مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

والجليد يتساقط! بقلم هاشم كرار

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/21 8:26ص

تصرفات البشر كثيرة لكن يبقى في الذاكرة من كل هذه التصرفات ما ينتفع به المرء وما ينتفع به الناس!
لا يزال في ذاكرتي ذلك التصرف الجميل في كل مرة اخرجه من «دهاليز» الذاكرة‚‚ أقف امامه باحترام‚‚ احييه في أدب‚‚ وفي كل مرة اخرجه من الذاكرة لأنظر اليه بمودة وحب وفير‚ أروح أمني النفس ان تتصرف مثله ذات يوم!
كان ذلك ذات شباب:
كنت في سراييفو في زيارة لبضعة أيام ضمن وفد صحفي من دول عدم الانحياز‚ رتبت سريعا اشيائي في خزانة الملابس‚ لم استلق ولو قليلا‚ خرجت امارس هوايتي العتيدة في المدن الغريبة‚ هواية تصفح الناس في الشوارع: كيف ينظرون في عيون الغرباء لم اكن أدري يومذاك‚ انني بممارسة هوايتي تلك اجعلهم هم يمارسون في الوقت ذاته واحدة من هواياتهم العتيدة: تصفح عيون الغرباء‚ إذهم يتصفحون عيونهم!
مشيت كثيرا‚ تصفحت عيونا وقرأت ملامح وبادلت ابتسامات بابتسامات وتحايا بأمثالها‚ وحين خطرت في ذهني فكرة ان اعود للفندق التبست علي الشوارع!
- أوه‚‚ «بليز» ‚‚ لقد ضللت طريقي في مدينتكم الجميلة!
وقفا‚‚
كانا اثنين‚‚ شابا وشابة‚ وكانت بينهما حكاية طويلة‚ من حكايات الإلفة والغرام!
- أوه‚‚ اهلا بك اولا‚ في سراييفو‚ ابتسمت لأقول شيئا غير ان صوته هو ارتفع‚‚ اطول بقليل من طول أذني:
- صدقني‚‚ انت هنا‚ في هذه المدينة لن تضل ابدا!
ابتسمت لجملته «المليحة» شعرت بنوع غريب من الطمأنينة الداخلية قلت له بصوت واثق من نفسه:
- اذن يا صديقي هيا بي بالوصف اذا امكن إلى حيث فندق «بارك»!
لم يستغرق الوصف اكثر من دقيقة: أنظر يمكنك ان تأخذ هذا الشارع الى نهايته تأخذ يمينا ثم يسارا ثم يمينا مرة أخرى و‚‚ في نهاية الشارع ستشتم رائحة العشاء‚ بانتظارك في الفندق‚
بعد جملته «الشهية» تلك لم اكن احمل جسدي برجلي في الشارع الطويل وانما كنت احمله بصوت مصاريني‚ كان الجليد قد بدأ يتساقط فيما كنت اقترب - بحسب الوصف - من رائحة العشاء‚
كنت أدندن بأغنية سودانية والجليد يتساقط ‚‚ يتساقط‚ اقسم الآن انها كانت اول اغنية سودانية يدندن بها امرؤ في ذلك الشارع والجليد يتساقط ‚‚ يتساقط او لا يتساقط على الاطلاق‚
فجأة انتبهت الى صوت اربع اقدام «تطرقع» ورائي والجليد يتساقط التفت لدهشتي كانا هما الاثنان ‚‚ كان هو يمسك بوسطها وكانت هي ذراعها اليسرى تلتف في رفق حول عنقه كانا يركضان والجليد يتساقط ‚‚ يتساقط‚
- اوه اهذان انتما مرة اخرى حكاية من حكايات الالفة والغرام؟ اوه ‚‚ يا للسعادة‚
ابتسما وكان يمكن لجملتي ان تثير الابتسامتين الى ضحكتين‚ لولا ‚‚ لولا ‚‚ وحين حاولا ان يقولا شيئا بعد ان التقطا انفاسهما اللاهثة لم يجئيني صوتان وانما صوت واحد من فمين اثنين وفي وقت واحد:
sorry
التقطا معا نفسا واحدا قبل ان يجيئني في هذه المرة صوته هو:
- لقد اخطأنا في الوصف يا صديقي نحن متأسفان جدا‚ كان علينا ان نقول لك ان تأخذ الاتجاه المعاكس تماما لهذا الشارع الذي انت فيه الآن‚ في هذا الاتجاه الذي انت فيه الآن لن تشم اطلاقا رائحة العشاء‚
في مثل هذه المواقف الجميلة يضيع الكلام‚
لم اقل شيئا بالطبع‚
فقط ‚‚ والجليد يتساقط ‚‚ يتساقط‚ اسقطت على الاثنين الجميلين جدا مظلة من الابتسام و‚‚ انحنيت لا انبس بكلمة شكر ‚‚ بكلمة امتنان‚
ابتسما معا في وجهي‚
كانت يده اليمنى لا تزال تلتف حول وسطها ‚‚ وكانت يدها اليسرى لا تزال ملتفة - برفق - حول عنقه‚ حين دارا معا‚ وانطلقا والجليد يتساقط ‚‚ يتساقط!
حين وصلت الفندق لم اشتم رائحة العشاء‚‚ كانت رائحة التصرف الجميل ‚‚ تصرف الاثنين الجميلين جدا‚ تفوح في كياني كله!

للمزيد من االمقالات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved