مهندس/ آدم هارون خميس
email: [email protected]
18/3/2005 م
كما ذكرنا في مقال سابق بأن من أولويات التفاوض في أبوجا في المراحل القادمة يجب أن ينبني على تجريم النظام وتحميله المسئولية الكاملة بفي المجازر التي إقترفها في دارفور ثم إيقاف التفاوض عند تلك الحد للمطالبة بمحاكمته أمام المحاكم الدولية بمبدأ أن التفاوض مع المجرم يعتبر جريمة، وعلى هذا المبدا فقد أكدت قيادات الحركات المسلحة بدارفور في المؤتمر الصحفي الذي عقد في أسمرا يوم 9/5/2005م بأنهم لم يذهبوا الى أبوجا ما لم تتم محاكمة مجرمي الحرب الذين صنفتهم الأمم المتحدة. وقد حذر رئيس حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور في تقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط في عددها الصادر بتاريخ 14/3 /2005 المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة والأتحاد الأفريقي من مغبة التماطل أو أي مساومة في تأخير المحاكمة الدولية لهؤلاء المجرمين وحول سؤال له عن اجراء المحاكمات بواسطة القضاء السوداني رد قائلا لو كان في السودان قضاء نزيه لما حدث التطهير العرقي والابادة الجماعية أصلا. وللرد على سؤال حول رؤيته في حل المشكل السوداني قال بأن الحل هو ذهاب هذه الحكومة بلا رجعة وأن يجتمع الشعب السوداني كله لوضع دستور يعتمد على مبدا العدالة والمواطنة يحكم البلاد.
فحكومة الإنقاذ التي فقدت أدنى مواصفات الحكومات سارت حديث الساعة العالمي فقد وصفتها أخر القرارات الصادرة من مجلس الأمن بأن مشكلة دارفور التي سببتها الحكومة باتت تهدد الأمن العالمي هذا الوصف لم توصف به حتى حكومة صدام حسين, ووصف كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة الوضع في دارفور بأنه جهنم صغير على كوكب الأرض , alittle short of hell on eath كما ذكر المنسق العام للإغاثة بالمنظمة الدولية يان اقلان الذي زار دارفور مؤخرا وصف دارفور بأنه خازوق stake لا يوجد مثيل له في العالم وأن عدد النازحين بلغ ستة ملايين وهي خمسة أضعاف نازحي كارثة سونامي في آسيا التي راحت ضحيتها أكثر من ثلاثمائة ألف شخص وعدد القتلى تفوق 180 ألف شخص خلال ال18 شهر حسب ما ذكر المتحدث باسمه بريان قروقان ,
وفي يوم 15/3/2005 أصدر خمسة عشر خبيرا في مجالات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بيانا أدانوا فيه المؤاساة المستمرة في دارفور وأكدوا مسؤليتهم في وضع حد لهذه الأزمة كما أكدوا بأنهم سيعملوا على ضغط مجلس الأمن لإستصدار قرار فاصل خلال الأسابيع المقبلة وهم:
Emmanuel Akwei Addo, Independent Expert on the situation of human rights in the Sudan; Philip Alston, Special Rapporteur on extrajudicial, summary or arbitrary executions; Doudou Diène, Special Rapporteur on contemporary forms of racism, racial discrimination, xenophobia and related intolerance; John Dugard, Special Rapporteur on the situation of human rights in the Occupied Palestinian Territory; Yakin Ertürk, Special Rapporteur on violence against women, its causes and consequences; Robert K. Goldman, Independent Expert on the protection of human rights and fundamental freedoms while countering terrorism; Paul Hunt, Special Rapporteur on the right of everyone to the enjoyment of the highest attainable standard of physical and mental health; Walter Kälin, Representative of the Secretary-General on the human rights of internally displaced persons; Miloon Kothari, Special Rapporteur on adequate housing; Ambeyi Ligabo, Special Rapporteur on the promotion and protection of the right to freedom of opinion and expression; Vernor Muñoz Villalobos, Special Rapporteur on the right to education; Diane F. Orentlicher, Independent Expert to update the Set of Principles for the promotion and protection of human rights through action to combat impunity; Rodolfo Stavenhagen, Special Rapporteur on the situation of human rights and fundamental freedoms of indigenous people; Stephen Toope, Chairperson of the Working Group on enforced or involuntary disappearances, and Jean Ziegler, Special Rapporteur on the right to food.
