتين إنتزاعاً. m فإذا جلس في مجلس حوار إستمع بملء إذنيه وأملى بصره في محاوره وما أن حانت اللحظة المناسبة حتى قفز واقفاً مقاطعاً محاوره بأن (حديثك وصل)، فأذا أصر المحاور إلي مواصلة الحديث قاطعة بكلمة (أجّع بتشديد الجيم ونطقها مهملة كانها بها ثلاثة نقطة) مقطباً جبينه ولافظاً يده بشده وفاتحاً فاه قليلاً حتى تبين ثناياه ثم يزيد (كثرة الحديث التى لا تفيد مضعية للوقت، قلنا حديثك وصل، أجلس دعنى نفيدك فيه، وإلا تركناك) ويصر العم أم دقيلوه حتى يلزم خصمه بالجلوس. وهنا تأتى حنكتة فهو (يتحين) فرصتة في خصمة فأن لم تأتى واصل الصمت والأستماع، فإذا إراد شخص من الحضور مقاطعت المتحدث أشار إليه بالصمت. فأذا وقف لم يجلس حتى يجلس محاوره، فأذا جلس ردد العم أم دقيلوه قول خصمه الذى يريد أن يبنى طرحه عليه، وهو يلقى حديثه بصوت جهور ينهى كل جملة بسؤال بسيط يجيب عليه خصمه بكلمة (صاح أو غلط)، ولا يتخطى نقطة حتى تأتيه الأجابة. وحواره يأتى بصورة متناسقة حتماً تقود إلي النتيجة التى يرجوها. فإذا (تأترس) محاوره سأل الحضور (من الصاح)، فإذا أشار الحضور في صالحه جلس. فالعم أم دقيلوه لا يقبل أحداً يقاطعه حتى ينهى حديثه وهو يتحدث بجد بائن في مهياه ونبرات صوته وتقاطيع وجهه وضيق حدق عينيه وإشارات يده. وقد ساعده في حنكته قبوله للحق دون تردد ومعرفته لتقديم الحلول الوسطية، يبدو أنه يدرس الأمر من أوله إلي أخره قبل الحوار فإذا كان الأمر لصالحه لم يتنازل حتى يكسب حواره أم إذا كان الحق ليس معه فسوف نرى في نطقة لاحقة كيف يتعامل العم مع هذا النوع من القضايا.
العم أم دقيلوه أول حازمى (علي حسب علمى البسيط) علم إبناءه من أكبرهم إلي أصغرهم، فمنهم خريجو جامعات، مشرفون تربويون، مهندسون، ضباط، فنيون، علماً أن البيئة التى حوله ظلمات بعضها فوق بعض من الجهل والأمية الطاغية. فكيف تثنى له أن يعرف قيمة العلم والمعرفة وهو رجل أمى ونشأ في بيئة جاهلة لا تعرف غير الرقص والغناء والطرب وتربية الأبقار ورعيها والتفاخر بها. وفوق كل ذلك كيف عرف فائدة تعليم البنات، ليجعل من بناته نموذجاً يهتذى به، فبقدر ما علم أبناءه علم بناته وحفيداته وربيباته. فقد كان ذو نظرة ثاقبه تتخطى زمانه.
وما أريد أن يلاحظه القارئ هو مقدرة العم أم دقيلوه علي جمع المتضادات التى من الصعب تآلفها، فهو يحب حياة القرية ولا يحب الرعى أو المدينة ولكنه إذا ذهب البندر تدثر بدثار العمد والمشايخ وتبدو على هيئته رجل مدينه من الطراز الأول في (أتوكيت) المدينة ومجاملاتها، فهو لا يتردد في الذهاب إلي مكتب المحافظ أو القاضى المقيم أو إعضاء المجلس، وإذا ذهب البادية جرى نحوه الصغار والنساء وأستقبله الكبار أستقبالاً حاراً فى كل مكان، فإينما جلس فإن مجلسه مجلس إعيان، تدور فيه إحاديث الساعة التى يبدى بها إهتماماً عظيماً. العم أم دقيلوه أنصارى متمسك بتراث الأنصار ولا يرى بديل لحزب الأمة في قيادة الدولة السودانية إلي بر الأمان. وفي قريته كركراية شمال شرق كادقلى، له أصحاب كثر، منهم المتعلمون، الأميون الجهلة، ذو الأهات والغرباء، ولكل فصيل من أصدقاءه له معهم حديث خاص يليق بمكانهم.
