مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

غيبة الوعي في الخرطوم بقلم د. عبدالوهاب الافندي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/20 5:23م

(1)
عندما قررت حركة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة اقامة قاعدة عمليات لها في العراق في ذروة الحرب العراقية ـ الايرانية، وفي وقت تعبأت فيه المشاعر القومية في ايران لدرجة ان ابن الشاه اسابق تطوع للقتال في الحرب، كتبت احدي الصحف الايرانية تعليقا علي هذه الخطوة بعنوان ميت يقدم علي الانتحار.
ويبدو ان تعليقا مماثلا اصبح مطلوبا في حق الخطوة التي اعلنها حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان الاسبوع الماضي بالاندماج مع حزب تحالف قوي الشعب العاملة الذي يتزعمه الرئيس الاسبق جعفر النميري.
(2)
حزب المؤتمر الوطني السوداني يشبه في حاله كثيرا من الاحزاب العربية الرسمية، مثل تلك التي تتسمي بالحزب الوطني او الحزب الدستوري او اللجان الشعبية او حزب البعث، وذلك في كونه اسما علي غير مسمي، فلا هو بحزب، ولا هو بمؤتمر ولا هو بوطني. فهو لا يتعدي كونه مصلحة حكومية انشأها النظام لكي يمنع اعضاءه من ممارسة النشاط الحزبي ولا يشجعهم عليه.
(3)
ولكن المؤتمر الوطني يختلف عن نظرائه في ان حالة الموت التي يعيشها كانت خيارا لا ضرورة. ففي هذا الوقت الذي تزدهر فيه الاحزاب الاسلامية في البلدان العربية رغم القمع والحظر، وتشكل باعتراف خصومها اكبر القوي السياسية بلا منازع، كان بامكان الحكومة السودانية التي تجاهر بهويتها الاسلامية ان تجيش رصيدا كبيرا من الاتباع، ولكنها اختارت اسلوب الديكور بديلا عن التعبئة الحزبية الحقيقية، وقامت بتدمير حزبها وتشريد كوادره واستبداله بكيان هو هيكل اجوف لا حقيقة له.
(4)
الاشكال هو ان الحكومة مقبلة في الاشهر القليلة القادمة علي وضع لم يعد الديكور الحزبي يجدي فيه، لانها ستفقد احتكار السلطة، وستواجه شارعا تسيطر عليه احزاب منافسة لها اتباعها وانصارها. حتي حليفها في السلطة الجيش الشعبي لتحرير السودان اثبت قدرات فائقة علي الحشد والتنظيم في العاصمة الخرطوم نفسها بصورة تفوق كثيرا ما يستطيعه حزب الحكومة. وهذا بدوره كان يستدعي من الحزب الحاكم التحرك باتجاه يبعده عن دور الديكور الي دور المنظمة السياسية الحقيقية.
(5)
اذا كان تصور قيادة الحزب لمثل هذا التحرك هو الاندماج مع حزب النميري فان هذا يكشف ازمة اعمق مما كنا نتصور في الرؤية السياسية لهذه القيادة. حزب النميري لا يفتقد الي الرصيد السياسي فقط، بل رصيده يحسب بالسالب بحيث ان كل من يرتبط به يكون من الخاسرين. هذا الحزب كان اسما علي غير مسمي حتي وهو في السلطة. فهو تسمي باسم الاتحاد الاشتراكي استلهاما للتجربة الناصرية، ولكنه كان قد تنكر لمبادئ هذه التجربة حتي قبل ان يعقد مؤتمره الاول، علما بأن التجربة فشلت حتي في موطنها الاصلي. وعندما آل النظام الي الانهيار، دعا قادة الحزب الي مظاهرة لدعمه فلم يحضرها سوي ثلاثة آلاف متظاهر، وهو عدد اقل بكثير من الكوادر التي كانت تتقاضي رواتب حزبية.
(6)
نظام النميري تم اسقاطه في انتفاضة شعبية وباجماع وطني قارب ان لم يفق الاجماع علي الاستقلال وانتفاضة اكتوبر 1964 ـ واذا كان هناك من يفقه في الف باء السياسة لما تعسر عليه ان يدرك ان الارتباط بحزب كهذا واستعادة رموزه المرفوضة شيئا اهانة لارادة الشعب واستفزاز غير مقبول لمشاعره ولكن المحير هو لماذا تتكلف جهة مثل هذا العبء في سبيل حزب لم يستطع ان يجيش ثلاثة آلاف متظاهر للدفاع عن نفسه وهو في الحكم؟ وما هو المكسب السياسي المرتجي من مثل هذه الصفقة السياسية الخاسرة؟ هل فعلا انعدم العقلاء داخل هذا النظام وحزبه بهذا الشكل بحيث غاب الوعي تماما بأبجديات الامور السياسية؟
(7)
لم نكن نحتاج لأدلة جديدة لان اركان النظام السوداني يعيشون في عالم وهمي اصطنعوه لانفسهم، لا صلة له بالسودان وأهله، ولا بالكرة الارضية. ولهذا ظلوا يتعثرون كما يمشي النائم من كارثة الي اخري. ولكن حتي بمقاييس النظام فان هذه السقطة الاخيرة تثير الاستغراب، بل والرعب. فأي كارثة تنتظر البلاد يا تري اذا كانت هذه هي العقلية التي تسيرها؟

للمزيد من االمقالات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved