ما يلي ترجمة لمقابلة أذيعت عبر راديو ( أن. بي.آر.) بالولايات المتحدة الأمريكية في يوم الخميس 17 مارس 2005 مع ضابط المارينز المتقاعد بريان أستيدل. أجرت المقابلة مقدمة برنامج
المذيعة تيري قروس. لسماع الحوار الرجاء فتح اللنك الآتي: Fresh Air
http://www.npr.org/templates/story/story.php?storyId=4539140
بعد الدخول أضغط علي كلمة:
Listen
تيري قروس: هذا برنامج (فرش أير) وضيفي اليوم بريان أستيدل هو شاهد عيان علي جرائم ضد الأنسانية بدارفور بالسودان. بريان الضابط السابق بالمارينز و يبلغ من العمر 28 عاما كمستشار بقسم العمليات في وحدة المراقبة التابعة للأتحاد الفريقي من سبتمر 2004 الي أوائل فبراير 2005 .
لقد كان يسافر مع فريق المحققين عندما يوفدوا للتحقيق في خروقات وقف أطلاق النار. و قد عمل من قبل مع أحدي الشركات المتعاقدة مع وزارة الحارجية الأمريكية لمراقبة وقف أطلاق النار بين حكومة السودان و متمردي جنوب السودان في تلك الحرب الأهلية التي استمرت اكثر من عشرون سنة. و نفس تلك الشركة عرضت علي بريان أستيدل العمل كمستشار لمراقبة وقف أطلاق النار في دارفور بغرب السودان.
و قد ترك بريان فريق المراقبة بعد بضعة أشهر لشعوره بالأحباط الشديد لقلة الموارد المتاحة و محدودية التفويض الذي ينص علي مراقبة وقف أطلاق النار و توثيق الجرائم المرتكبة و لكن لا ينادي بالتدخل لمنع حدوثها.
بريان فكر في أنه سيكون أكثر فائدة أذا قام بأعطاء الصورة الحقيقية لأعضاء الكونقرس الأمريكي و الشعب الأمريكي لما يجري حقيقة في دارفور.
حدثنا عما شاهدته في مرة من المرات عند وصولك لمكان الأعتداء و المجزرة تحت التنفيذ؟
بريان: قرية (لبدو) هي قرية يقطنها حوالي عشرون الف نسمة, و الهجوم قد حدث في الليلة السابقة
و امتد الي الصباح. و نحن قد وصلنا في الصباح و كنا نقف عند حافة القرية مع ضابط جنرال (ذو رتبة كبيرة) من الجيش السوداني و هو المسؤول من القوات السودانية و من قوات المليشيا هناك, و حسب تقديراتنا أن عدد القوات المسلحة و الجنجويد يبلغ حوالي أربعة الف و خمسمائة. و كنا نقف في طرف هذه القرية بسكانها العشرون الف و هي تحترق أمامنا. و كان الجنجويد منتشرون في كل مكان و مشغولون بنهب ممتلكات أهل القرية أذ يحملون بها جمالهم و خيولهم و حميرهم و يفرغون هذه الحمائل في أكوام في شمال القرية و ثم يبدأوا في تقسيمها بينهم. و كانت القرية تحترق أمامنا و أطلاق الرصاص يتم أمامنا. كان من الصعوبة رؤية علي من يطلقون الرصاص لذا أردنا الدخول الي القرية لمعرفة ما يجري و لكي نري أذا كان هناك جرحي من الاهالي يحتاجون مساعدتنا لأستدعاء فرق طبية من معسكرنا لأسعاف الناس ألا أن هذا الجنرال قال لنا محذرا أنه سوف لن يضمن سلامتنا أذا دخلنا القرية و أننا أذا دخلنا سيطلق علينا الرصاص.