ولعل من طرائف ما حكى عن أنصارية العم محمد أسماعيل في صباه، إنه جاء ذات يوم عند الأصيل من مزرعته بعد يوم طويل من (معافرة) أعشاب السافنا الغنية الطويلة التى تفوق قامت الرجل طولاً –فوجد النساء يسرخن في منزله والطبل يطرق، فأوقف حماره عند الضرا (مكان الضيافة)، فسأل ماذا جرى للنساء، إن شاءالله عافيه؟ فقيل له أن زوجتك فلانه أصابها الزار. فنزل من حماره وأتجه مسرعاً نحو المنزل حتى صار تسعة ياردات أو يزيد قليلاً، ثم أرتكز كأنه يريد أن يرمى هدفاً، ثم صوب بندقيته (أب روحين) من خلال باب القطية. وحينما رأه أهل الضرا عرفوا أن الشمس سوف تغيب دون إحد النساء، فجروا نحوه بلهفة يتداركونه، لكنه قبل وصولهم فقد (رش) النساء بطلقتين حتى خرج الدخان من مؤخرة القطية. وقد ذكر الجد محمد شنتو (الملقب بيبى) أن الدخان والبارود خرج من مؤخرة القطية قبل أن يخرج النساء من جميع الأتجاهات طائشات دون هدى. وقد ذكر الحضور أن المريضة كانت أول القوم طلباً للنجاة فهى كالسهم أو أسرع. ولم يمهل القوم العم أم دقيلوه لكى يعبى بندقيته مرة أخرى، منهم من أنتزع الخزنة ومنهم من (عافره) في سلاحه. وركض القوم نحو المنزل بين الدهشة والأمل، فوجدوه غفراً من ساكنيه إلا البخور والأحذية وقبعات الزار المزركشه علي الأرض، فحمدوا الذى لا يحمد علي مكروه سواه. وحينما سألوه هل تريد قتل النساء، فقال قولته المشهور (لن يدخل الشيطان بيتى وأنا أنصارى). ومن حسنة جهاده ضد الشيطان أنه أخرج الزار من زوجته إلي الأبد وقد أخرجه من القرية عن بكرة أبيها، فضاربات الزار لا يهومن حول قريته ولا نساء القرية يتجرأن بأنهم مريضات بالزار ولو أعطيتهن ألوف مؤلفة.
يعتبر العم أم دقيلوه من القلائل الذين كسروا الحواجز القبلية، فقد تزوج من قبائل عدة وتربطه صلات قوية بكل قبائل المنطقة. وبحكم عدم إيمانه بالحواجز القبلية، فقد زوج بناته في خارج إطار القبيلة وأنتهج أبناءه الذكور منحى والدهم في الزواج في كثير من الأحيان. فإن قبائل الحوازمة عموماً أشتهرت بالزواج خارج أطارها القبلى حيث تجد القبلية تجمع كل ألوان الطيف القبلى في المنطقة.
بحكم تعليم أبناءه وتعدد قبائل زوجاته، قد إكتسب العم أم دقيلوه ثقافة البوادى والحضر، وأصبحت همومه وإهتماماته تختلف عن إهتمامات الرعاة تماماً، مع أنه ينسجم معهم في كل كبيرة وصغيرة. فقد تخلص من ثروته الرعوية مبكراً وحولها إلي تجارة مستقرة كانت مفتاح لخدمات المنطقة فيما بعد، فقد كان أبرز تجار قرية الشحيطة في شمال شرق كادقلى، التى صارت فيما بعد شبه مدينة وتوزعت إلي عدة قرى منها كركرية التى أتخذتها مقراً لسكنه. وقد ساعدته نشأته في منزل والده العمدة أسماعيل الأحمير، بتعلم شؤون المحاكم البلدية والأدرات الأهلية وتصريف شؤون الرعية ومداخل الحكومات وغيرها. وقد كان عازفاً عن تقلد المناصب القبلية أو الأدارية حتى قريباً، حينما أنتخبته القرية رئيس لمجلسها الريفى. فقد جذب إستثمارات مهمة للقرى في مجال الزراعة، كأنشاء المشاريع الزراعية التجارية التى ساعدت أهل القري في إيجاد مصادر للعمالة في فترات الخريف حيث تنعدم السيولة النقدية وكان صوت قوى في المجلس في إستجلاب الجرارات الزراعية والتقاوى والسلفيات في موسم الزراعة والحصاد. كما ساعد في إستقرار الكفاءات الوافدة للمنطقة كالمدرسين، الممرضيين الطبيين وخبراء الزراعة، بتمليكهم قطع أراضى زارعية في محيط القرى مما حسن دخولهم ووفر لهم مصادر للعيش الكريم، فأستقروا طويلاً مما أنعكس إيجاباً علي تعليم الصغار في المراحل الأبتدائية.