وفي ندوة أقامتها المذيعة السودانية القديرة زينب بدوي ليلة 11/5 بتلفزيون BBC حول حكومات افريقيا وشارك فيها أكثر من سبعة خبراء من الأمم المتحدة وأفريقيا وأمريكا فقد أكد الحاضرون بأن كارثة دارفور أسوا كارثة تسببها أي حكومة في أفريقيا وأنها خلقت عصرا جديدا في العالم يتطلب من شعوب افريقيا ان يتعلموا كيفية محاسبة مرتكبي مثل هذه الجرائم التي تسببها حكوماتهم. لقد أصبحت حكومة الإنقاذ وسمة عار على الحكومات الأفريقية ومضرب مثل للحكومات المستبدة في العالم وقد أجرت أحد الصحف الأمريكية إستطلاع لإسوا دكتاتور في العالم فأخذ عمر البشير الرقم واحد في الصدارة بلا منازع. أن دارفور أصبح يتصدر الفظايع في العالم ولا يكاد منبر دولي يخلو من ذكر إسم دارفور إن لم يأخذ الحيز الأكبر من تداولاتها، ولذلك قال أحد الخبراء بأن ولايات دارفور أصبحت أشهر من ولاية كلافورنيا اليوم حيث عرفها سكان العالم قاطبة.
حكومة الإنقاذ من جانبها اكتسبت شهرة على المستوى العالمي بسبب هذه الكارثة وكذلك رئيسها البشير الذي لو لا هذه الأزمة لما عرفه حتي رؤساء الدول المجاورة لعدم إمتلاكه أي رؤية في الشأن الإقليمي والدولي ولا حتى في الشأن الداخلي فالبشير أصبح يعرض الدولة في هوة كبيرة على مشارف السقوط وعصابته الحاكمة الذين لا يعرفون الا الكذب والبلطجة ووالاجرام والنصب والاحتيال فهم أخرجوا البترول لسرقته وأشعلوا نار الحرب في معظم أرجاء البلاد لابادة الانسان السوداني الطاهر وخلقوا الفرقة والشتات بين الشعب لسلب ارادتهم وها هو المجتمع الدولي على مشارف الدخول ولا أحد يعرف ما سيؤول اليه مصير هذا البلد وبدلا من المحاولة لإيجاد الحلول التي تعيد السفينة الي الشواطئ تتعنت وتصر على مواصلة المجازر والقتل حتى يفنى إنسان دارفور والسودان من الوجود حسب أجندتها حيث أصبحت مثل الذئب الذي يحاول الناس طرده من الفريسة فيدور ويجول حولها ، والمواصلة في هذا الإتجاه أصبح يهدد وحدة السودان، فحتى الإتفاقيات التي أبرمتها مع الحركة الشعبية لم ولن ترى النور طالما دارفور ملتهب والشرق مصاب بأعراض الفيروس نفسها وبوادر الإنفجار تلوح في الأفق.
وقبل أيام قد أعاد النظام سيناريو أمريكا واسرائيل الذي يغفل به الشعب السوداني كلما أدخلت نفسها في ورطة حيث زعمت ان امريكا اجرت تجارب نووية في شمال السودان والتي ادت الى حدوث ارتفاع في عدد الإصابة بأمراض السرطان وعندما عرفت عدم صحة التحارب المزعومة أصابتها الخيبة حيث كانت تتمني لو صحت ذلك لتشويه صورة امركا فهو لا يهمه مخاطر ذلك على الشعب السوداني.
إن الشعوب الحرة في العالم اليوم لا يرضي ان تحرم من حريتها أو أن يحكموا بنظام مستبد وقد رأينا بالآمس كيف خرج المليون من الشعب اللبناني يرددون قول الشاعر ,, اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب للقدر،، ليعبروا عن استنكارهم بحكومتهم المستبدة والمخابرات السورية التي يحملونها جريمة اغتيال الحريري فلم تصمد تلك الحكومة امام المسيرات العارمة حتى قدمت استقالتها ولم تجد القوات السورية واستخباراتها حيلة الا الانسحاب، ورأينا قبل أسابيع قليلة كيف خرج الشعب الاوكراني من كبوته ليثور امام الرئيس الذي جاء للحكم بتزوير الانتخابات متحديا بذلك ارادة الشعب ولكن لم يقوى على ذلك حتى تم اعادة الانتخابات فسادت ارادة الشعب.
فالى متى سينام الشعب السوداني ليترك النظام يعبث بهذا الوطن الغالي؟ الا يكفي النوم 15 سنة؟ هل هان على هذا الشعب الأبي أمر هذا الوطن الغالي؟ الم يعرفوا بعد أن السودان مهدد بالورم الخبيث في الداخل يحتاج إستيصالا من أبنائه البررة ؟ ألم يرمي هذا عدد من الطغاة أمثال النميري في مذبلة التاريخ؟
هل نسي السودانيون أن دارفور جزء من وطنهم؟