تري قر س: هل تقصد أنه قال لكم أنه أذا دخلتم فأن قواته سيقتلونكم؟و
بريان: لم يقلها بذلك الوضوح و لكن ذلك بالضبط ما فهمناه. و ربما ليس من قواته مباشرة و لكن من الجنجويد. و لكننا لا نفرق بين الجنجويد و قوات الحكومة .. كلاهما نفس الشئ. أنهم فقط يعملون كوحدتين .. مثلا كوحدة عامة و أخري وحدة عامة خاصة و لكنهم يعملون معا. و قد قال لنا الجنرال أنه حيث هناك سلاح فهو غير مسؤول عما سيحدث لنا. لذلك قررنا عدم دخول القرية. و لكننا حاولنا التفاهم معه و أنا شخصيا سألته: ما هي مهمتك فقال مهمتي أن أحمي المدنيين و أفتح هذا الطريق حتي يتسني للحركة التجارية أن تسير. فقلت له: أنا لا أفهم هذا .. فأنت تري هؤلاء يفعلون كل هذا و هم بالتأكيد يتبعون لك فلماذا لا توقفهم؟ .. فقال الجنرال: هؤلاء ليسوا تبعي!! فقلت له: أنظر الي ذلك الشخص .. أنه بزي عسكري رسمي؟؟ فقال الجنرال: لا .. لا .. هو لا يتبع لي .. لا يتبع لي!. و في أثناء ذلك أتت عربة بها جنود بالزي العسكري و دخلت العربة القرية, فقلت للجنرال: أكيد هؤلاء الجنود يتبعون لك؟ فقال الجنرال: نعم أنهم يتبعون لي و هم ذاهبون لأحضار ماء. ثم عادت نفس العربة و وقفت مننا علي بعد 75 متر و قفز منها الجنود و ذهبوا الي قطية و نهبوا ما فيها ثم أضرموا النار فيها و أنتقلوا الي قطاطي أخري يفعلون نفس الشئ. فقلت للجنرال: أنهم جنودك لم لا توقفهم؟؟ فقال لي الجنرال: لا .. لا.. أنهم ليسوا جنودي . و هكذا يتغير الوضع بأستمرار.
تيري قروس: هل واجهت قبل هذا مثل هذا النوع من الصلف و الغرور بالسلطة التي تجعل أحدهم يتجرأ بالكذب الفاضح في وجهك مع أنك تشاهد كل شيء بعينيك و لكن لانه لديه السلطة يشعر أنه يمكنه الكذب عليك و أنت لا تستطيع فعل شئ له؟
بريان: لا أبدا (لم أواجه بمثل هذا من قبل) . .. في كل مرة نسأل المسؤولين في قوات حكومة السودان عن أي شئ هم يكذبون... نسألهم عن حرق القري عمدا فيقولون أن الحرائق نتجت من الرصاص الطائش و أن النار تنتقل من قطية الي قطية أخري بواسطة الحشائش في الأرض. و لكننا عند التقصي بأمكاننا أن نري بأعيننا أن الحشائش حول القطاطي قد أحترقت ألا أن الحشائش في وسط الطرقات بين القطاطي سليمة و لم تمسها نار... أنهم يكذبون.
يقولون أن المروحيات تستعمل فقط في النقل و ليس لأطلاق الصواريخ و المقذوفات علي القري و الأهالي.. و لكن عندما نسأل الأهالي فأنهم يروننا جروحهم و بعضها لا تحدث الا من أثر أطلاق قذائف من مروحيات و قد أرونا كمية كبيرة من شظايا المقذوفات و بأحجام كبيرة يبلغ طول بعضها مترا و هي بالتاكيد مقذوفات مروحيات. و عندما نواجه قادة قوات الحكومة بهذه الأدلة ينكرون بوضوح و يقولون: هذه ليست تبعنا و لا نعرف من أين أتت؟؟!! ....
أكاذيب .. أكاذيب.
تيري قروس: هناك بعض الأماكن التي ذهبت اليها و بدون تواجد هذا الجنرال ليعترض طريقك و رأيت أشياء بعينيك .. حدثنا ماذا رأيت هناك في تلك المرات؟
بريان: لقد شاهدت عدة قري أحرقت تماما و بالكامل. رايت عدة جثث منتشرة في هذه القري و أجرينا عدة لقاءات توثيقية مع نساء تعرضن للأغتصاب الجماعي... لقد رأيت الكثير في الستة شهور التي قضيتها هناك. لقد أجرينا لقاءات مع نساء تعرضن للأغتصاب حتي في داخل معسكرات النازحين التي من المفترض أن تكون محمية من قبل الحكومة و لكن الجنجويد يدخلون هذه المعسكرات و يغتصبون النساء.