ومع كبر مقامه وإتساع إهتماماته، إلا أن العم أم دقيلوه يمتاز ببساطة وسهولة في التعامل بصورة غير معهودة في شخصيات الحوازمة، يحبه الصغار والكبار مع مهابه وتقدير واضح لشخصه. وقد شهدت مريض الزهان، أبو سميك، الذى يهيم القرية ليل نهار دون هدف، إذا إشتدت حاجته (جاجته هى الصاعود والمريسه) ولم يجد من يسعفه جاء إليه، يجلس علي الأرض أمامه يسأله حاجته، ولعل العم أم دقيلوه بتمسكه بأنصاريته التى تحرم الخمر والصاعود لا يرضى حتى سؤالاً عن تلك المحرمات، وبمعرفته بمرض أبوسميك يبدأ معه في محاضرة طويلة عن حرمت الخمر ومضار الصعود وأبوسميك يستمع بكل أهتمام (ولعله الشخص الوحيد الذى يستعمع إليه أبوسميك بأهتمام) فيصر أبوسميك علي نقود المريسة والصاعود، ويصر العم أم دقبلوه علي حرمت هذه الأشياء دون أن يطرد أبوسميك. وحينما ييأس أبوسميك، يلتجأ إلي حوار أخر أن عمامته تمزقت وأن ملابسه وحزاءه قد بليت أو فردته سرقت، فهنا يدخل العم أم دقيلوه يده في جيبه مستلاً نقوداً يسلمها لأبى سميك محلفاً له بغليظ أيمانه أن لا يسكر بها. فيحلف أبوسميك. وفي المرة القادمة يأتى أبو سميك بملابسه البالية ويسأل مرة أخرى أنه يريد شراء ملابس، فيسأله عن النقود كيف صرفها فيقول دون تردد أنه أبتاع بها الصاعود (لأن خرمته كانت صعبة). فيضحك العم أم دقيلو معلقاً (مصيبتنا مع أبو سميك مصيبة) وقد شهدت الجنوبى تعريفه، رجل طويل القامة، أستقر في القرية، شبه عارى من الملابس، يستأجره العم أم دقيلوه في الحصاد فإذا إنتهى موسم الحصاد تحول الرجل لإيراد الماء (يحمل صفيحتين علي أكتافه في خشبة علي شكل الميزان) لأهل القهاوى (المقاهى). فإذا نضب مصدر رزقه من أهل القهاوى جاء إلي العم أم دقيلوه يسأله (أم دقيلوه ممكن تدينى قروج يعنى قروش) يسأله العم أم دقيلوه قروش شنو؟ فيقول (أنا عندو قرد) أى غرض. فيقول له (كن جيعان أمشى البيت للحره، زوحته الكبيرة، تعطيك أكل). فيقول تعريفه أكلت عند الحرة ولكن عاوز قروج شوية كده ولا يتجرأ بأن يقول أنه يريد الصاعود أو المريسة، ويظل في حواره حتى يفتر العم أم دقيلوه، فيقول له (عايز كم) فيقول حاجته ودائماً مبلغ في غاية التفاهة، فيعطيه له، ثم يضحك العم أم دقيلوه قائلاً (وجع الرأس في شنو). حينها يقوم تعريفه ممسكاً برأس العم أم دقيلو قائلاً (جكلاً، جكلاً، جكلاً) أى شكراً، شكراً شكراً، فيقول له العم أم دقيلوه ( خلاص، خلاص، أمشى قضى حاجتك). وكان إذا حضر أحمد لذاذ، رجل مريض بالجزام، لا يعافه، فأن كان أمامه طعام دعاه للأكل فيأكلان اليد باليد في إناء واحد ويونسه (يؤانسه) فترات طويلة ولا أدرى ما الذى يجمع بينهما، فنحن نخلى المكان فوراً ولا نأتى إلا لأيفاء طلبات العم أم دقيلوه من الملاح والشاى والقهوه.