لقد ذهبنا الي بعض القري و وجدنا جثث أهالي أحرقوا داخل قطاطيهم بعد غلقها. وجدنا في بعض القري أناس تعرضوا للتعذيب و قطعت آذان البعض و فقئت أعين بعض آخر. رأينا رجال و قد قطعت أعضاءهم التناسلية و هم أحياء و تركوا لينزفوا حتي الموت. رأيت أطفالا رضع ضربوا بالرصاص من قبل قوات الحكومة.
تلك هي الأشياء التي كنا نراها شبه يومي.
تيري قروس: أنت تري هذا وتكتب تقرير .. لمن تكتب هذا التقرير؟
بريان: التقرير هو للأتحاد الأفريقي.
تيري قروس: هل حكومة السودان لها أي أدخال في هذا التقرير؟
بريان: حكومة السودان أحيانا لا تتفق مع الخلاصة و التوصيات التي يتخذها قائد وحدة المراقبين للأتحاد الأفريقي و مرات كثيرة يمتنع ممثلوا حكومة السودان عن توقيع التقرير.
تيري قروس: هل عليهم التوقيع علي التقرير؟
ريان: نعم عليهم التوقيع علي التقرير و لكن مؤخرا جعلناهم يوقعوا علي التقرير مع اضافة حاشية أذا أرادوا .. و فيها يمكنهم توضيح عدم أتفاقهم مع ما ورد بالخلاصة أو التوصيات.
مثلا في قرية مارلا عندما لم نتمكن من أيجاد آثار أرتطام للصواريخ من المروحيات و لكننا وجدنا
عدة شظايا للمقذوفات و كنا نعلم جيدا أن المروحيات كانت تحلق فوق تلك القرية و قد أخبرنا أفراد المنظمات الأنسانية و الأمم المتحدة أن المروحيات كانت تحلق فوق تلك القرية و تطلق صواريخها علي القرية في ذلك اليوم.... و لقد رأينا الدليل من جروح الأهالي... و لكن نسبة لعدم وجود آثار أرتطام علي الأرض لذلك نكرت حكومة السودان أطلاق مروحياتها لأي صواريخ علي القرية.
تيري قروس: ليست هناك آثار أرتطام؟
بريان: لم نجد آثار أرتطام بالأرض من فعل أطلاق الصواريخ من المروحيات ... و ما يفعلونه عادة بدلا من أستعمال صواريخ كوحدة لتمير قطية أو عربة فأنهم يستعملون الصوريخ التي تحمل في جوفها عدة قنابل و يوجهونها ضد الأهالي.... فأي مروحية لديها أربعة خزانات للصواريخ و كل خزان يحوي حوالي عشرون صاروخا و كل صاروخ يحمل حوالي خمسمائة مقذوفة كسهام صغيرة و هذه المقذوفات هي التي تحرق القطاطي و تصيب أعدادا كبيرة من الأهالي.
تيري قروس: عندما تتحدث مع هؤلاء الجنجويد و قوات الحكومة و عندما لا ينكرون قيامهم بهذه الأعمال هل سألتهم عن الدافع لأرتكاب مثل هذه الفظائع؟
بريان: هناك من هم يجيبون علي أسألتنا بسفور (وقاحة)... فمثلا في في قرية (عدوة) تحدثنا لمجموعة كبيرة من الجنجويد و قالوا لنا أن هناك جمالا قد سرقت منهم و قادهم الأثر لهذه القرية لذلك دمروا هذه القرية (عدوة) و قتلوا عدة أناس و نهبوا ممتلكاتهم و أحرقوا بيوتهم .. و قالوا لنا أنهم أذا لم يعثروا علي جمالهم سيعتدون علي الأربعة قري التالية بعد عدوة و سموها لنا جميعها بأسمائها .. و أنهم سيحرقونها كلها و يقتلون كل رجالها و سيغتصبون نسائها و ينهبون ممتلكاتها
و قالوها لنا هكذا علانية و في وجوهنا.... و بدأوا بالفعل في التنفيذ فأحرقوا قريتين قبل أن يتمكن الأتحاد الأفريقي من منعهم من تدمير القري الأخري.
واحدة من القري التي أحرقت قرية حمادة .. ليس بها متمردون ... و أحاط بها الجنجويد و معهم قوات الشرطة التابعة لحكومة السودان ... و الانتونوف و المروحيات تحلق من فوق ... أحاطوا بالقرية تماما بنية قتل جميع من فيها. ... قتلوا 107 أمرأة و طفل ضمن من قتلوا في ذلك اليوم.
تيري قروس: هل هناك نمط معين تتبعه قوات الجنجويد و الحكومة عندما ينوون تدمير قرية معينة؟
بريان: في أغلب الأوقات يبدأ الهجوم بطائرات الأنتونوف ثم تعقبها المروحيات تطير علي مستوي منخفض تنثر الرصاص و المقذوفات..... ثم تأتي قوات الحكومة و الجنجويد و في كثير من المرات يكون الجنجويد مع قوات الحكومة في عرباتهم و أخرون علي ظهور الخيل و الجمال. و عند دخولهم للقرية يدخلون بالعربات و الخيل و يتركون الجمال خارج القرية ... فيعيثون في القرية قتلا و حرقا و نهبا.
شئ واحد فاتني أن أذكره و هو أنه عندما تنوي الحكومة و الجنجويد مهاجمة أي قرية فأننا نلاحظ أن كل التلفونات الجوالة تتعطل .. و حكومة السودان هي التي تسيطر و تتحكم في تشغيل التلفونات الجوالة ... و عرفنا لماذا تقتل الحكومة التلفونات الجوالة قبل أقلاع الأنتونوف و المروحيات ... لأن الناس عندما تري طائرات الأنتونوف و المروحيات مقلعة فأنهم يعرفون أن هناك هجوما وشيكا علي قرية ما .. فيبدأ الناس في أنذار بعضهم لأتخاذ التحوطات.
لذلك عندما تتعطل تلفوناتنا الجوالة نخرج في الساحة لنري متي تقلع الانتونوف و المروحيات و أي وجهة تتجه فنحاول عندها بالأسراع للوصول الي المنطقة المستهدفة لمنع الاعتداء علي الاهالي
أو نصل بأسرع ما يمكننا لنوثق الأعتداء أذا كان حدث فعلا لنضمنه في تقريرنا.
تيري قروس: هل أستطعت أن تتلمس مدي السادية في هذه الأعتداءات و قسوة الأنتقام أو هل هناك ما يبرر مثل هذه الأفعال؟؟
بريان: أنا حقيقة لا أعرف عن ذلك .... و لكن عندما أنظر في عيون هؤلاء الناس فأنا أقسم و كأنني أنظر في عيون الشيطان نفسه. هؤلاء أناس لا ضمير لهم .. لا يحسون بالندم علي أفعالهم.
أنه لأمر مخيف أن تجلس مع أحدهم و يتضاحك معك ... تجلس معهم علي الأرض و يتمازحون معك ولكنك لا تستطيع نسيان أن هذا الذي يجلس أمامك هو نفس الشخص الذي سحق قبل فترة وجيزة جمجمة طفل له عامان فقط من عمره... و هو الآن لا ينتابه أي أحساس بالندم .. أنه أمر مخيف.
تيري قروس: منذ رجوعك من السودان قابلت عدة مسؤولين مثل كونداليزا رايس و أعضاء الكونغرس ... ما هي الصورة التي تريد أن تنقلها لهم؟
بريان: ليس هناك من شاهد كيف تهاجم مروحيات حكومة السودان الأهالي العزل و عاد ليروي عما رآه عيانا بيانا ... أنا رأيت ذلك
ليس هناك من رأي كيف ينهب و يحرق جنود حكومة السودان منازل و متاجر الأهالي و عاد ليروي عما رآه عيانا بيانا ..... أنا رأيت ذلك.
لقد عدت و معي الكثير من الحقائق و الصور ... هذه حقائق من شخص كان هناك في مكان الأحداث.
هنا .. أنظروا لهذه الفظاعات في هذه الصور .... يجب فعل شئ ... يجب ممارسة الضغط علي هذه الحكومة .. علي الأمم المتحدة فعل شئ.
( في نفس هذه الحلقة كان هناك لقاءا أخرا أجرته تري قروس مع جون برندرقاست حول نفس الموضوع
و سنوافيكم بالترجمة لاحقا أن شاء الله)