ومن تجليات العم أم دقيلوه عندما يأتى أصحابه من القرى المجاورة (وهى قرى كثيرة وعلي مسافات متباعدة) ليلعبون لعبة (الضالة) في فترة أنقطاع العمل في وقت الصيف. فالبسمة ترتسم عريضة في شفاه الجميع –فاللعبة مرهونة بديك دجاج. وكانت أجودها عندما يأتى أهل قرية البخس (التى أبادها التمرد فيما بعد) فالأخوان موسى أبوساق وحسن أم جاكومة خبرة منقطعة النظير في اللعبة. فإذا حضروا وصاح المرحوم موسى بأعلي صوته، يحضر الجد محمد شنتو والخال حسن حماد (الدبيلوك) يحمل حقة صاعود ضخمة ينقرها نقرات ثم يفتحها قائلاً (السفه أخير من بنات كركراية كافة). فيقول له العم إم دقيلوه (ما أحترمت خالك يالدبيلوك) فيرد الخال حسن (ما أعظمك خال لكنها لزوم اللعبة). وحينما تنتهى اللعبة ويأتى أكل الديك، تلك هى اللحظة الوحيدة التى نأكل فيها كباراً وصغاراً في حضرة الضيوف. فيقول الجد بيبى (ناول جدك) وهنا أطمر يدى من بين اللحم والرز (الأرز) مستلاً فخزة الديك ثم أناولها جدى، فيرمقنى الخال حسن بنظرة حادة، فيضحك جدى قائلاً (سبقك ول بتى) فيضحك العم أم دقيلوه (الولد تربية جدو). وهكذا بفضل علاقات العم أم دقيلوه تظل القرية وضراه يموج ويعج بالضويف من جميع القرى، وتكثر الولائم، فيتحول صيفنا إلي خريف أخر لا نشعر فيه بزمهرير الشمس وهجيرها. ومن خلال تلك العلاقات الأجتماعية المعقدة يستطيع العم محمد إسماعيل أم دقيلوه تسيير دفة شؤون المناطق بسهولة ويسر وتحريك إتجاهها.
ويشتهر العم أم دقيلوه بأسلوب فريد في تشجيع طلاب المدارس، فإذا جاء كادقلى زار جميع أبناء القرية في المدارس المتوسطة والثانوية وينقل لنا أخبار الأهل وأمور ذات أهمية لا نرى إننا في مقامها، لكن هو أسلوبه في تدرينا علي المسؤوليه ويقوم بأعطاءنا النقود متى ما جاء. وأذكر زياراته لي في جامعة الخرطوم متى ما ظهرت مظاهرات وأحداث شغب في الجامعة ويتبادل الحديث مع أصحابى وزملائى ناصحاً وموصياً. وتختلف سفرياته من جنوب كردفان إلي الخرطوم من المسافرين الأخرين، ففى حين نرى في تلك الرحلة عذاب ومشقة السفر، بالنسبة له العكس، فرحلته طويلة يوم يومين مع أبناءه في الأبيض، يوم في كوستى أو ربك والجزيرة أبا، الحصيحيصا حتى يصل الخرطوم حيث يستقر أغلب وقته في منطقة الشجرة مع أبناءه.
ولعل أخر ما أتذكره للعم أم دقيلوه قبل وفاته، حله الجزرى لمعضلة نشأت في منطقة تلودى في أوائل التسعينيات، فقد أقتال إحد الأهل رجلاً في تلك المنطقة، وقد جاء الخبر في مدينة كادقلى وكان العم أم دقيلوه في زيارة أبناءه، فما كان منه إلا أن ركب العربة بمفرده قاصداً مدينة تلودى، فنزل عند أهل القتيل، وقال لهم إنى ولى القاتل (فلو ذبحتم في الساق قلنا حلال ، أى أنتم تأمروا ونحن نجيب، فإذا أرديتم الدية فأنا متكفلها لكم من قبيلتنا وأن أردتم أخذ الثأر فلا حوجة لكم بغيرى، فقد أتيتكم طائعاً فأفعلوا بى ماشئتم). فما كان من القوم إلا أجلوا حضوره وتنازلوا عن قضيتهم لصالح الدية، وقد ذبح لهم العم أم دقيلوه ثوراً لقضاء العزاء. فقد خلف العم محمد إسماعيل تراث قل أن يوصف أنه صفحات نصائعة لزعامات الحوازمة الشعبية، وإن كانت هناك ما يوصف به أنه أول حازمى يمحو الأمية من أسرته وينشر نور العلم والمعرفة من خلال أبناءه وأحفاده، وظل علماً تتجه نحوه الأبصار عن إشتداد المهن ويطلبه ضعاف القوم وأصحاب الحاجات فهو الملتجأ. رحماك يالله.
نواصل تأريخ وتراث الحوازمة، وسوف نتطرق للمراسلات التى وصلتنا في قراءة تأريخ الحوازمة.
بريمة محمد أدم
واشنطن دى سى، الولايات المتحدة الأمريكية.
24 مارس2005